متحف لتاريخ صنعاء في قصر غمدان
عبدالعزيز الجنداري –
استبشر اليمنيون خاصة أهل صنعاء القديمة بإعلان أمين العاصمة الأخ عبدالقادر هلال الذي سعى إلى تحويل قصر السلاح ومبنى الأمن القومي من مؤسستين عسكريتين إلى مؤسسات ثقافية ومتاحف تشع منها تاريخ وحضارة اليمن السعيد خصوصاٍ صنعاء التاريخ والحضارة والتي تتداخل الحقيقة والأسطورة في تاريخ نشأتها وهوية مؤسسها. وقد أورد الدكتور يوسف محمد عبدالله في كتابه (أوراق في تاريخ اليمن وآثاره) خبراٍ نقلاٍ عن الهمداني والرازي (أن سام ابن نوح احتوى السكن في أرض الشمال فأقبل طائعا في الجنوب يرتاد أطيب البلاد حتى صار إلى الإقليم الأول فوجد اليمن أطيبه مسكنا وارتاد اليمن فوجد حقل صنعاء أطيبها) فوضع مقارنة وهو الخيط الذي يقدر به البناء إذا مد بموضع الأساس في ناحية فج عضدان في غربي الحقل مما يلي جبل عيبان فبنى الظبر- أي الركن الذي يوضع فيه الأساس فلما ارتفع _أي الركن_ بعث الله طائرا فاختطف المقرانة وطار بها وسام يتبعه لينظر أين يسقط فأم الطائر إلى جبوب النعيم والجبوب ما ارتفع من الأرض ودون الهضبة من سفح جبل نقم فوقع بها فلما هفه _أي قرب منه طار بها وطرحها على غرة غمدان والحرة بلهجة أهل اليمن هي الأرض المدرجة في المرتفعات فلما قرت المقرانة على حرة غمدان علم سام أن هذا أمر بالبناء فأسس غمدان (أي قصر غمدان ),, واحتفر بئراٍ .
وذكر أيضاٍ أن أقدم ذكر لمدينة صنعاء في النقوش اليمنية القديمة ما ورد في نقش منذ عهد “هلك أمر بن كرب أيل وتر يهنعم ملك سبأ وذي ريدان حوالي سنة70 للميلاد واسم صنعاء في النقوش هو (هجرن صنعو).
أما قصر غمدان موضوع حديثنا ومقر متحفنا لصنعاء التاريخ والحضارة مستقبلا إذا أراد الله سبحانه وتعالى ذلك وأن يحقق على أيادي الشرفاء في يمن الإيمان والحكمة اليمانية فقد ذكر الدكتور يوسف ,,( فجانب سام بن نوح مؤسسا للمدينة وبانيا لقصرها غمدان يذكر الإخباريون أن بعض ملوك سبأ بناة للمدينة وسورها وقصرها غمدان ويقول الهمداني في الجزء الثاني من كتابه الأكليل : أن الذي بنى غمدان هو ال شرح يحضب وأن شعرم أوتر هو الذي أوصل بنيان القصور وأحاط صنعاء بحائط وفي شرح القصيدة الحميرية أن الذي بنى قصر غمدان هو عمرو بن ذو غمدان بن ال شرح يحضب .
أما ذكر قصر غمدان في النقوش اليمنية القديمة فقد ورد في نقش الملك السبائي شعرم أوتر وذكر فيه قصر سلحين (مارب) وغمدان (صنعاء) والذي كان مقراٍ للقبيلة ذي (جرة ) ومحلها اليوم سنحان قرب جبل كنن ويرد ذكر القصرين في نقش آخر يعود تاريخه إلى منتصف القرن الثالث الميلادي في عهد الملك ال شرح يحضب.
لذا فقصر غمدان يستحق أن يستعيد أمجاده الغافرة والتي ذاع صيتها في جميع الآفاق وإعداد وتجهيز متحف لتاريخ صنعاء بين جنباته أعتقد أنه أمر حيوي وضروري لإعادة الاعتبار لهذا المعلم العظيم والذي شهد أدوارا تاريخية مختلفة .
وهذا لن يتأتى إلا بتضافر الجهود وتبني المخلصون لهذا البلد المعطى لمشروع إعادة تأهيل قصر غمدان وتحويله إلى مؤسسة ثقافية كبيرة تتنوع فيه الأنشطة المختلفة وأهمها تجهيز متحف تاريخي لصنعاء بالإضافة إلى صالات عرض متنوعة ومسارح ومكتبات ومتنفسات للزوار من مختلف الجنسيات وعلى وجه الخصوص اليمنيين وعائلاتهم وأطفالهم .
ويمكننا أن نقدم مقترحا مبدئيا لهذا المتحف يتضمن: مجسم لصنعاء القديمة يبين أسوارها وأبوابها ومبانيها التاريخية المختلفة لفترة ما قبل الإسلام وبعد الإسلام وأسواقها ..الخ.
جناح تاريخ صنعاء ما قبل الإسلام يتضمن الأقسام:
( صنعاء في الأساطير والنقوش اليمنية – تاريخ قصر غمدان – أبرز المعالم الأثرية لصنعاء لمختلف فترات التاريخ – أي مواد أثرية تتوفر).
بالإضافة إلى جناح التاريخ الإسلامي لمدينة صنعاء: يتضمن الأقسام (دخول اليمنيين في الإسلام ومشاركتهم في الفتوحات الإسلامية – أبرز المعالم الإسلامية في صنعاء – الفن والعمارة لمدينة صنعاء – العمارة العثمانية – حلقات العلم والعلماء والفقهاء – عرض أي مواد أثرية تتوفر).
أما الجناح الثالث فيحوي على الصناعات التقليدية لمدينة صنعاء : (أسواق الحرف التقليدية – أزياء الرجال – أزياء النساء – أزياء الأطفال من الجنسين – معاصر الصليد).
وفيما يخص الجناح الرابع العادات والتقاليد: (جلسات النساء (زواج / ولادة) – جلسات الرجال – الحمامات التقليدية – البيت الصنعاني – الرقصات والأغاني والأناشيد – الأكلات الشعبية – الألعاب).
هذا تصور مبدئي أعد على عجالة قابل للتطوير والنقاش في حالة موافقة أمين العاصمة على تبني هذا المشروع العظيم الذي سيشكل إضافة رائعة لمدينة صنعاء القديمة ويساهم في نشر الوعي الثقافي في أوساط الناس وأيضا وسيلة جذب سياحي للسياحة الداخلية والخارجية .
Aziz.gendary@hotmail.com