اليمن.. مبادرات لا تنهي الأزمة

هدير محمود

يبدو أنه لا توجد مؤشرات أو معطيات جديدة تفيد بقرب انتهاء العدوان السعودي على اليمن، فبعد فشل الهدن المقترحة، وخرق اتفاقيات وقف إطلاق النار، وفشل الأمم المتحدة على مدار ما يقرب 19 شهراً في وقف هذا العدوان أو حتى تحجيمه، وعجز المبعوث الأممي في اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في تقليص الهوة بين الأطراف المتنازعة، تصبح المبادرات والمفاوضات وطاولات الحوار مجرد وسيلة لتضييع المزيد من الوقت واستنزاف المزيد من الآمال والثروات.
مبادرة أممية جديدة
بعد أن توقفت المفاوضات السياسية الخاصة بالأزمة اليمنية في السادس من أغسطس الماضي، والتي استمرت ثلاثة أشهر في الكويت دون نتيجة، وبعد أقل من أسبوع على خرق الهدنة التي كانت مدتها 72 ساعة وشهدت العديد من الخروقات، تقدمت الأمم المتحدة من جديد بمبادرة سياسية تسربت بعض بنودها، حيث قالت مصادر سياسية إن نقطة المبادرة الأولى تتعلق بالرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي، حيث اقترح “ولد الشيخ” البقاء على الاعتراف بالرئيس هادي كرئيس انتقالي بصلاحيات محدود لمدة عام واحد، كما تشمل النقطة الأولى تعيين نائب جديد للرئيس هادي بصلاحيات كاملة وبتوافق الحكومة اليمنية وطرفي الحوثيين وصالح، على أن يسميه رئيس الجمهورية دون التدخل في اختياره.
وتتعلق النقطة الثانية من المبادرة بتشكيل لجنة عسكرية بالتوافق, حيث تشمل 40% من طرف الحوثيين وصالح و40% من قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الداخل، إضافة إلى 20% من ضباط في دول التحالف العربي، وهذه اللجنة ستشرف فعليًّا على الانسحاب من صنعاء وتعز والحديدة، وتسليم سلاح الدولة الثقيل الموثق في وزارتي الدفاع والداخلية اليمنية خلال شهر واحد كحد أقصى.
وتتعلق النقطة الثالثة بتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة جميع الأطراف الفاعلة على الساحة اليمنية، مع تعديل في دستور اليمن الاتحادي، الذي وافقت عليه تلك الأطراف في مخرجات الحوار الوطني، وستركز مهمة حكومة الوحدة الوطنية على استكمال خطوات النقطة الثانية التي تتضمن الانسحاب الكامل من المدن وتسليم أسلحة الدولة في بقية المحافظات ليد قوات الجيش والأمن التي ستعمل الحكومة على تشكيلها فور الإعلان عن مهام الحكومة.

هذا المقترح أو المبادرة الأممية قوبلت برفض قاطع من الرئيس الفار هادي الذي رفض أمس تسلم المقترح من المبعوث الأممي الذي سبق أن سلم نسخة منها للوفد الوطني لدى زيارته الأخيرة لصنعاء حيث لا تزال طور الدراسة.
قال عضو المجلس السياسي في جماعة أنصار الله، محمد البخيتي، إن أي حل في اليمن لا بد أن يقوم على أساس الشراكة العادلة، بالإضافة إلى معادلة أمن السعودية في مقابل أمن اليمن، وذكر البخيتي أن هناك اتفاقات سابقة وتم التوقيع عليها، ولكن لم يكتب لها النجاح؛ نتيجة لانعدام الثقة بين المكونات السياسية اليمنية، وأن انعدام الثقة زاد الآن نتيجة للعدوان ولاتساع رقعة الصراع، وكشف عضو المجلس السياسي أن موقف القوى الوطنية من خطة ولد الشيخ سيصدر قريبًا، لكن إذا تم التوصل إلى حل عبر هذا المسار، فسيكون من الصعب أن يكتب لهذا الاتفاق النجاح على الأرض، طالما أن انعدام الثقة ما زال موجودًا، ولذلك لا بد من استعادة العملية السياسية من الداخل.
في الوقت نفسه رأى مراقبون أن هذه المبادرة الأممية هي نسخة مُعدلة من مبادرة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، والتي توصل إليها بموجب اتفاق مع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في 25 أغسطس الماضي، ليأتي المبعوث الأممي، ويُدخِل عليها بعض التعديلات بالاتفاق أيضًا مع السعودية، لتخرج المبادرة في النهاية تتضمن أيضًا استسلام جماعتي صالح والحوثي وتسليم سلاحهما، ثم الحديث عن شخص توافقي، وهو ما يعني أن مبادرة “ولد الشيخ” الجديدة تأتي على مقاس آل سعود فقط.
أزمة ثقة
باتت الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي غير قادرين على تقريب وجهات النظر بين الطرفين السعودي واليمني، حتى إنها فشلت مرارًا في إلزام الطرفين باحترام الهدن المقترحة واتفاقات وقف إطلاق النار التي يتم التوقيع عليها والتعهد بالالتزام بها، وعلى الفور يتم نقضها وخرقها، الأمر الذي أحدث أزمة ثقة بين الطرف اليمني والمبعوث الدولي.
تطورات ميدانية
تطور سريع ولافت في الميدان العسكري شهدته السعودية خلال الساعات القليلة الماضية، فبعد أن استطاعت الصواريخ اليمنية الوصول إلى الحدود السعودية، بل وتخطيها واستهداف القواعد العسكرية السعودية، أعلنت القوات اليمنية، أمس الخميس، أن القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية أطلقت صاروخًا باليستيًّا من نوع “بركان 1” على مطار عبد العزيز الواقع شمال مدينة جدة، حيث تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها القوة الصاروخية اليمنية الوصول إلى مدينة جدة، وإلى هذا المطار الذي يبعد نحو 600 كلم عن الحدود اليمنية.
*عن موقع البديل المصري

قد يعجبك ايضا