أمريكا المنكفئة من المنطقة والعالم لاتزال تريد اليمن

 

 

الثورة /ابراهيم الوادعي

 

قبل ما يقارب من شهرين  جرى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة  خلال المشاورات التي استضافتها مملكة السويد .الاتفاق بشأن هدنة في محافظة الحديدة لم تكن حظوظها بشكل كبير قائمة خلال مفاوضات السويد لكنها تحققت في الساعات الأخيرة للمفاوضات جرى اختراق الهدنه بعد تواصل الامين العام للأمم المتحدة ببن سلمان الذي وافق نتيجة حسابات من المؤكد أن آخرها كان مأساة الشعب اليمني .

وبشكل لافت أخذت القنوات السعودية والاماراتية تهلل للاتفاق وتصفه بأنه يمثل فرصة للخروج من حلقة القتال المفرغة وعدم تحقق الأهداف ، وتلقى المرتزقة على منابر القنوات السعودية والاماراتية توبيخا لم يفهموا معناه أو  سبب الانعطافة المفاجئة للتحالف الذي تقوده السعودية ظاهريا .

لكن وبعد نحو أيام من الاتفاق ومع حلول سريان وقف إطلاق النار اخذت الأمور في الحديدة تتدهور مجددا ، والعودة إلى المربع الأول ، حين ارتكب العدوان ومرتزقته الاف الخروقات ، وبدأت عواصم العدوان في شحن سفن الأسلحة مجددا إلى الحديدة في خرق واضح للاتفاق والإعداد لجولة جديدة من المواجهة العسكرية .

فما الذي حدث حتى تغيرت المواقف ؟! .. خلال ما يقارب 50 يوما مضت؟

في مقابلته على شاشة الميادين السبت الماضي  اطل السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله مفسرا خلفيات الانفتاح على سوريا بين التسارع ومن ثم الإبطاء.

وكشف امين عام حزب الله عن ارتباك عاشته الأنظمة الحليفة لواشنطن عقب خطاب ألقاه ترامب مؤخرا قال فيه إن على حلفاء واشنطن في كل العالم أن يتحملوا أعباء الدفاع عن انفسهم ، وإن امريكا لن تكون شرطي حماية لأحد..

وكشف السيد نصر الله تفاصيل جلسة عاصفة ضمت قادة النظامين السعودي والاماراتي  اللذين يتوليان كبر العدوان على اليمن ، وجرت في أبو ظبي وخلصت إلى ضروة الانفتاح على الطرف الآخر (محور المقاومة) ، بما في ذلك الانفتاح على روسيا كقوة عظمى حاضرة في المنطقة لطلب الحماية  .

يمنيا جرت مفاوضات السويد في هذه المرحلة المرعبة التي عاشتها الأنظمة الحليفة لواشنطن وهي تجد نفسها بعد عقود متروكة وحيدة لم تبق لها صديقا خدمة لامريكا .

واذعن النظامان السعودي والاماراتي لمقترح أممي بوقف إطلاق النار في الحديدة ، يكون مدخلا يمكن الولوج منه إلى مخرج شامل للسلام في اليمن.

والسؤال : ما الذي استجد ليتغير الوضع ويعود الخيار العسكري إلى طاولة ابوظبي والامارات ؟

يضيف السيد نصر الله في المقابله  بان الهرولة الخليجية المرتبكة أفزعت أركان ادارة ترامب  ودفعتها إلى إرسال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وإحياء فكرة الناتو العربي لمواجهة  “ما سماه الخطر الإيراني ” دون تغيير في الخطة الاستراتيجية الامريكية القاضية بالانسحاب من الشرق الأوسط ومناطق عدة في العالم, ونلمس ذلك في الاتفاق مع طالبان للانسحاب من أفغانستان وتأخير الانسحاب من سوريا بضعة اشهر.

ويمنيا انعكست زيارة وزير الخارجية الامريكية إلى المنطقة ، في تبدل مواقف الطرف الآخر تجاه الاتفاق في الحديدة والتصلب في ملف الاسرى ودفع وقف إطلاق النار في الحديدة نحو الانهيار عبر تصعيد الخروقات وشحن كميات كبيرة من الأسلحة وشق طرق التفافية وبناء تحصينات تحضيرا لمعركة ينوون فتحها ، كشف ناطق الجيش العميد يحيى سريع عن جزء كبير من تلك الاستعدادات ،وقال أن الجيش واللجان يراقبها ويقيم خطورتها في ضوء التزامه بمقتضيات وقف إطلاق النار في السويد .

