حسن سعيد الدبعي
أوغل الفكر الغربي وأتباعه في المنطقة في عداوته للإسلام ومريديه، ذلك لأن الإسلام وأخلاقياته ومضامينه الإنسانية الراقية تقف حجر عثرة أمام أنشطة المجتمع الغربي والصهيونية التي تحاول أن تميع شبابنا ونساءنا وتدفعهم إلى ترك مرتكزات الأمة وثوابتها، وجاءت فكرة العولمة التي تعني مسخ قيم المجتمعات وانحلالها، وترك الحبل على الغارب للتفسخ الأخلاقي من أن يتسيد على مجتمعاتنا، وأن نكون عبارة عن أتباع للثقافة الغربية بكل نتوءاتها وأحقادها على ضوابط الإنسان المسلم التي يتجلى بها دينه القيم الذي وضع ضوابط وأخلاقيات سامية ترتفع فوق الحيوانية الشخصية التي يغرق فيها المجتمع الغربي.
إن أعداء الأمة العربية والإسلامية لم ييأسوا من العمل الدؤوب في سبيل إذلالنا وخنوعنا لأفكارهم الضالة التي مع الأسف الشديد وجدت لها مؤازرين ومنبهرين لهذه التقليعة الجديدة التي أطلق عليها “عولمة” والتي تعني القضاء على ثوابت الأمم الأصيلة ويبذلون كل ما لديهم من إمكانيات لتحقيق هذه الأهداف الخبيثة ويستغلون حاجات المجتمعات المختلفة من فقر وبطالة وجهل وظلم الأنظمة الذي يفضي إلى التشرد واللجوء والهروب في الملاحقات السياسية، من أجل احتوائهم وغرس الأفكار والمضامين المتنوعة في رؤوسهم لا سيما وأنهم يفتقدون إلى الثقافة والوعي اللازمين ومن ثم يتم استجلابهم بطريقة سهلة.
وفي المقابل فإن الأنظمة العربية والإسلامية التي تتوفر لها إمكانيات مادية ضخمة لا تستخدم هذه الثروة في رفع مستويات المعيشة الضرورية والتعليم والتحصين الفكري لشبابها ومجتمعاتها، ولكن تعمل على استخدام هذه الثروات في تمويل الفتن والمشاكل والاضطرابات بين شعوب بلدانها، كما لم تعمل على نشر الثقافة الإسلامية في البلدان الفقيرة سواء كانت عربية أو إسلامية أسوة بما تقوم به الدوائر الاستعمارية في هذه المناطق، مما يجعل هذه المجتمعات فريسة سهلة أمام المخططات الاستعمارية.
من أين لنا أن نقنع الأنظمة العربية بأن تحترم نفسها وتستخدم ثرواتها التي حباها الله في الارتقاء بشعوبها إلى مستويات معتبرة بين شعوب الأرض التي تتمتع بامتيازات عالية تسخرها لها حكوماتها وتجعل منها شعوباً على قدر كبير من الثقافة والوعي والحقوق الثابتة؟، من أين لنا أن نقنع أنظمتنا أن حقوق الإنسان وحرياته واستقراره المعيشي وتعليمه وتثقيفه هي أهم التحصينات القوية التي تقف أمام رياح التمييع التي تهب على شعوبنا الإسلامية والعربية من قبل الدوائر الغربية ومراكز الدراسات التابعة لها العاملة بكل جهدها على أن تجعل منا عبارة عن قطيع من البهائم يتم تطويعها لخدمة أهداف غاية في الخطورة على مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة التي لا نعرف إلى أي منحنى سيتم القذف بها.. اللهم استر علينا من غوائل أنظمتنا ومن مطامع أعدائنا الساعين إلى تفريغنا من المخزون الثقافي والديني والإنساني.
Next Post