تحقيق / رجاء عاطف
هل سيتوقف العدوان ؟ ..هذا مايفكر به اليمنيون هذه الأثناء بعد عام وأكثر من عدوان سعودي تحت لافتة( التحالف العربي) ..عدوان فاق جبروته وسقوطه الأخلاقي كل توقعات العالم الحر..
ووسط وجع المأساة المتفاقمة التي لحقت باليمنيين جراء هذا العدوان يحبس الناس أنفاسهم أملا في نجاح التهدئة التي ترعاها الأمم المتحدة والتي ستقود في حال نجاحها إلى تفاوض ندي في الكويت ينهي العدوان ويرسي الأمن والاستقرار مجددا..
الثورة تسأل ..عن نافذة الأمل التي مدخلها التهدئة ..والسؤال لسياسيين وأكاديميين ..هل ستصمد الهدنة..وسنصل إلى محطة الكويت بسلام ؟ وإليكم الإجابات:
قبل الخوض في بعض القصص المؤلمة تجدر الإشارة إلى أن الثلاسيميا هي نوع من أنواع تكسِّر كِريات الدم الحمراء ينتقل من الأبوين الحاملين للجينات الوراثية (التي تحمل صفة المرض) إلى الأبناء وسببه عجز نخاع العظام عن تصنيع كمية كافية من خضاب الدم السليم ( الهيموجلوبين ) كما هو في خلايا الدم الحمراء الطبيعية وتعتمد حياة المريض على الدم المنقول من المتبرعين شهرياً، وتظهر أعراض المرض بعد ستة أشهر من الولادة أو في أول سنة من العمر لتستمر هذه المعاناة طوال حياته وهي فقر شديد وشحوب بالوجه وصعوبة التنفس وسرعة الإجهاد وتأخر في النمو الجسمي وكذلك هشاشة العظام وتشوهاتها وبروز عظام الوجه والوجنتين بشكل ملفت وأيضاً يحدث تضخم الكبد والطحال بشكل كبير يؤدي إلى تكسر كافة الخلايا الدموية الحمراء غير الطبيعية مما يزيد من معاناة الطفل، كما أن نقل الدم المتكرر يسبب للطفل المصاب ترسب الحديد في أعضاء الجسم مثل الطحال والكبد والقلب والبنكرياس والكلى …وإلخ مما يعيق عمل هذه الأعضاء .
ويؤكد التوصيف العلمي أن الأنيمياء المنجلية هي تكسر دم مزمن نتيجة لتشوه في كريات الدم الحمراء لدى المريض بشكل المنجل يؤدي إلى انحلالها بصفة مستمرة ويؤدي الى حدوث فقر دم حاد مصاحب له آلام شديدة في العظام ومضاعفات أخرى.
علماء الطب يؤكدون أنه لا يمكن الشفاء التام من مرض تكسر الدم إلا بزراعة نخاع العظم أو زراعة الخلايا الجذعية ولكن العملية مكلفة وذات مخاطر كبيرة وغير ممكن إجراؤها في بلادنا..
معاناة الطريق والدواء
ما الذي سوف يقاسيه إذاً المصابون بهذا المرض في ظل عامٍ من العدوان الذي طال المرافق الصحية بالدمار أو بانعدام الدواء في كافة مراكز الصحة في الجمهورية، ليحمل المرضى على السفر من الأطراف إلى العاصمة.. فهذا “عبده مقبل” جاء من وصاب متحملاً هو وأسرته مشقة السفر وصعوبة المواصلات لعلاج طفلتيه أمنية التي أكملت العامين وعائشة لازالت ذات العشرة الأشهر وهما مصابتين بمرض الثلاسيميا حيث أكد الطبيب المعالج إن الوالدين يحملان المرض وهم غير الأقارب ، وهنا يقول : نعاني من صعوبة المواصلات بالأسابيع إلى أن نجد من ينقلنا إلى صنعاء لمركز علاج مرضى الثلاسيميا ورغم ذلك سنتحمل لكن نصل إلى نتيجة وتوفر الأدوية التي يصرحون أنها منعدمة وليست متوفرة مما سيجعلنا بين ذهاب وإياب، والطفلتان تعانيان من المرض والألم .
وكذلك كانت معاناة أم ريم إبراهيم 3 سنوات – الذي جاءت من قاع الحقل بآنس رغم ظروفهم المادية الصعبة لحاجة ابنتها إلى الدواء ونقل الدم كل ثلاثة أسابيع ولكنها تتساءل ما الذي سيتم عمله لهؤلاء الأطفال المصابين بالمرض في ظل انتهاء الدواء وعدم توفره سائلة الله أن يشفي جميع الأطفال وأن تنجلي الغمة عن بلادنا .
المصير بعد انقطاع الدواء
براءة علي نعمان – 4 سنوات تعاني من تكسرات في الدم منذ الشهر السادس بعد الولادة وقالت والدة براءة: ننتقل من مستشفى إلى آخر لمعالجتها لشدة مرضها حيث كان الدواء متوفراً ويعطى مجاناً مع كل إجراءات الفحوصات ولا نشتكي من أي تقصير في السابق من قِبل المركز ولكن الآن وفي هذه الأوضاع والحصار على بلادنا وحصار دخول الأدوية تُحاكي مصير ابنتها بعد انقطاع الدواء حيث أن لا قدرة لهم على شرائه من الخارج أو أي مكان آخر وحالة ابنتها تزداد سوءاً أمام أنظارهم..
