العدوان خطط لتدمير المنشآت مباشرة وحربه الاقتصادية قضت على ما تبقى

> قطاع الصناعة في اليمن يحكي خسائر فادحة وخطوط إنتاجه متوقفة !!

> مئات الآلاف فقدوا أعمالهم ومصدر رزقهم !

تحقيق / عبدالحميد الغرباني

مظاهر الحرب الاقتصادية على اليمن كثيرة وراكمت تبعات هائلة على المجتمع اليمني وسحقت آلاف الأسر اليمنية ورميت بالكثير إلى تحت خط الفقر ، شردت آلاف العاملين ،هذا التحقيق يتناول اقتناص العدوان المنشآت الإنتاجية الصناعية والتجارية في اليمن ، لقد تفاجأنا عند إعداده أن ما حصرته وزارة التجارة والصناعة من المنشآت الإنتاجية اليمنية العامة والخاصة المستهدفة من قبل العدوان لم يستوف بعد مختلف المنشآت التي طالها الاستهداف ولم يحدد بعد رقما للخسائر أو إحصائية كاملة تتناول ذلك  من هنا لم يركز التحقيق على لغة الأرقام بقدر تركيزه على الآثار المباشرة التي لحقت بعموم المواطنين ….

(خط الإنتاج اليمني توقف كليا في بعض محافظات الجمهورية اليمنية ومئات  المصانع أغلقت أبوابها) بهذه الخلاصة بدأ وكيل وزارة الصناعة والتجارة عبدالاله شيبان إجاباته على تساؤلات هذا التحقيق الميداني ، لقد كانت بداية صادمة لنا ، وذلك بسبب انشغالنا كإعلاميين بسياسة القتل في المدنيين التي راكمها العدوان على مدار الساعة في اليمن واغفالنا إلى حد كبير التركيز في عدوانيته التي وزعها في مختلف المجالات كما يرى عبدالاله شيبان الذي أكد أن ” تبعات الاعتداء على المنشآت الصناعية والتجارية كانت بالغة الأثر على المستوى الاجتماعي، لقد توقفت خطوط الإنتاج في اغلب المنشآت الصناعية والتجارية الإنتاجية بفعل الاستهداف وأيضا الحصار وشحة الوقود خصوصا في الفترة الأولى من العدوان على اليمن ”
ويضيف شيبان ” إن تدمير مصنع واحد يعني تسريح مئات العاملين مؤكداً في هذا السياق أن آلاف العاملين فقدوا أعمالهم ووظائفهم بعد استهداف العدوان للمنشآت الصناعية في القطاع العام والقطاع الخاص “حين طلبنا من وكيل وزارة الصناعة والتجارة إيراد الخسائر بالأرقام وتقريب الكلفة الباهظة لهذا القطاع الهام رد بالقول ” لا يجوز أن نتحدث عن الخسائر بالأرقام راهنا وما تزال قنابل الدمار تضرب بنيتنا التحتية وفي كل اتجاه، لقد خطط لليمن أن يدمر تدميرا كليا، خطط للقطاع الصناعي أن يشل نهائيا وأن تغلق مختلف المنشآت الإنتاجية اليمنية .
ويذهب شيبان إلى أن الاستهداف للقطاع الصناعي وللاقتصاد اليمني بشكل عام هو استهداف يضرب المواطن اليمني بالدرجة الأولى، فالمواطن هو من يتحمل الكلفة، كلفة ارتفاع الأسعار لبعض السلع وكلفة انعدام السلع واحتكارها، لقد تسبب العدوان في ارتفاع أسعار بعض السلع وبنسبة 200% عما كانت عليه قبيل العدوان على البلد “.
شيبان في معرض حديثه لفت إلى أن الحرب النقدية التي تعمدها العدو أثرت أيضا على عملية الإنتاج في اليمن وان ذلك ارتبط بالعملتين الوطنية والخارجية وإن كان في بداية الاستهداف ارتبط الأمر بالعملة الخارجية ورفع سعر الصرف في ظل اعتماد جزء كبير من الإنتاج الوطني على مدخلات مستوردة من الخارج ، وشحة الدولار وسحبه من السوق وعدم السماح بتحويل العملات وفتح الاعتمادات المستندية والتعامل مع البنوك اليمنية ألقى بظلاله على القطاع الصناعي وضاعف من كلف الإنتاج في المصانع التي نجت حتى اللحظة من الاستهداف أو تلك التي عادت مزاولة نشاطها ومحاولة التعافي مما لحق بها ”
مصنع إسمنت عمران .. نموذج لجرائم العدوان
في هذا التحقيق نستعرض نموذجا صارخا للمنشات الصناعية اليمنية التي تم استهدافها ومن وجهة نظرنا يمثل مصنع اسمنت عمران هذا النموذج، لقد كان المصنع وبشكل دائم يعج بمئات العاملين وبأصوات آلات التصنيع حتى أسكتته غارات العدوان وأصبح راهنا شبه مهجور ،أغارت طائرات التحالف على مصنع إسمنت عمران في 3 هجمات منفصلة في 12يوليو2015م  و3 فبراير2016و15فبراير/ 2016م، ضربت 5 قنابل أجزاء مختلفة من مصنع الإسمنت بما فيها برج التسخين ومنطقة الخلط وخزان مياه والمدخل الرئيسي للمصنع وحتى محجر المصنع وكسارة الإسمنت تم استهدافها بغارات أخرى وكانت إدارة المصنع قد أغلقت المصنع تحت ضغط الحصار الذي جعل من الحصول على الوقود والمواد الخام في حكم المستحيل وحين حدثت انفراجة شغّلت الإدارة والعمال خط الإنتاج الرئيسي للمصنع في الحادي عشر من يوليو 2015م وفي اليوم التالي شنت طائرات العدوان غارات جوية على المصنع بما يظهر إلى أي مدى ترغب السعودية في تجويع اليمنيين وقطع كل سبيل إلى لقمة العيش وتسببت الغارات في استشهاد 15 من العاملين بينهم بعض المهندسين الكبار وجرح أكثر من 60 عاملا.
يعد مصنع اسمنت عمران من أهم المنشآت الاقتصادية في البلاد برأي مدير عام المصنع يحيى أبو حلفة الذي أكد ” أن المصنع يغطي النسبة الكبيرة من احتياج اليمن بلوازم الإعمار والبناء، وان الطاقة الإنتاجية للمصنع وصلت إلى مليون وخمسمائة ألف طن من الاسمنت سنويا، وأن ذلك مثل رافداً للاقتصاد الوطني بالإضافة إلى توفير آلاف من فرص العمل، من خلال ارتباط العمل بالنشاط الإنتاجي “.
ويقول أبو حلفة: “ليس هناك شك أن استهداف المصنع جزء من الحرب الاقتصادية على اليمن، لقد مثل استهداف المصنع كارثة إنسانية للموظفين ولكل المرتبطين به ، فقد ألف وخمسمائة عامل مصدر عملهم ” …
ويضيف مدير مصنع اسمنت عمران: “هناك مؤشرات تقديرية تحدثت عنها منظمات دولية أكدت تضرر أكثر من خمسين ألف فرد بفعل توقف المصنع عن نشاطه، وحتى ما كان المصنع يلعبه من دور إنساني واجتماعي يخدم بعض المؤسسات ذات النشاط الإنساني والاجتماعي في المحافظة توقف “.
ويؤكد مدير عام المصنع أن تبعات وخسائر استهداف المصنع وصلت الى منتصف عام 2016م فقط إلى  142 مليون دولار وما تزال الخسائر تتضاعف بفعل توقف خط الإنتاج في المصنع بعد استهدافه وبغارات مباشرة ” ..
ويعيش حاليا كل العاملين في المصنع دون رواتب تماما كما هو حال اكثر من مليون يمني من الموظفين في القطاع العام بفعل الحرب النقدية التي استهدفت البنك المركزي اليمني فضاعفت من معاناة الغالبية العظمى من المواطنين ….
هيومن رايس ووتتش : الضربات الجوية على المصانع اليمنية تهدف إلى الإضرار باقتصاد اليمن
هناك منظمات دولية أدانت اقتناص المنشآت الإنتاجية اليمنية ، من ضمنها هيومن رايتس ووتش الشهيرة التي أصدرت تقريرا تناول الاستهداف المباشر للمؤسسات الإنتاجية اليمنية أكدت فيه أن”مجمل الهجمات على المصانع والبنى الاقتصادية المدنية تعمّدت إلحاق ضرر واسع بقدرات اليمن الإنتاجية ” …
