أوروبا تُصفي دواعشها … لماذا الآن!؟”
هشام الهبيشان
لم يكن حديث وزير الدولة البريطاني للتنمية الدولية روي ستيوارت والذي قال فيه أن “الطريقة الوحيدة” للتعامل مع البريطانيين، الذين انضموا للقتال في صفوف تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، “في كل الحالات تقريبا”هي قتلهم” ، هذا الحديث في هذا الوقت تحديداً ليس مستغرباً ، فاليوم كلّ المؤشرات تؤكد وخصوصاً الواردة من واشنطن، أنّ ربيع «2018» سيكون الموعد المحدّد لانتهاء المعركة الحاسمة ضدّ تنظيم «داعش» في العراق وسورية، واليوم بدأت تطرح في المرحلة الحالية الكثير من الأحاديث عن مستقبل هذا التنظيم عسكرياً ووجودياً، وخصوصاً بعد الـحديث عن قرب انهيار البنية التنظيمية للتنظيم الإرهابي.
ففي الوقت الذي تواصل فيه مجموعة قوى زحفها تجاه مناطق تواجد التنظيم في سورية والعراق لاستعادتها من تنظيم داعش ، وتواصل قوى عديدة في ليبيا محاربة هذا التنظيم والسيطرة على أغلب مناطق تواجده، بدأت الخشية من تدفق عناصر من التنظيم إلى بلدان أخرى، وخصوصاً إلى أوروبا.
فمن الواضح اليوم أنّ الغرب، وخاصة القارة الأوروبية العجوز، أصبح يغرق بين مطرقة الإرهاب العائد اليه وسندان المهجرين من الشرق إلى الغرب، وهذا ما ظهر جلياً من خلال حديث المسؤولين الأوروبيين الذين يتحدّثون اليوم ويرفعون أصواتهم خشية مرحلة ما بعد دحر داعش من العراق وسورية وليبيا، فاليوم يعتقد معظم المسؤولين الأوروبيين أنّ دحر داعش من هذه المناطق ستكون نتائجه وأحداثه وتداعياته كارثية مستقبلاً على القارة العجوز، لأنّ المؤكد أنّ التنظيم حينها سينطلق نحو العمل «السري» وسيبدأ بتنفيذ عمليات انتقامية سترتدّ آجلاً أم عاجلاً على أوروبا، ومن هنا يبدو واضحاً أنّ نظرة المسؤولين الأوروبيين بدأت تشهد تغيّراً ملحوظاً اتجاه هذا الملف بالتحديد.
وبالعودة إلى قراءة أعمق لمجمل التغيّرات الأوروبية، فمن الواضح ان حديث الأوروبيين الاخير وتعبيرهم عن خشيتهم من ارتداد آثار الإرهاب عليهم ، يؤكد أنّ ما يجري في سورية والعراق ميدانياً اليوم بدأ يفرض نفسه وبقوة على ملف الإرهاب، واليوم هناك تقارير دولية عدة أكدت أنّ هناك وفوداً استخباراتية عسكرية أوروبية تنسق مع دمشق تحديداً لمنع عودة المئات من المقاتلين الأوروبيين الفارّين من زحمة المعارك بالشمال والشرق السوري إلى بلدانهم الأوروبية، هؤلاء المقاتلون الفارين من معارك الشمال السوري والعراقي أكدت التقارير الدولية أنهم فور وصولهم لبلدانهم سيبدأون التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية بالدول التي عادوا إليها أو استقروا بها، وهذا بدوره سيزيد بشكل واضح من تعقيد ملف محاربة الإرهاب بالقارة العجوز، رغم حجم التدقيق الأمني الكبير على اللاجئين القادمين للقارة العجوز.
عودة بعض هؤلاء الإرهابيين إلى دولهم وتنفيذ عمليات إرهابية كالتي حصلت في برلين وبروكسل وباريس وبأساليب مبتكرة، شكلت حالة صدمة كبرى عند الدول الأوروبية الشريكة في الحرب على سورية، فإرهابهم الذي دعموه لإسقاط سورية والعراق وليبيا يرتدّ عليهم اليوم، ولذلك هم اليوم في صراع مع الوقت لإيجاد حلّ ما يضمن القضاء على أفراد هذه المجاميع الإرهابية في سورية والعراق وليبيا وعدم السماح بعودتهم إلى بلدانهم وداعميهم.
ختاماً، انّ معظم التطورات الخاصة بملف الإرهاب ومرحلة ما بعد داعش بالعراق وسورية وليبيا، الذي بات فعلياً يهدّد المنظومة الأوروبية، يؤكد أنّ الغرب بدأ يستشعر خطورة عودة هذا الإرهاب إلى أراضيه، والمرحلة المقبلة ستشهد بشكل مؤكد تطورات مهمة ودراماتيكية في ملف مرحلة ما بعد داعش، والنتائج الناجمة عن هذه المرحلة…