العدوان يتسبب بإعاقة 92 ألف مدني حركياً وعشرات الأطفال مشوهون خلقياً

الحصار يفاقم مأساة المعاقين اليمنيين بمنع الغذاء والدواء والسفر للعلاج: (2-2)

تقارير دولية: أكثر من  3.7 مليون يمني معاق جراء الحروب و 90 % منهم يعيشون تحت خط الفقر
الديلمي: – صندوق رعاية المعاقين يواجه تحديات كبيرة بعد أن دمر العدوان نشاط المؤسسات والشركات الوطنية الداعمة
– المستشفيات الحكومية والخاصة ومراكز العلاج الطبيعي ومخازن الدواء تمتنع عن الخدمة لعجز الصندوق المالي
الوادعي: 50 % من الجرحى والمعاقين الجدد لم يسجلوا والأمومة والطفولة أكثر شرائح المجتمع تضرراً
لم يتوقف العدوان عن الاستهداف المباشر لمقار المعاقين اليمنيين وقتل وجرح عدد منهم بل تجاوز ذلك إلى صناعة قصص مأساوية في اليمن بأكثر أسلحة العالم فتكاً، فيخلف نحو أكثر من 92 ألف مدني بين معاق إعاقة جزئية سمعية بصرية بتر أطراف، وبين إعاقة حركية في الرأس في العمود الفقري، معظمهم من النساء والأطفال.. وهو ما وصفه تقرير موقع “دويتشه فيله” الألماني أن الحرب بمثابة يوم القيامة على شريحة المعاقين اليمنيين..
في هذه الحلقة من تحقيق المعاقين اليمنيين.. سنسلط الضوء على آثار العدوان والحصار السعودي الأمريكي على شريحة المعاقين خلقياً.. مستعرضين بعض المجازر الكبرى التي ضاعفت أعداد المعاقين المدنيين جراء قصف دول تحالف العدوان المباشر للمنشآت والأحياء السكنية والأسواق، وغيرها.. إلى التفاصيل..
تحقيق / محمد إبراهيم
الأضرار التي لحقت بشريحة المعاقين جراء العدوان والحصار لا تتوقف عند حد الخسائر للموارد واستهداف طيران العدوان البنية التحتية لمؤسسات شريحة المعاقين التي أنجزت خلال السنوات السابقة.. بل أضاف العدوان الهمجي والبربري إعاقات بالآلاف.. ففي مسار قراءة خارطة المعاقين من المدنيين اليمنيين جراء العدوان السعودي الأمريكي الذي تعمد استهداف التجمعات السكانية والأهداف المدنية، تبرز أمامنا مجازر محورية كبرى كان أكثر قسوة وهمجية وأكثر فرزا وزيادة لأعداد المعاقين المدنيين، وكان أهم هذه المجازر قصف العدوان السعودي الأمريكي جبل عطان بالقنبلة الفراغية في 20 أبريل 2015، حيث امتد دمارها وإصابتها على امتداد سبعة كيلو مترات مربعة وهي مساحة جميعها مأهولة بالأحياء السكنية التي كانت عامرة بالبشر أثناء الضربة، وقد خلفت أعدادا كبيرة من الجرحى صعب في ذلك اليوم حصرهم، ومعظم هؤلاء الجرحى معاقون إعاقة دائمة، أمّا سمعيا أو بصريا أو عصبياً حيث تعرضوا لحالة فزع دائمة نتيجة للصدمة النفسية، وتعرض عدد منهم لبتر الأطراف، حيث انتشرت شظايا وصخور الانفجار إلى أحياء سكنية مأهولة بالسكان.. الحادثة الإجرامية الثانية حادثة قصف الصالة الكبرى بصنعاء في 10 أكتوبر الماضي تسببتا لوحدهما فقط بتعريض “أكثر من 1000 شخص للإعاقة..  منهم 40 شخصية قيادية يمنية تعرضت لبتر الأطراف.. وهناك مجازر كبرى لا يتسع المقام لذكر تفاصيلها، ولكن يمكن ذكر بعضها كجريمة عرس سنبان وجريمة مخيم المزرق وجريمة حي الهنود بالحديدة وجريمة سوق مستبأ بحجة، وووووو .. وغيرها.. إلا أن المهم أن العدوان والحصار شلا قدرات المؤسسات الرسمية وأوقفا معظم المنظمات المدنية العاملة في مجال رعاية المعاقين.. فتقرير صندوق رعاية المعاقين يؤكد أن الصندوق يمول نحو 125 جمعية عاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف محافظات الجمهورية، غير أنها توقفت في الغالب جراء العدوان المستمر وكذا نتيجة توقف إيرادات الصندوق.. وتوقفت كافة الجمعيات ومراكز العلاج الطبيعي العاملة مع ذوي الإعاقة في اغلب المحافظات. حيث توقفت نحو 32 جمعية ومركز علاج طبيعي في تعز عن العمل وهو إجمالي عدد الجمعيات والمراكز العاملة مع ذوي الإعاقة والتي كانت تتلقى الدعم والتمويل من قبل الصندوق.. كما توقفت 12 جمعية ومركزا في شبوة وأبين بسبب العدوان. وتوقفت الجمعيات العاملة مع ذوي الإعاقة والتي كانت تتلقى دعما من قبل الصندوق في محافظة الضالع، وعادت مؤخرا عدد من الجمعيات ومراكز العلاج الطبيعي العاملة مع ذوي الإعاقة في عدن.. وتوقفت الجمعيات والمراكز العاملة مع ذوي الإعاقة في مأرب وصعدة والجوف بصورة شبه كلية.
