الحديدة..ودموع التماسيح
حمدي دوبلة
تناول إعلام العدوان الأوضاع الإنسانية المتردية في محافظة الحديدة باعتبارها أخباراُ طريفة ومن ذلك النوع الذي يجذب الجمهور لغرابته على غرار خبر أداء الطلبة للامتحانات متجردين من ملابسهم بسبب الحر الشديد وعدم وجود الكهرباء، لكن كل تلك الأبواق لم تشر من قريب أو بعيد إلى قرار قيادة تحالف العدوان بمنع وصول مادة المازوت الخاصة بمولدات الطاقة إلى ميناء المدينة المخنوقة وقرار إنزال العقاب الجماعي بحق الملايين من سكانها الأبرياء.
هناك في عروس البحر الأحمر حيث الفل والبخور والجمال وعبق التاريخ الذي ينساب في الأزقة والطرقات العتيقة أرثا إنسانيا حيًاً وحيث أصحاب السواعد السٌمر والقلوب البيضاء والابتسامة المقيمة على شفاه الناس وحيث يتزاوج جمال الطبيعة الرباني بإبداعات أبناء البشر المكافحين وحيث شواطئ السحر الفسيحة ومنابع الأصالة والتاريخ ..هناك في الحديدة حيث مرابع الصبا والتصابي وذكريات الأيام الخوالي و حيث تسكن في نفوس وعقول الكثيرين من أبناء اليمن نفحات عطرة من الماضي المفعم بالأفراح والليالي الملاح ..في هذه المدينة لم يعد من كل ذلك الا الذكريات والآهات فقد تكالبت عليها قوى الشر والطغيان والفساد وجعلت منها مدينة منكوبة وعنوانا للمعاناة ومستنقعا لانتشار الأوبئة والأمراض.
لن نريد هنا ان نلقي باللوم كله على العدوان وأدواته ومرتزقته فهذا العدو قد اضمر ويضمر وسيظل مضمرا لكل أنواع الأحقاد والبغضاء على الوطن اليمني جميعا وعلى كل شيء جميل فيه ولم يترك نقيصة أو حظيظا إلا ارتاده وسجل بصماته السوداء فيه وهو يعبر عن أحقاده الدفينة إزاء اليمن وبشكل يومي منذ أكثر من 14شهرا لكن العتب الذي نقصده هو ذلك الذي يجب أن يُوجه إلى الفعاليات الوطنية من قوى سياسية وأحزاب ومنظمات مدنية ورجال أعمال وكل القوى الحية في المجتمع اليمني والتي وقفت عاجزة تشاهد أفاعيل الأعداء مكتفية بتحميلهم مسؤولية التداعيات حتى وصلت الأوضاع الخدمية والإنسانية إلى هذا المستوى المريع والكارثي دون أن تجهد نفسها في عناء ابتكار الحلول ووضع المعالجات السريعة والممكنة وفقا للإمكانيات المتاحة وليت الأمر توقف عند هذا الحد بل أن البعض جعل من معاناة وآلام الناس هناك مواضيع مناسبة للتندر والاستظراف ومنهم للأسف من يسعى إلى التكسب والاسترزاق على حساب دموع ودماء الضحايا.
لا يكفي أبدا أن نرى الجميع اليوم وهم في موقف المتفرج عديم الحيلة كما لا تكفي عبارات التنديد بالعدوان وجرائمه بحق الحديدة والوطن عموما بل يجب التحرك العاجل وتوحيد الجهود الرسمية والشعبية لوضع حد للمعاناة المتفاقمة والعمل على كبح جماحها والتخفيف من آثارها قبل فوات الأوان “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”