استطلاع/ أسماء حيدر البزاز
يرى مراقبون وسياسيون أن هناك جهات وقوى تسعى لعرقلة نجاح حوار الكويت واستمرار العدوان على اليمن وتعقيد الأزمة وتوليد الصراعات على حساب نزيف الدم اليمني..
مؤكدين أن الحوار محطة مفصلية لقطع الطريق على استمرار العدوان وإخراج اليمن من دائرة المؤامرة التي أريدت له ..لكن وفقا للندية واحترام سيادة وكرامة اليمنيين.. في الاستطلاع التالي ..آمال وتطلعات ومخاوف اليمنيين ..من محطة الكويت.. نتابع:
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز الدكتور محمود البكاري: من أهم العوائق التي قد تعترض نجاح مؤتمر الكويت تشبث بعض الأطراف السياسية بمواقعها ومواقفها وعلى حساب نزيف الدم اليمني..وهذا يعني أن الأطراف التي لازال لديها الرغبة في استمرار الحرب هي تلك التي تحول تعقيد المشهد أكثر بحيث لا يفضي الحوار إلى سلام واستقرار ..
وبالتالي تقديم التنازلات للحفاظ على ما تبقى من بنية البلد أمر مهم من أجل أن يتحقق السلام وتعود الأمور إلى مسارها الطبيعي ويتجه الناس إلى الاحتكام لصناديق الاقتراع ومن لديه القدرة على كسب ثقة وتأييد الشعب من حقه أن يتولى السلطة وفقاً للمعادلة السياسية سلطة ومعارضة.
ونؤكد على أن من أهم متطلبات نجاح مؤتمر الكويت هو أن تنصب الجهود بشكل رئيسي ومكثف حول متى وكيف يمكن الوصول إلى إجراء انتخابات عامة وفي أقرب وقت ممكن ليقول الشعب كلمته ويمارس حقه في السيادة على نفسه باعتباره مالك السلطة ومصدرها وأي تحايل أو التفاف على هذا المعطى لا يعني سوى مزيد من التأزيم والصراع.
ضغوط دولية
ويرى الدكتور عادل غنيمة – جامعة عمران – أن الدعوة إلى حل سياسي في اليمن من خلال مفاوضات الكويت كانت نتاجاً لضغوط دولية بضرورة وقف دائم لإطلاق النار في اليمن وموافقة سعودية على وقف العدوان والسبب الرئيسي كان المخاوف الدولية من فوضى شاملة في اليمن المستفيد منها التنظيمات المتطرفة والإرهابية وهو ما تبين للعالم من خلال ما حققته دول التحالف في بعض مدن الجنوب التي أعلنت تحريرها من الجيش اليمني وتركتها لقمة سائغة للإرهابيين وهو ما قد يؤدي إلى تهديد الأمن والسلم العالمي في سواحل البحر العربي وطرق التجارة العالمية عبر باب المندب.
وعن موقف أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام من الحل السياسي يؤكد الدكتور عنيمة أن الحل السياسي خيارهم منذ جنيف 1 وجنيف 2 ولكن الطرف الآخر وتحت ضغوط من دول العدوان لم يوافق على الحل السياسي خوفا من نتائج الحل السياسي في المستقبل المنظور لكونه قد خسر شعبيته في الداخل مقارنة بمكوني أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام اللذين كسبا تأييد الشعب اليمني وكان ذلك واضحا من خلال حشود السبعين والروضة وعليه فإنه لتجاوز العراقيل من أمام مفاوضات الكويت فلابد أولا من بناء إجراءات الثقة من خلال إيقاف العدوان والوقف الدائم لإطلاق النار وثانيا التزام أمريكا وروسيا بضمان تنفيذ اتفاق الحل السياسي في الكويت إذا ما نجحت المفاوضات وثالثا التزام سعودي خليجي بمعالجة آثار وتداعيات العدوان على اليمن وينبغي أن تكون المفاوضات اليمنية السعودية سابقة لمفاوضات الكويت وكذلك متزامنة مع ما يتوصل إليه الطرفان لكون حكومة المنفى في الرياض ليست صاحبة القرار..
