رمضان آخر.. تحت العدوان والحصار!

> المواطن اليمني.. بين النزوح والمعاناة المعيشية القاسية

> مواطنون: سيكون رمضان مختلفاً بعد أن فقدنا بعض أقاربنا تحت القصف والمواجهات

> نازحون: فقدنا مساكننا بسبب الحرب والعدوان ومنا من فقد مصدر دخله وأصبح  عالة بعد أن كان

> متضررون: لن نتمكن من توفير متطلبات شهر رمضان بسبب ضعف الحالة المادية واستمرار الحصار الشامل

إدارة التحقيقات

للعام الثاني على التوالي يقبل الشهر الكريم على الشعب اليمني على غير العادة فالموت اليومي والجوع والدمار وغيرها من النتائج الكارثية التي خلفها الحصار والعدوان وأدواته في الداخل, توسعت دوائر المعاناة بل صارت أكثر قسوة لاسيما وشريحة واسعة من الناس أضحت بلا فرص عمل، بعد أن أنهى الحصار والعدوان والحرب كل سبل عيشهم ومصادر دخلهم وصار السواد الأعظم تحت خط الفقر..
كل هذه المظاهر والكوارث أشغلت المواطنين عن الضيف العزيز عليهم وعلى قلوبهم الشغوفة بشعائر دين الله الإسلام.. في هذا التحقيق سلطنا الضوء من خلال اللقاء ببعض الحالات للتعرف على أوضاعهم مع حلول الشهر الكريم.

