أطفال السرطان. . العدوان يغلق أبواب الحياة في وجوههم

> فؤاد ونسيم طفولة يسرقها السرطان.. وعلاجهما صعب المنال في ظل العدوان

> علماء: أعظم الأعمال إلى الله تفريج كرب هؤلاء الأبرياء بدعمهم للعودة إلى الحياة

> تقارير: 274 مرفقاً صحياً طالها قصف العدوان أغلبها تقدم خدمات لمرضى السرطان

> العديد من المحافظات تفتقر لاخصائيي الأورام

تحقيق / أسماء حيدر البزاز

ليس هناك أعظم من أن تكون سببا في إنقاذ حياة شخص ما ، في أن تخفف من آلامه ومعاناته ، أطفال السرطان يعيشون اليوم واقعا مأساويا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، فكم هو المنظر مؤلما ومأساويا وأنت ترى تلك البراءة تعتصرها صرخات المرض وفاقة الفقر , إنه السرطان الذي يلتهم كل يوم جزء من أجسامهم وحياتهم , وما أصعب ذلك وأشده وقعا على الآباء الذين يرون أبنائهم يصارعون الموت فيوقفهم الفقر مكتوفي الأيدي وبين هذا وذاك غصص وآلام ..تتوج بنهايات مالها إما الحياة أو الوفاة..
والأنكى بين كل ذلك حصار العدوان السعودي الأمريكي الذي فاقم الواقع الصحي.. مما أدى إلى تزايد وفيات مرضى السرطان بسبب نقص الدواء وتدهور أداء المرافق الصحية..

في البدء تقول منظمة الصحة العالمية، إن مدن ومحافظات اليمن تفتقر إلى أخصائيين وأطباء في معالجة الأورام السرطانية، وإن المرضى اليمنيين يلجأون للسفر إلى العاصمة صنعاء، لأجل تلقي العلاج.
وأكدت المنظمة الدولية مؤخرا ، أن عدداً من المرضى لا يستطيعون السفر إلى صنعاء بسبب الأعباء المالية، بالإضافة إلى الأوضاع المتردية في اليمن.
وأوضحت إن مراكز مكافحة الأورام في اليمن ما تزال تصارع من أجل الاستمرار في عملها لخدمة مرضى السرطان، في حين تفتقر العديد من المحافظات إلى أخصائيين الأورام.
ولفتت إلى أن تشخيص السرطان عند الأطفال يعتبر مدمراً للأسرة في اليمن حيث تتفاقم محنة الأسرة التي تعيش في بلد يعاني من صراع عنيف وتزداد سوءاً نتيجة الصعوبات المالية التي ترافق الحاجة لرعاية الطفل المريض.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن عدداً من الأدوية لا تتوفر في اليمن، وقالت إن طفلة تُدعى شمس (14 عاماً)، تعاني من أورام في الرئة والجلد والأمعاء والكبد، وهي بحاجة إلى إجراء فحوصات طبية وتلقي العلاج الذي لا يتوفر في اليمن حالياً.
وكان هناك مسح أجرته المنظمة مؤخرا حول النظام الصحي في اليمن، أظهر أن أكثر من نصف المرافق الصحية في البلاد إما أغلقت أبوابها أو ما تزال تعمل بجزء من طاقتها، وأن هناك نقصاً حاداً في عدد الأطباء في أكثر من 40 % من المديريات.
وكشفت نتائج المسح عن تعرض 274 مرفقاً صحياً لأضرار نتيجة العنف، ومنها 69 مرفقاً دُمرت بالكامل و205 مرافق دمرت بشكل جزئي)، غير انه لم يشر صراحة إلى أن هذه المرافق تعرضت لقصف جوي من قبل تحالف العدوان السعودي.
نداء عاجل
أمام هذا الوضع المأساوي وجه المركز الوطني لعلاج الأورام والمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان نداء استغاثة عاجل لكل هيئات ومنظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني وشركات الأدوية في العالم للتدخل السريع لإنقاذ حياة مرضى السرطان في اليمن.
فيما تقول وزارة الصحة والمركز الوطني لعلاج الأورام والمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان أن مرضى السرطان في اليمن مهددين بخطر الوفاة خاصة الأطفال ، نتيجة العدوان السعودي الأمريكي والحصار الجائر على اليمن..

