رسالة إلى مغترب

محمد غبسي


 - ( غبني عليك يا مرشد أين الله سارح بك الزلط اللي رسلتها ما كفت علف للغنم  نسيت ما أقولك يا ابو مهدي ان أخوك طلق مرته  وعمك جت له حالة نفسية وشلوه المصحة  وخالتك قرط
محمد غبسي –

( غبني عليك يا مرشد أين الله سارح بك الزلط اللي رسلتها ما كفت علف للغنم نسيت ما أقولك يا ابو مهدي ان أخوك طلق مرته وعمك جت له حالة نفسية وشلوه المصحة وخالتك قرطلة جت لها جلطة وقبرناها يوم الخميس وخالك ميمون صدمته سيارة وأسعفناه الى المستشفى ما لقينا سرير والبقرة الكبيرة ماتت والحمار اللي كنا نطحن فوقه اكتسرت رجله وبنت قاسم الصغيرة زوجوها بالصميل لواحد بعمر جدها وابنك مهدي بطل الدراسة ورجع يشتغل بدل الحمار.!)
هذه القطعة السابقة نقلتها من الشريط المخصص بالرسائل على إحدى القنوات اليمنية والتي أرسلها أحد المشاهدين في عدة رسائل لكنها كانت مرتبة ومتتالية ومرسلة لشخص واحد هو ” مرشد ” ولم تسعني الذاكرة للاحتفاظ باسم المرسل لكني انشغلت في ملاحقة وتدوين نص هذه الرسالة التي فاجأتنا بما تحتويه من حزمة أخبار مزعجة لا يمكن لشخص واحد أن يستقبلها دفعة واحدة لما فيها من أحداث متنوعة لا تحتملها مدينة بكاملها .! احتفظت بهذه الرسالة في محاولة مني لفك شفرتها لكني أقف عاجزا كلما تذكرتها ولم أستطع سوى المقارنة بينها كرسالة من شخص إلى شخص عبر شريط مخصص للتهاني وبعث التحيات وبين الأخبار التي تجري في الشريط المخصص لبث أخبار البلاد وأحداثها لكني لم أجد فرقا بين تلك الرسائل الإخبارية التي تلخص مجمل ما يحدث لخمسة وعشرين مليون وبين هذه الرسالة المطولة التي استهدفت شخصا واحدا بكل ما تحمل من أحداث ومآس تكفي لنشرة أخبار رئيسية !
وستلاحظون معي بأنها رسالة من مواطن/ ة قد يكون مقيما في القرية أو في المدينة إلى آخر قريب له مغترب قد يكون في مدينة أخرى وقد يكون مهاجرا في دولة مجاورة أو بعيدة عن الوطن وهذا يثبت مدى اعتماد الفرد والأسرة والمجتمع بشكل عام على الخارج ويرسم بخطوط عريضة ساخرة حجم الأحداث التي تسبقه إلى أسرته (وطنه ) بينما يبحث هو في زاوية أخرى من العالم عن لقمة عيش ليبعثها إليهم كأخبار سعيدة أو يعود بها ليعيش بمعيتهم بضعة أيام وضحكة ” بقدر زلطه ” إن جاز التعبير .
وإذا افترضنا بأنها رسالة مركبة أو أنها قد خضعت للإضافة والتحسين والتحرير خلال تداول شعبي إلا أنها مازالت مؤلمة ولا يستطيع أي يمني أن يشكك في حقيقتها لأن بيئتنا ومجتمعنا مليء بأحداث كثيرة من أعلى إلى أسفل وأجزم بأن المشاكل والصعوبات اليومية التي يواجهها الفرد أو الأسرة أكثر بكثير من الأحداث التي تواجهها الدولة.

قد يعجبك ايضا