يجرّم القانون الدولي الإنساني استهداف المدنيين والأعيان المدنية، ولذلك فإن ما قام به طيران التحالف الأمريكي السعودي من استهداف مباشر للتجمعات المدنية والأعيان المدنية من مساكن وصالات أفراح وتجمعات عزاء يعد جريمة من جرائم الحرب، ويعد استهداف هذه الأماكن من الانتهاكات الجسيمة في القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني، وما يتصل بنفس الموضوع في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحسب المبادئ الأساسية لـ ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين، والتي أكدت على حماية حقوق الإنسان وحظر استهداف المدنيين وتحييدهم في النزاعات المسلحة وذلك طبقاً للمواد التالية:
* المادة (51) من البروتوكول الأول لعام 1977م المضاف إلى اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م والتي نصت على:
1) يتمتع السكان المدنيون والأشخاص المدنيون بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية، ويجب لإضفاء فعالية على هذه الحماية مراعاة القواعد التالية دوماً بالإضافة إلى القواعد الدولية الأخرى القابلة للتطبيق.
2) لا يجوز أن يكون السكان المدنيون بوصفهم هذا وكذا الأشخاص المدنيون محلاً للهجوم، وتحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين.
3) يتمتع الأشخاص المدنيون بالحماية التي يوفرها هذا القسم ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية وعلى مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور.
4) تحظر الهجمات العشوائية، وتعتبر هجمات عشوائية:
أ) تلك التي لا توجَّه إلى هدف عسكري محدد.
ب) أو تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن أن توجَّه إلى هدف عسكري محدد.
ت) أو تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا الملحق “البروتوكول”، ومن ثَمَّ فإنَّ من شأنها أن تصيب في كل حالة كهذه الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز.
5) تعتبر الأنواع التالية من الهجمات من بين هجمات أخرى بمثابة هجمات عشوائية:
أ ) الهجوم قصفاً بالقنابل، أيّاً كانت الطرق والوسائل، الذي يعالج عدداً من الأهداف العسكرية الواضحة التباعد والتميز بعضها عن البعض الآخر والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو منطقة أخرى تضم تركزاً من المدنيين أو الأعيان المدنية على أنها هدف عسكري واحد.
ب) والهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
6) تحظر هجمات الردع ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين.
7) لا يعفي خرق هذه المحظورات أطراف النزاع من التزاماتهم القانونية حيال السكان المدنيين والأشخاص المدنيين بما في ذلك الالتزام باتخاذ الإجراءات الوقائية المنصوص عليها في المادة (57) والتي تنص على: الاحتياطات أثناء الهجوم.
1 – تبذل رعاية متواصلة في إدارة العمليات العسكرية من أجل تفادي السكان المدنيين والأشخاص والأعيان المدنية.
2 – تتخذ الاحتياطات التالية في ما يتعلق بالهجوم:
أ ) يجب على من يخطط لهجوم أو يتخذ قراراً بشأنه:
أولا: أن يبذل ما في طاقته عملياً للتحقق من أن الأهداف المقرر مهاجمتها ليست أشخاصاً مدنيين أو أعياناً مدنية، وأنها غير مشمولة بحماية خاصة، ولكنها أهداف عسكرية في منطوق الفقرة الثانية من المادة (52)، ومن أنه غير محظور مهاجمتها بمقتضى أحكام هذا الملحق “البروتوكول”.
ثانياً: أن يتخذ جميع الاحتياطات المستطاعة عند تخير وسائل وأساليب الهجوم من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين، أو إلحاق الإصابة بهم أو الإضرار بالأعيان المدنية، وذلك بصفة عرضية، وعلى أي الأحوال حصر ذلك في أضيق نطاق.
ثالثاً: أن يمتنع عن اتخاذ قرار بشن أي هجوم قد يتوقع منه بصفة عرضية، أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، مما يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
ب) يُلغى أو يُعَلَّق أي هجوم إذا تبيّن أن الهدف ليس هدفاً عسكرياً أو أنه مشمول بحماية خاصة أو أن الهجوم قد يتوقع منه أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، وذلك بصفة عرضية، تفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
ج ) يوجه إنذار مسبق وبوسائل مجدية في حالة الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين ما لم تحل الظروف دون ذلك.
