الصيد الصناعي .. أين المشكلة¿

إعداد/ أحمد الطيار –
يتذكر الصيادون اليمنيون في البحر العربي وخليج عدن بعناية أن أول سفينة صيد أجنبية دخلت للاستثمار في مياههم الإقليمية كانت سفينة تتبع إحدى الشركات اليابانية في بداية السبعينيات من القرن الماضي فهذه الشركة قدمت لليمن خدمة عظيمة من خلال اكتشاف الحبار اليمني كسلعة تجارية وتقديمه كمنتج جديد في السوق الدولية يكتسب شهرة عالية إلى اليوم فيما كانت إحدى الشركات الكويتية تستثمر في البحر الأحمر في التونة والجمبري بطرق تجارية ذات جدوى للدولة.
الاستثمار التجاري
سْجل الاستثمار الأجنبي رسميا منذ السبعينات كما هي قصة الشركة اليابانية في البحر العربي وأعقبها منذ نهاية السبعينات دخول الأسطول الروسي كمستثمر بحري كان يصطاد في المياه الإقليمية اليمنية ويدفع حصة الدولة للجمعيات الرسمية وفي مقابل منح اليمن مواد غذائية أخرى واستمر حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي فيما كانت شركات كويتية وليبية يمنية مشتركة تستثمر في البحر الأحمر منذ الثمانينات وتسلم حصة الدولة نسباٍ محددة من الكميات المصطادة. ورغم أن اليمن تعد دولة بحرية في المقام الأول من خلال امتلاكها شواطئ بطول 2500 كيلو متر في البحرين العربي والأحمر وتعتبر ثالث دولة عربية في المخزون السمكي دون منافس فإن تجربتها في الاستثمار التجاري لمواردها البحرية لم تنجح بالشكل العلمي الحديث ولعل الخبرة والمهارة التسويقية لاستغلال هذه الثروة هو السبب في تأخر اليمن عن الدول العربية المشابهة له كالمغرب وموريتانيا حتى اليوم وتشير المصادر الرسمية إلى أن اليمن لم يستغل سوى 17 % من موارده السمكية والبالغة أكثر من 70 نوعا من الأسماك والأحياء البحرية ويأتي على رأس الأسماك غير المستغلة الماكريل الجذب والتونة المهاجرة وشروخ وجمبري الأعماق .
البداية
حسب سجلات منظمة الفاو يمتلك اليمن سجلا إيجابيا في استغلال الثروة البحرية منذ العام 1950م وتعكس الأعداد المسجلة منذ ذلك الوقت الارتفاع الإيجابي في الحجم بالطن و القيمة بالدولار وتشمل الأنواع التي يتم اصطيادها في البحر العربي و خليج عدن التونا وبونيتو والخرمان والرنجة والسردين والانشوفي لكن ذلك الاستغلال لم يكن بطرق الاستثمار التجاري بل يأتي من الصيد التقليدي والذي يقوم به الصيادون اليمنيون بجهودهم وإمكانياتهم التقليدية البدائية الأمر الذي يكشف ضعف طرق الاستغلال التجاري الاستثماري والحصول على عوائد مجزية تنفع البلد .
الترخيص للصيد التجاري
على الرغم من بذل وزارة الثروة السمكية جهودا واتخاذها خطوات عديدة لتنظيم نشاط الصيد التجاري منذ العام 1995م بهدف استغلال الثروة البحرية فإنها ومنذ خمس سنوات توقفت عن منح أي تراخيص للمستثمرين الدوليين بالاصطياد في مياهها على بعد اقل من 16 ميلاٍ بحرياٍ وهذا أسهم من جهة في خفض إيراداتها القومية ومن جهة أخرى كانت الآمال أن تسمح هذه الخطوات في تنمية قدرات الصيد التقليدي الوطني لتكثيف جهوده وتعزيز الإنتاج بطرق حديثة إلا أن هذا وذاك لم يتحقق فالإنتاج الوطني من الصيد التقليدي يتناقص عاما بعد آخر وفرص الاستثمار أمام الشركات الدولية باتت متضائلة وهذا ما يجعل مكانة اليمن كدولة رائدة في الثروة البحرية مثار جدل خصوصا مع تفاقم مشاكل الصيادين وتعدد شكاواهم من قيام سفن اصطياد أجنبية بعضها غير معروف الهوية من عمليات جرف وانتهاك للمخزون السمكي وإفساد الثروة البحرية في البحر اليمني وهو ما جعل القيادة السياسية تبادر بالتوجيه للحكومة بإلغاء اتفاقيات الاستثمار السمكي في البحر الأحمر الأسبوع الماضي .
