رسالة (( باحويرث )) !!

ن ………….والقلم          
عبدالرحمن بجاش
بدا كثيرون مذهولين أو منبهرين بما حصل في بريطانيا !! , وما حصل مسألة عادية بالنسبة لهم, واستثنائية وغير معقولة بالنسبة لنا, فإن يختار عمدة لندن مسلم من أصل باكستاني, فهو يحمل الجنسية البريطانية , ولأنه كذلك فلا أحد يسأله عن ديانته حين يترشح أو ينتخب .
إذا أردتم معرفة الأرضية التي نبتت عليها ما وصل إليه عمدة لندن الجديد, فسأقرأ عليكم بطريقتي رسالة المبتعث إلى بريطانيا من هنا (( هاني باحويرث )), فقد كتب رسالته بعد ثلاثة أعوام قضاها في بريطانيا ولا يزال إلى أصدقائه المفترضين: – شكرا بريطانيا لأن قيمة الإنسان هنا عالية …ويكفي أن تشاهد سيارة الإسعاف أو المطافئ حين يسمع الناس في الشارع صوت المنبه , وكيف يساعدونها في المرور بالانتظام.
– شكرا بريطانيا لأنني أحسست أنني إنسان, فهم لا يعرفون ديني ولا جنسيتي , ولا مذهبي ولا لوني ولا كفيلي, يعرفون فقط أنني إنسان .
– شكرا بريطانيا لأني لا أحمل هوية في جيبي, ولم يوقفني عسكري, ولم يترصد بي رجل مرور, ولم يجرح شعوري مسؤول .
– شكرا لأني أسمع كل يوم كلمة : تفضل, لو سمحت, أعتذر, هل من الممكن ؟ .
– شكرا لأن ولدي له اشتراك في مكتبة مليئة بقصص الأطفال المناسبة لعمره وجدول مناسب ليومه بداية من جلسة قصص إلى جلسة العاب وهو لم يتعد عمره سنة.
– شكرا بريطانيا فزوجتي وابني يزوران المركز الصحي من غير أوراق وهوية وتحويل وطابور, شكرا لعاملة الاستقبال التي تحول زوجتي إلى دكتورة وليس إلى دكتور لأنها تعرف أنها مسلمة, وتفعل ذلك تلقائيا, شكرا لأن أسعار منتجات الأطفال رخيصة, شكرا لأنني أخرج , فلا مطبات, ولا حفر, شكرا لأنني كشفت على عيني بعد أن مر الفحص بثلاثة أطباء, ولم أدفع سوى  10  جنيهات, شكرا لجاري ذي الأخلاق العالية , يأخذ معه بريدي من باب العمارة ليضعه أمام شقتي , شكرا لجاري  الذي يعرض عليَّ أن اترك ابني لديه إذا ما فكرت بالخروج إلى العشاء خارجا مع زوجتي, شكرا للبروفسوره بتعاملها المنضبط , تذكرني بموعد اجتماعنا , وتلخص لي محاور الاجتماع, وتطبع الورقة, وتضعها في بريدي, بل أنها فاجأتني بباقة ورد بمناسبة قدوم ابني, شكرا لعامل الكلية لأنه يُسمعني يوميا كلمة تفضل سيدي, شكرا للشباب البريطاني لأن لا أحدا منهم رمق زوجتي بل على العكس, فهي محل احترام ومساعده .
– شكرا لأنني تعلمت ديني الذي فقدته وأنا طفل, وأنا شاب, وكتب الله لي أن أتعلمه من الواقع الذي يفرضه المجتمع بداية  من الروضة إلى سائق  الباص إلى عامل  الشارع إلى رئيس الوزراء .
هل عرفتم الطريق الذي أوصل الباكستاني إلى عمودية لندن وما الذي أبهر باحويرث ؟؟؟ التربية العامة التي لا تنفصل عن التربية في البيت , لله الأمر من قبل ومن بعد .

قد يعجبك ايضا