استطلاع/ أسماء حيدر البزاز
التوافق السياسي ضرورة وطنية للمضي نحو مكامن النصر والبناء والإعمار، وهي فرصة لمد يد السلام مع كل القوى الوطنية سواء في الداخل أو الخارج.. وهنا دعوة يطرحها مراقبون وسياسيون للإعلان ولو من طرف واحد إلى ضرورة عقد مؤتمر التوافق والمصالحة لجميع القوى السياسية وإشراك الوجاهات الاجتماعية والنخب المعتدلة من العلماء والهيئات والمنظمات الشبابية وذلك تحت قاعدة الوطن للجميع للوصول إلى توافق شامل وكامل تحت مظلة المصلحة الوطنية العليا وفق محددات ورؤى معينة.. رؤى عدة حول الموضوع تقرأونها في سياق الاستطلاع التالي.. فلنتابع:
“التوافق السياسي لن يتم إﻻ في حال مزيد من الصمود ودحر الغازي والكشف عن كل التخثرات العميلة التي طفت على السطح بريحتها النتنة باستهدافها لأبناء ومقدرات الوطن فقد زاد وعي الشعب تجاه هذه البكتيريا الخبيثة وهناك مؤشرات بردود فعل من قبل قواعد المكونات السياسية تجاه قياداتها العميلة والعمية التي قادتها للمجهول بنبذها خارج الوطن كما هو حالها منذ بداية العدوان على الوطن تقبع في فنادق ومقاهي الرياض وأنقرة فلا مكان لها على تراب وطن سالت دماء أبنائه عليه وتلاشت أجسادهم بين صخوره وقد أوشكت النتائج على الظهور ونستطيع أن نجزم بأن الشعب سيتعايش ويتلاحم وسيتآخى لأننا شعب إيمان وحكمة ﻻ نقبل بالمحتل وﻻ بالتبعية مثلما توحدنا في ظل حكم التبابعة وتوحدنا بعد كل احتلال حاول بسط نفوذه على جزء من تراب الوطن واتخذ سياسة فرق تسد، دحرناه وتعافينا من جراحاتنا وتعايشنا فيما بيننا متجاهلين كل تلك النزاعات التي خلفها الاحتلال”..
هذا ما قاله مجاهد أحمد راجح – مدير عام الإعلام والعلاقات بوزارة الأوقاف والإرشاد في مستهل هذا الاستطلاع.. موضحا أن ثمة أساسيات كفيلة بتحقيق التوافق كوننا أبناء وطن واحد ننتمي لأمة واحدة ودين وثقافة ولغة واحدة. إذا ما قورنا بأمم أخرى ذات طابع ديني مختلف ولغات مختلفة وأجناس متعددة وعملات نقدية متعددة كما حصل أثناء الحرب العالمية الثانية بين الفاشية والنازية وقتل ملايين البشر ومع كل ذلك الاختلاف توافقوا وتوحدوا تحت اتحاد واحد ووحدوا العملة والسياسة وتعايشوا تحت ما يسمى الاتحاد الأوروبي.فلا سبيل للتخوف من أن ينال العدوان من توافقنا وتوحدنا بل العكس زدنا أكثر وعيا وأكثر حرصا على التوحد ونبذ كل دواعي الاقتتال والاختلاف وصرنا نعي تماما عدونا الحقيقي وأياديه التي طالما نخرت بجسد الأمة اليمنية ومصيرنا التكافل والتلاحم.
خيارات الشعب
من جانبه أوضح الإعلامي محمد الورد ان الحديث عن القوى السياسية في هذه المرحلة قد انقسمت بين من وقف في صف الوطن وقوى أخرى وقفت إلى جانب العدوان مع الأسف الشديد وبالتالي فإن الوقوف ضد العدوان صار هو السقف الذي يجب أن تكون تحته أي توافقات سياسية،، صحيح ان هناك من القواعد الشعبية للقوى التي وقفت مع العدوان، من هم في صف الشعب وخياراته في التصدي والمواجهة لكن تبقى هذه القواعد عاجزة عن تغيير مواقف قياداتها لذلك نستطيع القول إن العدوان وحد القوى السياسية وأوجد بينها التوافق المطلوب أما التوافق مع القوى السياسية الأخرى فالحديث عنه في ظل معطيات العدوان ووقوفهم في صفه مجرد مضيعة للوقت!
الساحة اليمنية
الدكتور محمد عبدالله الحميري – وكيل وزارة الزراعة يرى أن التوافق السياسي لن يتم قبل أن يقوم كل طرف أو حزب أو فصيل أو مكون سياسي بتقييم حجم تواجده في الساحة اليمنية بشكل عام وعلى مستوى كل محافظة أو مكون إداري ضمن الهياكل اﻻدارية القائمة في البلاد ويقيم في نفس الوقت حجم تواجد الأطراف السياسية القائمة والمعترف بها في عموم السمن حتى يستطيع أن يستوعب وزن ودور الأطراف الأخرى في تمثيل المواطنين وتطلعاتهم ومتطلباتهم وقناعاتهم السياسية والثقافية في إطار الثوابت الوطنية للشعب اليمني وعقيدته ونزعته العروبية والإسلامية… وفي حال عرف كل طرف حجمه وعلاقته بالجماهير وحجم ثقله الحقيقي في خدمة المواطنين ووزنه مقارنة بأطراف السياسة الأخرى المتواجدة على الساحة يمكن للجميع أو حتى للأحزاب أو الأطراف السياسية الكبيرة والقائدة أن يقدموا مقترحات واقعية ومقبولة ومستوعبة للجميع في كيفية توزيع أدوارهم في تمثيل الشعب وإدارته أما على المستوى الوطني العام أو على مستوى كل محافظة بل وعلى مستوى كل مديرية المهم أن يكون لهذا الحزب أو المكون السياسي تمثيل جماهيري يمكنه من إدارة المحافظة أو المديرية التي سيتم التوافق السياسي على ان يتولى إدارتها وفقا للدستور والنظام والقانون الساحد حاليا وبما يوفر أجواء مستقرة للتوافق على اية تعديلات في الدستور أو في التشريعات والأنظمة والقوانين السارية….