صعوبات فرضها العدوان
المدير التنفيذي بصندوق رعاية المعاقين، المهندس محمد عبدالله الديلمي أكد في حديث صحفي لـ الثورة في سياق هذا التحقيق الصحفي: أن الصندوق استقبل خلال الأعوام الثلاثة الماضية، قرابة 10 آلاف إعاقة جديدة جراء العدوان وتركزت أغلب الحالات في بتر الإطراف.. لا فتاً إلى أن هذا الرقم لا يعكس حجم الكارثة بقدر ما يعكس ما تم تسجيله رسميا فقط، فهناك أعداد مضاعفة لم تتمكن من الوصول إلى الصندوق، لأسباب اقتصادية وجغرافية وصحيّة، ناهيك عن الأسباب الاجتماعية التي تجعل الأسرة اليمنية تحجم عن الدفع بجرحاها الذين أصبحوا في إعاقة دائمة إلى الجهات الرعائية والحقوقية، بالذات في هذه الظروف..
وأضاف الديلمي: كغيرهم من المدنيين اليمنيين تعرض الأشخاص ذوو الإعاقة في اليمن لقصف عشوائي في العاصمة صنعاء ومحافظات عدة، ولأنهم لا يتمكنون من النزوح والتحرك كالآخرين كانوا عرضة للموت والإصابات الخطيرة. وأنتجت الحرب معاقين جددا، من مختلف المناطق اليمنية وأغلبهم من المدنيين العزل.  كما تعرضت بناهم التحتية ومقارهم للقصف المباشر كما حصل مع مركز النور للمكفوفين الذي تحيط به منازل مواطنين ومدارس ومستشفى الأم للأمومة والطفولة بمديرية الصافية بالعاصمــــــــة صنعاء.. حيــــث قصــف المركـــــز بصاروخين انفجر واحـــــــد والآخر لم ينفجر، جرح على إثر هذه الضربة عدد من المكفوفين الذين يسكنون في هذا المركز وتضرّر المبنى أضرارا كبيرة.. وهناك مبان أخرى لذوي الاحتياجات الخاصة تعرضت للأضرار ما يعني ان العدوان على اليمن تسبب بانتكاسة كبيرة وغير مسبوقة للأشخاص ذوي الإعاقة على مختلف المستويات.
وأكد الديلمي أن الصندوق يواجه تحديات كبيرة أبرزها ما يتعلق بالفجوة الحاصلة بين عدد طالبي الخدمة الذين هم في زيادة مستمرة مع عدم كفاية الإيرادات المخصصة للصندوق التي تراجعت إلى مستويات قياسية، حيث تسبب العدوان الغاشم بتدمير عدد من المصانع والمؤسسات التي كان يعتمد عليها الصندوق في ايراداته.. ما جعل الصندوق غير قادر على شراء أنواع كثيرة من الأدوية التي دأب الصندوق على صرفها لعشرات الآلاف من الحالات المسجلة لديه..
صمود رغم التحديات
وقال الديلمي: على الرغم من الوضع المادي السيئ الذي يمر به صندوق رعاية المعاقين جراء العدوان والحصار على اليمن، والتي انعكست سلبا على إيراداته، إلا انه مستمر في تقديم خدماته في مختلف مجالات الرعاية الاجتماعية والتأهيل والتدريب المؤسسي وفقا للأهداف التي وردت في قانون إنشائه، والتي تغطي تكاليف نفقات تشغليه شاملة الخدمات الصحية التي يقدمها الصندوق للأشخاص ذوي الإعاقة من إجراء عمليات العظام والأطراف، وجراحة العيون وعمليات زراعة القرنية وتركيب العدسات، وعمليات شفط السوائل من الدماغ، وتوفير الأدوية الضرورية  والملحة، وإجراء الفحوصات التشخيصية، وتقديم العلاج الطبيعي ومستلزماته، وغيرها من الخدمات الصحية الأخرى، فضلا عن التدخل المبكر للحد من تفشي ظاهرة الإعاقة من خلال الجراحة المبكرة.
