> الأوضاع الصحية والإنسانية في اليمن تشهـد تدهوراً مستمراً جراء استمرار أعمال العنف
> أصدرنا بيانات استنكار شديدة ضد الهجمات التي استهدفت المرافق الصحية في اليمن
> المنظمة وفرت أكثر من 450 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية
أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن الدكتور أحمد شادول ، أن الأوضاع الصحية والإنسانية بشكل عام تشهد تدهوراً مستمراً في العديد من المناطق اليمنية بسبب استمرار الحرب وأعمال العنف التي فاقمت الأوضاع الصحية والتي كانت أساساً تعاني من التدهور والضعف قبل الأحداث الجارية .
وقال شادول في لقاء مع ” الثورة” :طالبنا مراراً عدم استهداف المنشآت الصحية والعاملين الصحيين، وأصدرنا بيانات استنكار شديدة ضد الهجمات التي استهدفت المرافق الصحية في اليمن .مؤكداً أن منظمة الصحة العالمية وفرت منذ أواخر مارس 2015م أكثر من 450 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة في اليمن .
أجرى اللقاء/ شوقي العباسي
• مع مرور عام على الحرب واستمرار أعمال العنف والقصف الجوي في عدد من المدن اليمنية.. كيف تقيمون الوضع الصحي في اليمن؟
– الأوضاع الصحية والإنسانية بشكل عام تشهد تدهوراً مستمراً في العديد من المناطق اليمنية بسبب استمرار أعمال العنف التي فاقمت الأوضاع الصحية والتي كانت أساساً تعاني من التدهور والضعف قبل الأحداث الراهنة. ومع تحذيراتنا المستمرة بعدم استهداف المرافق الصحية والعمال الصحيين وسيارات الإسعاف، ومع دعواتنا المتكررة بالسماح لوصول المساعدات الطبية والمواد الإغاثية إلا أن أعمال العنف ما زالت مستمرة ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي بشكل لم يسبق له مثيل. فحالياً، المرافق الصحية تعمل بالحد الأدنى والوضع الصحي في مرحلة حرجة للغاية، وبدون الدعم، فإن المزيد من المستشفيات ستغلق أبوابها ما سيؤدي إلى منع الملايين من فرص الحصول على الخدمات الصحية.
القتلى والجرحى
• ماذا عن آخر إحصائيات الجرحى والقتلى المتوفرة لديكم حتى الآن؟
– منذ 19 مارس 2015 وحتى منتصف مارس 2016، أدى العنف الدائر في مختلف مناطق اليمن إلى مقتل أكثر من 6000 شخص وجرح أكثر من 36000 شخص، وهذا طبقاً لبيانات المرافق الصحية، ونحن نتوقع بأن يكون العدد الفعلي للوفيات والإصابات أكبر من الأرقام المسجلة رسمياً.
استهداف المرافق الصحية
• المنشآت الصحية لم تكن استثناءً خلال عام من الصراع وكانت عرضة للاستهداف.. كيف تتعاملون مع أطراف الصراع بخصوص تجنب استهداف هذه المنشآت؟
– نحن في منظمة الصحة العالمية طالبنا مراراً بعدم استهداف المنشآت الصحية والعمال الصحيين، وأصدرنا بيانات استنكار شديدة ضد الهجمات التي استهدفت المرافق الصحية بغض النظر إن كان تم بصورة متعمدة أو لا.
ونؤكد هنا من جديد بأن العمال الصحيين يؤدون عملهم بصورة محايدة ويخاطرون بحياتهم يومياً لتقديم المساعدة الطبية العاجلة والمنقذة للحياة للعديد من الناس بما فيهم أطراف الصراع، لذا فإن على جميع أطراف الصراع احترام حيادية المرافق الصحية وعدم استهدافها أو استغلالها لأغراض عسكرية.
