الوضع الإنساني في اليمن يزداد سوءاً و13.6 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات عاجلة
¶ 36 مليون دولار للمنظمات العاملة في المجال الإنساني وهناك عدة معايير لاختيار شركاء العمل
لقاء / شوقي العباسي
أكد جورج خوري مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لدى اليمن، إن العقبة الأساسية أمام الاستجابة لاحتياجات المتضررين من الصراع تتمثل في نقص التمويل، مناشدا المجتمع الدولي توفير التمويل اللازم على وجه السرعة، لمنع تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن.
وأشار خوري في لقاء مع “الثورة” إلى تزايد احتياجات الأشخاص المعرضين للخطر عبر مختلف القطاعات في خضم الصراع الدائر الذي ألحق أضرارا بالغة بحياة المدنيين والحقوق الأساسية.
وطالب المسؤول الأممي بضرورة العمل على دعم ومساندة الشعب اليمني من أجل تحسين حالة الأوضاع الإنسانية السيئة التي تمر بها البلاد جراء الصراع والأعمال القتالية التي ألحقت أضرارا كبيرة في أوساط المدنيين، كما تحدث عن العديد من القضايا في سياق اللقاء التالي:
* بداية حبذا لو يعرف القارئ نبذة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “اوتشا” ؟
– شكرا جزيلاً لكم في صحيفة الثورة على الاهتمام بالجانب الإنساني، ولعمل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، حيث يتبع المكتب الأمم المتحدة ويعمل على تعزيز تنسيق المساعدة الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة في حالات الطوارئ والنزاعات، ويهدف إلى تعزيز استجابة الأمم المتحدة لحالات الطوارئ المعقدة والكوارث الطبيعية من خلال إنشاء إدارة الشؤون الإنسانية.
ونحن نعمل مع الجهات المعنية على التخطيط والتنسيق للعمل الإغاثي في كافة أنحاء اليمن حيث يوجد لدينا مكاتب فرعية وميدانية في عدن وتعز وصعدة والحديدة تعمل على التعرف على نوع المساعدات المطلوبة بشكل أفضل، بالإضافة إلى تسهيل عمليات التسليم لتلك المساعدات، وحاليا نعمل على تغطية العمل في معظم المناطق اليمنية وهناك مناطق صعب الوصول إليها مثل مأرب والجوف ونقوم بعمل تقييم بشكل أسبوعي من حيث إمكانية توسيع العمل فيها.
* كيف تقيمون الأوضاع الإنسانية في اليمن وماذا عن جهودكم في هذا المجال؟
– في الحقيقة الحالة الإنسانية في اليمن لم تشهد أي تحسن حيث إن إحصائياتنا تشير إلى تدهور كبير في الأوضاع الإنسانية، هناك ملايين من اليمنيين بحاجة ماسة للمساعدات، حيث تزايدت احتياجات الأشخاص المعرضين للخطر عبر مختلف القطاعات في خضم الصراع الدائر الذي ألحق أضرارا بالغة بحياة المدنيين وألقى بظلاله الثقيلة على الأوضاع الإنسانية والظروف المعيشية لجميع المواطنين.
في بداية العام أطلقنا نداء الاستجابة العاجل بقيمة 1.8 مليار دولار للعام 2016م بزيادة حوالي 300 مليون دولار عن العام الماضي ما يؤكد على الحاجة الشديدة للمساعدات الإنسانية في اليمن، وهدفنا في”اوتشا” هذا العام للوصول إلى حوالي 13.6 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة منقذة للأرواح .
الوضع سيئ
ونحن لازلنا نؤكد أن الوضع الإنساني سيئ ويزداد سوءاً نتيجة عوامل كثيرة، ونحن في الأمم المتحدة قلقون من تدهور تلك الأوضاع، خصوصًا وأن هناك مؤشرات غير جيدة بخصوص تدهور الخدمات الصحية وغياب الخدمات الأساسية في اليمن بالإضافة إلى تدهور الأمن الغذائي للسكان في اليمن حيث إن 7.5 مليون شخص يعانون من شدّة الافتقار إلى الأمن الغذائي الحاد وهذا يعني أن هؤلاء المواطنين يصحون كل يوم وهم لا يعلمون إن كانت لديهم وجبة غذائية أم لا. وبحسب المسوحات الأولية في هذا الجانب تشير النتائج إلى أن المجاعة في اليمن وصلت إلى المرحلة الرابعة أي التصنيف الرابع وهي مرحلة واحدة قبل الوصول إلى مرحلة المجاعة.