قبل أن تداهم الشعب اليمني الحرب الظالمة- التي أشعلها العدوان السعودي- وتلحق بهم وبحياتهم الأذى الكبير كان الكل يعيش حياته بطريقته الخاصة رغم المعاناة التي كان يعيشها الكثير والتي لا تخرج عن دائرة شح الدخل اليومي في الغالب بسبب الصراعات السلطوية الداخلية ..لكن بعد أن بدأت الحرب وعمت أغلب المحافظات لم يعد بإمكان المواطن اليمني أن يعيش حياته بطرقه الخاصة فالكل أرغم على حياة جديدة إجبارية تفاصيلها تظهر المآسي والمعاناة بقضها وقضيضها.. معاناة كبيرة بكل آلام الحياة وأوجاعها فالبعض فقد أقاربه في الحرب والبعض الآخر فقد منزله سواء بالتدمير عبر الطائرات العدوانية أو عبر القصف المتبادل بين قوى الصراع على الأرض وآخرون فقدوا مصادر دخلهم وبات الأغلب إما نازحون وإما فقراء يتكففون أيدي الناس والقليل منهم يعيش حياة صعبة لكنها أقلّ قسوة من غيرهم..
استمرار أجواء الحرب والمواجهات طلعات القصف المعادي على الشعب اليمني ستزيد المعاناة خصوصاً بحلول شهر رمضان المبارك الذي يعتبر بالنسبة للمسلمين شهرا استثنائيا من جميع النواحي فالشهر يحتاج إلى أمن واستقرار وحالة مادية متيسرة حتى يتمكن الناس من العيش خلال ايام وليالي الشهر الفضيل كما يجب أن يكون روحياً وفكرياً وجسدياً .
ضحايا الحرب والعدوان
حمامة مهيوب إحدى ضحايا هذه الحرب الظالمة وأحد نماذجها المؤلمة.. سامية أم لستة أطفال وهي في ذات الوقت أرملة حديثة العهد من زوج قتل في منزله بقذيفة مدفعية مجهولة المصدر ولم تقف الأضرار بحصد روح الرجل وحسب بل تعدت إلى ابنه الأكبر البالغ من العمر16عاما لتبتر قدمه اليسرى كما أصيبت الطفلة سها بشظية في يدها قد تصيبها بالشلل إن لم تعالج سريعا ..ولم تكتف مصائب الحياة بذلك القدر بل وألقت بهمومها على كاهل الزوجة والام سامية والتي تفاجأت انها مسئولة عن اطفالها بعد موت رجلها الذي لم يكن يمتلك أي مصدر دخل آمن فقد كان يعتمد في كسبه على العمل الحر ..لذا فقد أغلقت أمامها كل الأبواب فقررت النزوح إلى مكان آمن لتعالج أوجاع الحياة وآلامها ..وفي غرفة صغيرة بمنطقة عصيفرة بتعز حصلت على غرفة صغيرة كانت محلا تجاريا “بقالة” لتسكن فيها فآوت أطفالها هناك لكنها لم تجد لقمة العيش ولم تجد بدا في مد يدها إلى أكف المارة لتأمين لقمة عيشها من جهة وشراء بعض المسكنات لابنها وابنتها المصابين من جهة أخرى …
تتحدث سامية عن شهر رمضان وكيف سيكون هذا العام فتقول والدموع تنهمر بغزارة على خديها وحشرجة قاسية تخنق كلماتها ومرارة مؤلمة تحكي تفاصيلا لم تستطع الحروف والكلمات عن الإفصاح بها فتقول” قبل الحرب كانت حياتنا كحياة بقية الناس آمنين في منازلنا ولقمة العيش متوفرة وكذا مطالب الأطفال والأسرة ككل وكان شهر رمضان لا يأتي الا وقد منحناه الكثير من طقوس الاستقبال والترحاب فنوفر له كل ما يمكن ان يجعلنا نعيشه براحة وإيمان تامين ..كان زوجي يعمل جاهداً لإسعادنا جميعا ولم نشعر بالمهانة يوما تحت كنفه وظله ..أما الآن وقد ساءت أحوالنا وقست علينا الحياة فإن شهر رمضان لم يعد سوى ذكرى قاسية فنحن غير قادرين على تأمين لقمة العيش البسيطة فضلا عن توفير متطلباته الكبيرة والباهظة.. لم نعد نحلم بشيء سوى الأمن ولقمة العيش”
عبد العالم الحجري ..هو الآخر سيكون له مع رمضان الحالي ذكريات مؤلمة بالطبع ستختلف كليا عن سابقيه ..فمائدة الإفطار في رمضان لهذا العام لن. تجمعه بوالده وشقيقه الأكبر اللذين قتلا في الخامس من شهر رمضان الماضي بغارة جوية لطائرات العدوان السعودي على احد المنازل بالمدينة وهما يمران بالصدفة بجانب الهدف وهما في طريهما إلى المنزل ..كان والد شاكر يعمل كموظف حكومي متوسط الدخل ومثله شقيقه الأكبر البالغ من العمر 33 عاما وهو متزوج وله طفلان ..يقول شاكر معلقا على حلول الشهر الكريم ” بالتأكيد سيكون مختلفا جدا فلم يعد بإمكاني التهرب من مسؤولية تحمل أعباء الأسرة وتوفير احتياجاتها والقيام بأمرها فقد رحل من كنت القي بالمهمة على كاهله.. أيضا لن أتمكن من رؤية أخي ووالدي في نهار رمضان وعلى مائدة إفطاره ..لن أصلي معهما ولا خلفهما في التراويح والتهجد ..باحتضار لن يكون شهر رمضان بالنسبة لي وللعائلة سوى ذكرى رحيل مؤلم لروح الحياة الجميلة.
ضحايا بالجملة
شاكر وسامية ليسا الوحيدين في الحياة المرعبة .. فهناك مئات الآلاف من المواطنين سيستقبلون شهر رمضان بأوجاع الحرب ومآسي العدوان والحصار وتفاصيل أوجاعها، ولن يكون هذا الشهر بالنسبة لهم سوى شهر تزيد في اوجاعهم ومعاناتهم ..ومن أولئك المواطن فتحي عبدالجبار يقول إنه لن يتمكن من قضاء شهر رمضان المبارك ككل عام فهو الآن يعيش نازحا في محافظة إب بعد أن كان في العام ماقبل الماضي في منزله بمدينة تعز آمناً ومعافى ويملك محلاً تجارياً في أسفل منزله لكنه فقد كل ذلك بلحظة حيث أحرق محله التجاري من قبل عصابات إجرام فيما منزله تعرض للنهب والتخريب من قبل الجماعة ذاتها .ورغم كل ذلك يظهر فتحي سعادته الغامرة لأنه الهم فكرة النزوح من منزله قبل ذلك بأيام قليلة وإلاّ فإنه وأسرته سيكونون ضحايا ..ومثل فتحي الشاب أكرم المحمودي الذي فقد قدمه اليسرى بقذيفة عشوائية وكذا فارس ناجي الذي فقد وظيفته في إحدى شركات القطاع الخاص وهو الآن في مأساة كبيرة ولن يتمكن من توفير مطالب الشهر الكريم .
نداء استغاثة
يبلغ عدد سكان اليمن حوالي ستة 26 مليونا اغلبهم سيعيشون شهر رمضان تحت وطأة المواجهات والنزاعات الداخلية خصوصاً في المناطق والمحافظات التي تغذي صراعات القوى السياسية اليمنية السلطوية بارونات المال الخليجي وتحديداً المال السعودي، ونظامها المستبد الذي لم يكتف بالمال، بل يواصل تحشيد الدول العظمى ومن أمريكا وإسرائيل، والقصف الهمجي والبربري على الشعب اليمني ليلاً ونهاراً.. رغم المفاوضات التي تجري في الكويت منذ ما يقرب الشهرين.. كما لم يتمكن اليمنيون الذين يعيشون في هذه المناطق يشهدون المواجهات والقصف الجوي والبحري، ونيران قنابلها القاتلة من جهة ومعاناتهم الاقتصادية من جهة أخرى، من استعادة حياتهم الطبيعية إلا بتوقف الحرب الظالمة على الشعب اليمني بكافة أطيافه وشرائحه.. ولذا في الشعب اليمني يوجه نداءات استغاثة لأطراف الحوار في دولة الكويت بأن يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية ويخرجوا بحل وطني يوقف نزيف الدم اليمني وبشكل عاجل .

قد يعجبك ايضا