وأكد أن الصندوق يعد الحاضن الرسمي الوحيد للأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن، وهو من يدعم هذه الشريحة الهامة في المجتمع على المستويين الفردي والمؤسسي كما يقدّم الصندوق خدمات تعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أنواع الإعاقة وفي مختلف مراحل التعليم بما في ذلك التعليم العالي والأكاديمي.
ولفت الديلمي إلى أن عدد المستفيدين من خدمات صندوق رعاية وتأهيل المعاقين نهاية العام الفائت وصل إلى نحو 150 ألف مستفيد.. لافتاً إلى أن للصندوق فروعاً في خمس محافظات يمنية تقدم خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، كما ان الصندوق يقدم خدمات لكل الأشخاص ذوي الإعاقة من مختلف محافظات الجمهورية، وهو لا يسأل الشخص المعاق عن انتمائه الجغرافي او السياسي او غير ذلك، فطالما ان الشخص الذي وصل إلى الصندوق معاق يتم تقديم الخدمة المستحقة له وفقا لإمكانات الصندوق والموارد المتاحة.
الأمومة والطفولة
الأمين العام المساعد بالمجلس الأعلى للأمومة والطفولة أكد في تصريح لـ الثورة أن الأهم والأخطر إلى جانب كارثية الأوضاع الإنسانية هو أن مايزيد عن 50 % من الجرحى والمعاقين الجدد لم يسجلوا سواء في أمانة العاصمة أو المحافظات نظرا لعصامية المجتمع اليمني وإصراره على البقاء والتماثل للشفاء دون الحاجة إلى أحد في ظل هذه الظروف فيعزف الكثيرون عن تسجيل حالات الإعاقة لدى الجهات المختصة.. مؤكداً أن الأمومة والطفولة أكثر شرائح المجتمع اليمني تضررا من العدوان حيث تفيد المؤشرات أن معظم الجرحى من هذه الشريحة تطورت حالاتهم إلى الإعاقة الدائمة السمعية أو البصرية أو الشلل أو بتر الأطرافـ، وما تم الإعلان عنه ليس الأرقام النهائية.. لافتاً إلى أن النتائج الأولية للدراسات الدقيقة لآثار العدوان والأسلحة المستخدمة في الحرب على اليمن تؤكد وجود تشوهات خلقية في مواليد الثلاثة الأعوام السابقة، ناهيك عن تداعيات صحية سيُفصح عنها المستقبل وفق رؤية علمية أكثر تخصصا لا نحب الخوض فيها الآن.. فما يعنينا هو بيان الدلالات الراهنة المؤكدة على أن ما يعني أن إعاقات خلقية جديدة ستضاف إلى ملايين المعاقين المدنيين بسبب الأسلحة المحرمة دوليا والتي استخدمت في الحرب العدوانية غير المسبوقة على اليمن..
صمت أممي وأصوات حرة
على الرغم من أن اليمن إحدى الدول الموقعة على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية الخاصة بشريحة ذوي الإعاقة، إلا أن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة- حسب المعنيين بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة- لم يحرك ساكنا إزاء ازدياد أعداد الضحايا الملتحقين بطابور الإعاقة بسبب الحرب كما انه لم يتخذ أي موقف حاسم تجاه استهداف مقراتهم ومنها مركز النور للمكفوفين في العاصمة صنعاء الذي استهدف في 5 يناير 2016م..
ومع هذا التواطؤ والصمت ألأممي المشين لم يخلُ الإعلام الدولي من الأصوات الحرة التي رفضت كل الإغراءات محذرة دول تحالف العدوان على اليمن من مغبة تداعيات المشهد المأساوي الذي يعيشه الشعب اليمني بصفة عامة وشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بصفة خاصة.. حيث حذرت منظمات مدنية ومنابر إعلامية دولية من خطورة استمرار مجازر الإبادة في اليمن، مؤكدة أن مؤشرات مخيفة في صفوف المدنيين ضاعفت أرقام المعاقين اليمنيين من المدنيين النساء والأطفال..
وأوضح تقرير دولي نشره موقع “دويتشه فيله” الألماني نهاية العام الماضي حول معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة أن أعداد ما خلفته الحرب من معاقين جدد يضاهي عدد سكان دول خليجية.. لافتا إلى أن الحرب خلَّفت نحو 92 ألف معاق، وأن الحروب والصراعات التي شهدها هذا البلد في السنوات الماضية تسببت في ارتفاع أعداد المعاقين، استنادا إلى ما وصفها بتقديرات متواضعة، إلى ما يزيد عن 3 ملايين و700 ألف معاق عن الحركة.. مؤكداً أن بعض المنظمات الدولية لا تزال تبذل جهودا جيدة في هذا المجال، وبيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر ترصد تمكن قرابة 25400 معاق من الاستفادة من الدعم المقدم من قبلها خلال عام 2016، وقد حصل 12800 منهم على علاج طبيعي، واستفاد 5977 مريضا من أجهزة تقويم العظام.

قد يعجبك ايضا