الديمقراطية المزيفة والأحزاب

أحمد الأكوع

من المصادفات الجميلة هو أن الأول من شهر مايو صادف عيد العمال العالمي، وفي آخر الشهر يصادف عيد الوحدة اليمني، ولذلك فإن لمايو أهمية كبيرة في نفوس الأحرار من أبناء اليمن، فعيد العمال يثبت أن الشعب اليمني كله يد عاملة، ومهنته الزراعة والتجارة، ويعتمد على نفسه في الحصول على حاجياته الإنسانية من الغذاء، لولا أن بعض الظروف هي التي حالت بين أبناء اليمن وبين اهتمامهم بالزراعة، وقد لعبت القوى المعادية لليمن دوراً رئيسياً في منع اليمن من الزراعة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، أما مايو فيذكرنا بأن النفوس كان قد دب فيها يأس ليدق مسماراً في قلب البرميل الذي كان يشكل الانفصال والتجزئة بين الشمال والجنوب.
إن العمال الذين كانت تحكم باسمهم بولندا على سبيل المثال طالبوا بحقهم في العدل والحرية كيف؟، بولندا تحكم باسمهم، والحكم حكم العمال في دول المعسكر الشرقي كله، ثم يتبين أن العمال في مقدمة المظلومين والمضطهدين ولا يحصلون على حقهم في الحرية والعدل، إذن فالظلم طبيعة بشرية تمارسه النفوس الشريرة، متخفية وراء الشعارات البراقة، وحينما يوجد هذا الشعار أو الشعارات، وادعاء التمسك بالعدل والمثل الأخلاقية، إذن يوجد خلفها ظلم وما أكثر الشعوب المظلومة، وأعظم ظلم تواجهه اليمن اليوم هو ظلم جار السوء الذي أعادها إلى الخلف عشرات السنوات، واستباح حقوقها الطبيعية، ودمر ممتلكاتها وآثارها ومتاحفها التاريخية، وذلك بالصواريخ الأمريكية، والقنابل العنقودية، فكان سيئاً في أخلاقه، وفي مجاورته، وفي كل معاملته، ولما ظهر في بولندا ما ظهر، وصمد العمال الذين كانت تطحنهم الديمقراطية المزيفة، ولكن سرعان ما اشتعلت نار الحرية في الشعوب الأخرى، فتساقطت عروش الديكتاتورية، وانكشف الخداع الذي دام نصف قرن.
أشخاص يحكمون بجماعات قليلة، والجماعات القليلة تحكم بالأحزاب، والأحزاب باسم العمال، بينما هم يطحنون الشعوب والعمال طحناً، وهكذا نجد أن الشعوب القوية المدركة لحياتها ومستقبلها تستطيع أن تخرج من هذه الكوابيس إلى نور الحرية والديمقراطية الحقة لا المزيفة.
من هو عبدالعزيز المساعيد؟
هو عميد دار النهضة الكويتية، وقد كرس حياته لشؤون اليمن، وكان يكتب أسبوعياً تحت عنوان: بـ”القلم الأحمر”، وقد سبق أن أجريت معه كمدير تحرير لـ”الثورة” سابقاً حواراً تناول فيه جميع الأحداث والعلاقات الكويتية –اليمنية وذلك عام 1984م، عندما كنت في الكويت في مهمة، والمساعيد صحفي عربي قومي أحب اليمن من أعماقه، وكان دائماً يتصادم مع أمراء السعودية ويقول لهم: اتركوا اليمن وحاله، ودعوه يبني نفسه؛ لأنكم لا تساعدونه، وإنما تساعدون أصحاب النفوذ، ولا يستفيد منها اليمن شيئاً، فدعوا اليمن وحاله يبني نفسه، وكان المرحوم محمد الزرقة عندما احتل العراق الكويت يتساءل ويقول: أين المساعيد؟، فالمساعيد لا يمكن أن تنساه اليمن، لذلك نقول: إن المساعيد يرحمه الله كان صوتاً لليمن مسموعاً لا يوجد الدهر مثيلاً له.
شعر:
إني أقول لنفسي وهي ضيقة
وقد أناخ عليها الدهر بالعجبِ
صبراً على شدة الأيام إن لها
عقبى وما الصبر إلاَّ عند ذوي الحسبِ
سيفتح الله عن قرب بنافعةٍ
فيها لمثلك راحات من التعبِ

شعر/ للإمام علي بن أبي طالب

قد يعجبك ايضا