المعركة الأخيرة .. “يد تحمي ويد تبني”
حمير العزكي
كثيرة هي المعارك التي خاضها الشهيد الرئيس صالح الصماد رضوان الله عليه والتي سطر في أتونها أسمى آيات البطولة والفداء والاستبسال والإخلاص والتفاني الذي قل له نظير مجسدا في مسيرته الجهادية أرقى معاني الوفاء والولاء والانتماء والعطاء ، فلم تفتر يوما همته ولم تتزحزح ثقته ولم تخبو عزيمته ولم تنكسر إراداته ولم يفت الدهر بنوائبه وتقلباته عضد ثباته بل كان ينتقل من معركة إلى أخرى أقوى إيمانا وأنقى يقينا وأشد بأسا وأصلب شكيمة فظل يرتقي ويرتقي حتى بلغ الغاية الأسمى والمنحة العظمى شهيدا مجيدا سعيدا خالدا .
لقد كانت معركة الرئيس الشهيد الأخيرة هي معركة مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة بمساريها المحددين في الشعار الذي رفعه قبل أقل من شهر على استشهاده ( يد تحمي ويد تبني ) المعركة الأخيرة للقائد الشجاع للشعب العظيم دفاعا عن قضية عادلة ومشروعة فمن حق كل شعوب العالم أن تحلم بدولة حديثة تضمن لها الحرية والعدالة والسيادة والاستقلال ومن حقها المشروع أيضا أن تسعى في تحقيق ذلك الحلم خلف قياداتها الوطنية التي تهب نفسها وتبذل روحها في سبيل ذلك بكل إخلاص وتفانٍ وتجرد من حب الذات وشهوة النفوذ وغرائز التسلط واطماع الجاه والثروة .
لقد خضت معركتك الأخيرة ياسيدي الشهيد الرئيس بكل شجاعة واقتدار وكنت فيها على أتم الجهوزية بكل خطواتك وتحركاتك وتصريحاتك ومواقفك التي سيسطرها تاريخ اليمنيين الأقدم والأعرق في أسمى صحائفه وكأنك تعلم أنها آخر معاركك الخالدة حتى حققت فيها نصرا عظيما مؤزرا على كل المستويات ابتداء بهدفك الذاتي الذي بلغته في أرقى درجاته شهيدا مجاهدا وانتهاء بالهدف العام والذي كتبت دماؤك الطاهرة شهادة ميلاده ومنحته أشلاؤك المباركة فرصة الاستمرار والبقاء وضمنت له روحك القدسية الحياة.
سيدي الشهيد الرئيس لم تكن بدعا من العظماء الخالدين في مسيرة الحق على هدى القرآن والأقران من العترة المطهرة بل كنت النموذج الأرقى والأنقى في اتباع الهدى واستشعار المسؤولية وتحملها على أكمل وجه وكانت عظمة مواقف وجسامة تضحياتك خير شاهد لك بذلك فلم يكن لنفسك حظ في قرارك ولا لهواك نصيب في اختيارك فلم تخلد الى الدنيا وابتغيت فيما آتاك الله الدار الآخرة ولم تبغ الفساد في الارض بل حاربته بضراوة وقاومته باستماتة فخلدك الله في الدنيا وسيؤتيك بإذنه وفضله نعم ثواب الآخرة .
حين انتصرت لمشروعك انتصر بك وانتصرت به إرادة الشعب اليمني العظيم وكنت في كل مشوارك في قيادة هذا الشعب القوي الأمين الصادق الناصح والرائد الذي لا يكذب أهله فلم تكد تخلو من آثار أقدامك جبهة عسكرية من جبهات المواجهة ولم يكد يغيب مداد أقلامك عن كل توجيه في مصلحة الشعب، فكانت يدك أول وأشجع الأيدي التي تحمي وأصدق وأمهر الأيدي التي تبني والتي فجع الشعب بغيابها بعد عامين من رعايتها له هي أشبه في لحظاته بعامي الشهيد الرئيس الحمدي من قبلك وكأن العامين هما العمر الافتراضي لكل من حمل هذا المشروع الوطني .
سيدي الشهيد الرئيس كم كنت وفياً ومعطاء لهذا الشعب وهذه الأمة ولا بد من الوفاء لك من خلال السير في المسيرة التي ارتضيتها نهجا لحياتك ومن خلال مواصلة السعي بكل جد وإخلاص لتنفيذ مشروع بناء الدولة اليمنية الذي أطلقته ورفعت شعاره ومن خلال الوفاء لكل المبادئ والقيم التي حملتها وناضلت من اجلها وضحيت بأغلى ما تملك باذلا روحك في سبيلها والله على ما نقول شهيد .