كما أن هناك 2.8 مليون شخص نزحوا بعيدا عن ديارهم بسبب النزاع تركوا منازلهم وانتقلوا إلى مناطق أخرى وجزء كبير منهم يعتمد على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإغاثية، هناك مؤشرات بعودة بعض النازحين إلى منازلهم ولكن ليس لدينا المعرفة إن كانت العودة دائمة إلى المنازل أم لا.
تحديات
* ماذا عن التحديات التي تواجه عملكم في ظل الظروف والأوضاع الراهنة في اليمن؟
– في الحقيقية التحديات كثيرة ولكن التحدي الأكبر والأهم هو المصادر المالية لتمويل خطة الاستجابة خصوصا أنه التمويل ما يزال منخفضا في مستوياته إلى حد صادم إذ لم يبلغ حجم التمويل الملتقى للخطة سوى 16 % فقط “. وحتى الآن وصلتنا 3 ملايين دولار للأعمال الإغاثية وهو ما يعادل قرابة 17 بالمائة من الاحتياجات الكبيرة والإمكانيات القليلة، ومن خلال زيارتي لعدد من المحافظات طلب كبير من قبل المواطنين للمساعدات وشاهدت المعاناة اليومية للسكان لكن قدراتنا محدودة للإيفاء بالاحتياجات الأساسية للناس في تلك المحافظات.
شكاوى فساد
* هناك شكاوى عن فساد فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية وتوزيعها وعدم الوصول إلى الفئات المحتاجة، ما ردكم على ذلك؟
– نحن نعمل على توزيع المساعدات الغذائية بناءً على الاحتياجات دون النظر إلى الانتماء المناطقي أو السياسي وعملنا حالياً يغطي كل المحافظات اليمنية باستثناء بعض المناطق التي نواجه صعوبة في الوصول إليها نتيجة الأوضاع الأمنية فيها وهي محدودة جداً، والادعاءات التي يطلقها البعض بهذا الشأن لا أساس لها من الصحة، فعندما زرت تعز التقيت المعنيين من الطرفين فكان هناك تذمر من قبلهم فالطرف الأول يقول إن المساعدات يتم تسليمها إلى الطرف الآخر في المقابل زرت الطرف الآخر الذي أبدى تذمره بشأن توزيع وتسليم المساعدات الغذائية والإنسانية إلى الطرف الآخر وهذا الأمر كان بالنسبة لي مؤشراً حيادياً في العمل .
شفافية في التعامل
* في حالة أن هناك مشاكل وتلاعبا في توزيع المساعدات الإنسانية كيف تتعاملون كأمم متحدة معها؟
– إذا ما وجدت أي من تلك المشاكل فإننا نتعامل معها بشفافية تامة ونعمل على معالجتها والتحقيق فيها ومحاسبة المتسببين، لكن إلى الآن لا توجد أي مشكلة أو قضية رفعت إلينا بهذا الخصوص والعمل يتم بشكل صحيح وما يتم الترويج له من اتهامات هي في الحقيقة لا أساس لها من الصحة.