ويشير إلى أن تعيين علي محسن وبن دغر الغرض منه عرقلة مفاوضات الكويت لكون المبادرة الخليجية لم تشر إلى تعيين نائب رئيس أو نائب قائد عام للقوات المسلحة وكانت قرارات هزلية من اختراع الرئيس السابق هادي وكذلك قرار تعيين بن دغر كان استباقا للحل السياسي الذي يفترض تعيين حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية القادمة حسب مخرجات الحوار واتفاق الموفنبيك الذي كان تحت رعاية الأمم المتحدة.
مبينا أن هادي وممثلي اللقاء المشترك لم يلتزموا بمخرجات الحوار والاتفاقات السابقة كمرجعية وبالتالي ووفقا لهذا المنحى فإن المفاوضات ستفشل حتما وعلى وفد صنعاء عدم التسرع بالذهاب إلى المفاوضات قبل أن يتم الاتفاق أولا على مرجعيات مفاوضات الكويت وآلية التفاوض وأسماء الوفد المفاوض وبنود المفاوضات متسلسلة قبل الذهاب للكويت ما لم فإن مفاوضات الكويت سوف تكون مثل سابقاتها تسكينية ولكسب الوقت والإيحاء للرأي العالمي والأمم المتحدة بأن السعودية ومرتزقتها المسماة حكومة الشرعية ترغب في السلام والحل السياسي.
أصحاب المصالح
فيما يطرح الدكتور ثابت الغابري – جامعة تعز – أن هناك مخاوف لدى الأطراف المستفيدة من استمرار العدوان والمواجهات في المناطق والمحافظات اليمنية والعمليات العسكرية التي ينفذها العدوان السعودي ضد اليمن من تضرر مصالحهم في مرحلة السلام وإنهاء الحرب والعمليات العسكرية بشكل نهائي.
وشدد على حضور الشراكة المجتمعية والأطراف اليمنية المحايدة بشكل مطلق في عمليات الحوار والرقابة علي وقف إطلاق النار باعتبار ذلك أهم ضمانات نجاح الحوار وتحقيق السلام المنتظر والمأمول من الجميع بدون استثناء.
اليقظة مطلوبة
مرشد الجماعي – نائب مدير عام الامتحانات بوزارة التربية والتعليم – يقول: أعتقد أن هناك الكثير من العراقيل الحقيقية التي لا زالت تقف بقوة أمام الأطراف اليمنية التي يفترض أن تتحاور في الكويت من جهة والطرفين الأساسيين في هذه الحرب والمتمثلين في المملكة العربية السعودية والجبهة الوطنية المقاومة للعدوان المتمثلة بأنصار الله والمؤتمر الشعبي وحلفائه ..وبالتالي فإن مؤتمر الكويت والذي تسبقه تهدئة على الأرض في كل الجبهات نلاحظ أن البنود المعلنة كمرتكزات أساسية لتحقق الهدنة أنه تم صياغتها كشروط استسلام للطرف المقاوم للعدوان في مجملها لكونها تحمل الطرف الوطني المقاوم (أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام) مسؤولية تحقق الهدنة من عدمها كونها تلزمهم دون غيرهم بالتهدئة وتسليم الأسلحة للجيش الموالي للسعودية وتكسب الجيش غير الوطني والموالي لدول العدوان والمساند لهم شرعية العمالة والاعتراف بشرعيته وعمالته من قبل الطرف المقاوم للعدوان من بداية العدوان.
وأضاف: وبالتالي سيكون كل أبناء الجيش الوطني واللجان الشعبية أبرز ضحايا هذا الحوار وسيكونون معرضين للمساءلة والتنكيل والإقصاء بدلاً من أن يكونوا هم من يستحقون أن يشكلون نواة الجيش الوطني المستقبلي والمؤسسة الدفاعية والأمنية التي توكل إليهم حماية الوطن ومقدراته.
