من‮ ‬يضع حدا لفصولها المتفاقمة

تحقيق‮/ ‬حمدي‮ ‬دوبلة –
قضية الصيادين في‮ ‬اريتريا‮.. ‬معاناة تتوالد
> ‬ليسوا مجرمي‮ ‬حرب ولا هم من المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو من الارهابيين الذين‮ ‬يهددون الأمن والسلم الدوليين حتى‮ ‬يتعرضوا لكل أنواع البطش والتنكيل في‮ ‬معتقلات جيراننا في‮ ‬اريتريا‮ ‬إنهم صيادون تقليديون وقعوا بصورة أو بأخرى في‮ ‬قبضة البعيد الذي‮ ‬لا‮ ‬يرحم في‮ ‬ظل‮ ‬غفلة القريب المنشغل عنهم وعن معاناتهم بأمور وقضايا أخرى‮.‬
أعداد المحتجزين‮ ‬غير دقيقة
‮> ‬مئات الصيادين اليمنيين المحتجزين لدى سلطات دولة اريتريا باتوا‮ ‬يواجهون أشكالا شتى من الانتهاكات الإنسانية دون أن تلامس صرخاتهم واستغاثاتهم آذان مسؤولينا وإذا بالجار المنتقم‮ ‬يستغل هذه الغفلة ليوغل في‮ ‬ممارساته العدوانية الانتقامية بحق هؤلاء البسطاء‮.‬
أعداد المحتجزين المسجلين رسميا لدى الاتحاد التعاوني‮ ‬السمكي‮ ‬الذي‮ ‬باشر في‮ ‬تسجيل البلاغات منذ العام‮ ‬2006م فقط تزيد عن‮ ‬300‮ ‬صياد وفقا لعضو الهيئة التنفيذية للاتحاد سالم عليان وقرابة‮ ‬400‮ ‬محتجز وفقا لتقرير لجنة الزراعة والثروة السمكية بمجلس النواب‮.‬
ويؤكد الصيادون بأن هذه الأرقام‮ ‬غير دقيقة وأن المحتجزين الفعليين في‮ ‬سجون اريتريا‮ ‬يزيد عن ذلك بكثير‮.‬
ويقول عبده علي‮ ‬زياد وهو صاحب قارب صيد متوسط الحجم بأن كثيرا من الصيادين قد فقدوا الثقة نهائيا في‮ ‬جدوى إبلاغ‮ ‬الجهات الرسمية عن حوادث احتجازهم من قبل زوارق البحرية الاريترية التي‮ ‬تمارس هواياتها في‮ ‬اعتقال الصيادين اليمنيين صباحا ومساء وحتى في‮ ‬اعماق المياه الاقليمية اليمنية‮.‬
ويضيف زياد الذي‮ ‬تعرض للاحتجاز سابقا بأن حوادث الاحتجاز التي‮ ‬يتعرض لها الصيادون تحدث بشكل شبه‮ ‬يومي‮ ‬تقريبا ولذلك فإن الحديث عن‮ ‬400‮ ‬معتقل من الصيادين وفقا لزياد مخفف بشكل كبير‮.‬
هذه الحقيقة‮ ‬يؤكدها الاتحاد السمكي‮ ‬فهناك كما‮ ‬يقول محمد عوض سعيد عضو الهيئة التنفيذية للاتحاد كثير من الصيادين لا‮ ‬يبلغون عن احتجازهم أو اعتقال أقاربهم للجهات الرسمية بعد أن فقدوا الثقة في‮ ‬جدوى هذه البلاغات مع الفشل الذريع والتقاعس المريب الذي‮ ‬تبديه جهات الاختصاص في‮ ‬متابعة أوضاع المعتقلين والعمل على تأمين الافراج عنهم‮.‬
بطش وتنكيل
‮> ‬الصيادون المحتجزون في‮ ‬معتقلات وسجون عصب وأسمرة‮ ‬يتعرضون لأقسى أنواع التعذيب وفقا لشهادات صيادين تم الافراج عنهم مؤخرا ووفقاٍ‮ ‬لتقرير اللجنة البرلمانية الذي‮ ‬قدمته إلى مجلس النواب قبل أيام فإن أكثر من‮ ‬396‮ ‬محتجزا‮ ‬يمارس ضدهم أقسى أنواع التعذيب والمهام الشاقة‮.‬
ويشير التقرير الذي‮ ‬تم إعداده إثر الزيارة الميدانية للجنة الزراعة والري‮ ‬والثروة السمكية بالبرلمان إلى أن الجهات الرسمية اليمنية المختصة لا تقوم بواجباتها إزاء ما‮ ‬يتعرضون له‮ ‬ناهيك عن العمل لمتابعة أوضاعهم والافراج عنهم مع القوارب اليمنية المصادرة من قبل السلطات الاريترية والتي‮ ‬تزيد عن‮ ‬860‮ ‬قاربا بعضها‮ ‬يعود إلى العام‮ ‬1997م إثر أحداث احتلال اريتريا لجزيرة حنيش اليمنية حسب ما‮ ‬يؤكده سالم عليان المسؤول بالاتحاد السمكي‮.‬