لا تتوفر في اليمن
في ظل انعدام الدواء الأساسي قد يضطر المريض لشرائه من السوق بسعر مرتفع إذا كان متواجداً، هذا ما أشارت إليه الدكتورة رشاء النود – طبيبة معالجة بمركز رعاية مرضى الثلاسيميا والدم الوراثي، بداية حديثها، وأوضحت: أن علاج الهيدرا الذي يساعد على إنتاج خلايا جديدة لدى مرضى الانيميا المنجلية ويخفف الألم انعدم في إحدى الفترات من مدة 3-4 اشهر، وبدونه تزيد الانتكاسات وهجمات الألم كما زاد من تكرار المرضى والوفاة الفجأة لهم ،وهذه الأدوية كانت قبل سنتين متوفرة لدى مخازن وزارة الصحة وحاليا لا تتوفر وغير موجودة في اليمن بسبب الوضع الذي تعيشه اليمن في الوقت الراهن وهذا العلاج عبارة عن إبر (حقن) الديسفرال والدوسكفيكسامين أو علاج الأكسجيد وهو أقراص يستخدمها الطفل المريض لسحب الحديد من الدم والآن المرضى ينتظرون، مضيفة كلما أجرينا فحوصات للمرضى مقارنة بالأعوام الماضية نلاحظ أن نسبة الحديد ارتفعت بشكل كبير قد يتسرب في جسم المريض وقد يؤدي إلى أمراض مضاعفة كفشل في الكبد والقلب والسكر ونقص هرمون الغدة الدرقية وغيرها من المشاكل والمضاعفات وكذلك تكون المشكلة عند انقطاع الدواء فترة يتحطم المريض ويتحطم جزء في انسجة الجسم ، وقالت النود: نتمنى توفير الدواء لأن المريض يتدمر ونحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً فعلاج مرضى الثلاسيميا والدم الوراثي من أهم العلاجات التي يجب أن تتوفر لأن انقطاعها مرتبط بالوفيات والمرض بشكل كبير ليس سيتلخبط المرض وإنما قد يقضي على المريض .
للبقاء على قيد الحياة
ومن جانبه يقول الدكتور مختار إسماعيل – مدير مركز رعاية مرضى الثلاسيميا والدم الوراثي : ان المرض ينتج عن انتقال الجينات الوراثية التي تعمل على تكسر خلايا الدم الحمراء من الوالدين يعني قد يكون الطرفان حاملين لهذا الجين سواء كانوا مصابين أم لا والذي ينتج عنه تكسر خلايا الدم الحمراء بعد خروجها من نخاع العظم وبالتالي يحتاج المريض إلى نقل دم شهرياً بين فترة وأخرى لبقائه على قيد الحياة وعدم تعرضه لمضاعفات خطيرة قد لا تقل عن أسبوعين وقد تكون 3 أو 4 أسابيع ،وأضاف أن مرض الانيميا المنجلية هو أيضاً تكسر في الدم لكن قد لا يحتاج فيها المريض إلى نقل دم إنما يحتاج إلى رعاية خاصة وسلوك غذائي وصحي يساعده على التعامل مع المرض والتعايش معه وقد يحتاج بعض المرضى إلى نقل الدم بين فترة وأخرى خصوصا الذين تعرضوا إلى التهابات تعمل على هبوط تركيز الدم أو انخفاض هيموجلوبين الدم وبالتالي يحتاج في السنة إلى حوالى 15 قربة دم ليرتفع لديه معدل الحديد في الدم والذي كلما مر الوقت يتراكم الحديد فيحتاج إلى أدوية تعمل على سحب الحديد ..
انعدام الأدوية الأساسية
وعن مدى صحة وفاة أكثر من (100) حالة بمرض الثلاسيميا والدم الوراثي، أكد مدير المركز: أن ذلك كان على مراحل وحسبه أن العام الماضي 2015م إلى بداية العام 2016م أكثر السنوات حصل فيها وفيّات بين مرضى الثلاسيميا والدم الوراثي نتيجة بعض الخدمات الصحية على مستوى البلد بشكل عام وانعدام الأدوية الأساسية التي أشارت إليها الدكتورة المعالجة بالمركز سالفاً ، إلى جانب أن الكثير من المرضى يجد صعوبة الوصول إلى نقل الدم والخدمات الطبية الممتازة في المستشفيات الحكومية وأيضا الأهلية نتيجة الوضع القائم لم تستطع أن تفي بواجباتها أو مسؤولياتها الاجتماعية تجاه المرضى وكذلك تردي الحالة الاقتصادية لدى المواطن اليمني بشكل عام والمريض بشكل خاص والكثير من هذه الأسباب أدت إلى حصول وفيات، ويقول مختار : نحن منذ عام وأكثر نطالب وزارة الصحة والمنظمات بتوفير الأدوية الرئيسية للمرضى الذي يعتمدون على نقل الدم وتراكم الحديد في أجسامهم، وبحثنا في أكثر من منظمة وحتى الآن لا يوجد تجاوب إلا ما ندر، والذي نتمنى أن نجد تجاوباً في الفترة القادمة وذلك بتعاون واهتمام وزارة الصحة ومسؤوليها بذلك مع مركز رعاية مرضى الثلاسيميا ،وكما نبحث عن الحد الأدنى للمرضى الأكثر احتياجا حاليا وهم المرضى المعرضة حياتهم للخطر .
