فيما الأسواق تلعب على وتر العملة الصعبة واقتراب رمضان

المواطن بين لهيب الأسعار وموسمية زيادة الطلب

تحقيق / رجاء عاطف

بعد أن استطاع المواطن اليمني التكيف مع الأوضاع الراهنة وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الرئيسية والمشتقات النفطية، كان يؤمل أن هذا هو الحد الأقصى من المعاناة.. لكنه فوجئ الأيام الماضية التي بدأ فيها العد التنازلي باتجاه شهر رمضان وهو رعب موسمي يصيب المواطن.. لكنه هذا العام كان أكثر إخافة وإقلاقاً لسكينة البسطاء.. حيث شهدت الأيام القليلة الماضية تقلبات أسعار العملات الأجنبية عاكسة نفسها على أسعار المواد الأساسية..
الحد لم يتوقف هنا بل ما يزيد الوضع تعقيدا هو احتكار وتخزين الكثير من السلع من قبل التجار والباعة وأيضاً رفع أسعارها تلقائياً دون مراعاة لظروف المواطن وما تمر به البلاد من تدهور في الحالة الاقتصادية ، لتبدو الأمور قاتمة أمام المواطنين دون وجود أي بصيص أمل في أن تتحسن الأوضاع.. في هذا التحقيق سنتتبع مخاوف المواطنين ومعاناتهم.. وما الذي يجب على الجهات المعنية فعله…….. إلى التفاصيل..

