تحقيق / محمد راجح –
تراجع تصنيف اليمن في تقرير التنمية البشرية الصادر الأسبوع الماضي عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة إلى المرتبة 160 من بين 187 دولة .
وانخفض مستوى تصنيف اليمن 6 مراتب من المرتبة 154 احتلتها العام الماضي إلى المرتبة 160 في تصنيف العام الحالي.
ووضعت الأمم المتحدة بلادنا بالمستوى المنخفض في التنمية البشرية مع دول مثل جيبوتي والسودان وموريتانيا وجزر القمر.
وتصدرت قطر قائمة الدول العربية في تصنيف التنمية البشرية للعام 2013م واحتلت المرتبة الـ36 عالميا تلتها الإمارات في المرتبة الـ41 ثم البحرين التي جاءت في المرتبة الـ48 في حين تذيل الترتيب عربيٍا السودان (171) فجيبوتي (164) ثم اليمن (160).
وأشار التقرير إلى أن المنطقة العربية تضم دولتين في مجموعة التنمية البشرية المرتفعة جداٍ هما قطر والإمارات وثماني دول في مجموعة التنمية البشرية المرتفعة هي البحرين (48) والكويت (54) والسعودية (57) وليبيا (64) ولبنان (72) وعْمان (84) والجزائر (93) وتونس (94).
وجاءت ست دول في مجموعة التنمية البشرية المتوسطة هي الأردن (100) وفلسطين (110) ومصر (112) وسوريا (116) والمغرب (130) والعراق (131). كما جاءت خمس دول في مجموعة التنمية البشرية المنخفضة هي اليمن وجيبوتي والسودان وموريتانيا وجزر القمر وبقي الصومال خارج التصنيف.
وأكدت الأمم المتحدة أن انتهاج سياسات خاطئة وانعدام المساواة وضعف المشاركة السياسية ثلاثة عوامل من شأنها أن تعوق التقدم وتزيد الاضطرابات ما لم تسارع الحكومات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة” في تحسين وضعية التنمية البشرية.
وشددت على أن النمو الاقتصادي وحده لا يكفي لتحقيق التقدم في التنمية البشرية وأضافت أن السياسات التي تركز على الفقراء والاستثمار في القدرات البشرية في مجالات التعليم والتغذية والصحة ومهارات العمل جميعها توسع فرص الحصول على العمل اللائق وتعزز التقدم المستدام.
عمل شاق
وطبقاٍ لخبراء فإن اليمن تحتاج لعمل شاق للنهوض بالتنمية البشرية وهذا مرتبط بسير العملية التنموية في البلد ويحتاج لفترة زمنية مابين متوسطة وطويلة نسبيا لأن هناك صعوبة في أن تخرج هذا العدد الهائل من السكان من دائرة الأمية إلى دائرة القراءة والكتابة.
وفقدت اليمن وفقا لتقرير التنمية البشرية للعام الحالي أكبر عدد من المراتب منذ صدورأول تقرير في منتصف التسعينات حيث فقدت ست مراتب وكذا تراجع نصيب الفرد السنوي من الدخل القومي الإجمالي إلى 2300 دولار.
وتراجع إنفاق اليمن على التعليم إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي كما يبلغ إنفاق اليمن على الصحة نحو 5.6%”. أما التدفقات الصافية للاستثمارات الأجنبية فتقدر بحوالي 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي وتبلغ المساعدة الإنمائية الرسمية الصافية المتوفرة حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي فيما تقدر التحويلات الواردة بنسبة 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أن حوالي 32.4% فقط من سكان اليمن الذين يقدر عددهم بحوالي 24.8 مليون نسمة يقطنون في المناطق الحضرية.
تراجع
كما أن تراجع التصنيف في معدل التنمية البشرية وعدم إحراز أي تقدم يعود للكثير من الأسباب أهمها ارتفاع الأمية لمستويات عالية جدا في اليمن وكذا متوسط دخل الفرد المتدني مقارنة بالكثير من بلدان العالم إلى جانب المؤشرات المتعلقة بالنوع الاجتماعي ومساهمة المرأة في التنمية ماتزال محدودة ولذلك فإن مثل هذه المؤشرات تؤثر على التصنيف العام.
موضحين أنه منذ تقرير العام 2010م حدث تغيير في المنهجية أهمها انه تم استخدام الوسط الحسابي المركب بدلا عن الوسط الحسابي البسيط الذي كان يتم العمل به في التقارير السابقة .
إلى جانب مؤشر التنمية البشرية المتعلق بدخل الفرد تم تغيير منهجية هذا المؤشر حيث كان من فترات سابقه هناك حد أدنى في حدود مابين 300 دولار إلى 40 ألف دولار لكن الآن يتم احتساب أعلى دخل للفرد مثلاٍ ما يحوزه الفرد في دولة مثل الإمارات والذي يصل لحوالي 100 ألف دولار وأقل فرد يحوزه أي فرد من الدول.
كما أن تغيير هذه المعايير وخصوصا في الدخل أثرت على وضع اليمن وعلى هذا الأساس تراجعت اليمن في التقارير الصادرة العام الماضي والعام الحالي .
ما أسباب انحدار التنمية البشرية لأدنى مستوى في اليمن
سؤال واحد وثلاث إجابات..
الحاوري:
تراجع الدخل السنوي للفرد اليمني نتيجة عدم توليد فرص عمل
■ يرى الدكتور محمد الحاوري وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي في حديث خاص لـ «تنمية بشرية « أن أسباب هذا التراجع والانخفاض في التنمية البشرية يعود إلى الانعكاسات والآثار السلبية لما حدث العامين الماضيين حيث توقفت معظم المشروعات بما فيها مشاريع التعليم والمشاريع المتصلة بالتنمية البشرية سواء في مجال الصحة أو التعليم أو في مجال توليد فرص عمل للدخل وبالتالي هذه هي أهم الأسباب.
ويؤكد أن اليمن متأثرة في ما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية البشرية وأهداف التنمية الألفية بشكل عام وهذا ناتج عن قصور في الأداء وفي حجم الموارد المتاحة التي تخصص وتوفر لهذا الجانب.
أيضا مناهج التنمية البشرية تتغير من فترة لأخرى وبالتالي هذا يؤثر على ترتيب الدول ومنها اليمن.
ويشير إلى أن أهم الأسباب يرجع إلى الدخل الفردي السنوي للفرد اليمني ونظرا لارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم وانحدار فرص العمل هذا كان له أثر بالغ في تراجع دخل الفرد والذي يعتبر من المقاييس الرئيسية للتنمية البشرية.
بن مبارك :
نستثمر في الأسوار وندمر الإنسان
■ يقول الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيس مركز إدارة الأعمال بجامعة صنعاء : نستثمر كثيرا في الأسوار أول ما نبني مدرسة ننفق مبالغ طائلة على بناء سور المدرسة أضعاف على ما يتم إنفاقه على بناء المدرسة والمناهج إذا ثمنا قيمة الأسوار المحيطة بالبنايات الحكومية في اليمن سواء في المحاكم أو الوزارات أو منشأة القطاع العام إذا انفق ربع ما تم إنفاقه على هذه الأسوار على الناس الذين خلف هذه الأسوار أعتقد لاستطعنا بناء الإنسان وتطوير حياته ومعيشته وتسكينهم .
ويضيف في حديث خاص لـ «تنمية بشرية» : يجب أن نغير تفكيرنا وأن نغير من عقلية البقعة أو الأرضية الشيء المادي الملموس إلى الاستثمار في الشيء غير الملموس الآن هناك رأس المال البشري لكن بالنسبة لنا لا يزال رأس مالنا هو الأرض والسور والسيارة والمكاتب ومختلف هذه القضايا المادية ومع الأسف لا نستثمر كثيرا في بناء الإنسان اليمني الذي أعتقد إذا استثمر فيه سيكون عطاؤه وفيراٍ وغزيراٍ ومبدعاٍ والدليل على ذلك كثرة المبدعين اليمنيين المنتشرين في الخارج الذي أول ما يجد بيئة مختلفة تجده ينجح ويبدع.
ويرى أهمية بناء الإنسان والاهتمام بالكفاءات وبناء الطاقات الإدارية في هيكل الدولة في القطاع العام أو الخاص حيث إن بلادنا بحاجة لثورة حقيقية لتطوير حقيقي نحتاج لبناء قدرات الاستثمار في الإنسان اليمني.
ويشير إلى أنه طوال الفترة الماضية لم نستطع بناء دولة نتيجة عدم الاهتمام بالتنمية البشرية التي تنعكس على خلق هيكل إداري مؤسسي وحديث مبيناٍ أن نبني دولة يعني دولة حاضرة وقادرة على تبني أي شكل اقتصادي يحقق الرفاه المعيشي للناس.
ويضيف : طبعاٍ في قوانيننا وأنظمتنا هناك حديث مسهب وطويل عن دور القطاع الخاص في التنمية وهو دور مفترض يكون فاعلاٍ لكن عدم وجود مفهوم للدولة الحديثة وانعدام البنية الأساسية للدولة أفشل كل هذا الحديث المسهب.
باحميد :
النظرة القاصرة أهم أسباب استمرار الانخفاض
■ التنمية البشرية من أساسيات تطور المجتمعات بحسب الدكتور عادل باحميد مدير مؤسسة العون للتنمية البشرية لأن مفهومها ومحورها وركيزتها الأساسية هو الإنسان وتعتبر مهمة جداٍ بالنسبة لليمن باعتبارها الطريق الصحيح لانتشال المجتمع من المشاكل التي يعاني منها.
ويرى أن هناك نظرة قاصرة تجاه هذا الموضوع تحد من تطوير التنمية البشرية وأهم أسباب انخفاضها لأن النظرة الشاملة المتكاملة لبرامج التنمية البشرية تجعلها أكثر نفعاٍ وتأثيراٍ وأكثر تحقيقاٍ للأهداف التنموية المنشودة ويقيها من أن تتحول إلى مجرد بقعُ متناثرة عبر دورات هنا وأخرى هناك تتشتت بها الجهود وتبدد فيها الأموال والطاقات.
ويدعو الدكتور عادل حميد مدير مؤسسة العون للتنمية البشرية بحضرموت إلى ضرورة الاهتمام بالتنمية البشرية لانتشال المجتمع من المشاكل التي يعانيها باعتبارها من أهم أساسيات تطور المجتمعات ومحورها وركيزتها الأساسية هو الإنسان.
ويقول لـ (تنمية بشرية) إن تكوين إنسان نافع يعني خلق مجتمع منتج ومبدع ومؤثر.
ويشدد على أهمية استهداف الشرائح الأكثر تأثيرا في المجتمع سعياٍ لإحداث النقلة النوعية فيها بتخليق طاقاتها وصقل مهاراتها بما يمكنها من أن تصبح أدواتِ بناءٍ فعالة تسهم في إحداث التنمية وإدارة عجلتها وتجديد منابعها تحقيقاٍ لنهضة الوطن وبناء مستقبله .
ويضيف : يجب إيلاء برامج التنمية البشرية جل الاهتمام انطلاقاٍ من كون التنمية البشرية هي المخرج الآمن والمفتاح الذي يمكن عن طريقه أن نفتح الباب على مصراعيه لبلادنا لتنطلق في آفاق التقدم والازدهار وترتقي في سلالم المجد والنهضة والبناء فالتنمية البشرية هي التي تصنع الإنسان صاحب الوعي وصاحب الرؤية صاحب المعرفة صاحب المهارة والقدرات إنها باختصار تصنع الإنسان النافع المنتج المبدع المؤثر.