الدعم النفسي
• كيف أثرت أحداث العنف المستمرة على الحالة الصحية النفسية للسكان.. وما هي استجابة المنظمة في هذا الخصوص؟
– للأسف، تسبب العنف الدائر إضافة لحالة النزوح الكبيرة إلى زيادة مستويات الضغوط النفسية، وهو ما يتطلب دعماً نفسياً واجتماعياً لمعالجة هذه المشكلة التي تتعمق أكثر كلما استمر الصراع المسلح. ويمثل الدعم النفسي أحد المكونات الأساسية في تقديم الخدمات الصحية، وله تأثير إيجابي هائل خلال الأزمات والحروب والصراعات. وفي ظل الصراع الذي تشهده العديد من المحافظات حالياً، فإن الحاجة لهذا النوع من الدعم تزداد أكثر من أي وقت. لذا فإن المنظمة تعمل على تعزيز وبناء قدرات الموارد البشرية في مجال الصحة النفسية، كما تحرص المنظمة على ضمان إدماج الصحة النفسية ضمن نظام الرعاية الصحية.
وحالياً، فإن اليمن لا تمتلك سوى 40 أخصائياً في مجال الطب النفسي، معظمهم يتواجدون في العاصمة صنعاء، ونحن في منظمة الصحة العالمية نعمل على تدريب أكثر من 500 عامل صحي ومجتمعي للوصول إلى أكثر من 20000 مستفيد في كل المحافظات.
واقع المنشآت الصحية
• كيف تقيم جاهزية المنشآت الصحية في اليمن حالياً، وماذا عن أهم التحديات التي تواجهها؟
– المنشآت الصحية خصوصاً في المناطق المتأثرة تعاني من أعباء كبيرة أهمها النقص الحاد في المعدات الطبية والموارد البشرية. وفي الآونة الأخيرة تأثرت كفاءة المنشآت الصحية في العديد من المناطق اليمنية نظراً لتدهور الأوضاع الأمنية ورحيل بعض الطواقم الطبية وصعوبة وصول الإمدادات الطبية لتلك المنشآت.
وأبرز التحديات التي تواجهها المنشآت الصحية تكمن في نقص الأدوية الجراحية وأدوية علاج الإصابات إضافة للأدوية المتعلقة بالأمراض غير المعدية وأكياس الدم ومشتقاته ومستلزماته، واحتياجات المعامل، والوقود اللازم لتشغيل سيارات الإسعاف والمولدات الكهربائية لضمان الاستمرارية في توفير الخدمات خلال انقطاع الكهرباء.
الدعم اللوجستي
• هناك انتقادات لدور المنظمات الدولية خلال الأزمة الراهنة.. ماذا عن جهود منظمة الصحة العالمية في اليمن خلال هذا العام؟
– فريق منظمة الصحة العالمية كان حاضراً طوال فترة الأزمة للاستجابة للتحديات الصحية ورصد الثغرات في خدمات الرعاية الصحية وضمان الاستجابة السريعة عبر التنسيق المتواصل مع وزارة الصحة العامة والسكان وكل الشركاء الصحيين المتواجدين في اليمن.
وقد وفرت منظمة الصحة العالمية منذ أواخر مارس 2015م أكثر من 450 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة بما فيها أدوية الطوارئ والمستلزمات الخاصة بالتعامل مع الإصابات إضافة لأكياس الدم والمغذيات والأدوية المضادة للملاريا وعلاج حالات الإسهال والانسولين. كما وفرت أكثر من مليون لتر من الوقود للمستشفيات ومراكز غسيل الكلى لضمان تشغيلها، كما قدمت أكثر من 20 مليون لتر من المياه المأمونة للنازحين والمرافق الصحية في مختلف المحافظات المتأثرة.
وبالشراكة مع اليونيسف وحلف اللقاح العالمي، نفذت منظمة الصحة العالمية حملات وطنية للتحصين ضد شلل الأطفال والحصبة والحصبة الألمانية خلال الأزمة واستطاعت من خلال تلك الحملات تطعيم أكثر من 5 ملايين طفل ما دون الخامسة ضد شلل الأطفال وتطعيم أكثر من 2.4 طفل ما دون سن الخامسة عشر ضد الحصبة والحصبة الألمانية.
