في صيف 1976م كانت موسكو تستقبل مجموعة من الطلاب اليمنيين الذين يخرجون إلى العالم من بلد منهك بالصراعات وهم يحاولون تجاوز ماضيهم كان أفراد المجموعة من خريجي الثانوية في مناطق مختلفة يصعب عليهم الرؤية بوضوح لما تحتاجه الأرض القادمين منها فعلا وبينهم محمد علي السلامي الأكثر انشغالا بالأمر ولم يستقر حاله إلا حين رأى التخصص الذي فتن مسمعه ولبى شغفه وهو الصناعات الثقيلة “ كان هذا التخصص لا يزال يحظى بالتحفظ فلا يمكن أن يقوم الاتحاد السوفيتي وقتها من الترحيب بك عندما تطلب الدراسة لمجال يشمل صناعات تتنافس الدول على احتكارها وحصرها في إطار داخلي “.
ذلك لم يمنع محمد السلامي من التمسك برغبته في خوض بحرا غامض “عندما يريد الإنسان شيء يحصل عليه مادام ممسكا بإرادته الصادقة” ومن العام الثاني في التعلم طلب اليه حسب النظام الدراسي أن يختار تخصصا أكثر دقة وعلى الفور اتجه نحو صناعة الاسمنت وهو يحلم بأن يكون من أوائل من يؤسسون لهذا المجال ” لم تكن اليمن قد دخلت هذه الصناعة وهو ما يعني أني أتجه نحو تخصص قد لا أتمكن من ممارسته في بلدي ومع ذلك لم كل إحساسي كان أني أقف في المكان الصحيح “
ينصح اليوم المهندس محمد السلامي الخريجين ان يتركوا وقتا للتفكير في نوع التخصص الذي يريدونه وتحتاجه بلادهم فعلا وان لا يتركوا غيرهم يتولون المهمة عنهم والضروري أن لا يكتفوا بالشهادات المتوسطة او ما دونها لأنها لن تجعلهم يبتكرون ويضيفون شيئاٍ جديداٍ”.
ويحرص على الدفع بمن هم في أول الطريق أن يتجهوا أولا لتأهيل أنفسهم قبل أن ينطلقوا في مشاريع العمل ” هناك من يستعجلون في طريقهم وما ان يتخرجوا من الثانوية حتى يهرولوا نحو البحث عن العمل دون أي تأهل كافُ ويظل التقصير رفيقا لهم.
عند عودته من دراسته كانت بلادنا تدخل المجال الذي تعلمه وكانت الخبرات اليابانية وحدها القادرة على وضع اللبنة الأولى وكان الشاب المتحمس يلتقي كل ما درسه داخل القاعات في الأرض المفتوحة وهو ما جعله يصبح مصدر الهام لكثير من المهندسين الجدد الذين تعلموا على يديه خبراتهم الفنية ويتولى حاليا إدارة الإنتاج في واحد من مصانع الاسمنت ” عمران “ويتتبع كل ما يحدث ولا يدع من يحتاج إلى نصيحته ينتظر كثيرا فهو يبادر إلى نصح هذا وتأنيب ذاك وتوجيه الشكر لثالث وهكذا تمر أيامه في مدينه أصبح ينظر إليها بكل تقدير وقد صارت موطنه منذ قدم إليها ففيها يمارس ما تعلم وما أحب ينظر إليه من يحيطون به بكل احترام بعد ان نال كل واحدا منهم جزء من إرشاداته ومازال مؤمنا بأن إدارة أي شيء كان حتى آلة صغيرة هو التعامل معها لتقدم أفضل ما فيها أحبوا عملكم كي تجيدوه .
ولدى السلامي تعريف خاص وللحياة وهو أنها طريق يمكننا أن نجعله ممهدا لنسير عليه ويأتي من بعدنا ليصل إلى الأبعد أو أن نجعله عسيراٍ فنظل ويظل من يلحقنا في ذات النقطة البداية”.
يقول عنه احد الذين علمهم انه يريدك أن تستفيد من كل ما يعرفه فهو كل يوم يمنحك الفرصة لتعرف أكثر حتى أولئك الذين لم ينالوا التأهيل الكافي يدفع بهم إلى التدرب في أرض المعركة وفي ساحات العمل حتى لا يبقوا محتاجين للمهارات الفنية.
عندما تنتهي دوريته في العمل يبحث عن نافذة تركها احدهم مفتوحة فيغلقها ويبحث عن مادة ليست في مكانها فيعيدها الى حيث يفترض ويضع خطته لليوم التالي آملاٍ أن يكون أفضل كما يقول.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا