أسرى مفرج عنهم .. قصص حيَّة شاهدة على همجيَّة العدوان ومرتزقته

ماجد المتوكل: الأسر رحلة عرّفتنا حقيقة الوحشية والحقد الأعمى الذي يكنه العدوان ومرتزقته لكل قيم الإنسانية
نبيل الرازقي: العقيد مالك جهيم كان يزورني كل أسبوع ويدوس بقدمه على فخذي المجروح لاعتراضي على انتقامه من الشهداء
وليد الصانع: بعد شهر من العذاب جاءني المرتزقة بالكاميرات كي أتحدث عن فضائل (الشرعية) والعدوان
نبيل الرازقي:
زارنا أحد المرتزقة للمشفى وركل السرير ليفصل الأوكسجين عن زميلي الأخفش فمات أمامي
تحقيق/ احمد حسن احمد
شتان بين أخلاق اليمنيين الإبطال الذين يدافعون عن كرامة بلادهم وأخلاق المرتزقة مدفوعي الأجر وقد تكفلت الحروب بكشف هذه المعادن الثمينة والرخيصة ومعاملة الأسرى بالذات هي مقياس تلك الأخلاق التي يتمتع بها الرجال وأشباه الرجال وما يفعله المرتزقة في حق اسرى الجيش واللجان الشعبية من قتل وتنكيل ومعاملة لا إنسانية داخل سجونهم هو الانحطاط الذي وقعت فيه هذه الفئة المارقة عن كل الأعراف والأسلاف والديانات في العالم بأسره وهي علامة من علامات هزيمتهم المعنوية والنفسية على الأرض .
“الثورة” تلتقي عدداً من أسرى الجيش واللجان الشعبية المفرج عنهم وتكشف سوء المعاملة اللا إنسانية التي تعرضوا لها في سجون المرتزقة والعملاء..
“تم اسري في منطقة صالة محافظة تعز وخرجت بعد صفقة لتبادل الأسرى بعد أن مكثت هناك ثمانية أشهر وكانت القصة الأكثر مأساوية والتي لا زلت أتذكرها ولا تكاد تفارقني هي قصة زميل لي تعرفت عليه هناك واسمه عمر سليم من مجاهدي المسيرة في تعز وبدأت القصة عندما كان يأتينا الزاد وهو قليل لا يكفي حتى لثلاثة أشخاص ونحن ثلاثة عشر أسيرا في تلك الغرفة الصغيرة وعندما قررنا أن نبلغ السجّان أن الزاد لا يكفي فلابد أن يزيدوا عليه رد علينا المسؤول قائلا ” ما باقي إلا نؤكلكم ونشربكم يا عيال الـ………. وربي لأعلمكم الأدب وأحرمكم من الأكل نهائيا وأخليكم تموتون جوعاً..”..
هذا ما قاله – في بداية هذه اللقاءات – الأسير المحرر ماجد المتوكل (من شهاره 33 عاما ) الذي روى لنا جانبا مما تعرض له في سجون المرتزقة وما حل بزميله عمر في تلك الرحلة التي كشفت خبث تلك الوحوش التي جندت أنفسها لخدمة المحتل وإذلال أبناء شعبهم وجلدتهم.. حث أضاف المتوكل: وفعلاً تم قطع الزاد علينا يومين وفي منتصف اليوم الثاني جاء الأخ عمر وقال لي “أخي ماجد أنا استطيع أن لا أتناول الطعام لمدة كبيرة لكن شرب الماء لا استطيع” فتبسمت ولم افهم ما كان يقصد بالضبط وعندما دخلنا في اليوم الثالث كان عمر هائجا يرفع صوته عاليا قائلا” أشتي ماء” وعندما سمعه المرتزقة دخل احدهم إلى الغرفة وقال ” من الذي يصيح يشتي ماء ” فقال عمر “انا” فقال ذلك المرتزق تعال معي وأخذوه وقاموا بضربه ضربا مبرحا حتى عاد إلينا لا يستطيع الوقوف على قدميه وفي اليوم الرابع أعطونا الأكل ولكنهم منعونا من الماء فكرر زميلي عمر ما فعله البارحة وطالبهم بالماء فدخلوا وأخذوه مرة أخرى وهذه المرة قام احد المرتزقة بالتبول- أكرمكم الله -عليه ولم يتحمل عمر اليوم الخامس بدون شرب الماء فأصابه الفشل الكلوي فتم أخذه من عندنا وانقطعت أخباره ولم نعلم عنه شيئا وبعدها قررنا أن نضرب عن الطعام جميعا حتى يتم إبلاغنا مصير زميلنا عمر عندها دخل مسؤول السجن رافعا صوته بكل بجاحة قائلا ” صاحبكم في سقر لا تبقي ولا تذر وانتو ان شاء الله تلحقوا بعده واصلو إضرابكم بس نرتاح منكم “وتعرضنا لمعاملة غير أخلاقية ولا إنسانية طيلة فترة احتجازنا”..