مطالبين المنظمات الدولية والإقليمية بسرعة وقف التدهور الحاد في علاج مرضى السرطان في اليمن والذي سيؤدي إلى توقف تام للخدمة المقدمة للمرضى .
وحذروا من وقوع كارثة صحية نتيجة لعدم توفر أغلب الأدوية والمستلزمات الطبية والمحاليل المخبرية المنقذة لحياة عشرات الآلاف من مرضى السرطان من جميع محافظات الجمهورية .
وهنا توضح لنا الطفلة نسيم محمد العلفي – طفلة في ربيعها السابع ، أنها كانت كثيرة الشكوى من ألم وصداع في رأسها فتارة تستخدم أدوية مهدئة وتارة أدوية خافضة للحرارة ولم تكن ولا أهلها يتوقعون أن في رأسها سرطان حكم على براءتها وطفولتها بل وحياتها بالإعدام فبعد أن شاخ بها المرض سقطت مغمية عليها وحال إسعافها المستشفى كانت الصدمة والفاجعة .
تضيف نسيم بأسى بالغ : كنت أشعر بثقل كبير في رأسي يزداد يوما بعد آخر وصعوبة في البصر تزداد مع الألم , أنا لا أعرف ما هو السرطان ولكني عرفت مدى خطورته بقدر الألم الذي يكابدني , أتمنى أن أموت لأرتاح و لأن أهلي فقراء لا يملكون مالا لعلاجي.
أم نسيم هي الأخرى لا تملك سوى الدعاء والدموع على صغيرتها قائلة : أتمنى أن يكون المرض في جسدي ولا في جسد ابنتي الوحيدة فأنا لا أقوى أن أراها تصارع الموت وصراخها يقطع القلب وهي تتألم وتستغيث .. ماذا أصنع لأجلها وقد بعنا كل ما بحوزتنا غير إن أملنا بالله وبأهل الخير كبير!!
لاحول له:
وأما الطفل فؤاد احمد عز الدين 13 عاما عندما تراه كأن أمامك هيكل عظمي بعد أن تمكن السرطان من حبله الشوكي وأرداه مقعدا لا حول له ولا قوة , لا تدري أسرته أتجم مقابل سفر علاجه في صنعاء أم لتكاليف العلاج الكيماوي الذي يفوق دخلهم المعيشي , فوالده ( مقوت ) ومعيل لسبعة أفراد ومنزل بالإيجار بالكاد يفي بإيجاره .. أسرة تحاول أن تخفي فاجعة مصابها وفاقتها غير أن استماتتها في سبيل شفاء فلذة كبدها هي أهم من ذلك كله ولهذا رفعت يد الضراعة إلى الله فهو أرحم بها وأشفق بحالها.
قصة فؤاد ونسيم يعيشها الآلاف الأطفال في اليمن في مرارة بالغة مع مرض السرطان , أطفال في عمر الزهور اعتلت على وجوههم نظرات الأسى والحيرة من مستقبل مجهول لا يحلمون بالغد ولا للعيش لساعات قادمة , فكلما تقدم بهم العمر تقدم بهم الألم فحسبهم الخلاص منه ولو كان ذلك ثمنا لحياتهم , ونحن هنا ندعو أن تزوروا هؤلاء الأطفال في مراكز علاجهم أو أولئك الذين منعهم الفقر عن الوصول الى مواطن العلاج وبقوا عالقين في زوايا المرض وفراش الألم ابتغاء وجه الله .
إحصائيات
وفي إحصائية رسمية أوضحت بأن اليمن يعاني من إصابة أكثر من 70 ألف شخص مصاب بالسرطان ، ويبلغ عدد الوفيات فيها جراء هذا المرض 12 ألف شخص سنوياً ، وذلك جراء ضعف الخدمات الصحية المقدمة والمتمثلة في المستشفيات والكوادر والإمكانيات الطبية والتثقيف الصحي والحالة المادية الصعبة للمواطنين ، وتدمير المراكز الخاصة بعلاج الاورام والحصار من قبل دول العدوان.
12 مليوناً
من جهته أوضح الدكتور عبدالوهاب النهمي نائب مدير المركز الوطني لعلاج الأورام أن كل الأدوية الخاصة بعلاج مرضى السرطان نفذت من مختلف مخازن وزارة الصحة .. مما زاد من معاناة المرضى الذين تمنعهم حالتهم المادية الصعبة عن توفير هذه الأدوية المكلفة والتي في اغلبها معدومة نتيجة الحصار المطبق على بلادنا ، ناهيك عن شحة التمويل الخاص بالمركز الوطني للأورام والذي لا يتعدى مبلغ 12 مليون دولار وهو بالمقابل يغطي نحو 30 % فحسب من احتياجات المركز.
دور عظيم:
وفي السياق يحث علماء ودعاة على أهمية التكاتف والتكافل لمعونة مرضى السرطان والتخفيف من معاناتهم , حيث يقول وكيل وزارة الأوقاف العلامة إبراهيم العلفي إن للإحسان لهؤلاء الأبرياء فضل عظيم وجلب لسعادة الدارين فبه يطفئ غضب الرب وينجي من المهالك ويرد البلايا ويبارك في العمر ويصدّ بإذن الله مصائب كبيرة فاتقوا النار ولو بشق تمرة ، ولك أن تتخيل مدى وقمة سعادة هؤلاء الأطفال وحسنتك تذهب عنهم فداحة ما أصابهم وتعيد البسمة لشفاههم وتفرح بذلك أهلهم وذويهم
وبذلك يتحقق البر : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) فتكون بذلك قدمت أعظم حسنة وطوبى لك الجنان ، فخير الناس أنفعهم للناس.
وتابع بالقول : وكم هي من نعمة عظيمة عندما تساعد هؤلاء المحتاجين وتفرج كربهم إما بتوفير العلاج أو تقديم المعونة والتسهيلات لذلك بقدر المستطاع أو تتبرع لمراكز أطفال السرطان بالأسرة أو الأدوية امتثالا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن , وأن يفرِّج عنه غمًا , أو يقضي عنه دينًا , أو يطعمه من جوع ) و سُئِلَ الإمام مالك : أي الأعمال تحب ؟ فقال : إدخال السرور على المسلمين ، وأنا نَذَرتُ نفسي أُفرِج كُرُبات المسلمين , ويروى أن ابن عباس – رضي الله عنه – كان معتكفًا في المسجد النبوي ، فجاءه رجل يستعين به على حاجة له فخرج معه فقالوا له كيف تخرج من المعتكف فقال : لأن أخرج في حاجة أخي خيراً لي من أن أعتكف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهراً كاملاً.
استبقوا الخيرات
ويختم العلفي بالقول : هؤلاء الأطفال والمرضى حاجتهم بلغت عنان السماء وصرخاتهم لابد أن يستجاب لها ونحن مسئولون عنهم مادامت الأنفاس تنبض بالحياة ولقضاء حاجة امرئ مؤمن أحب إلى الله تعالى وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : (من سرّ مؤمناً فقد سرّني ، ومن سرّني فقد سرّ الله) . فاستبقوا الخيرات لعلكم تفلحون.

قد يعجبك ايضا