كيف ننتصر للطفولة المذبوحة في اليمن؟

 

عـبدالله عـلي صبري
يمضي تحالف العدوان السعودي الأمريكي على نهج التوحش والبربرية، مستمراً في استهداف المدنيين الأبرياء من أبناء شعبنا اليمني، وهو مطمئن إلى التواطؤ الدولي، وإمكانية لجم الأصوات المنددة بجرائمه وانتهاكاته، مستفيدا من اللوبي الصهيوأمريكي الذي يوفر للحليف السعودي الغطاء اللازم لحربه وجرائمه في اليمن.
أربعة أعوام عجز فيها العالم الحر المتدثر بالحريات وحقوق الإنسان عن تشكيل لجنة تحقيق محايدة في الجرائم التي يرتكبها التحالف بحق المدنيين ، الأمر الذي أغرى ويغري تحالف العدوان بالاستمرار في هذه الحرب المسعورة، دون مراعاة الحدود الدنيا لقواعد الاشتباك والقوانين المنظمة للحروب..وقد رأينا كيف أمكن للعدوان تمييع مجزرة عزاء آل الرويشان في الصالة الكبرى ( أكتوبر 2016م)، برغم تعالي الأصوات الدولية المنددة بالمجزرة والمطالبة بإيقاف الحرب ورفع الحصار عن اليمن على نحو فوري.
نعرف أن المستجدات السياسية التي أعقبت المجزرة، وأهمها وصول ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، قد ساعدت الرياض ومنحتها فرصة مضافة لحربها وعدوانها وجرائمها في اليمن، إلا أن الغطاء الأمريكي لهذه الحرب لا يمكن ولا ينبغي أن يصمد أمام الجرائم المتوالية بحق شعبنا، وآخرها مذبحة الطفولة في ضحيان.
وهنا يجب أن نصارح أنفسنا بأهمية تجاوز المربع التقليدي في التعاطي مع الخارج دولاً ومنظمات، والاستفادة من حالة الاهتمام الدولي بالشأن اليمني، في ظل معركة الساحل الغربي التي يرقب العالم خطورة تداعياتها على الملاحة الدولية، وعلى الأوضاع الإنسانية في الداخل اليمني. وما يوازي هذه المعركة من تحرك أممي يهدف إلى استئناف المفاوضات السياسية بين الأطراف اليمنية، والمزمع انعقادها في سبتمبر المقبل، حسب تصريحات مارتن غريفث.
في سبتمبر أيضاً ستنعقد في جنيف دورة جديدة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومن المنتظر أن تناقش الدورة تقرير لجنة الخبراء التابعة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان المعنية بتقصي الحقائق في اليمن، وفقا لقرار المجلس في دورته السابقة. وفي غالب التقدير، فإن تقرير اللجنة سيضع المجلس أمام جملة من انتهاكات التحالف، والتي ترقى إلى “جريمة حرب”، ما يساعد اليمن والقوى الوطنية على المطالبة بمحاكمة قتلة الأطفال في اليمن، وتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة لهذا الغرض.
وكيف لا نستفيد من فرصة كهذه، والمجتمع الدولي برغم تواطئه يستهجن الأسلوب السعودي في التعاطي مع جرائم الحرب في اليمن، إذ لا يكف عن الزعم أنه يحقق بنفسه في انتهاكات هو المتهم فيها؟
حجتنا هي الراجحة، إذا عزفنا على الوتر الحساس: كيف يمكن لقاتل أن يحقق في جريمة ارتكبها بنفسه؟ كيف يكون الخصم والحكم؟ وما هي معايير العدالة التي ينشدها المجتمع الدولي مع حالة شاذة كهذه؟
وكما أن الجلاد بات على دراية بمكامن التأثير في صناعة القرار داخل الأروقة الأممية، وإن كانت في مجملها ذات طابع مالي، فلا شك أن للضحية أيضا خبرتها المتراكمة في وضع النقاط على الحروف، باستغلال هامش الضمير الإنساني المتاح في جنبات تلك الأروقة، الأمر الذي يتطلب منَا- كقوى سياسية ومنظمات مدنية- أن نستفيد من الخبرات المتراكمة في هذا المجال، وأن نضغط بمختلف الأساليب على المجتمع الدولي من أجل تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في الجرائم التي تستهدف المدنيين بشكل عام، والأطفال على نحو خاص.
يمكن لنا مثلاً-إن أجدنا إدارة ملف مذبحة ضحيان- أن نحرك عبر المتعاطفين مع القضية اليمنية، مظاهرات ومسيرات للأطفال في عدد من العواصم الدولية، وقد نستطيع تنظيم مظاهرة حاشدة في جنيف نفسها بالتزامن مع انعقاد مجلس حقوق الإنسان. وبإمكان المفاوض الوطني أن يضغط على المبعوث الأممي، من أجل ضمان تحقيق مستقل في هذه الجريمة، كشرط لاستئناف المحادثات اليمنية-اليمنية.
أما المنظمات المدنية والحقوقية وبالتعاون مع وزارتي الخارجية وحقوق الإنسان، فبإمكانها حشد التأييد الدولي للملف اليمني عبر حملة منظمة ومنسقة وفاعلة،..وبالإمكان تحريك مسيرة تكون الأكبر لأطفال اليمن تطالب بإنقاذ الطفولة المذبوحة ومحاكمة القتلة..
علينا مسؤولية دينية ووطنية في الانتصار للدماء المسفوكة ظلما وعدوانا. وأمامنا في سبتمبر المقبل فرصة لا يجب أن تضيع. فالحذار الحذار من الانشغال بمعارك جانبية يحسن العدو فبركتها، كما نحسن الوقوع في فخاخها للأسف. وحتى لا يقتل أطفالنا مرتين، علينا أن نثابر في مضمار مناشدة الرأي العام الدولي، فيصطف إلى جانب مظلوميتنا ويعمل معنا باتجاه وقف العدوان وتهيئة الظروف لملاحقة المجرمين وقتلة الأطفال.

قد يعجبك ايضا