3 – ينبغي أن يكون الهدف الواجب اختياره حين يكون الخيار ممكناً بين عدة أهداف عسكرية للحصول على ميزة عسكرية مماثلة، هو ذلك الهدف الذي يتوقع أن يسفر الهجوم عليه عن إحداث أقل قدر من الأخطار على أرواح المدنيين والأعيان المدنية.
4 – يتخذ كل طرف في النزاع كافة الاحتياطات المعقولة عند إدارة العمليات العسكرية في البحر أو في الجو، وفقاً لما له من حقوق وما عليه من واجبات بمقتضى قواعد القانون الدولي التي تطبق في المنازعات المسلحة، لتجنب إحداث الخسائر في أرواح المدنيين وإلحاق الخسائر بالممتلكات المدنية.
5 – لا يجوز تفسير أي من أحكام هذه المادة بأنه يجيز شن أي هجوم ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية.
* المادة رقم (52) والخاصة بالحماية العامة للأعيان المدنية من البروتوكول الأول لعام 1977م المضاف إلى اتفاقيات جنيف الأربع 1949م والتي نصت على:
1 – لا تكون الأعيان المدنية محلاً للهجوم أو لهجمات الردع، والأعيان المدنية هي كافة الأعيان التي ليست أهدافاً عسكرية وفقاً لما حددته الفقرة الثانية.
2 – تقصر الهجمات على الأهداف العسكرية فحسب، وتنحصر الأهداف العسكرية في ما يتعلق بالأعيان على تلك التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة.
* المادة رقم (85) من البروتوكول الأول والتي نصت على:
1. تطبق أحكام الاتفاقيات المتعلقة بقمع الانتهاكات والانتهاكات الجسمية مكملة بأحكام هذا القسم على الانتهاكات والانتهاكات الجسيمة لهذا الملحق “البروتوكول”.
3. تعد الأعمال التالية، فضلا عن الانتهاكات الجسيمة المحددة من المادة (11)، بمثابة انتهاكات جسيمة لهذا الملحق “البروتوكول” إذا اقترفت عن عمد، مخالفة للنصوص الخاصة بها في هذا الملحق “البروتوكول”، وسببت وفاة أو أذى بالغا بالجسد أو بالصحة:
أ- جعل السكان المدنيين أو الأفراد المدنيين هدفا للهجوم.
ب- شن هجوم عشوائي، يصيب السكان المدنيين أو الأعيان المدنية عن معرفة بأن مثل هذا الهجوم يسبب خسائر بالغة في الأرواح، أو إصابات بالأشخاص المدنيين أو أضرارا للأعيان المدنية كما جاء في الفقرة الثانية “1” ثالثا من المادة (57)،
ج- شن هجوم على الأشغال الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوى خطرة عن معرفة بأن مثل هذا الهجوم يسبب خسائر بالغة في الأرواح، أو إصابات بالأشخاص المدنيين، أو أضرارا للأعيان المدنية كما جاء في الفقرة الثانية “أ” ثالثا من المادة (57).
د- اتخاذ المواقع المجردة من وسائل الدفاع، أو المناطق المنزوعة السلاح هدفا للهجوم.
هـ – اتخاذ شخص ما هدفا للهجوم، عن معرفة بأنه عاجز عن القتال.
4. تعد الأعمال التالية، فضلا عن الانتهاكات الجسيمة المحددة في الفقرة السابقة وفي الاتفاقيات، بمثابة انتهاكات جسيمة لهذا الملحق “البروتوكول”. إذا اقترفت عن عمد، مخالفة للاتفاقيات أو الملحق “البروتوكول”: (أ) قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين إلي الأراضي التي تحتلها أو ترحيل أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها، مخالفة للمادة (49) من الاتفاقية الرابعة.
(ب) كل تأخير لا مبرر له في إعادة أسرى الحرب أو المدنيين إلي أوطانهم.
(ج) ممارسة التفرقة العنصرية (الابارتهيد) وغيرها من الأساليب المبنية على التمييز العنصري والمنافية للإنسانية والمهينة. والتي من شأنها النيل من الكرامة الشخصية.