* ماذا عن نتائج زيارة الوفد الأممي مؤخرا إلى اليمن برئاسة السيد جون غنغ مسؤول العمليات في مكتب “أوتشا” في العالم؟
– الزيارة المشتركة التي قام بها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي إلى اليمن برئاسة السيد جون غنغ مسؤول العمليات في العالم بمكتب “أوتشا”، كان الهدف منها إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي والمانحين بشأن الاهتمام بالأوضاع الإنسانية في اليمن، وكانت الزيارة مثمرة وإن كانت قصيرة وتم خلالها الاطلاع بشكل مباشر على الأوضاع الإنسانية ومشاهدة المحنة التي يعيشها الشعب اليمني ما يعزّز ضرورة قيام الأطراف الإنسانية الوطنية والدولية بتوسعة نطاق استجابتها لحماية ودعم السكان. كما أن الزيارة بادرة أمل أن هناك من يتفهم معاناة الناس في اليمن ونقلها إلى الخارج عن معاناة السكان هذا البلد، خصوصاً وأن الناس في اليمن غاضبون لأنهم يشعرون بالمعاناة وأن لا أحد يهتم بشأنهم، وكان هناك نداء كبير من قبل الوفد الأممي بعد انتهاء الزيارة عبر وسائل الإعلام حول خطورة الوضع في اليمن والضغط على المجتمع الدولي من أجل الاهتمام باليمن وزيادة الدعم المقدم له.
اتهامات
* هناك اتهامات لكم بخصوص نشر إحصائيات غير دقيقة ومتأخرة عن الحالة الإنسانية في اليمن كإحصائيات القتلى والجرحى حيث إن إحصائياتكم تشير إلى 6 آلاف قتيل بيمنا الرقم أكبر بكثير، كيف تردون على ذلك؟
– فيما يخص الأرقام المتعلقة بالقتلى والجرحى نعتمد على الأرقام والإحصائيات الرسمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التي بدورها نأخذها من المرافق الصحية، وعبر مصادرها الطبية وغيرها. ونحن ندرك أن الرقم غير دقيق فيما يخص القتلى والجرحى وندرك أن العدد أكبر بكثير مما ينشر.
أما فيما يخص القطاعات الأخرى لم يكن هناك عدد دقيق فيما يخص الرعاية الصحية، أما فيما يخص المجاعة فإن المعلومات المتوفرة لدينا والأرقام يتم أخذها من قبل المكاتب التابعة الفرعية وبها طواقم عمل تعمل مع الجهات المحلية في المحافظات ويتم الرفع بالمؤشرات والأرقام الدقيقة بهذا الجانب وهي دقيقة جداً.
تغطية المناطق
ماذا عن توجهاتكم في توسيع عملكم باليمن؟
– نحن ندرك أن العمل الإنساني مهم جدا في ظل الأوضاع التي تمر بها اليمن ونحن حاليا نعمل على تغطية مختلف المناطق في اليمن ونهدف إلى توسيع العمليات الإنسانية من أجل الوصول إلى السكان المتضررين والذين يحتاجون بشكل عاجل إلى الأمان والغذاء والمياه والرعاية الصحية الأساسية والتعليم لأطفالهم في مختلف المناطق اليمنية، ولكن الاحتياجات تتزايد بكثرة وبما يفوق قدراتنا، الأمر الذي يتطلب تأمين الإمكانيات والمصادر المالية اللازمة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية للقيام بعملها وتوفير المساعدات وتأمين حماية المدنيين.
وهنا أود الإشارة إلى أنه ورغم جهود العمل الإنساني لرفع معاناة اليمنيين إلا أن ذلك ليس الحل لإنهاء الحرب ووقف شلالات الدم ولحماية المدنيين، ولكن الحل السياسي هو المخرج الوحيد للأزمة وتحسن الأوضاع الإنسانية في اليمن .
تنسيق
* ماذا عن تنسيقكم مع المنظمات الشريكة في المجال الإنساني وكيف يتم اختيار المنظمات المحلية لتنفيذ أعمال الإغاثة؟
– الحقيقة نحن نعمل على شكل كتل أو مجموعات متخصصة مثل الحماية والصحة والتعليم والتنمية وغيرها وتعمل المنظمات الشريكة في العمل الإنساني على تلك الكتل من خلال وضع الخطط للأولويات في مناطق الاحتياج من خلال اجتماعات دورية تتم من قبل المنظمات، خصوصا وأن المنظمات لديها المعرفة باحتياجات السكان المتضررين ومن خلال قربها من المجتمعات، وهو ما يعني أن بوسعنا أن نلعب دوراً مهماً في عملية التنسيق وصولا إلى تحقيق الأهداف.