وتقول برايانكا موتابارثي ــ باحثة أولى في قسم الطوارئ بالمنظمة ــ (يبدو أن الضربات الجوية المتكررة على المصانع المدنية تهدف إلى الإضرار باقتصاد اليمن المنهار أصلا لفترة مستقبلية طويلة ) وأضافت بلغة تستنكر عدوانية السعودية وتوضح الحالة التي درجت عليها قوى العدوان عقب الانتهاكات المرتكبة في اليمن قائلة: (لم تُظهر السعودية، أو أعضاء التحالف الآخرين، أي اهتمام بفتح تحقيقات في الهجمات غير القانونية، أو حتى تعويض الضحايا عن الأرواح والممتلكات المفقودة)…
ويذكر التقرير أن هيومن رايتس ووتش “حدّدت ذخائر استخدمت في 6 من المواقع التي زارتها وأن الولايات المتحدة قدمت أو أنتجت 4 أنواع من هذه الذخائر، كما أنتجت أو قدمت المملكة المتحدة نوعين آخرين، بما في ذلك قنبلة “بايفواي 4” الموجهة، المصنّعة في مايو 2015م، أي بعد بداية حملة التحالف الجوية “. ..
العدوان يعيق نهضة اليمن الصناعية
هذا التحقيق لا يبدو مكتمل الأركان إلا إذا أشرنا إلى الثمن الذي يبحث عنه العدوان من خلال اقتناص هذا القطاع الحيوي الهام، الحقيقة انه لا يختلف اثنان على أن الهدف الرئيسي هو الاضرار بالاقتصاد اليمني والعودة به الى نقطة الصفر ، يقول وكيل وزارة الصناعة والتجارة ” اربط السياسة بالاقتصاد.. لنقل إن العدوان لا يريد أي مستقبل سياسي لليمن هو أيضا لا يريد أي نهضة صناعية لليمن ولا تريد أن يكون لليمن مستقبل اقتصادي ”  ويضيف شيبان بلغة الاقتصادي الواثق والخبير والمطلع ” يجب أن يكون معلوم للجميع أن هذا البلد بلد طيب وواعد أمام الفرص الاستثمارية، بل بلد صناعي متنوع “..
ويزيد وكيل وزارة الصناعة والتجارة ” يجب أن يكون من الواضح للجميع أن مستقبل اليمن هو مستقبل صناعي ذلك أن اليمن تمتلك احتياطيات كبيرة من مواد خام هي مطلوبة عالميا وبالتالي اقتصاديات اليمن إذا قدر له أن ينهض وان يستغل موارده وأن يوظفه التوظيف الشفاف ولحساب المصلحة العامة “،ويتابع شيبان “: هكذا تقول الدراسات وتقارير الخبراء التي ما انفكت عن تأكيد أن اليمن قادر أن يكون من البلدان ذات الأولوية وذات المنتج المرجح في الصناعات التعدينية ، في صناعة مواد البناء ، في استخراجات الغاز، فضلا عن كون البلاد في حال استقرت ستنتقل إلى توفير الطاقة الكهربائية عن طريق الغاز الذي يمتلك منه اليمن احتياطيا هائلا جدا، وسيمثل رافدا إيجابيا وعاملا مساندا للإنتاج الصناعي المتنوع والمتوقع”..
نقفل هذا التحقيق هنا وقد اتضح الثمن أو الهدف الذي يسعى إليه العدو من خلال ضرب المنشآت الإنتاجية الصناعية اليمنية والمواطنون يعيشون في ضيق اقتصادي شديد ووضع مالي سيئ وواقع صعب بعد أن تسبب العدوان في تسريح 90% من القوى العاملة في القطاع الصناعي و40% من العاملين في القطاع العام وفقا لبيان أصدره الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن على مقربة من بداية العام الحالي وكان البيان قد أكد اغتيال  طيران العدوان حياة 841 عاملا وعاملة  وجرح 1527 عاملا وعاملة ومن المتوقع تصاعد هذه الأرقام في ظل استمرار العدوان على اليمن …

قد يعجبك ايضا