الحوار ليس برميل بارود
محمد علي الشاوش
محمد علي الشاوش –
كثر الحديث عن الحوار وأهميته وضرورته وما هي الآثار التي سيحققها فنسمع آراء كثيرة ومتشعبة داخلية وخارجية تقول أن نجاح مؤتمر الحوار يعني أمن واستقرار وسلامة اليمن ووحدته وهذا صحيح , وبالمقابل فإن نفس الآراء السابقة وغيرها تقول أنه في حال فشل مؤتمر الحوار فالفشل يعني الويل والثبور وعظائم الأمور والخراب المستعجل والكارثة المحققة ونهاية الوحدة وتشتت اليمن والحرب وغيرها من المصطلحات المخيفة التي سوف تصيب البلاد والعباد إذا فشل هذا الحوار وهذا بالتأكيد غير صحيح جملة وتفصيلا.
وفي رأيي أن مؤتمر الحوار لم يكن في حاجة إلى كل هذا التخويف من احتمال فشله حتى لو كان الهدف من هذا التخويف هو حث الأطراف السياسية اليمنية على المشاركة الإيجابية والفعالة في هذا الحوار فهناك طرق أخرى أكثر فعالية , كما انه يجب تسمية كل شيء باسمه حتى تكون الصورة واضحة ولا يعتريها الغموض ,والفشل لن يحصل للحوار إذا صدقت نيات أطراف العمل السياسي وكانت منطلقة من اجل مصلحة اليمن أولا وأخيرا فإذا جمعتنا هذه المصلحة بشكل تام وصادق فلن يفرقنا شيء وحينها فإننا لن نختلف ولا نحتاج إلى وسطاء ولا رعاة سواء من الداخل أو الخارج فمصلحه اليمن هي الوسيط والراعي لأي حوار وهي كل شيء في الحاضر والمستقبل.
الحوار هو من أجل اليمن أرضا وإنسانا وليس اليمن أرضا وإنسانا من أجل الحوار, يجب أن يفهم ذلك الجميع قيادات عليا وقيادات وسطية وقيادات ميدان وأفراد ومن كل الاتجاهات وعلى رأس هولاء أعضاء مؤتمر الحوار , فليس المطلوب أن تنجح اليمن بنجاح الحوار أوؤتفشل بفشله حيث نضع بلدا برمتها رهن نتائج حوار أيا كان رعاته وداعموه وأيا كان أعضاؤه ومشاركوه , لا يجب ربط مصير اليمن بالحوار أيا إلى هذه الدرجة حتى يصير هذا الحوار بحجم اليمن واليمن بحجم هذا الحوار هذه معادلة خاطئة ومن وضعوا هذه المعادلة ويصروا على أنه إذا فشل الحوار سيحل الخراب يحاولون بوعي أو بدون وعي الزج باليمن في طريق اللاعودة.
الحوار يجب أن نحرص جميعا على نجاحه كل من موقعه وهذا واجب على كل مواطن يمني شريف بدون حاجة إلى تحفيز أو دعم أو إغراء من قبل أي كان وهذا ما يجب على الأطراف السياسية اليمنية تبنيه والعمل له ولكن لا يجب أن يكون فشل الحوار إن فشل لا قدر الله كارثة وهذا ما يجب على كل الأطراف اليمنية تجنب الوقوع فيه فهما وممارسة فإذا فشلت فرصة من فرص الحوار فهناك آلاف الفرص القادمة والتي لا يجب أن نحرم أنفسنا منها بمجرد فشل حوار واحد أو لمجرد طرح البعض إن فشل هذا الحوار يعني الكارثة .
الحوار والحياة صنوان , والحوار أمر مطلوب في كل المناسبات وعلى مختلف المستويات وفي كل الأزمنة والأمكنة وهو ضرورة حياة لا غنى عنها , يبدأ الحوار من مناقشة الأسرة لشئونها الخاصة وصولا إلى الساكنين في الحي والقرية والذين لا محالة يحتاجون إلى الحوار لحل قضاياهم وتمهيد سبل التعايش فيما بينهم وصولا إلى العزلة والمديرية والمحافظة والدولة وجميعها لا تخرج عن هذا التوصيف , فالحياة مرتبطة في كل الأماكن والأزمان بالحوار .
نحن نمارس الحوار في كل ساعة في كل يوم في كل شهر و في كل سنة من حياتنا نمارسه يوميا وبشكل عملي يمارسه قلة وهم واعون به ويمارس الكثير الحوار في الوقت الذي لا يدركون أنهم يمارسونه ,الحوار هو الحياة المتجددة و التي لا تتوقف ولن تتوقف إلا عند أن يأذن الله لها بالتوافق وعندها فقط سوف يتوقف الحوار, عند توقف الحياة ذاتها , أما قبل ذلك فلا توقف للحوار إطلاقا شئنا أم أبينا فالأمر ليس بالمزاجية نفعله حينا ونتركه حينا آخر, الحوار يولد كل يوم من جديد مع كل طفل جديد ينزل إلى الدنيا نجده في تغريد العصافير وفي حركات وأصوات غيرها من الحيوانات .
الحوار سينجح بإذن الله , ولكن إذا لم ينجح الحوار فلن تحل الكارثة, وأنا هنا اطمئن كل يمني وكل يمنية إلى ذلك وأنا على ثقة تامة من ذلك , والمهم أن تقوم الحكومة بواجباتها سواء قبل الحوار أو بعده ولن يحدث شيء فستكون الأمور على خير ما يرام .
هناك مثل يقول إن التاجر الذكي لا يضع كل البيض في سلة واحدة فقط, حتى إذا ما حصل مكروه لهذه السلة فقد كل شيء وأصبح فقيرا معدما , هذا على صعيد تاجر فرد له رأس مال محدود قل أو كثر , ونحن لا يجب أن نضع اليمن في سلة واحدة هي سلة الحوار ولا نثقل كاهل الحوار أكثر من اللازم سواء بالتفائل الزائد أو بالتشاؤم الزائد كذلك , فهناك فرص كثيرة وقادمة منتظرة لنا للتحاور وسنطل نتحاور ما حيينا وما ظلت الحياة قائمة وظل هناك نفس يصعد ويهبط في كل إنسان منا .
الحوار ليس ب