القرار السعودي للعدوان على اليمن بذريعة مواجهة أنصار الله جاء بضوء أخضر أمريكي لأن الدول العربية غير قادرة على تغيير الخارطة السياسية للشرق الأوسط دون موافقة ورضا الأمريكيين ولذلك جاء العدوان على اليمن ضمن خطة غربية في خضم الحرب الدائرة في العراق وسوريا.
ولا يمكن للمرء أن يقبل الذريعة السعودية لشن العدوان على اليمن وهي منع سيطرة أنصار الله على اليمن لأن أنصار الله كانوا فقط جزءاً صغيراً من الهيكلية السياسية في اليمن ولذلك يجب البحث عن الأهداف الخفية لهذا العدوان، فإحداث الفوضى في اليمن يقوي شوكة القاعدة وهذا يعطي الذريعة للأمريكيين للتواجد عسكريا في جنوب اليمن.
إن السعي الأمريكي لإنشاء قاعدة عسكرية دائمة في منطقة لحج في جنوب اليمن كان يعني السيطرة على خليج عدن ومضيق باب المندب ولو استقرت القوات الأمريكية هناك لسيطرت على طرق الملاحة البحرية في بحر عمان والبحر الأحمر ولتعزز أمن السواحل الإسرائيلية أيضا.
كما تسعى أمريكا من خلال ضرب الاستقرار في اليمن الى السيطرة على آبار النفط اليمنية، وقد قالت قناة سكاي نيوز أن أكبر حقول النفط في العالم تقع في منطقتي الجوف ومارب اليمنيتين واذا سيطرت عليها أمريكا فإنها ستهيمن على قسم كبير من احتياطات النفط في العالم.
ولهذا يمكن القول أن اليمن لديه مكانة إستراتيجية في حسابات أمريكا الإقليمية لكن مقاومة أنصار الله وتحالفها مع علي عبدالله صالح بالإضافة الى تحرك الشعب اليمني قد عرقل تنفيذ السياسات الأمريكية.
من جهة أخرى أدى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين جراء العدوان السعودي الى صدور ردود سلبية ضد الرياض وحلفائها على الساحة الدولية كان يمكن ان تصيب الأمريكيين أيضا، لكن الاحداث التي جرت في اليمن خلال أكثر من عام ونصف أظهرت بأن الأمريكيين لا يتحملون دفع تكاليف في هذه الحرب لأنهم لم يفعلوا شيئا لمنع إدانة السعودية من قبل الأمم المتحدة بسبب قتل أطفال اليمن.
وكما قال المسؤول السابق في البنتاغون مايكل مالوف أن أمريكا والغرب وخلافا لسياساتهم تجاه الدول العربية التي تشهد اضطرابات، اتبعوا سياسة مختلفة في اليمن ويفكرون فقط في المكاسب التي يمكن ان يحققوها من خلال العدوان السعودي ولذلك لايهتمون أبداً بعجز الموازنة السعودية التي بلغت 81 مليار دولار ولا يفكرون أبداً بالوقوف الى جانب السعودية ودول مجلس التعاون في وقت تعتبر السعودية أهم حلفاء أمريكا بين العرب وكان يمكن ان تكون احد أذرع أمريكا في الشرق الأوسط اذا قرر الأمريكيون الاستدارة نحو شرق آسيا بشكل نهائي والرحيل عن الشرق الأوسط.
ولذلك يمكن القول ان السياسات الأمريكية تجاه اليمن ليست متزنة، ففي الوقت الذي يشكل فيه إضعاف السعودية تهديدا لأمن الكيان الإسرائيلي نجد أن البنتاغون لا تتدخل في اليمن لترجيح الكفة السعودية بشكل كبير، وفي الحقيقة اختار الأمريكيون الصمت إزاء ما تقوم به السعودية فقط ولا يبدو انهم يرغبون في التواجد في منطقة جنوب الخليج الفارسي، وهذا يزعج السعوديين أكثر من العجز في الموازنة وأكثر من القبول بالتفاوض مع أنصار الله.
رغم الثروات الطبيعية الموجودة في اليمن والموقع الإستراتيجي لهذا البلد والذي يهم الأمريكيين كثيرا لكن الأزمة في العراق وسوريا سلبت الأمريكيين القدرة على المناورة في دولة أخرى ولذلك نجد الموقف الأمريكي تجاه حرب اليمن متذبذبا رغم قيام واشنطن بزرع بذور الحروب الطائفية والقومية في اليمن لضرب مستقبله وزعزعة استقراره.
نقلاً عن “الوقت” التحليلي
Prev Post
قد يعجبك ايضا