تعذيب وكسور متفرقة
ومن حديث الأسير المتوكل إلى قصة الجندي وليد الصانع الذي تم الإفراج عنه مؤخرا في صفقة تبادل للأسرى وقد تم أسره في منطقة الصفراء وتم نقله إلى محافظة مارب ومكث في الأسر سنة وشهرين وقد خرج الصانع بكسر في معصمه وكسر في قدمه وخلع في كتفه الأيمن نتيجة تعذيب وحشي مستمر على يد سجان مرتزق ارعن..
يشرح الصانع تلك الأيام قائلا :
” بعد مرور شهر على اسري استدعاني المسئول على التحقيق وطلب مني أن اظهر عبر كاميرات الفيديو وأتكلم عن فضائل الشرعية وهادي وحسن معاملتهم للأسير التي لم أشاهدها مطلقا وأعلن توبتي وان اشتم السيد عبدالملك وعلي عبدالله صالح وعندما رفضت قام بشتمي وأهلي بألفاظ نابية وتم تعليقي على قدم واحدة رافعا يدا واحدة لمدة يومين واستمر ذلك السجان باستدعائي أحيانا وهو سكران ويقوم بشتم المسيرة القرآنية والقرآن وال البيت وفي احد الأيام ومن شدة التعذيب كسر معصمي الأيمن بعد ضربي بمطرقة كبيرة وقام زملائي بربطها كإسعاف أولي ”
وأضاف الصانع :
” واستمر استدعائي واستمر رفضي لمطالبهم وتواصل تعذيبي حتى كسرت قدمي واختلع كتفي بعد أن دفعني ذلك الداعشي المرتزق من نافذة الدور الثاني فوقعت وفقدت الوعي ولم استيقظ إلا وزملائي يربطون على كتفي بسمائطهم وها أنا اليوم لا عادت يدي كما كانت ولا قدمي ولا حتى كتفي نتيجة عدم الاهتمام بهذه الإصابات لذلك لم تجبر بالشكل السليم وأعاهد الله اليوم أني عائد إلى جبهات العزة والكرامة جبهات القتال وأسال الله تعالى أن يرزقني الشهادة وان لا أعود إلى أهلي إلا منتصرا قاهرا لأعداء الله أو شهيدا محمولا على الأكتاف “..