ويبين تقرير اللجنة البرلمانية بأن هناك عدداٍ‮ ‬كبيراٍ‮ ‬من الصيادين اليمنيين في‮ ‬السجون الاريترية منذ عدة سنوات‮ ‬يمارس ضدهم كل أنواع التعذيب والاشغال الشاقة بالإضافة إلى وجود عدد آخر منهم في‮ ‬سجون عدد من دول الجوار البحري‮ ‬مثل السودان والصومال وعمان والسعودية‮ ‬فضلا عن وجود عدد آخر من المفقودين ممن لا‮ ‬يعلم أحد عنهم شيئا‮.‬
مهام شاقة
‮> ‬شهدت اريتريا نهضة عمرانية كبيرة في‮ ‬بناء الهناجر العسكرية وشق الطرقات‮ ‬هكذا‮ ‬يقول الصياد محمد عبده معروف الذي‮ ‬تم الإفراج عنه بعد أن دخل في‮ ‬حالة‮ ‬غيبوبة بفعل الأعمال الشاقة التي‮ ‬تؤكل للمحتجزين‮ ‬ويضيف بعد أن استعاد حياته بأعجوبة في‮ ‬أحد مستشفيات الحديدة قبل أسابيع بأن مئات المحتجزين من الصيادين‮ ‬يعملون أكثر من‮ ‬15‮ ‬ساعة‮ ‬يوميا في‮ ‬تكسير الأحجار ونقلها لمسافات كبيرة لبناء هناجر عسكرية وذلك تحت التهديد بالسلاح والضرب بالهروات لكل من تفتر قوته لذلك فإنه قد تم بناء أعداد كبيرة من تلك الهناجر إضافة إلى شق وتعبير الطرقات الجبلية‮.‬
ويشير الصياد معروف وهو من أبناء قرية الدمنة بمديرية حيس بأن الصيادين هناك‮ ‬يضطرون إلى شرب المياه من براميل تحتوي‮ ‬بقايا مواد نفطية كما لا‮ ‬يجدون من الطعام‮ ‬غير‮ »‬القشرة‮« ‬المخصصة للبهائم وهي‮ ‬الوجبة الوحيدة التي‮ ‬يوفرها السجانون للمعتلقين طيلة اليوم قبل أن‮ ‬يتم نقل الصيادين عند حلول الظلام إلى منطقة ساحلية بركانية تم اختيارها بعناية لتعذيب المحتجزين الذين‮ ‬يضطرون إلى افتراش الحصى الحار لذلك الساحل البركاني‮ ‬دون أية فراش أو بطانيات‮ ‬ويضيف بأن هذه التجاوزات والانتهاكات ما هي‮ ‬إلا الشيء اليسير من العمل الإجرامي‮ ‬الذي‮ ‬يتعرض له آخرون ممن‮ ‬يتم نقلهم إلى معتقلات عسكرية سرية خارج ميناء عصب‮.‬
انتظار الفرج
‮> ‬وما‮ ‬يزال المئات من المحتجزين ومعهم الآلاف من أسرهم وذويهم في‮ ‬اليمن في‮ ‬انتظار الفرج القريب‮ ‬وارتفعت نسبة الأمل في‮ ‬نفوس أهالي‮ ‬هؤلاء المعتقلين مع الأنباء التي‮ ‬تناهت إلى أسماعهم مؤخرا بتشكيل لجنة وزارية من قبل الحكومة لمتابعة المحتجزين والإفراج عنهم‮ ‬ويقول فتيني‮ ‬حيدر زهير بأن شقيقه طارق الذي‮ ‬غادر في‮ ‬رحلة برية عقب زواجه بأسابيع وغاب أثره في‮ ‬البحر وسط أنباء مؤكدة عن اعتقاله في‮ ‬سجن عسكري‮ ‬في‮ ‬عصب وذلك منذ أكثر من عامين‮..‬
وتبقى قضية المحتجزين اليمنيين في‮ ‬ارتيريا وغيرها من دول الجوار البحري‮ ‬معاناة تتوالد وجروح إنسانية متفاقمة لا شك تبقى مسئولية إنهائها ووضع حد لفصولها بأيدي‮ ‬الحكومة وولي‮ ‬الأمر في‮ ‬هذه البلاد التي‮ ‬تظل كرامتها ومكانتها مرهونة بمدى احترامها وحرصها على حماية وسلامة مواطنيها أينما كانوا‮.‬

قد يعجبك ايضا