10آلاف طفل يمني.. حصاد الحصار والعدوان

تحقيق / أسماء حيدر البزّاز

ليسوا بالعشرات أو المئات بل عشرة آلاف طفل يمني في عمر الزهور بين شهيدٍ وجريح صاروا ضحية عدوان غاشم حول طفولتهم إلى قصص وغصص أليمة جاوز مراراتها عنان السماء ظلماً وعدوانا فبأي ذنب تزهق أرواح هؤلاء الأبرياء..؟ وأي شرع يتيح لآلة الغدر أن تستبيح طفولتهم وبراءاتهم..؟ كل يوم يقف أطفال اليمن بانتظار الموت، فما من غارة يشنها العدوان إلا وتحصد عددا من فلذات أكبادنا.

لقد زرعوا في قلوبهم الرعب ولكنهم مع اشتداد الغدر يعلمون جيداً أي مستقبل عظيم ينتظر أجيال اليمن فعمدوا إلى قتلهم والبطش بهم، لا تهز فيهم إنسانية تجاه تلك البراعم التي لم ترتكب يوما ذنباً إلا أنها من تراب هذا الوطن المعطاء.
زرنا هؤلاء الأطفال الضحايا في عدد من المستشفيات وهم على الأسرة مقعدون منهم من فقد قدمه وآخر بترت يداه وآخر فقد بصره وذاك أحرق جسده وهذا مشوه وذاك بين نداء الموت وصمود الحياة.
مشاهد مؤلمة ما تحملتها الجبال لعظم مصابها ولكنهم لأحقية مظلوميتهم صامدون ثابتون، رباطة جأش تهز عروش الظالمين، ولرب دمعة نزلت من هذا الصغير كفيلة بأن تحرق عروش الجبابرة، كيف ولا وقد ارتسمت على محياهم معالم العزة والنصر ويكفي من هذه البسمة خير دليل وشاهد على ذلك، وليس ببعيد عن هؤلاء الجرحى تكمن العديد من القصص ففي ثلاجات الموتى مئات من الجثث التي طوقتها آلاف من الأحداث المريرة وهنا نساء ثكلى قد تكالبت هموم الدهر وأحزانه على قلوبهن حزناً ونحيباً على رحيل أبنائهن ونظرة ودواع قبل أن نتوارى أجسادهم الطاهرة الثرى.
وعلى غارات الجرائم الوحشية بحق أطفالنا تطل البراءة والبسمة حليفة أطفالنا مهما تجبر المتجبرون فيبقى الحلم بأن يرى أبناؤنا مستقبلهم المنشود واقعاً تطأه أقدامهم وتحلق فيه طموحاتهم وليس ذلك على الله ببعيد.
هي فاجعة إنسانية ومجتمعة لكنها لم تعز ضمير العالم الذي لم يحرك ساكنا رغم  تحذيرات حقوقية من خطورة وفداحة تلك الجرائم اليومية بحق أطفال اليمن جاء ذلك جليا في تقارير منظمة اليونيسف واتحاد أطفال اليمن ومؤخراً ما تم إعلانه في مؤتمر جنيف بحصاد غارات العدوان عشرة آلاف طفل يمني في كارثة إنسانية وأخلاقية على حد سواء.
نشوان
الطفل نشوان الشرفي أحد هؤلاء الضحايا الذي أصيب بشظية في رقبته إثر الغارات التي شنها العدوان على منطقة التحرير بصنعاء باستهداف معسكر القيادة ظل شهور على سرير الألم ومن مستشفى إلى آخر حتى وافته المنية.
أم نشوان في غصة من الألم والدموع على رحيل فلذة كبدها لم تستطع أن تستوعب حرقة قلبها وصدمتها بوفاته شاكية بثها وحزنها إلى الله، وقالت: جاء الموت إلى صغيري وهو في غرفته جراء الغارات المتكررة على معسكر القيادة بالتحرير فنحن ونحن في منازلنا التي  لم تعد آمنة فأين نذهب ولم يعد في وطني مكان آمن.
من المحافظات
ليس نشوان وحده من ذهب ضحية ذلك فعشرات الآلاف من أطفال اليمن تزهق أرواحهم يومياً وهو ما أكدته لنا رئيس قسم التمريض بمستشفى السبعين بصنعاء آمنة علي عبدالله والتي أوضحت أن المستشفى يستقبل يومياً حالات حرجة من الأطفال ما بين جريح وشهيد سواء من العاصمة أو من المحافظات الأخرى وخاصة حالات الحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة والتي تنتهي معظمها بالوفاة لخطورتها في كارثة بحق أطفالنا الذين لا ذنب لهم ولا حول ولا قوة.
على خط الإنصاف
رئيس منظمة الطفولة الدكتور محمد الحميري يقول: دائماً الأطفال هم أول من يدفع ضريبة الحروب والنزاعات الداخلية وينالهم منها الكثير من ويلاتها والتي تنطوي تحت الجوع والمرض والتشرد أو تعرضهم للإصابة بالعجز الجزئي أو الكلي أو الوفاة وهو القدر المحتوم وما يحدث لهم هي جرائم إنسانية بامتياز والحصيلة الواردة تعد فاجعة وللأسف الأرقام مازالت في تزايد بهذا الشأن وهو أمر مخيف وكارثة خطيرة تهدد المجتمع على المدى البعيد، فالأطفال هم شباب المستقبل وهم اللبنة الأولى فيه وبدل أن نستقبل جيلاً سليماً ومعافى في فكره وبدنه سنجد أمامنا عوائق كثيرة لإعادة تأهيلهم في مختلف شؤون الحياة، فالحروب والنزاعات تخلق الكثير من المؤثرات  السلبية على الواقع ونحن نتمنى من قياداتنا والمجتمع الدولي ودول الإقليم أن يضعوا أبناءنا نصب أعينهم ويجنبوهم تلك الحروب الدامية والخراب والدمار الذي يكاد يفتك أيضاً بالكبار فالعدوان أياً كان إنما يأتي بالشقاء والمعاناة للشعوب ما لم يكن هناك مكان للحكمة في عقول قياداتها بالتصدي لكل أسبابه والبحث عن الحلول والمخارج التي تجنب البلاد المزيد من المهالك من أجل توحيد الجهود بين كل القوى على قاعد أصيلة عنوانها أن مصلحة اليمن هي فوق كل مصلحة، وأن أطفالنا هم أمانة في أعناقنا جميعاً.
القانون الدولي
وأما أستاذ القانون الدولي بجامعة صنعاء الدكتور أحمد حميد الدين يرى أنه حينما يريد النفوذ الدولي أن يستيقظ يحس بأوجاع العالم الثالث.. وتزعجه آلام الآخرين ليقيم عليها استراتيجيته الجديدة.. ألم يكن يعلم بهذا من قبل.. ألم يسمع صراخ الأطفال وأنين أمهات ثكالى على أطفالهن..؟ فالإنسانية الأممية في خدمة المصالح الاستكبارية، إذا تطورت إنسانية الأمين العام من القلق إلى الحزن فهذا أقصى ما يستطيع القيام به..

قد يعجبك ايضا