“سوريا وانتصار الميدان … ماذا عن الالانتصار الحاسم !؟”

 

هشام الهبيشان

اليوم، وبعد مرور ما يقارب الثمانية أعوام من الحرب على سوريا ، لا يمكن للدول الداعمة للمجاميع المُسلّحة الإرهابية ، إنكار حقيقة، خسارة الرهان على المجاميع المُسلّحة الإرهابية لتحقيق مشاريعها
في سوريا ، فاليوم الجيش العربي السوري ، حرر ما يزيد على % 50 من مساحة سوريا ويتواجد بما يزيد على 80% من مساحة سوريا ،و أصبح يُطلُّ بشكلٍ واضح على المواقع المتقدمة للمجاميع
المُسلّحة الإرهابية في عمق ما تبقى للمجاميع المسلحة الإرهابية من بؤر جغرافية شمال غرب سوريا “ادلب ومحيطها ” ،وشرق وشمال شرق سوريا “شرق الفرات “، وهذا بدورهِ شكّل بمجموعهِ، عبئاً ثقيلاً
على الدول والكيانات الداعمة للمجاميع المُسلّحة بشقيها الإرهابية والمعتدلة حسب تصنيف محور العدوان على سوريا في محافظة إدلب ومحيطها وبمناطق شرق الفرات ، ف معركة إدلب المنتظرة اليوم
وبقوة تُشكّل أهمية استراتيجية “كبرى “،ليس لأنها اخر البؤر الإرهابية المتبقية بشمال سوريا ،بل لأن المحافظة “إدلب ” وبموقعها الاستراتيجي بالشمال الغربي لسوريا، تُشكّلُ أهمية استراتيجية بخريطة
الجغرافيا “السياسية والاقتصادية والتجارية ” السورية، وتحتلُ أهمية استراتيجية، باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق، تمتدُ على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطةُ وصل بين مناطق شمال سوريا ووسطها،
امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية المرتبطة بالجانب التركي، إضافة إلى كونها تشكلُ نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية، المرتبطة بإدلب شمالاً وجنوباً، وهذا ما يعكسُ حجم الأهمية
الاستراتيجية الكبرى لمحافظة إدلب في خريطة المعارك المُقبلة والنهائية والحاسمة في الشمال والوسط السوري بشكلٍ عام.
وهنا ،يمكن الجزم ان الجيش العربي السوري، قد استطاع تسديد الضربة القاسمة فعلياً لبنية المجاميع السلحة الإرهابية في مختلف بقاع الجغرافيا السورية ، وبدأ فعلياً برسم ملامح وطبيعة المعركة
الحاسمة والنهائية في عموم مناطق محافظة إدلب ومحيطها ومناطق شرق الفرات، وقد بدا واضحاً لجميع المتابعين، أن سلسلة المعارك الاخيرة للجيش العربي السوري، والتي جرت في الآونة الأخيرة ”
منتصف العام الماضي 2018 م” في مناطق جنوب وجنوب شرق سوريا” ” حسم معارك درعا والقنيطرة وشرق السويداء وصولاً لمحاصرة وتطويق التنف بما فيها القاعدة الأمريكية “،ما كانت إلّا هدفاً
من سلسلة أهداف استراتيجية، كجزءٍ من خطة ورؤية أكبر، لمسار الحسم العسكري التي عمل ويعملُ عليها الجيش العربي السوري، وحلفاؤه ، والتي اسقطُت بالمحصلة رِهان بعض القوى الشريكة بالحرب
على الدولة السورية، والتي حاولت طيلة عمر الحرب على سوريا ،اتخاذ المجاميع الإرهابية المسلحة كنقطة ارتكازٍ.. في محاولة لإخضاع الدولة السورية، لشروطٍ واملاءات، كانت تحاولُ بعض القوى
الإقليمية الحليفة والشريكة والداعمة للمشروع الصهيو- أمريكي بالمنطقة، فرضها على الدولة السورية.
ومن هنا وبحكم حقائق الواقع السوري ،بدأت تدرك معظم القوى المنخرطة بالحرب على سوريا،أن المعركة العسكرية للجيش العربي السوري وحلفائه والتي شارفت على نهايتها ،هي من ستكون لها الكلمة
الفصل وفق نتائجها الاستراتيجية الحالية والمستقبلية، بأي حديث مقبل يتحدث عن تسويات بمسارات الحرب على الدولة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف فالمعركة
العسكرية شارف الجيش العربي على حسمها ،ومن ينتصر بالميدان ،هو من سينتصر بالسياسة ،وهو من سيفرض شروطه بالمحصلة على طاولة التسويات بالنهاية .
ختاماً، يبدو أنّ الأكثر وضوحاً اليوم، أنّ منظومة الحرب على سوريا بدأت بالتهاوي بالتزامن مع تهاوي بقايا المجاميع المسلحة الإرهابية ، واليوم نرى أنّ هذه المنظومة تعيش فترة ترنح ما قبل السقوط
النهائي مع استمرار سلسلة الانهيارات التي تتعرّض لها المجاميع المسلحة الإرهابية من الشمال إلى الشرق السوري وتخلي داعميها عنها، وعلى قاعدة سلسلة انهيار أحجار الدومينو، فاليوم القيادة
السياسية والعسكرية السورية تدير المعركة بحنكة وبحرفية عالية، والأيام المقبلة ستكون حبلى بالتطورات “شرقاً وشمالاً “وستشهد تغيّراً ملموساً وواضحاً في طبيعة حسم المعارك بعموم خرائط المعارك
الميدانية في “شمال وشرق “سوريا، فاليوم الجيش العربي السوري سيبداً المبادرة بعد أن انتقل من مرحلة التموضع والاستعداد إلى مرحلة الهجوم واستعادة الأرض “شمالاً وشرقاً “، ومن هنا سننتظر نتائج
المعارك العسكرية المقبلة بمحيط ادلب وصولاً لما بعد منبج، والتي ستعطينا إجابات منطقية وأكثر وضوحاً وواقعية من مجمل التغيّرات التي سنشهدها بالساحة العسكرية السورية بشكل عام..
* كاتب صحفي اردني

قد يعجبك ايضا