صعدة : الودود الولود
أشواق مهدي دومان
ذابت صعدة أرواحا ومهجا في كلّ شبر من هذا الوطن الجريح..
ذابت حبّا لكلّ اليمن فكان رجالها أسود نصر في جبهات العزّة غير متوانين في انتصارهم للمستضعفين كما غرس ذلك فيهم مؤسس وقائد المسيرة والثّورة القرآنية ؛ الشهيد / الحسين بن البدر؛ فرجالها يذودون عن اليمن دون عنصريّة ودون طائفيّة ودون مذهبيّة ،بدمائهم الزّكيّة ،لم يكونوا سوى رجال العَلَم الهُمام السّيّد / عبدالملك بن البدر الحوثي ، بعد أن أخلصوا مع أخيه (عليهما السّلام)…
صعدة تنبض شمع كلّ هبّة نسيم يداعب أرواح اليمانيين..
صعدة تتدفّق في تراب الأرض الطّهور منارات على خطا القرآن….
صعدة بذلت و لازالت ..
فلماذا هذا النّكران؟
لماذا انخرست الأقلام وجفّ الحِبر عن أن نكتبها حِبر الأم التي أعطت ومنحت وما انتظرت مقابلا؛ ولكن عِزّة نفسها لا تمنع مِن أن نشعر بها؛
لماذا هذا التّجاهل ؟
ولماذا هذا التّغافل عن جرائم يومية للعدوان ،لم نحرّك ساكنا حتّى بمنشور، حتّى في إذاعة مدرسة ،حتّى في أنشودة ،حتّى في لوحة فنان ،ولن نقول حتّى في جهاز غسيل كِلى يمنع دخوله إليها ؛ ويُمعن في منع إعطاء توجيهات بصرفه أسوة بأخواتها من محافظات الحبيبة ؛ سواء بقصد أم دون قصد ؟!
هل نريد أهلها مناطقيين ليُسمع صوتهم؟!
لا و لم و لن تكون لديهم ذرّة مناطقيّة أو مذهبية أو طائفية..
ربّتهم الأبيّة صعدة على الجُود والكرم ففاضوا وجادوا بأرواحهم منذ أكثر من عشر سنوات ، وصرخوا في وجعهم صرخة الحق التي بصبرهم ومرونتهم وصدق إيمانهم ؛ وصلت إلى آذاننا التي كانت تنعم بسماع : محمد فؤاد ، وعمرو دياب و…إلخ
وهم يصبحون ويمسون على أزيز صواريخ الجيش السعودي والأردني المتآمر على مدى ستة حروب ظالمة عليها….
ولا أريد فتح الجراح الملتئمة ولكنّ قصّة صعدة طويلة و مع ذلك تبقى رمز الحياة ،وبعد أن فهم العالم :
مَن هي صعدة؛ جهلناها نحن …
فأرى أنّ قلب صعدة هو قلب اتسع للجميع و ما بادلناه تلك السّعة..
صعدة الرّافدة بالرّجال وترابها الذّهبي هو الرافد بالعطاء من فواكه أغنتنا عن مافي يد المحتل ؛ الذي أراد لنا الانقراض وأعدنا مخلوقات حقيرة ،لا تستحقّ الحياة ؛ وبالرّغم من قصفها كلّ يوم إلا أنّ الفلاح فيها لازال يحيا ويزرع ولم ييأس ولازال يعطينا بسخاء…
صعدة لا تستحق تجاهل أهلها من أبناء اليمن الذين منهم من رفع شعارات مناطقية كدواعِش تعز؛ الذين لم تصل تعزّ إلى ما وصلت إليه من انحراف وتكفير للمخالف لهم في الرأي إلا بسبب انحراف شرذمة من أبنائها الذين التحقوا بمعسكر الإخوان العدواني ولكنّهم استطاعوا أن يقنعوا البقيّة بأن :
تعز مظلومة وتعز وتعز …ومع أنّ أولئك المسوخ (فقط) هم من باع تعز وقبض ثمنها وترك أبناءها في وحل التّكفير يقتلهم ويذبحهم ويسحلهم ؛إن نطقوا بجملة سويّة في موقعها الصحي والحقيقي وقالوا:
نحن ضد العدوان؛ لينالوا من الذّبح والصّلب مالم ينله سود أمريكا الجنوبيّة في دولة عنصرية تمثال حرية البيت الأبيض….
ليبقى وجع صعدة مختلفا عن باقي الجِراح ؛ ولازال أهلها في وحدة وتآلف..
لم يَذبحوا ولم يَسحلوا ولم يَصلبوا ولم يُكفّروا مَن خالفهم..
ولعلّ هذه القيم و هذه المبادئ و مواقف الشّرف التي استماتوا من أجلها هي المبرّر الوحيد للعدوان و قد جعلها الهدف المركّز له ؛ فكانت مهوى طائرات الموت الأمريكيّة الجبانة ؛
فصبرا: يا وطن السّلام، وصبرا ياجرح الكبرياء..
لن تهوني ،لن تموتي ؛ فقاتلوكِ هم الأموات
لن تستسلمي يا قلعة الصمود؛
لن تتواري فأنتِ الشمس المشرقة التي لا يمكن حتّى لأعمى أن يتجاهلها …
صعدة: ستظلين جناح الرّحمة الذي خفضتِه لأجل حرية اليمن كلّ اليمن ؛
وكأنّكِ أم اليمن ،ولعلّكِ أنتِ ربيع اليمن المزهر…
فما صلبوكِ ولكن شُبّه لهم ..
وماقتلوكِ ولكنهم قتلوا إنسانيتهم…
وما دفنوكِ فمتى انتهى السّيد الشّهيد الحسين بن البدر ….
وما وأدوكِ فأنتِ الرّوح التي لم يستطع وأدها طواغيت الكون ،
فاصمدي ولاتهني ولاتحزني وأنتِ الأعلى …
ولاتهتمي لمن هجركِ من أبنائكِ ومن تآمروا عليكِ ؛ فهم إلى خسوفٍ وأُفول وأنتِ إلى سموّ ورفعة و سيزولون وتحرق أوراقهم لتبقي ورقة النّصر برجالكِ الأوفياء وأرضكِ الولّادة للرجال الأحياء ؛ فبارك الله فيكِ من ولود ودود ..