موضحا أن هذه الأفكار تصب في خانة اعتراف كل طرف بالآخر بشكل عملي وواقعي يمنح الجميع فرصة المشاركة في الحكم وفرصة الاعتراف بالآخر وبحجمه الطبيعي بشكل عادل يجعل الكل راضياً عن نفسه وعن غيره ويمنع أو يحول دون تمكين الأجنبي أو الأطراف الخارجية من التأثير في القرار اليمني أو إذكاء نار الفتنة أو استمرار العدوان المدمر لليمن أرضا وإنسانا بحجة تأمين أو انصاف أو دعم الأطراف غير الحاكمة للوصول للحكم أو المشاركة فيه.
وأضاف الحميري: إن أي حديث عن توافق ﻻ يستوعب كافة الأطراف السياسية بما فيها تلك الأطراف التي وجدت نفسها اليوم في خدمة مشروع أعداء اليمن سيكون مصيره الفشل وبالتالي علينا أن نتسامى فوق كل آﻻمنا وجراحاتنا ونستوعبها وأن نمنحها الفرصة للتوبة وللعودة إلى ممارسة دور شريف على الساحة وأن نمد لها أشرعة النجاة من الاستمرار في خدمة المخططات الخارجية التآمرية والطامعة في خيرات وموارد البلاد وموقعها الاستراتيجي الذي يمثل أهم أسباب هذا التكالب الدولي على بﻻدنا باستخدام حجج سياسية واهية بمقدورنا أن ننجح في مواجهتها بتخطيط سياسي بارع وبقليل من التنازل لبعضنا ومن الخطاب الوطني القائم على الحب لكل ما هو يمني، بهكذا توجه اعتقد أننا سننجح أكثر في الانتصار لشعبنا ربما بدرجة قد تكون اكبر حتى مما استطعنا أن ننجح في تحقيقه في مواجهتنا عسكريا في مختلف الجبهات وعلى مختلف الأصعدة، لأن الله الذي يمنح لنا النصر حاليا بسبب عدالة قضيتنا ومظلوميتنا، هو الله الذي يمنح المؤمنين نصره وتأييده عندما يسعون رغم ما يقع عليهم من الظلم للحلول التي تحقق صفة المؤمنين به بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم.
الإرادة الوطنية
من جانبه أكد فؤاد الصياد – رئيس دائرة المؤتمرات الدولية بوزارة الأوقاف على ضرورة وجود وتوفر الإرادة الوطنية المخلصة للقيادات السياسية النافذة من أجل الوصول لهذا التوافق وذلك عبر إعادة الثقة فيما بين هذه القوى والتي تبدأ من تحقيق قرار إيقاف الحرب في كل الجبهات وإطلاق كل المعتقلين والإعلان ولو من طرف واحد عن ضرورة عقد مؤتمر مصالحة لجميع القوى السياسية وإشراك الوجاهات الاجتماعية والنخب المعتدلة من العلماء والهيئات والمنظمات الشبابية وذلك تحت قاعدة الوطن للجميع وأن مصلحة اليمن هي العليا وأن توضع لذلك المؤتمر محاور تؤسس لخطوات هامة وعاجلة أهمها تجنب أي نزاع وتحييد الجيش بقيادات وطنية يتفق عليها الجميع واعتماد مقررات مخرجات الحوار وعمل جدول زمني لتنفيذ تلك المقررات والاتجاه نحو الإسراع بالاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية…
وأكد على ضرورة إيجاد ضمانات إقليمية ودولية من اجل إنجاح هذا المؤتمر وتحقيق نتائجه، ولو عبر تأجيل مواطن الخلاف فيه والاتفاق على الأهداف والثوابت التي تعيد للدولة مهابتها ولمؤسساتها مكانتها ودورها التنموي والاجتماعي والخدمي وإنقاذ الاقتصاد المنهار الذي يمثل عصب الحياة والسعي بجدية نحو تحقيق كامل السيادة للوطن وإعادة الأمن والاستقرار فيه وتحسين المستوى المعيشي لهذا الشعب.
المصالح الضيقة
عضو اللجنة القانونية للمجلس السياسي الأعلى الدكتور احمد حميد الدين أوضح أن تناسي المصالح الضيقة والنظر إلى مصلحة الوطن وبأننا جميعا في مركب واحد والأمواج العاتية تتقاذفه من كل جانب وان طريق النجاة الوحيد هو ان تأخذ كل القوى السياسية مواقعها وتأخذ مجادفها بقوة في تسيير الوطن إلى بر الأمان هو صمام التوافق السياسي.
وقال حميد الدين: إنه وفي ظل ربان يقودها بقدرة واتزان ويعمل الجميع حكاما ومعارضة على صد العدوان ومحاربة الفساد ضرورة حتمية في ظل هذه التحديات وعلى القوى السياسية وقواعدها حكاما ومعارضة في الشمال والجنوب في ظل ما يتعرض له البلد من حصار واحتلال جزء من أرضه تناسي المصالح الضيقة والنظر إلى مصلحة الوطن وصد العدوان ومحاربة الفساد عسى أن يغفر الشعب لهذه القوى السياسية التي اوصلته إلى هذه المرحلة باستدراجها نحو الفخ الذي نصبته لها القوى الدولية المستكبرة والمنظمات الدولية التابعة لها.