الانتقام من الشهداء والجرحى
وتتواصل قصص أسرى الجيش واللجان الشعبية التي كشفت حقد وأخلاق هؤلاء المرتزقة التي لا تمت لأخلاق الرجال اليمنيين بصلة وهذه المرة مع الأسير المحرر /نبيل الرازقي الذي تم أسره جريحا في جبل المنار مديرية نهم وظل معتقلا أربعة أشهر وقد قال نبيل:
” كنا نقاتل في أعلى التبة حتى تم الالتفاف علينا وأطلقوا علينا النيران الكثيفة رغم استسلامنا واستشهد الثلاثة المجاهدين الذين كانوا معي ولم أبقى إلا أنا وقد أصبت بطلق ناري في فخذي الأيسر وبينما أنا ملقى على الأرض حتى وصل أفراد من المرتزقة يتقدمهم عقيد كانوا يسمونه أفراده العقيد / مالك جهيم فتخيلوا أن هذا العقيد كان يدوس بقدمه النجسة وجوه ورقاب الشهداء وهم جثث هامدة وعندها لم أتمالك نفسي وقلت له أمام أفراده ” لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب” بعدها نظر إلى أفراده وقال ” ما رأيكم يا رجال أنا كلب ” فضحكوا جميعا مستهزئين وضحك هو وجاءني وسألني أين إصابتي فقلت في فخذي وأشرت إليها فكان يدوس مكان الطلق الناري بقدمه وبكل حقد ويقول ” عنشوف من هو الكلب ” وتم نقلي إلى احد السجون في محافظة مارب وتخيلوا وان هذا العقيد جاء ليزورني إلى السجن في مارب بعد أسبوع من اسري وكان يضع يده على قدمي وأنا مكبل اليدين بعد أن أجلسني على كرسي وكان يحرك قدمه حتى يتوسع الجرح بعد أن كان بدا يلتئم وضل يزورني أسبوعيا ليكرر ذلك التصرف ويقول لي ” من الكلب أنا أو أنت ” وانا لا أرد عليه وما تعرضت له أنا ما هو إلا غيض من فيض مما تعرض له كثير من أبطال الجيش واللجان الشعبية بعد أسرهم ”
مواقف لا إنسانية
الأسير المحرر العزي محمد ناجي يسرد لنا المعاملة اللا إنسانية وهو أسير ويذكرها واقعة تلو الأخرى:
– بعد أن تم اسري أنا وزميلي الاخفش الذي كان يصارع الموت بعد إصابته قاموا بإطلاق النار على يدي عندما صرخت في وجوههم بالشعار
– ونحن في المستشفى وزميلي الاخفش في سرير العناية المركزة جاء احد أفراد شرعيتهم وركل السرير قائلا ” عادكم تعالجوهم ” فانفصل جهاز الأكسجين ومات الاخفش في الحال
– طلبوا مني أن اكشف لهم مكان تواجد السيد عبدالملك ومكان تواجد الصواريخ الباليستية وعندما قلت لا اعلم هددوني بذبحي على الطريقة الإسلامية حسب قولهم وفعلا قاموا بتكبيلي وجلسوني على ركبتيّ ووضعوا غمامة على وجهي ووضعوا السكين على رقبتي وجرحوني جرحاً بسيطاً في الرقبة ثم استهزأوا بي وأعادوني الى السجن
– منعوني أنا وزملائي من الصلاة بحجة ان صلاتنا غير مقبولة وأننا شيعة لا حاجة لله في صلاتنا
– عندما صرخت بالشعار داخل المعتقل أدخلوني غرفة صغيرة جدا مكبل اليدين معصوب العينين بلا أكل وشرب لمدة يومين وفي اليوم الثالث جعلوا كلابهم تدخل معي في تلك الغرفة
– كنت أعاني من آلأم في رقبتي بسبب الصفيحة التي فعلها لي الدكتور بعد تعرضي لحادث قبل ان اذهب للجبهة وأصبت في العمود الفقري وكان قد اقر لي الأطباء وعندما أخبرتهم بذلك قالوا لي خلي واحد يرسله لك من صنعاء وأعطوني جوالاً لاتصل بأخي وعندما وصل إليهم العلاج رفضوا اعطائي إياه وأتلفوه أمام عيني بل انهم كانوا يتعمدون ضربي في رقبتي فأشعر بصقيق في جسمي كله
– قبل خروجي من السجن بعد نجاح صفقة تبادل الأسرى قمت بالاستحمام ولبست ثياباً نظيفة وجديدة أهداها لي احد الزملاء فأرادوا تعكير فرحتي بالخروج وقاموا بتمريغي في الرمال ونزع ثيابي الجديدة وألبسوني ثياباً بالية رائحتها نتنة ولعل هذا ابرز ما أتذكره هناك.

قد يعجبك ايضا