(د) شن الهجمات على الآثار التاريخية وأماكن العبادة والأعمال الفنية التي يمكن التعرف عليها بوضوح، والتي تمثل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب، وتوفرت لها حماية خاصة بمقتضى ترتيبات معينة، وعلي سبيل المثال في إطار منظمة دولية مختصة، مما يسفر عنه تدمير بالغ لهذه الأعيان. وذلك في الوقت الذي لا يتوفر فيه أي دليل على مخالفة الخصم للفقرة “ب” من المادة 53. وفي الوقت الذي لا تكون فيه هذه الآثار التاريخية وأماكن العبادة والأعمال الفنية في موقع قريب بصورة مباشرة من أهداف عسكرية،
(هـ) حرمان شخص تحميه الاتفاقيات، أو مشار إليه في الفقرة الثانية من هذه المادة من حقه في محاكمة عادلة طبقا للأصول المرعية.
5. تعد الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات ولهذا الملحق “البروتوكول” بمثابة جرائم حرب وذلك مع عدم الإخلال بتطبيق هذه المواثيق.
* المادة رقم (86) من البروتوكول الأول والتي تنص على:
1. تعمل الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع على قمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع كافة الانتهاكات الأخرى للاتفاقيات ولهذا الملحق “البروتوكول”، التي تنجم عن التقصير في أداء عمل واجب الأداء.
2. لا يعفي قيام أي مرؤوس بانتهاك الاتفاقيات أو هذا الملحق “البروتوكول” رؤساءه من المسؤولية الجنائية أو التأديبية، حسب الأحوال، إذا علموا، أو كانت لديهم معلومات تتيح لهم في تلك الظروف، أن يخلصوا إلي أنه كان يرتكب، أو أنه في سبيله لارتكاب مثل هذا الانتهاك، ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات مستطاعة لمنع أو قمع هذا الانتهاك.
* المادة رقم (91) من البروتوكول الأول والتي تنص على:
يسأل طرف النزاع الذي ينتهك أحكام الاتفاقيات أو هذا الملحق “البروتوكول” عن دفع تعويض إذا اقتضت الحال ذلك. ويكون مسؤولا عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الذين يشكلون جزءا من قواته المسلحة.
* المادة رقم (8) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب والتي نصت على الآتي:
1 – يكون للمحكمة اختصاص في ما يتعلق بجرائم الحرب، ولاسيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم.
2 – لغرض هذا النظام الأساسي، تعني “جرائم الحرب”:
(أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب /أغسطس 1949م، أي فعل من الأفعال التالية: ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة.
– القتل العمد؛
1 – القتل العمد.
2 – التعذيب أو المعاملة اللا إنسانية، بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية.
3 – تعمُّد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.
ب) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي، أي فعل من الأفعال التالية:
– تعمُّد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية.
– تعمُّد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافا عسكرية.
– تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب القانون الدولي للمنازعات المسلحة.
– تعمُّد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحا بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.
– مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافا عسكرية، بأية وسيلة كانت.
– تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التأريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية.
– استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد أو الأجهزة.
– إعلان أنه لم يبق أحد على قيد الحياة.
– استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضراراً زائدة أو آلاماً لا لزوم لها أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة؛ بشرط أن تكون هذه الأسلحة والقذائف والمواد والأساليب الحربية موضع حظر شامل، وأن تدرج في مرفق لهذا النظام الأساسي، عن طريق تعديل يتفق والأحكام ذات الصلة الواردة في المادتين (121) و( 123).
– تعمُّد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمُّد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.
– تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي «25».
وقد اخترقت دول التحالف الأمريكي السعودي كل هذه القوانين التي أو ضحناها اختراقاً واضحاً صريحاً، وارتكبت عدداً مهولاً من الجرائم التي تقع ضمن التجريم الصريح للنصوص القانونية للقانون الدولي الإنساني، ونورد على سبيل المثال لا الحصر عدداً من الجرائم التي ارتكبتها دول التحالف الأمريكي السعودي في اليمن والتي تقع ضمن تصنيف جرائم الحرب (استهداف المدنيين والأعيان المدنية).