وسائل التواصل الاجتماعي تقلل من الزيارات العيدية..

مواطنون: تفي بغرض الزيارة وآخرون يرفضون ذلك
علماء الاجتماع: تزيد من عزلة الناس وتقلل من الروابط المجتمعية
تحقيق /نجلاء الشيباني
الواتس آب طريقة تواصل رخيصة الثمن ومتوفرة بيد الكثير من أفراد المجتمع ومن خلالها يستطيع الفرد معايدة أقاربه بأسرع ما يمكن صوتاً وصورة بدلاً من قطع مسافات طويلة متنقلاً من منزل لآخر فوسائل التواصل الاجتماعي قربت المسافات بين أفراد المجتمع والأسرة الواحدة وجعلتهم على اتصال دائم, ولكن هل بالإمكان أن تغني تلك الرسائل القصيرة عن زيارة الأرحام والاطمئنان على حالهم ومصافحتهم وتقبيل رؤوسهم خاصة في الأعياد والمناسبات المهمة..؟
محمد جار الله له نظرته الخاصة فأمامه مشكلة لا يعاني منها هو فقط، بل الكثير من أفراد المجتمع اليمني خاصة في الفترة الأخيرة. جار الله يرى أن الذهاب لزيارة الأقارب في هذه الأيام لم يعد سهلاً كما كان في السابق، ويضيف: لدي أقارب يسكنون في المطار وفي حزيز وأنــــا أسكن أمام مستشفى الثورة العام وإذا قررت الذهاب إليهم فهذا سيكلفني الكثير من المال خاصة وأن أسعار التاكسي ترتفع إلى الضعف والمواصلات العامة لا تسعفني في أيام الأعياد للذهاب من طرف العـــاصمـــة إلـــى طرفها الآخر، لذا فأنــا أرى أن المعايدة برســـــائل الواتــــــس آب تغني عن كل ذلك الجهد الذي لا يمكن أن نبذله في ظل هذه الظروف الصعبة.
لم يختلف معه صديقه محمد منصر كثيراً في الرأي، ولكن السبب الذي دفع منصر إلى موافقة جار الله على الاكتفاء برسائل الواتس آب في العيد هو انعدام البنزين ويقول: منذ الثاني والعشرين من رمضان وسيارتي متوقفة أمام البيت ولا يوجد فيها بنزين وإذا أردت تعبئتها بالوقود لا بد لي أن آخذ إجازة من عملي وأذهب إلى محطة البنزين وهذا يستغرق يوماً كاملاً وهذا يعني عدم ذهابي للدوام, وفي الوقت الراهن لا أستطيع فعل ذلك لذا فرسائل الواتس آب تفي بالغرض خاصة وأن هناك مجموعة تخصص للعائلات وأنا مشترك معهم ورسالة واحدة تكفي لتصل إلى الجميع.
قتل التواصل
ياسر حمزة محاسب لم يخف استياءه الشديد من الواتس آب ويعتبره وسيلة قتلت التواصل والمحبة والزيارات بين الأصدقاء والأسرة. ويضيف: أصبح الكثير ممن اشتركوا في الواتس آب لا يزورون أهلهم ولا يزورون مرضاهم ويكتفي بإرسال رسالة للقيام بالواجب وفي الآونة الأخيرة أصبح أفراد الأسرة الواحدة يتواصلون عبر هذه الوسيلة من غرفة إلى غرفة داخل المنزل الواحد وهذا ما شتت شمل الأسرة وجعلهم بعيدين عن بعض رغم أن الفاصل بينهم جدار واحد لا غير. ويتساءل ياسر: كيف سيكون العيد خاصة بعد انتشار الواتس آب؟
لم يكن قتل التواصل الذاتي بين الناس سبب غضب ياسر فقط فأحمد السقاف (تاجر) يؤيد كلام ياسر ويضيف: مرضت قبل شهر وكنت في المستشفى فكان البعض يرسل لي صور باقات ورد وآخرون صوراً لفواكه وبعدها رسالة اطمئنان على حالي ضحكت حينها وتألمت مما وصل إليه المجتمع, وهذا ما دعاني للخوف من أن يأتي اليوم وأشاهد الناس قد قطعوا أرحامهم وكفوا عن زيارتهم حتى في الأعياد بسبب ما يسمى “الواتس آب”.
الاطمئنان على الأهل
الهدف من زيارة العيد هو الاطمئنان على الأرحام ومعايدتهم ..هذا ما استهل به المهندس أبو بكر عبدالفتاح حديثه.. وأضاف: الواتس آب يفي بغرض الزيارة عبر رسائل العيد وهذا ما أفعله أنا شخصياً بعد أن أذهب لزيارة والدي ووالدتي, فلو قررت أن أزور شخصاً آخر غيرهما لوجب عليَّ زيارة باقي الأقارب وهم كثيرون في العاصمة وهذا سيرهقني كثيراً وسيمنعني من استقبال ضيوفي.
استخدام الواتس آب كبديل مناسب لزيارة الأقارب هو ما ترفضه كريمة القباطي معلمة وتقول: لا يوجد بديل عن زيارة الأقارب بالطريقة المعتادة في الأعياد فحين يأتي اخوتي وزوجاتهم وأبي لزيارتي بالعيد أشعر بسعادة بالغة تغمرني وتلازمني طوال اليوم وكأنهم يقولون لي (أنت ما زلت منا ولا نستطيع الاستغناء عنك ولا يمكن أن يمر العيد بدون تقبيل رأسك).. وتختتم حديثها بالقول الواتس آب يقتل تلك الفرحة فما تعنيه رسالة عبر الجوال تقول كل عام وأنت بخير؟؟ بالتأكيد لا شيء.
عزلة الناس
فيما يتفق علماء الاجتماع على أن تواصل الناس عبر شبكات التواصل الاجتماعي المتاحة حالياً و منها الواتس آب خاصة في الأعياد يزيد من عزلة الناس ويقلل من الروابط الاجتماعية في ما بينهم ويجعل المواطنين أقل إنسانية في تواصلهم مع أقاربهم وأهلهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي الالكترونية .. وهذه الشبكات ليست عالماً إنسانياً حقيقياً .. رغم بعض الإيجابيات التي تحملها.
الزيارة أولى
من جانبه تحدث الداعية أبو زيد الحدأ عن هذه الظاهرة قائلاً: زيارة الأرحام هي ما دعانا الله تعالى إليها وديننا الحنيف شدد عليها لأنه يدعو دائماً للتآلف والتقارب, وأنا من ناحيتي لا أجد بديلاً عن ذهاب الفرد مع أبنائه لزيارة أرحامه وتقبيل رؤوسهم وإلقاء التحية عليهم وإعطائهم ما تيسر من المال أو الهدايا. وما يحدث هذه الأيام من تواصل عبر ما يطلق عليها رسائل التواصل الاجتماعي لا تغني أبداً عن زيارة الأقارب خاصة في الأعياد والمناسبات الدينية.
وتابع بالقول: ولكن إن لم يستطع الفرد الذهاب إلى أرحامه لبعد المسافة أو المرض فديننا الإسلامي سمح ويسر فلا بأس من استخدام هذه الوسائل للاطمئنان ومعايدة الأقارب فهذا أفضل من أن لا يسأل عليهم ويقاطعهم, وإذا كان بمقدوره أن يذهب إلى زيارتهم فلا بد له من القيام بذلك فهذا خير له وأبقى عند الله تعالى.

قد يعجبك ايضا