وكالات/
انهالت موجة انتقادات من قبل الساسة ووسائل الإعلام الأمريكية على الرئيس دونالد ترامب عقب بيانه أمس الأول الذي أكد فيه عزمه تبرئة حليفه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من دم الصحفي جمال خاشقجي الذي قتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول قبل 40 يوماً.
حيث انتقدت عضو الكونغرس الأمريكي، إلهان عمر، بيان ترامب حول مقتل خاشقجي، وما تضمّنه من تأييد ودعم للسعودية، وقالت في تغريدة لها على موقع تويتر: “مرة أخرى، يثبت رئيسنا أنه لا يمكنك شراء بوصلة أخلاقية”، مضيفة: ” السعودية تثبت من ناحية أخرى أن بإمكانك شراء رئيس”.
بدوره توعّد السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام، بفرض حزمة عقوبات قاسية على النظام السعودي، مؤكداً أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي سيدعمان بشكل قوي فرض عقوبات قاسية ضد السعودية وبعض أفراد عائلتها الملكية بسبب مقتل الصحفي، جمال خاشقجي.
وقال غراهام، في سلسلة تغريدات نشرها مساء الثلاثاء: “الشيء الوحيد الذي تعلّمته من سنوات رئاسة باراك أوباما يشير إلى أنه عندما تنظر إلى قضايا الشرق الأوسط بطريقة أخرى فهذا ينجح بشكل نادر جداً، وتابع غراهام، السيناتور الجمهوري البارز من ولاية كارولين الجنوبية والذي يمثّلها في مجلس الشيوخ للكونغرس الأمريكي منذ العام 2003: “وعلى هذا النحو، ليس في مصلحة أمننا القومي البحث عن سبيل آخر فيما يخصّ قضية القتل البشع للسيد جمال خاشقجي”.
وأضاف غراهام: “إنني أؤمن بشكل صارم بأنه سيكون هناك دعم قوي من قبل كلا الحزبين لفرض عقوبات قاسية على السعودية بما في ذلك الأفراد المناسبين في العائلة الملكية بسبب هذا العمل الهمجي الذي يتناقض مع كل المبادئ الحضارية”، وتابع غراهام، مهاجماً ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان: “على الرغم من أن السعودية تمثّل حليفاً استراتيجياً، إلا أن تصرفات ولي عهدها، وفي أكثر من ناحية أبدت عدم احترامها لهذه العلاقة وجعلتها، برأيي، مسممة بشكل أكبر”.
كما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور بوب كوركر، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول تحييد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، معتبراً أن الرئيس يؤدي دور “شركة علاقات عامة” تعمل لحساب ولي العهد.
وأضاف السناتور كوركر في تغريدة على تويتر: “ما كنت أظنني سأحيا إلى يوم أرى فيه البيت الأبيض يعمل كشركة علاقات عامة لولي عهد السعودية”.
بدوره قال السناتور راند بول: إن “هذا البيان يضع السعودية أولاً وليس أمريكا أولاً”، في إشارة إلى الشعار الذي لا يكفّ ترامب عن ترديده وهو أمريكا أولاً”، بدوره قال السناتور جيف فليك، الشديد الانتقاد لترامب في تغريدة على تويتر: إن “الحلفاء الوثيقين لا يخططون لقتل صحافي، الحلفاء الوثيقون لا يوقعون بأحد مواطنيهم في فخ لقتله”.
وفي السياق ذاته اعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن بيان ترامب الأخير حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي “خيانة” للقيم الأمريكية خدمة لرهان كان سيئاً على أمير يبلغ من العمر 33 عاماً، وأضافت الصحيفة الأمريكية: إن ترامب أكّد في تصريحه ما كانت تلمّح إليه إدارته خلال الفترة الماضية من الوقوف إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حتى ولو كان الأخير من أمر بقتل خاشقجي، وفي بيانه تجنب ترامب، على حد تعبير “واشنطن بوست”، ما كشفته وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إي) حول تورّط ولي العهد بمقتل خاشقجي، ترامب ذهب إلى تبرير صلته بقائد “وحشي ومتهور” (أي ابن سلمان) متجاهلاً ما توصّلت إليه الـ”سي آي إي”، وهي ليست المرة الأولى التي يتجاهل فيها ترامب نتائج تحقيقات وكالة الاستخبارات المركزية، فقد سبق تجاهله لها فيما يتعلق قضية تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وفقاً لـ”واشنطن بوست”.
أما صحيفة “نيويورك تايمز” فلم تكن بعيدة عن أجواء ما نشرته “واشنطن بوست”، ذهبت الصحيفة في تحليلها إلى أن ترامب لطالما رأى السياسة الخارجية كسلسلة من الصفقات التجارية “المجردة من القيم والمثالية”.
وأضافت الصحيفة الأمريكية: إن ترامب لم ينفِ ما توصلت إليه وكالة الاستخبارات الأمريكية وإنما رفض عملية البحث عن الحقيقة، وأن الرئيس الأمريكي وقف إلى جانب ولي العهد السعودي، وسط ارتفاع منسوب المخاطرة بعزل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفي مقال ثان لـ”نيويورك تايمز”، رأت أنّ ترامب رسّخ أقسى الرسوم الكاريكاتورية المُعدّة من قبل أكثر نقاد أمريكا سخرية، مصوّراً أهدافه المركزية في العالم وكأنه يلهث وراء المال والمصالح الشخصية، ففي بيانه قال ترامب: إن “العالم مكان خطر للغاية”، وهو يجعل الوضع أكثر خطورة من خلال تشجيعه الطغاة في السعودية وأماكن أخرى، واستطردت “نيويورك تايمز”: “بعبارات مبسطة لقد عكس بيان ترامب وجهة نظره بأن جميع العلاقات هي عبارة عن معاملات، وأنه يجب التضحية بالاعتبارات الأخلاقية من أجل المصالح الوطنية الأمريكية، أو لما يسميه “أمريكا أولاً”.
وعن الأهداف الكامنة وراء بيان ترامب، أعربت “وول ستريت جورنال” عن عدم تأكّدها من الغاية التي سعى ترامب إلى تحقيقها، والتي يمكن وصفها فقط بالنسخة الوحشية للسياسة الخارجية، وذكرت أنّ ترامب، مثله مثل أي رئيس يحتاج إلى حلفاء محليين في السعي وراء سياسة خارجية تتطلب خيارات صعبة، إلاّ أن تصريحه، عزله عن داعميه الطبيعيين لسياسة الشرق الأوسط، على غرار السناتور ليندزي غراهام أو السناتور ميت رومني، اللذين فصلا نفسيهما عن بيان الرئيس الثلاثاء. وكان ترامب قد قال للصحافيين في وقت سابق الثلاثاء إن وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” لم تتوصل إلى أي شيء قاطع” يدل على أن ولي العهد السعودي أمر بقتل خاشقجي، مناقضاً بذلك ما أوردته تقارير إعلامية من أن الوكالة استنتجت أن الأمير محمد بن سلمان هو الذي أمر بقتل الصحافي السعودي.