الثورة/ احمد المالكي
مما لاشك فيه أن هناك حاجة ضرورية وملحة في ظل ما تتعرض له البلاد من حرب عدوانية وحصار اقتصادي مطبق للتوجه نحو تحقيق اكتفاء ذاتي خاصة من الحبوب التي تعد أهم سلعة غذائية يحتاجها جميع سكان اليمن دون استثناء خاصة وأن لدى اليمن مقومات زراعية ومناخية كبيرة ومتوفرة في مجال الزراعة لتحقيق هذا الهدف حيث ليس بالخافي أن اليمن سميت بلد اليمن السعيد نسبة لتميزها وتصدرها زراعيا في زمن الأجداد، فهل حان الوقت لأن يعيد أحفاد السبئيين والحميريين حضارتهم الزراعية ويعتمدون على ذاتهم ليأكلوا مما يزرعون إلى التفاصيل:
المسؤولون والخبراء في الزراعة يؤكدون أن معدل إنتاج الهكتارية الزراعية في اليمن متدنٍ جداً مقارنة ببعض الدول المتقدمة، حيث ما تزال الفجوة كبيرة في إنتاج اليمن من القمح الذي يمثل 5,5 % من إجمالي ثلاثة ملايين و500 ألف طن يستورد سنوياً بمبلغ يزيد عن ملياري دولار.
مشيرين إلى أن اليمن يستورد نحو 896 صنفاً زراعياً، وهو ما يمثل90 % من الاحتياجات الزراعية رغم أن اليمن بلد زراعي ولها تاريخ في هذا الجانب وأن هناك أهمية لمراجعة قائمة فاتورة الاستيراد والمدفوعات من النقد الأجنبي لتقليص الفجوة الكبيرة في ميزان المدفوعات والمقبوضات والسعي نحو تنمية عوامل الإنتاج الزراعي والحيواني وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي المنشود.
مؤكدين أن من أهداف الحكومة تحليل الفجوة في الأمن الغذائي من خلال تحديد الإنتاج والواردات الزراعية وتحديد نصيب الفرد من الإنتاج، وتوجيه عناصر الإنتاج وزيادتها، وكذلك تقليص فاتورة الاستيراد من المنتجات الزراعية، والتحكم في الطلب بما يخدم تخفيض سعر الصرف والطلب على العملات الأجنبية والتخفيف من معاناة الناس”.
يضاف إلى ذلك أهمية التخطيط الاستراتيجي والبرامج المبنية على الأسس الإستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي على المدى المتوسط والبعيد، باعتبار أن تحقيق الأمن الغذائي وامتلاك القوت شرط لامتلاك القرار السياسي والسيادي “.
استيراد
وبحسب الاحصاءات الزراعية فإن اليمن تستورد سنوياً نحو 3 ملايين طنا من القمح وما يقارب 750الف من الذرة الشامية وأكثر من 159الف طن فول الصويا المستخدم كأعلاف للدواجن وتقدر تكلفة الاستيراد للحبوب بمليار و800مليون دولار سنويا
المسؤولون في الزراعة يشيرون إلى أن البرنامج الوطني لزراعة القمح أسس في العام 2008م كمشروع استراتيجي لليمن، وكان يتركز على ثلاثة محاورة: شراء البذور من المزارعين، وزراعة الأرض، والدعم بالآلات والمعدات الزراعية، ولم ينفذ منها سوى محور واحد فقط، وهو قيام المؤسسة الاقتصادية بشراء بعض البذور من بعض المزارعين وفي حدود مبلغ200 مليون ريال فقط.
منوهين بأن البرنامج تم استيحاؤه من التجربة السورية التي تعد من التجارب الناجحة، التي مكنت سوريا من تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح، وتحولت بعد ذلك إلى دولة مصدرة.
الأرقام التي تعكسها قوائم وفواتير استيراد اليمن من القمح سنويا تعكس جور الوصاية الخارجية ودور عملاء الخارج في إعاقة أي جهود للتنمية في اليمن تأسيس البرنامج حينذاك كان من أهم دوافعه ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية وتأثيره على الوضع الاقتصادي والمعيشي في اليمن، والذي يعتمد على واردات القمح من الخارج بنسبة %90، ونتيجة لتلك الارتفاعات التي أثرت على الموازنة العام للدولة، وتسببت في ارتفاع فاتورة القمح المستورد من الخارج
الآن وفي ظل العدوان والحصار الاقتصادي الغاشم هناك دعوات وتوجهات من قبل القيادة السياسية والثورية بل وضرورات قصوى تستدعيها المرحلة في تحويل العدوان والحصار الى فرصة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من زراعة الحبوب في اليمن واستغلال مواسم الأمطار لزراعة مزيد من الأراضي الزراعية ببذور الحبوب لرفع إنتاجيتها محليا.
خيار استراتيجي
وبعد ثورة 21سبتمبر2014م انتهى عصر الوصاية الأجنبية على اليمن، وباتت زراعة القمح والحبوب والاهتمام بالجانب الزراعي خياراً استراتيجياً وأساسياً لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، حيث تم إنشاء كيان مماثل للبرنامج، ولكن بإرادة وطنية لا تقبل أي تدخلات خارجية، ففي العام 2016م أصدر رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي القرار رقم(366) لسنة 2016م والذي قضى بإنشاء المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب.
المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب الوليدة، بدأت من حيث انتهى البرنامج الوطني لزراعة الحبوب، وتمت الاستفادة من كافة الإشكاليات التي اعترضت مهام البرنامج، وعوضا عن قيام البرنامج بدعم المزارع من خلال شراء منتجه، تولت المؤسسة دعم المزارع من خلال تخفيض كلفة الإنتاج، كي يسطيع الإنتاج ومنافسة القمح والحبوب المستوردة من الخارج، وجاء ذلك بعد تشخيص المشكلة التي تواجه المزارع اليمني، حيث اتضح أن المزارع يعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج مقابل تكلفة الاستيراد وشراء المنتج المستورد من الخارج فمثلاً يقوم المزارع بالري بالغمر وهو ما يرفع تكاليف الإنتاج مقارنة بالقمح المستورد والذي يعتمد أحدث التقنيات في كافة مراحل الإنتاج، الأمر الذي يؤثر سلبا على زارعة القمح وقدرة المزارع اليمني على المنافسة.
ووفقا للمدير التنفيذي للمؤسسة فإن مهمة المؤسسة تنصب على التدخل لتخفيض تكاليف الإنتاج، من خلال إدخال التقنيات واستخدام الطرق الزراعية الحديثة..
مصدر
فإذا وجد المزارع مصدراً للمياه ومكنة حديثة، ووسائل متطورة، ومكافحة متكاملة، ستنخفض تكاليف الإنتاج إلى النصف تقريباً، وستكون تكلفة الإنتاج للمزارع للكيس الواحد من 3000 – 4000 ريال، وبذلك يستطيع المزارع أن يربح وينافس الحبوب المستوردة من الخارج.
لدى المؤسسة ثلاثة مشاريع في الجوف لدعم المزارعين بالحراثة، وتقوم تلك المشاريع على أساس قيام المؤسسة بحراثة الأرض، على أن يقوم المزارع حال الحصاد بسداد ما عليه من أجور الحراثة من محصول الحبوب، كما أن هناك مشروعاً آخر لتقليل تكاليف الإنتاج، أطلق عليه مشروع “توفير” ويهدف المشروع إلى تخفيض تكلفة الإنتاج عن طريق التقليل من تكلفة المحروقات التي يستخدمها المزارع إلى %30، وذلك من خلال إيجاد بدائل منها سحب الماء بواسطة تقنية “دينمو وغطاس”، وهذه التقنية تكلف بحدود 700 الف – 800 الف ريال، تقوم المؤسسة بالتدخل بنسبة %50، من قيمة هذه التقنية على أساس أن يعيدها المزارع في شكل محصول حبوب، هذه الخطوة ستقلل تكاليف الإنتاج على المزارع في جانب المحروقات ، حيث سينخفض استهلاك الديزل من 12برميلاً إلى 8براميل، وهي عملية أولية لتهيئة عمل مشروع الري بالطاقة الشمسية.
تجهيز
وبحسب المسؤولين في الزراعة فإن هناك لجنة تابعة للمؤسسة لإعداد دارسة جدوى في محافظة الحديدة، وتجهيز اراضٍ للقطاع الخاص، ولديها بحدود 10 آلاف هكتار يتم تجهيزها للاستثمار مع القطاع الخاص لزراعة الذرة الشامية.
كما بدأت المؤسسة في تهامة بمحافظة الحديدة باستلام أراضٍ، وإعداد مساحات كبيرة لتقديمها للمستثمرين من القطاع الخاص بالاشتراك مع المؤسسة، سيما وأن قرار إنشاء المؤسسة، خول لها القيام بعمل مشاريع مشتركة مع القطاع الخاص بحيث لا تتجاوز نسبة مساهمة القطاع الخاص 49 % من رأس مال أي من تلك المشاريع.
تغطية
ويشير المسؤولون في وزارة الزراعة إلى أن المؤسسة تخطط للبدء بتغطية المحافظات الرئيسية الجوف والحديدة باعتبارها محافظات مهيأة لزراعة الحبوب على نطاق واسع، ثم الانتقال إلى المحافظات الأخرى كمحافظة ذمار وصعدة وعمران وأجزاء من محافظة إب ، وهناك خطط مستقبلية للمؤسسة لزراعة مساحات كبيرة بعدة محاصيل منها الذرة الشامية والذرة الرفيعة ، إلى جانب برامج أخرى لدعم المزارعين بالتقنيات الحديثة.
وتسعى المؤسسة إلى زراعة أراضٍ واسعة في الحديدة لم تستغل من قبل، وستتم زراعتها بالذرة الشامية، وصولا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول، ومن المتوقع أن توفر ما قيمته 165مليون دولار، وهي تكلفة استيراد 750ألف طن من الذرة الشامية سنويا من الخارج، وتبدأ خطط المؤسسة بزيادة الإنتاج بحدود 5 % في السنة الأولى 2018م والسنة الثانية إلى15 %، ولتحقق زيادة سنوية بنسبة30 %.
Next Post