الصيد الاستثماري
يقصد بالصيد التجاري الصناعي النشاط الذي تمارسه سفن الصيد الأجنبية والمحلية بموجب الاتفاقيات الموقعة بين الوزارة والشركات اليمنية والأجنبية وبعضها مع المستثمرين المحليين وبعض الدول في إطار بروتوكولات التعاون الثنائي وشهدت الفترة الماضية وحتى الآن خطوات عديدة لتنظيم نشاط الصيد التجاري الصناعي مقارنة بالفترة السابقة أتاحت مجالا أوسع للاستثمار من قبل الشركات والمؤسسات المحلية والأجنبية حيث ساهم الصيد التجاري بنسب متفاوتة من الإنتاج الكلي للجمهورية اليمنية لكنه ما يزال عند نسبة 2% فقط الأمر الذي يثير جدلا في الأوساط الاقتصادية اليمنية وداخل النظام السياسي ومجلس النواب تحديدا حول جدوى هذا الصيد خصوصا بعد أن أثار الصيادون العديد من القضايا الضارة من تصرفات السفن الأجنبية.
ومما يزيد الأمر إثارة ما توضحه البيانات والإحصائيات الرسمية وخطط التنمية الخمسية والتي وضعت نصب عينيها عام 2005م أن يكون حجم العوائد المالية عن استغلال الثروة السمكية بحلول العام 2010م 500 مليون دولار فيما جاءت النتيجة الرقمية نهاية العام 2011م مخيبة للآمال حيث لم تزد قيمة الإنتاج عن 366 مليون دولار فقط رغم الإمكانيات الهائلة التي يزخر البحر اليمني بها على الدوام والخطط والبرامج المنفذة إضافة إلى القروض الموجهة لهذا القطاع.
الفرص
يسمح الموقع الاستراتيجي المتميز لليمن بحصد ثروة بحرين غنيين بالثروة السمكية هما البحر العربي الممتد على الساحل الجنوبي والبحر الأحمر الذي يقع في الغرب وكل منهما لديه الكثير من المزايا و يعتبر البحر العربي واحداٍ من 6 أنظمة ايكولوجية في العالم والتي سجلت تزايداٍ في أنواع الفصائل المهاجرة إليها خلال العقود الماضية حسب التقارير الدولية بعكس البقية والتي لوحظ انخفاض واضح فيهاكما أن اليمن من الدول الأولى عالميا في إنتاج وتصدير الحبار (cuttlefish) وتحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية في إنتاج الشروخ الصخري حسب إحصائية منظمة الأغذية والزراعة “الفاو”.
الإنتاج
تبين إحصاءات الإنتاج السمكي في اليمن أن الكميات المصطادة من الأسماك والأحياء البحرية الأخرى عبر (الصيد التقليدي والصناعي) بلغت في2011م 157 ألفا و261 طنا بقيمة 78 مليارا و631 مليون ريال ورغم انخفاض الكمية المصطادة مقارنة بالعام 2010م والبالغة 163 ألفا و861 طنا فإن القيمة زادت بنسبة تفوق 100% عن العام السابق والبالغة 37 مليارا و130 مليون ريال ويعد عام 2011م عاما مربحا للمنتجات البحرية اليمنية بقوة والأزهى منذ زمن بعيد .
وتمكن الصيد التقليد من اصطياد 155 ألفا و201 طن بقيمة 77 مليارا و601 مليون ريال فيما بلغت كميات إنتاج الصييد الصناعي ويشمل المؤسسات والشركات في خليج عدن والبحر العربي والمؤسسات والشركات في البحر الأحمر 2060طنا بقيمة 1030 مليون ريال كلها من مؤسسات وشركات خليج عدن والبحر العربي فيما لم يسجل صيد أي طن من مؤسسات وشركات البحر الأحمر وهو ما يثير تساؤلات استغراب عن دعاوى الصيادين التقليديين بالحديدة عن مشاهدتهم لسفن صيد تجاري تجوب المياه الإقليمية اليمنية.
الصادرات
تعتمد اليمن على الصادرات السمكية في دعم الميزان التجاري مع الدول المجاورة ويمثل التصدير وسيلة هامة للصيادين اليمنيين في الحصول على دخل جيد من هذه المهنة وتشير بيانات التبادل التجاري الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء أن صادرات اليمن السمكية بلغت العام الماضي نحو 83 ألف طن بقيمة 192.367 مليون دولار وهو اكبر رقم للصادرات اليمنية على ما يبدو وتوضح البيانات أن صادرات الأسماك تصل إلى أكثر من 10 دول وتأتي السعودية وفيتنام ومصر في مقدم الدول المستوردة للأسماك اليمنية.

قد يعجبك ايضا