عجز الكثير من المواطنين عن شراء حاجياتهم من السلع الغذائية كاملة بل اكتفوا بأخذ السلع الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها طوال العام خاصة لشهر رمضان الكريم ، هذا ما أكدته حفيظة الصعدي –مواطنة ، والتي ترى أن ارتفاع الأسعار ليس جديداً علينا بل نشهده دائما خاصة عند قدوم شهر رمضان والسبب هو استغلال التجار للوضع الراهن والحرب والحصار دون الرقابة عليهم أو محاسبتهم ، وأضافت الناس رضوا بالمكتوب لهم وهاهم يتأقلمون ويقضون حالهم بأخذ السلع الأساسية .
ويقول المواطن رشيد خيران : أن المواطن اليمني يتعرض لعدوان من جميع النواحي العسكرية والثقافية وأن ارتفاع الأسعار هي هجمة مثلها مثل باقي الهجمات عليه قد أثقلت كاهله مُنذ زمن طويل ، ويضيف أن هذا العام هو أشد مما سبقه من الأعوام بسبب الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد وأن المسئولية يتحملها التجار عديمو الضمير بالدرجة الأولى والجهات الحكومية والرقابية أيضاً تتحمل جزءاً كبيراً من هذه المسئولية .
استياء ومخاوف
بعد أن سببت موجة ارتفاع الأسعار في السلع الاستهلاكية هلع وخوف الناس فقد توجه الكثير ممن لديهم القدرة الشرائية إلى المحلات التجارية لأخذ حاجاتهم التي ربما لتكفيهم عاما كامل.. هذا ما قاله المواطن يونس الحاج، والذي عبر عن استيائه من هذا الوضع الذي يعيشه المواطن المغلوب على أمره في هذا الوطن والذي جارت الظروف والزمن عليه وصار الكبير منهم يلتهم الصغير، وأشار رغم هذه الكارثة التي تحل بنا كل عام إلا أننا سنتحلى بالصبر والصمود أمام كل هذه المنغصات وسنواجه الظروف بنفوس راضية.
مبررات
كانت الحجج والمبررات لدى التجار والباعة هي ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتكاليف الاستيراد وأشياء أخرى برروا بها هذا الارتفاع والغلاء الفادح الذي طرأ بين ليلة وضحاها وهذا ما أشار إليه أحد أصحاب المحلات لبيع السلع الغذائية والذي فضل عدم ذكر اسمه في الموضوع ،وكما يقول هذا الوضع هو وضع كل عام غير أن الجديد هو ارتفاع صرف الدولار وبالتالي التاجر يرفع السعر حسب العملة وكذلك الاستيراد لأن ذلك يكلف عليه الكثير ونحن نرفع بقدر ما ترفع علينا الشركات ولا يد لنا بالموضوع وكلنا يرى لقمة عيشه ..
وهنا أوضح رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك –فضل منصور : أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية جاء نتيجة الإقبال المتزايد على الشراء من قبل المواطنين مع قدوم شهر رمضان المبارك وبالتالي استغل بعض ضعفاء النفوس هذا الإقبال برفع الأسعار والتحجج بارتفاع الدولار بينما الأسعار العالمية وفقا لمؤشرات منظمة الأغذية والزراعة انخفضت خلال السنوات الماضية وهذا العام بنسبة 45% ولم ينعكس هذا الانخفاض على المستهلك اليمني ، وأضاف أن الانخفاض بالأسعار العالمية كان في الحبوب والزيوت والألبان والبقوليات ، وذلك نتيجة عدم توفر البيانات العالمية ومتابعتها ورصدها من قبل الجهات الحكومية المعنية كما أن دور هذه الجهات محدود للغاية رغم أنها أصدرت بياناً يوضح أسعار سلعتي القمح والدقيق ولم يلتزم أي تاجر بالسعر المعلن نتيجة لعدم توفر آلية محددة تضبط العملية بكاملها فما تم هو لمجرد الاستهلاك الإعلامي فقط ، وأضاف فضل منصور: جمعية حماية المستهلك حذرت من ارتفاع الأسعار كونها ستقضي على القلة الباقية وتزيد مساحة الفقر والانحلال الاجتماعي وانهيار كافة القيم ونتائجها ستكون مدمرة ولا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى ، وطالب باسم الجمعية  المستهلكين التوقف عن الشراء للسلع الغذائية وغيرها ، فلربما يؤثر ويعيد الضمير الميت لدى المستغلين والمحتكرين لغذاء الشعب دون حسيب أو رقيب ، مشيراً إلى أن الجمعية أصدرت نداء على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسوك للمستهلكين بهذا الشأن وللمستغلين والمحتكرين بألاّ يساهموا بقتل المواطنين.
تزايد مواسمي
يضيف رئيس جمعية حماية المستهلك : أن المتتبع لحركة السوق يلاحظ أن السلع متوفرة ولا توجد أي إشكالية فيما يتعلق بالمعروض من السلع ، إلا أن الموضوع المهم والخطير في العملية هو أن المعروض من هذه السلع يتوزع بين سلع متدنية الجودة ، وسلع مغشوشة وسلع مقلدة وسلع قريبة الانتهاء وسلع منتهية وسلع معاد تعبئتها بدون أي بيانات، وهذه السلع تتوزع بين الغذائية بجميع أنواعها والالكترونيات والملابس وأدوات التجميل والأدوية وغيرها من السلع وهذه الفئات تشكل الرقم الأكبر من المعروضة والمتوفرة في طول البلاد وعرضه، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تتزايد من عام لآخر نتيجة لعدة عوامل من زيادة الفقر بين السكان تدني مستوى المعيشة ارتفاع نسبة البطالة، تدني مستوى الأجور، النزاعات الداخلية ، العدوان الخارجي ،انعدام الضمير والقيم لدى ممارسي هذه الأعمال ، ضعف أجهزة الرقابة وتهاونها ،وأخيراً مشاركة ضعفاء النفوس من التجار في التدمير الداخلي والقتل للمواطن نتيجة هذه الممارسات عدم اهتمام الأحزاب والقوى السياسية بمعيشة المواطنين والعمل على توفير غذاء آمن للمستهلكين والذي أصبح مفقوداً في ظل هذا الوضع.
(حرب العملات)
ومن جانبه يرى خالد محمد حنظل – رئيس قسم العمليات المصرفية ببنك كاك الإسلامي: أن ما يشهده العالم اليوم تتجلى الحقيقة بوجود إعادة لصياغة خارطة العالم وهندسة الكون سياسياً واقتصادياً واستحداث لأنواع جديدة للحروب تختلف عما شهده العالم مؤخراً، وأن إشعال ما يسمى بـ(حرب العملات) التي تمارس تأثيرات سلبية في اقتصاد الدولة وتلحق الضرر به وبالمستهلك العادي ذو الدخل المحدود من خلال الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، وما هي إلا حرب اقتصاديه يقصد بها التلاعب بسعر صرف العملة الأجنبية واستخدامها كسلاح باعتباره إجراء سريع المفعول للضغط أو إلحاق الضرر باقتصاد دولة ما أو بمجموعة دول بهدف إجبارها على إعادة النظر في السياسة التي تنتهجها أو تغيير إجراءاتها الاقتصادية والمالية ، وهذه الحرب لا يمكن تحريكها إلا من دول كبرى، وأضاف حنظل خلال حديثه: أن الصراعات السياسية تلعب دوراً كبيراً على اقتصاد أي بلد وهذا ما تشهده بلادنا اليوم والذي يدعو للأسف والحسرة أن يتم التخطيط لافتعال وإشعال حرب العملة على يد زمرة من أبناء الوطن من أصحاب رؤوس الأموال وكبار التجار وعصابات شركات الصرافة سعياً وراء جني وكسب الأرباح الخيالية والتي نعتبرها غير قانونية وغير مشروعة مستغلين ضعف الدولة في أحكام السيطرة على مرافق الدولة ومتناسين كل الأوضاع المأساوية التي تعصف بالمواطن اليمني ودون مراعاة لحالته المعيشية والصحية والأمنية كل هذه الهزات والأزمات الاقتصادية التي تعصف باقتصاد الوطن تعود انعكاساتها سلباً علي مستوى معيشة المواطن اليمني الذي يتحمل كل هذه التبعات من زيادة في الأسعار وغلاء المعيشة وبعد أن أصبح دخله في انخفاض متواصل فقد أصبحت  قيمته اليوم لا تساوي 70% من القيمة الحقيقية قبل نشوب الصراع السياسي وبدأ المواطن ذو الدخل المحدود يفقد ويتنازل عن بعض المواد والسلع والإبقاء على شراء سلع غذائية أساسية لا يمكن التنازل عنها..

قد يعجبك ايضا