عبد الوهاب شمهان
السياحة ضيافة وخدمات، إنها صناعة للسلوك ومخزن للقيم والأخلاق وصناعة للمنافع وتبادلها تحكمها قواعد وأسس وأدبيات عالمية مدونة فلا مكان فيها للانطواء والعمل الفردي.
السياحة لا تعني الراحة والاستجمام والفسحة على رمال الشواطئ والغوص في مياه البحر والمشي في الوديان وفي ممرات الجبال، السياحة تشمل كل نشاط إنساني يسعد الإنسان، السياحة تبدأ من طموح المسؤول وحبه لوطنه، المسؤول المتفاني والصادق الذي يجمع الشمل ولا يفرق، السياحة هي بناء الثقة داخل البيت الواحد، وتعاون الكل لتظهر الصورة الرائعة الجاذبة، فهي ضيافة وسلوك وفكر وخبرة وحسن قيادة وسياسة لأن السياحة لا تنفصل عن السياسة وانظروا إلى تصرفات الدول والأشقاء الجيران ضد السياحة اليمنية وبداية نموها، وتحريض عناصر التخريب وعصابات الاختطاف، فلا تفصلوا السياحة عن السياسة وكل من يقول غير هذا فهو يتجاهل الواقع، تأملوا عندما يراد إيذاء بلد تبدأ الدول المصدرة للسياحة بمنع التفويج السياحي إليه ومنع رعاياها من زيارته، والسياحة تعتمد على الإنسان بنقائه وصفاء نفسه ورؤيته للماضي والحاضر والمستقبل، لأنها تمثل جانبا من حياته الرائعة لذلك فالسياحة أيضا تعني الاهتمام بالمرأة والرجل والطفل والشيخ والمريض والعاجز والمعاق تعني الرعاية وتوفير خدمات تشمل كل محب للحياة والثقافة والتاريخ وكل متطلع إلى غد أفضل، والسياحة في اليمن هي قصة ضيافة وتراث تتناقله الأجيال، قصة فريدة في التاريخ تظهر في آثار سد مأرب وأعمدة معبد الشمس وجامع سليمان ومأرب القديمة وصرواح المجد، تظهر في براقش وظفار، والمدن التاريخية الحية صنعاء الصمود وزبيد الفقه والعلوم وشبام الوادي وشبام الجبل وكوكبان الحصن المنيع وثلا والطويلة وشهارة وجبلة والمعالم والقلاع والحصون والمساجد، السياحة هي قصة تاريخ وحضارة قصة أمة ذات بأس شديد أمة شيدت وعمرت، أعطت المرأة حقها في السيادة والريادة والزعامة، قصة لا تختزل بأيام وحكاية نضال وثورة مستمرة وتضحية تمهر بالأرواح والدماء إنها قصة اليمن واليمانيين عبر التاريخ الماضي والحاضر بآلامه وآماله بعلو هامة الرجال في ميادين القتال وفي قمم الجبال في باب المندب ونهم والحزم ومران في نقم وعيبان ومناخة في كل جزيرة وشاطئ في كل ذرة رمل قصة وحكاية فلا تقفل أبوابها ولا يحصر دخولها ولا تحتكر منافعها وخدماتها، إنها قصة وطن لا يستغني عن أبنائه، لا تفرقه الأهواء ولا الطوائف والمذاهب، وقصة محترفين في خدمة الإنسانية بشاشة وابتسامة لكل وجه وعابر ومقيم لكل طفل وطفلة، قصة ثقافة ومحبة، فالسياحة إنفاق واستثمار وبناء وأول الاستثمار في إعداد الإنسان ليكون قادرا على فتح أبواب الرزق الشريف والعمل المتقن يعتمد في تعامله الكياسة والذوق والأدب، والبساطة والقرب من الناس والترحيب بالضيف، والإسراع في مساعدته، إنها مهنة المهن يعزز القيام بها حب الوطن، حب اليمن . السياحة هي فكر وإدارة وسياسة واقتصاد وإنتاج وعلم وترفيه، السياحة مزيج من التفاعل الإنساني العالمي لا يفقه جوهرها إلا كل محترف في حب الإنسان من حوله، فهي تبنى على المصداقية وبناء الثقة وحسن التعامل والسلوك وكل ذلك يحمله كل موظف وعامل في قطاع السياحة بمشاعره ووجدانه كونها مسؤولية تبدأ تسلسلها من أول خطوة في ساحتها إلى كتابة برشور ودعوة ضيافة ووضع استراتيجية وتخطيط مشاريع وتهيئة مزارات وحفظ أمن واستقرار وتنسيق حديقة ونظافة مطعم وخدمات فندق، إعداد وتهيئة ومشاريع استراتيجية وقيم وأخلاق أمة، فلا يكفي أن تكون موظفا أو عاملا أو مرشدا أو سائقا أو شرطيا أو مديرا أو حتى وزيرا وأنت لم تستوعب ماهية السياحة ولا ترغب في التعلم وكسب الخبرة، إنها نشاط إنساني متداخل ومتكامل تشارك فيه كل قطاعات الإنتاج والخدمات العامة والخاصة وكل أفراد المجتمع ترتكز على القدرة في التسويق والترويج في معارض وأسواق السياحة حيث المنافسة والبحث عن الأفضل، بلدان سخرت كل طاقتها لتقول لمنظمي الرحلات وللسياح بلدنا الأجدر بزيارتك، بلدنا الأكثر ترحيبا بالضيف، لن تندم أبدا وأنت في ضيافتنا، إنها عالم بذاتها متكامل في نشاطه وخدماته، إنه عالم المال والتجارة والثروة والعمالة، عالم تربطه العلاقات والمصالح والمشاعر والأحاسيس ووحدة الهدف والغاية وحب الوطن وإنسانه الذي هو محرر قصة السياحة المكتوبة بشغف الانتماء والتلاحم والإيثار والبعد الوطني والاقليمي والعالمي . لذلك في اليمن قصة السياحة لا يقرأها ولا يخط حروفها إلا كل ذي باع في المبادرة والإبداع والابتكار، من له القدرة في الاتصال والتواصل والتسويق والترويج والعرض ويمتلك المهارات العالية وحسن التصرف المزين بسعة الاطلاع وبعد الأفق مع الشفافية والوضوح، إلى الحد الذي يمكن القول إنه لا يستطيع العمل في ميدان السياحة ضيق الأفق قليل الخبرة من يهدر الوقت والجهد والمال بلا نتائج ولا يحسب لأبعاد تصرفه ولا تعنيه مشاعر الآخرين هكذا هي السياحة كي تعطيك لابد أن تأخذ منك جل وقتك حركة دائمة ونشاطا مستمرا وإنفاقا وتضحية مالية في توفير خدماتها، أما منشآتها فتبنى وفق شروط عالمية يحرص فيها علي تلبية احتياج كل سائح وزائر وكل مقيم، تحافظ على سلامة البيئة ومعايير السلامة، فليس كل مخطط أو بناء يمكن أن يكون منشأة فندقية، فمشاريع السياحة تعد من المشاريع الاستراتيجية الكبيرة التي تتطلب مواصفات عالمية وبيوت خبرة ومال.
Prev Post
قد يعجبك ايضا