فيما يخص اختيار شركاء العمل من المنظمات المحلية يتم الاختيار بناءً على القدرات والاحتياجات وخبرات العمل، حيث وإن هناك مجموعة معايير يتم من خلالها اختيار المنظمات منها الخبرة والقدرة المالية والحسابية، حيث تهدف تلك المعايير إلى تحسين فعالية تقديم المساعدات وإيصالها إلى المناطق المتضررة.
نحن كمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، بحاجة إلى مواصلة تعزيز عمليات التنسيق من حيث سبل العمل مع المنظمات المحلية ومن الأهمية بمكان أن نعمل معاً وأن نفهم بعضنا البعض فالأمر في نهاية المطاف يتعلق بالاستجابة للأشخاص المحتاجين. وبالتالي نحن حريصون على معايير اختيار الشركاء العاملين ولا ننظر إطلاقا إلى مواضيع الانتماءات السياسية أو المناطقية أو غيرها لأن المعايير التي يتم من خلالها الاختيار مهنية بحتة .
36 مليون دولار
* وماذا عن تمويلكم لتلك المنظمات وكم هو المبلغ المخصص؟
– مكتب”الأوتشا” لديه مصدر للتمويل وهو صندوق التمويل المشترك وبالتالي هناك رقابة وحسابات دورية لما تم إنفاقه وكيفية العمل، وقد تم مؤخرا تخصيص 36 مليون دولار للمنظمات العاملة في المجال الإنساني، وهناك رقابة ومحاسبة دورية علينا في المنظمة “اوتشا” وبالتالي نحن نعمل بكل شفافية.
* ماذا عن دوركم في العمل السياسي في اليمن؟
– نحن الذراع الإنساني في الأمم المتحدة وليس لدينا أي ارتباط أو علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالعمل السياسي، ولكننا نعمل على إطلاق الدعوات لمختلف الأطراف إلى تسهيل ودعم أنشطة المساعدات الإنسانية في اليمن وعدم عرقلة عمل منظمات الإغاثة أو منع توصيل المساعدات الإنسانية في اليمن.
* كيف تقيم قمة العمل الإنساني في تركيا، وهل هناك توصيات بدعم اليمن؟
– القمة تعتبر الأولى من نوعها، كانت فرصة لجميع قادة العالم ليقفوا وقفة مسؤولة تجاه ما يجري في العالم من أجل تحمل القادة مسؤولياتهم تجاه المدنيين في كل مكان وأهمية توفير الإمكانيات اللازمة للمنظمات الإنسانية لتقوم بعملها الإنساني.
وكانت فرصة كذلك لطرح الأوضاع الإنسانية في اليمن على الطاولة ونقل صورة لما يعانيه اليمنيين من أوضاع إنسانية ما يستدعي حشد الدول الأعضاء لمساعدات العمل الإنساني في اليمن، وقد تحدث الممثل المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية السيد جيمي ماكغولدريك عن معاناة الشعب اليمني بالإضافة إلى أن وفدا من المنظمات المدنية في اليمن شارك في القمة وتحدث عن الوضع الإنساني وطالب بالعمل على زيادة الدعم للعمل الإنساني في اليمن من أجل التخفيف من المعاناة التي يعاني منها الشعب اليمن جراء الأزمة التي تعصف بالبلاد.
* ما هي الرسالة التي تحبون توجيهها في ختام هذا اللقاء؟
– أدعو الجميع من المانحين والمنظمات الدولية إلى ضرورة العمل على مساعدة الشعب اليمني بقدر الإمكان والعمل على توفير المساعدات وتأمين حماية المدنيين. كما أوجه رسالتي إلى القطاع الخاص في اليمن والذي له دور أخلاقي وإنساني أن يعمل على تقديم الدعم والمساعدة من أجل تخفيف المعاناة من المتضررين والعمل على تحسين الأوضاع الإنسانية في هذا البلد المضياف الذي يستوعب اللاجئين الأفارقة رغم المعاناة التي يمر بها والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن.