سنكتب التاريخ .. قريبا

علي أحمد جاحز

* يبدو اننا على عتبات مرحلة تحولات سياسية وعسكرية تتأثر وتؤثر بما جرى ويجري وسيجري في اليمن، وسنظل مؤمنين ان اليمن باتت محور ارتكاز تلك المتغيرات التي تتشكل ملامحها يوميا في متوالية متسارعة تنكشف فيها حقائق كثيرة وتتعرى وجوه كثيرة وتتساقط وجوه كثيرة .
لم تتغير قناعتنا بان الصراع الدائر في المنطقة العربية لم ولن يكون سوى صراع بين المشروع الصهيوني الكبير الذي تقوده امريكا واسرائيل وتعمل في إطاره السعودية وحلفها، وبين مشروع مناهضة مضاد تقوده جهود شعبية عربية في المقام الاول وتدعمه بعض الاطراف الدولية والاقليمية بعيدا عن أهدافها من وراء ذلك الدعم .
ومنذ بداية العدوان على اليمن لم تتغير في قرارة رؤانا أنه عدوان امريكي صهيوني بأدوات عربية تقودها السعودية ، مثلما كانت قناعتنا ثابتة بأن ما جرى ويجري في سوريا هو تدمير ممنهج ومنظم يقف وراءه ذات العدو الامريكي الصهيوني وبذات الأدوات العربية ، وها نحن اليوم نشاهد ويشاهد من كان يعاند الصورة الحقيقة وهي تتجلى شيئا فشيئا ليظهر أن لا ثورة في سوريا يدعمونها ، وان لا شرعية في اليمن يدافعون عنها ، وانما هو مشروع عدواني صهيوني امريكي يستهدف ما تبقى في هذه الامة من بؤر قوة ومراكز تحرك حقيقي يواجه مخططاته .
النظام السعودي الغبي ، وأقول : غبي ، لأنه بالفعل كذلك .. وان كان يعي أنه يلعب دور الاداة واليد للمشروع الامريكي الصهيوني ، فانه يظل غبيا ، لأنه لا يعمل أي حساب لمصلحته أو لبقائه أصلا ، فهو يلقي بكل اوراقه في سبيل ذلك المخطط الكبير الذي تقوده امريكا ، وامريكا في كل مراحل التاريخ تستخدم الاغبياء و ترميهم وتحرقهم كالأوراق المهملة .
لقد اسفرت السنوات الماضية عن نتيجة مرة بالنسبة للنظام السعودي ولدواعشه وأياديه الغبية ، فهو اليوم مكشوف ممجوج وانكشافه يشكل انكشافا غير مسبوق للولايات المتحدة التي كانت تحمل مشعل الديموقراطية والتحرر والحداثة وحقوق الانسان ، ليتضح اليوم انهم مجرد لوبيات تستخدم داعش والجماعات الارهابية لتحقق اهدافها في المنطقة.
طبعا امريكا عجزت على مدى عقود عن تحقيق الكثير من أهدافها بالطرق الدبلوماسية والتحرك السياسي والاعلامي والثقافي الذي بذلت عليه مليارات الدولارات من خزائن دويلات الخليج ، وهي أهداف عدوانية في كل الاحوال أهمها إضعاف الوعي العربي والقرار العربي والاقتصاد العربي والجيوش العربية لصالح تقوية اسرائيل ونفوذها .
اليوم هزم مشروع داعش الامريكي الصهيوني في العراق وسوريا ولبنان ، وها هي سوريا تنتصر من حلب ، واليمن تنتصر من كل جبهاتها ومن صمود شعبها الذي يزداد تجليا ، وتزداد فضيحة امريكا واياديها السعودية وغيرها تجليا أيضا بكونها هي من يقف وراء ظاهرة داعش والارهاب في المنطقة ، بل وتزداد جبهتها ضعفا أمام وعي شعوب المنطقة التي انقلبت في غضون أقل من عامين الى المربع المقابل من الوعي .
قبل يومين جاء وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى الرياض ليعلن أن وقف العدوان على اليمن مقابل ضمان أمن المملكة ، وهو مؤشر على انخفاض سقف الشروط التي بدأت بتنفيذ القرار الدولي 2216 والاستسلام لصالح عودة حكم الادوات من عملائها ودواعشها ، لتصبح الآن مجرد ضمان أمن المملكة ، الذي كان مضمونا أصلا لولا مغامرة العدوان على اليمن .
التحركات الامريكية عبر ما يسمى الرباعية ليست أكثر من محاولة لتسوية الوضع في اليمن وترتيب ما أمكن ترتيبه قبل أن تصل التحولات والمتغيرات المتسارعة في الساحة الدولية والاقليمية الى حيث لا تستطيع الولايات المتحدة وادواتها الحصول على أي مكسب في اليمن ، وهو بإذن الله ما يبدو اننا نسير باتجاهه سيما في ظل إصرار محور الشر الامريكي على التعاطي بتعال مع الواقع الذي يعرفون ضعف وضعهم فيه جيدا.
ولم تكن حادثة اغتيال السفير الروسي بتركيا مجرد خطوة امريكية غبية في لعبة صراع الأقطاب ، وان بدت كذلك ، فليس من المعقول أن امريكا لا تدرك ان العلاقات التركية الروسية ستزداد متانة في ظل انكشافها وانكشاف مسؤوليتها عن الحادث ، غير انها وان كانت تداعياتها ستعود ضررا بالغا على السعودية وبقية الادوات ، ممكن أن تقرأ بالنسبة لامريكا لغما ديموقراطيا وضعته الادارة الامريكية المغادرة للإدارة الجمهورية القادمة لتضعها في معمعة ما يجري في المنطقة والحيلولة دون الخلاص منها .
وفي كل الاحوال ، هذه الارهاصات التي تشهدها المنطقة لم تكن لتحدث لولا فضل الله وصمود وتصدي وبسالة الشعب اليمني في مواجهة عدوان عامين ، وسوف تؤثر هذه الإرهاصات بدورها على مستقبل الاحداث في اليمن قريبا بإذن الله وبشكل لم يكن متوقعا ، نحن استطعنا أن نؤثر على مسار التاريخ ، وسنكتب التاريخ .

قد يعجبك ايضا