ولا يختلف مع هذا الطرح ناطق حكومة الإنقاذ ضيف اله الشامي وزير الإعلام الذي أشار الى ان المؤامرة الامريكية بكل عناصرها التي شهدتها دول عدة كالعراق وسوريا ولبنان وليبيا تتجمع في اليمن ،لمحاولة تحقيق إنجاز منع من حدوثه الصمود الأسطوري للشعب اليمني .

وثمن الشامي للسيد نصر الله مواقفه الداعمة للشعب اليمني وإدراكه حجم المؤامرة الواقعة على اليمن ،وهو ماتعيه القيادة السياسية والثورية في اليمن وتتنبه له .

ويذهب ابعد من ذلك  القاضي عبد الوهاب المحبشي عضو المكتب السياسي لأنصار الله إلى القول بان الحرب في اليمن هي أهم اولويات واشنطن في المنطقة حاليا ، مطلقا فرضية  ان توقف السعودية عن دفع رواتب الضباط الامريكيين في مراكز القيادة للعدوان على اليمن ، فان الحرب لن تتوقف لأنها حرب تنفذ بالدرجة الأولى لتحقيق المصالح الامريكية بالدرجة الأولى وإسرائيلية بدرجة ثانية.

ووفقا لهذا المعطى تتوضح كثير من الأمور بشان عدم ميل الامارات والسعودية نحو السلام في اليمن رغم عدم تحقق الأهداف واستحالة تحقيقها ، ورغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالاقتصادين السعودي والاماراتي ، وحالة الركود الكبيرة التي يعيشها اقتصاد الدولتين وفقا لتقارير بلومبرغ                   وهروب الرساميل الخارجية من السعودية والإمارات حيث خسرت بورصة دبي لوحدها خلال النصف الثاني من العام 2018م ما مجموعة 15 مليار دولار ، والتغطية على إفلاس أحد البنوك في الامارات نتيجة الركود الاقتصادي.

واشار  المحبشي  إلى تقرير عرضته قناة الجزيرة تناول معلومات استخباراتية عن كون المعلن من الدعم الأمريكي للعدوان على اليمن لا يعدو النسبة الضئيلة من واقع الدعم العسكري الأمريكي في هذه الحرب للتأكيد على كون الحرب امريكية وان الإمارات والسعودية قد تغدوان ضحايا لهذه الحرب التي اطلقا شرارتها الأولى بتشجيع من واشنطن ،وهما الان يدفعان الثمن غاليا وقد لا ينتهي عند حدود تدمير الاقتصاد بل يتعداه الى انهيار  الممالك والإمارات القائمة حاليا.

وبرغم الانباء الواردة بشان اختيار خليفة لباتريك كاميرت رئيسا للجنة وقف اطلاق النار الأممية المشرفة على اتفاق الحديدة ليتوقع اليمنيون حلول السلام قريبا  ، أو صحوة سعودية وإمارتية ،و قفزة مبكرة من المركب الأمريكي الذي يتهيأ لمغادرة المنطقة ومناطق اخرى في العالم والانكفاء إلى الداخل ، في وقت تمد فيه صنعاء للسلام يدا ، و تتعاظم فيه القدرات المناوئة للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة ومنها اليمن الذي اذهل العالم وحتى حلفاءه بصموده وتجربته العسكرية.

لاتزال امريكا تريد اليمن الاستراتيجي بموقعه والغني بثرواته والمطل على قلب خطوط التجارة الدولية كركيزة للعودة مستقبلا إلى المسرح العالمي .

التورط السعودي الاماراتي تحول بتأكيد مراقبين بعد 5 أعوام الى مغامرة ، ومقامرة غير محسوبة النتائج في ظل المحيط الدولي الذي استنفد وقته تواطؤا ودعما والمعطيات في الداخل اليمني عسكريا وسياسيا .

و نكوص النظامين السعودي والاماراتي عن بناء السلام في اليمن، والرضوخ للرغبة الامريكية  بالمضي في الخيار العسكري قد يفضي الى نهاية فرعونية لا يعود ممكنا معها الانسحاب المشرف او تفادي سقوط العروش القائمة حاليا وتهتز بفعل الاستنزاف في اليمن وعوامل أخرى لنكون منصفين  .

قد يعجبك ايضا