مـن الخــريجين إلـى رصيــف البطـــالة

تحقيق / محمد راجح –
بدأ من حكة رأسه بأنه غير مقتنع بالتخصص الجامعي الذي اختاره وقد وصل إلى المستوى الثاني في قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة صنعاء وتلعثمه في الرد على استفسارنا حول سبب اختياره يدل على أن حسام القادري وجد نفسه فجأة يدرس علم اجتماع.
يعمل حسام في محل تجاري بمنطقة التحرير وكان باستطاعته اختيار تخصص علمي حديث وعالُ نظراٍ للدرجة التي حصل عليها في الثانوية العامة نحو 80 % بينما هناء المليكي على وشك التخرج من قسم الآثار تقول : إن إحدى زميلاتها وصديقتها أثرت عليها في اختيار تخصصها ولا تريد أن يحبطها احد مادامت مشارفة على التخرج.

على ذكر المحلات التجارية وجدنا الكثير من الشباب قبلوا العمل فيها على مضض منهم عبدالرزاق الحميدي خريج كيمياء من كلية العلوم وكان يرغب قبل الدراسة أن يدرس علوم حاسوب لكنة لم يستطع اتخاذ هذا القرار عند إكماله للثانوية العامة بمجموع عالُ وتوجهه إلى الدراسة الجامعية لكن عبدالرزاق يبدو محظوظاٍ مقارنة بالكثير من الشباب الذي لا يجدون أعمالا نتيجة العديد من الأسباب ومن ضمنها سوء اختيار التخصص.
هكذا تكون نتيجة الاختيار الخاطئ فوضى في القرارات وعدم التعامل مع هذا الموضوع بجدية وأعمال أخرى لا ترتبط بمجال التخصص والأهم بطالة متسعة من عام لآخر.
ويقدر أستاذ إدارة الأعمال ومدرب التنمية البشرية الدكتور / فؤاد الكمالي نسبة الخريجين الذين لا يجدون أعمالاٍ ولا يجدون أمامهم إلا رصيف البطالة نتيجة اختيارهم الخاطئ لتخصصهم التعليمي بحوالي 40 % إلى جانب أسباب أخرى ترتبط بمجالات التدريب والتشغيل والتي تساهم بتأكيد في اتساع فجوة البطالة.
ويدعو إلى ضرورة وجود برامج تساعد الطلاب على استكشاف التخصصات والنطاقات العملية من السن المبكر من مراحل التعليم الأساسي.
هذا الأمر يمكن أن يساعد في التعرف على الخيارات المتوفرة منذ سن مبكرة والمساهمة في توجيه الطلاب مسار دراستهم لكي يصلوا إلى التخصص المنشود ويتطلب ذلك البدء في التفكير في مستقبلهم منذ الصغر والشعور بقيمة وأهمية الدراسة التي ستصل بأجيال المستقبل إلى تحقيق أحلامهم.

نتائج سلبية
يرى خبراء أن هناك نتائج سلبية يتحملها الكثير من الخريجين تؤدي بهم إلى رصيف البطالة نتيجة إقبالهم على بعض التخصصات اعتقاداٍ منهم بأنها الطريق المناسب للوصول إلى الوظيفة وذلك مثل الإقبال الكثيف الحاصل على تخصصات الكمبيوتر والبرمجة.
ويلفت المدرب والخبير المعروف في مجال التنمية البشرية رائد السقاف إلى أن الحل يكمن في نظرتنا للشباب بطريقة مختلفة على أنهم مصدر ثروة وطاقة وإذا تولد هذا التصور كل شيء يصبح سهلاٍ ويمكن نبدأ بطريقة وخطة قصيرة المدى حتى نتجاوز التحدي الحالي وهو بقاء مخرجات التعليم في بلادنا خارج سوق العمل.
ويشير هنا إلى نقطة وقضية مهمة من خلال عملة في مجال تأهيل الشباب لسوق العمل ودراسته لمخرجات الكليات في بلادنا ويجد أن خريجي كليات تقنيات الكمبيوتر والبرمجيات أكثر من حاجات سوق العمل.
وينصح الشباب المقدمين على دخول الكليات دراسة الموضوع والتمهل قبل اتخاذ القرار ودراسة أخرى يستفيد منها الشباب .
ويؤكد أن الفرص الوظيفية الأكثر في هذه الفترة والسنوات القادمة في مجال التسويق والمبيعات والتخصصات في المجال الطبي والصحي والتعليمي بشكل أكثر من غيرها من المجالات.
ويرى أهمية الاهتمام بالبرنامج التي تهدف إلى إكساب الشباب مهارات الوصول إلى الوظائف بطريقة تتناسب مع تحديات العصر وإكسابهم مهارات صناعة فرصة النجاح في بيئة صعبة ومختلفة وكذا إكساب الشباب مهارة المقابلات الوظيفية الذكية.

برامج مساعدة
يؤكد خبراء أن هناك ضغطاٍ كبيراٍ يؤثر على الطلاب في السنة الأخيرة من الدراسة الثانوية خصوصاٍ أن نتيجة تلك السنة هي التي ستحدد تخصصهم ومستقبلهم.
ويرجع ذلك نظراٍ لأن عملية قبول الطلاب للتخصصات بناءٍ على درجة التخرج فأصحاب المعدلات العالية يتم قبولهم في الطب ويليهم طلاب الهندسة ومن ثم التجارة والزراعة والآداب وغيرها من التخصصات.
مؤكدين أهمية تغيير أنظمة القبول والتركيز على التخصصات الحديثة المرتبطة بالاحتياجات الإنتاجية وكذا اتباع الأساليب والمناهج الدولية في هذا المجال.
فمعظم الجامعات لا تقوم بالتركيز على المجموع الكلي فقط وإنما يتم الاهتمام والتركيز على الدرجات التي حصل عليها الطالب في المواد المتعلقة بالتخصص فالرياضيات والفيزياء مادتان أساسيتان لتخصص الهندسة بكل أنواعها والأحياء والكيمياء للطب وغيرها.
ويدعون في هذا السياق الجامعات التي تعمل على النظام القديم أن تقوم باتباع هذا النظام أو أي نظام مشابه يقوم بفرز الطلاب على حسب ملائمتهم للتخصص المعروض وليس على حسب معدلهم الكلي.
سبب هذا التقسيم هو ترتيب عملية القبول والتخفيف من الضغط على التخصصات المرغوبة مثل الطب والهندسة ولكن إذا وقفنا والحديث للخبير في التنمية البشرية – مع هذا النظام وقفة قصيرة لأن فيه خلل كبير قد تفوق آثاره تصورات القائمين عليه. ماذا عن الطالب المتفوق في الأحياء والكيمياء والراغب في التخصص في مجال الطب ولكن مجموعه الكلي غير مناسب لأنه لا يبدع في الفيزياء والرياضيات واللغة العربية¿ فلو أن الفرصة سنحت له في دخول التخصص الذي يحبه ويعشقه لربما أصبح جراحاٍ عالمياٍ ذا صيت وشهرة. والحزين أن معدل هذا الشاب قد يجبره على التخصص في الهندسة أو التجارة أو أي تخصص لا يناسبه إطلاقاٍ.

قد يعجبك ايضا