( 5500 ) حالة
وحدد الدكتور مختار عدد حالات مرضى الثلاسيميا والدم الوراثي المسجلين فرع صنعاء والحديدة بأنهم يبلغون حوالي (5500) حيث أن هناك مرضى من محافظات مختلفة لا يستطيعون الوصول إلى أحد المراكز سواء مركز صنعاء أو الحديدة نتيجة ظروفهم الاقتصادية التي لا تمكنهم من الوصول والتنقل والمكوث في المدينة لأخذ العلاج والرعاية الصحية وإجراء الفحوصات ،حيث أن شحة الإمكانات لم تمكن من عمل فروع بكل مكان وذلك يعتمد على المحافظات إذا أرادوا إنشاء مراكز في المناطق النائية أو المحافظات بالإمكان لكن حسب الإمكانيات في المحافظات وبدورنا سنساعد في هذا المجال وكما نحاول إنشاء فرع في عدن وحضرموت..
وفي ختام حديثه طالب بأن يكون هناك اهتمام من الحكومة بالمرضى وعمل مركز وطني لرعايتهم وله فروع في محافظات الجمهورية وأن يأخذ جانب الوقاية حظه من الاهتمام بفحوصات ما قبل الزواج لأن المجتمع اليمني نتيجة عدم وجود قانون فحص ما قبل الزواج من قبل فترة كل يوم يزداد عدد الحاملين للمرض فيه وبالتالي قد يكون هناك ملايين من الأشخاص يحملون هذا الجين ولا يعلمون وهذا ينذر بخطر قادم على الطفولة ولابد من تبني مشروع فحص ما قبل الزواج من الدولة وإخراجه إلى حيز التنفيذ سريعاً لوقاية الطفولة وحتى لا نتسبب في إعاقات عديدة وولادة أطفال جدد ربما يتضاعفون في المستقبل .
عدم صرف الموازنة
من جانبه أوضح سمير الحناني – مدير المشتريات والمخازن في البرنامج الوطني للإمداد الدوائي بوزارة الصحة: أن عدد مرضى الثلاسيميا والانيميا المنجلية بحسب إحصائيات الجمعية فرع الأمانة في صنعاء والحديدة يصل 5500 مريض ناهيك عن عددهم في باقي محافظات الجمهورية حيث يصل عددهم في تعز وعدن والمكلا حوالي ستة آلاف مريض، وأنه بسبب الضائقة المالية التي تمر بها البلاد وعدم صرف موازنة البرنامج أدى إلى عدم توفر الأدوية خاصة وأن البرنامج الوطني للإمداد الدوائي كان الجهة الوحيدة المسؤولة عن توفير الأدوية وهي غير متوفرة في السوق المحلية ، وأشار إلى أن سعر الدواء الفيالة الواحدة 6 دولارات و20 سنتاً والتي تحتاج إلي جهاز للحقن لفترة طويلة تتراوح بين 5-10ساعات مما تسبب معاناة للمرضى خاصة الأطفال ،وأما الأقراص فسعر الكبسولة الواحدة 11 دولاراً للشركة المصنعة الأم نوفارتيس السويسرية وسعر الكبسولة الواحدة نصف دولار .
نادراً ما يباع في الصيدليات
وقال مدير المشتريات والمخازن : قمنا منذ بداية شهر إبريل بتحرير رسائل ونداءات الاستغاثة للمنظمات الصحية العالمية المانحة بطلب توفير الدواء ومتابعة وزارة المالية بتوفير المبالغ المالية لشراء الأدوية ومازلنا نتواصل معهم حتى الآن ، ونوه إلى أن الميزانية السنوية المرصودة لمرضى الثلاسيميا والانيميا المنجلية لآخر سنة 2014م 540 ألف دولار وهي غير كافية مع ارتفاع أعداد المرضى واكتشاف حالات جديدة ضمن موازنة البرنامج المعتمدة من وزارة المالية ضمن الموازنة العامة للدولة والبالغة اثنين مليار وثلاثمائة وستة وستون مليوناً وثمانمائة وسبعون ألف ريال يمني ، مشيراً إلى أن أدوية الثلاسيميا له وكلاء في اليمن ولكن نادرا جدا ما يباع في الصيدليات والاسعار لآخر مناقصة عام 2014م أما أدوية الانيميا المنجلية فتباع في بعض الصيدليات الكبيرة وغالبا تدخل اليمن عن طريق التهريب أو عبر مناقصات لجهات حكومية أخرى مثل مركز الأورام.