مسودة ملتبسة
وتابع الجماعي: كما أن معظم بنود التهدئة تثير الريبة كونها مطاطية وغير واضحة الرؤى والأهداف وتحتمل التحوير وتخلو من الإشارة للأطراف المساندة للعدوان سلبا أو إيجابا مما يجعلها حرة مطلقة اليدين وبعيدة عن عيون المساءلة القانونية أو الحساب والعقاب جراء ما اقترفته وتقترفه بحق اليمنيين..إضافة إلى علامات استفهام كثيرة حول مسودة التهدئة.
لافتا الى أن الفترة من 10 إلى 18 أبريلقد أعطت هامشاً لقوى العدوان ومرتزقتهم للتحرك ومحاولة تحقيق إنجازات على الأرض عسكريا وهامش آخر للتحرك الاستخباراتي والعبث بمكونات الطرف المقاوم ومحاولة تفكيك منظومته التنظيمية وتغيير معالم خارطة تواجده الجغرافي وتحقيق بعض الاختراقات في صفوفه من خلال شراء الذمم لبعض رموزه ومكوناته ناهيك عن مكونات اللجان العسكرية والمحلية التي سيتم إسنادها لأشخاص محددين والتي يحاول العدو استمالتهم لضمان مواقفهم جزئيا أو كليا وهو ما نخشاه ولذلك وجب الحذر واتخاذ كل الخطوات الاستباقية المدروسة من قبل الأطراف والمكونات المناهضة للعدوان وحسن الاختيار وعمل الاحتياطات والبدائل المناسبة في كل الاحتمالات.
قيادة حكيمة
من جانبه يقول وليد كحلا – منتج تلفزيوني: إن مفاوضات الكويت بالنسبة للعدو السعودي ومن ورائه أمريكا وإسرائيل ليست سوى جولة من جولات سابقة ولاحقة غابت وتغيب فيها الجدية وهناك مخاوف مشروعة من توظيف مفاوضات الكويت واستغلالها في تحقيق ما عجز عنه العدوان خلال عام من عدوانه وذلك بالنظر إلى قرارات الفار هادي وتعييناته الأخيرة، وكذا التعزيزات العسكرية التي قامت بها السعودية خلال الأسبوع الماضي في الجوف ومارب وفرضة نهم وميدي وجنوب غرب تعز.
ولكنه رغم ذلك كله يرى: أننا نثق جيداً بقوة الله ومكره ، وبقيادتنا الحكيمة ممثلة بالسيد القائد عبدالملك الحوثي ، وثبات المجاهدين من أبطال جيشنا الوطني واللجان الشعبية المرابطين في الجبهات ، ووعي وحنكة وفدنا السياسي الذي سيشارك في المفاوضات. فإن جنح العدو للسلم فنحن مثلما كنا أهلا للحرب نحن أيضا أهل للسلم.
جميل المقرمي من قناة المسيرة يقول: عدم مصداقية دول العدوان علامة واضحة خبرناها خلال عام وأكثر لكن لا نراها إلا لملمة أوراقها المبعثرة أمام صمود الشعب اليمني…كما أن قرار وقف إطلاق النار هو أمريكي بالأساس وما السعودية إلا دمية وبما أنها لازالت بقرة حلوباً وتشتري أسلحة من الأمريكان فلن تتوقف الحرب حتى تنضب الأموال السعودية عندها ستتخلى أمريكا عن السعودية.
ويتفق معه في ذلك عبدالسلام الكبسي – الذي يرى أن آل سعود سيتملصون من تبعات العدوان على اليمن, لأنهم مخادعون ولن يتوقف عدوانهم إلا بنهاية آل سعود كدولة ظالمة , فلنستعد لكل شيء , فالعدو جبان وغادر ولا يقيم وزنا للقوانين الدولية الإنسانية لأن المال هو من يحرك هذا العدوان.
مساحة تفاؤل
فيما يقول الناشط السياسي مراد أحمد فاضل أنه لا يمكن الحديث عن مؤتمر سلام.. دون إعطاء المساحة الكبرى للتفاؤل بأن المجتمعين سيخرجون بنتائج تخرج الوطن من محنة الدمار اللا محدود على كل المستويات من تدمير للبنية الاقتصادية والبنية العسكرية والبناء الاجتماعي الذي تعرض للتدمير الأكبر من حيث عمقه وطبيعة المعالجات الصعبة والشائكة في هذا البناء.
خاصة بعد الدماء الزكية التي تراق يوميا من أبناء اليمن في كل مكان.
لكنه يرى ضرورة تجاوز الحاجز النفسي والولوج إلى قضية السلام ووقف العدوان والنظر إلى ما هو حاصل الآن , وما يجب أن تكون عليه الأوضاع لنخرج بنتائج تحقق على الأرض فرص نجاح الحوار والعكس منها يمثل نقاط تراجع وفشل.
وتحدث فاضل عن تحديات أجملها بالقول: عدم الصبر والنفس الذي يعطي المتحاورين الفرص المؤملة لإعطاء كل موضوع ولو بسيط من الوقت للذهاب ولو بترو نحو النتيجة المؤملة منه , وذلك لعدة أسباب منها الطبيعة والتركيبة النفسية اليمنية التي تستعجل الإنجاز وتتميز بالنفس القصير حتى في السياسة , إلى جانب الضغط الكبير الذي تتعرض له القوى المتحاورة من الشارع الذي يمثلها , وأيضا عدم الثقة التي تجعل من طريقة التفكير “يا أنجزها هنا أو أعود لتحقيق إنجاز أسرع” بدلا من إعطاء الآخر وقتا لترتيب أموره في الميدان..
القوى الإقليمية
فؤاد الصياد – وزارة الأوقاف – ذهب إلى القول: العراقيل كثيرة ولكن أهمها باعتقادي هو أن نجد تصورا لدى المتحاورين جميعهم في هذا المؤتمر بأنه حوار بين غالب ومغلوب وليس على قاعدة وطنية حقيقية تمهد لأجواء من التصالح والتصافح وتقديم العديد من التنازلات من قبل كل الأطراف ومن الضرورة أن يكون هذا الحوار فقط يمني – يمني خالص وبدون أي تدخل مباشر في مسار هذا التفاوض أو التأثير عليه من أي قوى سواء كانت إقليمية أو دولية، وخصوصا ممن لها حسابات معلومة في الشأن اليمني وتسعى من خلالها لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية والتدخل في السيادة الوطنية اليمنية والمقامرة بها واستغلالها لصالحها على حساب مصلحة اليمن وذلك من خلال ما تتمتع به بلادنا من موقع حيوي واستراتيجي هام وتمتلك العديد من الثروات الطبيعية التي تؤهلها لتصبح قوة اقتصادية في المنطقة.
وطبقا للصياد فإن تلك الحسابات هي سبب كل هذا التآمر الذي تشهده بلادنا الآن وحتى منذ عقود ماضية ، ومؤتمر الكويت هو الفرصة الهامة لنا جميعا لنتنفس الصعداء لهذا فإن عوامل النجاح فيه ستحدده الإرادة الوطنية لكل المتحاورين على السواء وهذا يتطلب منهم أن يحملوا آمال وطموحات هذا الشعب الذي اشتاق للأمن والاستقرار والحياة الكريمة وعودة الدولة بأركانها وملء الفراغ السياسي والجميع يطمح أن تتجه إرادة قادة الحوار إلى تسوية عاجلة تنقذ البلد مما هو فيه وذلك وفق توافق وشراكة حقيقية من كل القوى واستكمال المرحلة الانتقالية من أجل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والتعجيل بالاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.
وتمنى أن يلمس اليمنيون في لقاءات الإخوة المتحاورين الشفافية التامة حول أي أمر هام ويتعلق بعرقلة سير هذه المفاوضات مهما كانت الظروف أو الأسباب ولابد من توفر الثقة بين الجميع وفتح صفحة جديدة ونسيان الماضي بسلبياته وبالمقابل بث روح الإخاء والتسامح بين الجميع وتغليب مصلحة اليمن على أي مصلحة خاصة.
وختم بالقول: لتكن الكويت هي الانطلاقة الحقيقية التي من خلالها يتم رسم معالم وشكل الدولة المدنية الحديثة دولة الشراكة الوطنية وبناء المؤسسات والنظام والقانون.