وبسبب النقص في الكوادر الطبية، وفرت المنظمة فرقاً طبياً وأخصائيين في مجال جراحة العظام وأطباء تخدير لسد الفجوة والاحتياج لبعض التخصصات الطبية في المناطق المتأثرة. وأرسلت المنظمة منسقين لنظام الإنذار المبكر للأمراض في مختلف المناطق للإبلاغ بشكل منتظم حول الأمراض المعدية لمنع تفشي الأمراض.
وعلى الرغم من كل هذه التدخلات، إلا أنها تمثل فقط جزءاً بسيطاً من حجم الاستجابة المطلوبة، فهناك الملايين من السكان بحاجة ماسة لخدمات الرعاية الصحية والآلاف قد يفقدون حياتهم، ليس نتيجة للعنف، وإنما بسبب الدعم المحدود الذي أعاق وصولنا للسكان المتضررين.
برامج التحصين
• كيف تأثرت برامج التحصين بسبب الأحداث القائمة؟ وهل توقفت برامج التحصين عن العمل؟
– تأثر البرنامج الوطني للتحصين الموسع بسبب المشاكل التي شهدها النظام الصحي مما أدى إلى صعوبات كبيرة في توصيل اللقاحات إلى المرافق الصحية وانخفاض الإقبال على المرافق الصحية بسبب هذه الأوضاع السائدة. ومع ذلك، فإن الكوادر في برنامج التحصين وعلى كل المستويات يعملون بتفانٍ للحفاظ على سلامة اللقاحات وتوفيرها قدر الإمكان في المرافق الصحية. وكانت نسبة التغطية للتحصين الروتيني في العام 2015 أكثر من 84% رغم كل التحديات.
وقامت منظمة الصحة العالمية بمتابعة وتوفير الدعم الفني والمالي اللازم لاستمرارية خدمات التحصين في معظم المرافق الصحية وبشكل خاص تطعيم النازحين. كما قدمت 220 ثلاجة خاصة بحفظ اللقاحات إضافة للمولدات اللازمة لتشغيل مخازن التحصين لضمان مأمونية اللقاحات.
أمراض الطفولة
• شح المياه المأمونة أدى إلى ازدياد الأمراض المنقولة عبر المياه.. كيف تقيمون هذا الخطر وما هو دور المنظمة في هذا الصدد؟
– يعاني الملايين من اليمنيين من صعوبة الحصول على المياه الآمنة في ظل الصراع المستمر الذي ألقى بظلاله على أزمة المياه، وتتزايد مشاكل ندرة المياه لتصبح أكثر تعقيداً في المناطق المتأثرة بالحرب وهو ما أدى إلى تضاعف حالات الإسهالات الدموية لدى الأطفال تحت سن الخامسة والملاريا وحمى الضنك وغيرها من الأمراض.
واستجابة للاحتياجات الماسة للمياه، قدمت منظمة الصحة العالمية أكثر من 20 مليون لتر من المياه الآمنة ونقلها، إضافة لمعدات النظافة وأقراص الكلور الخاصة بتعقيم مياه الشرب للنازحين والمجتمع المضيف والمرافق الصحية في مختلف المحافظات المتضررة.
الأمن الغذائي
• هناك تقارير مخيفة حول سوء التغذية الحاد وسط الأطفال في اليمن.. ما مدى خطورة هذا المرض سيما في ظل انعدام الأمن الغذائي في البلد؟
– حالياً، يعاني حوالي مليون طفل من سوء التغذية الحاد المتوسط، فيما يعاني حوالي 320 ألفاً من سوء التغذية الحاد الوخيم. وحتى ما قبل الأزمة الحالية، كانت اليمن تحتل المرتبة الثانية عالمياً في معدلات سوء التغذية. وعملت منظمة الصحة العالمية على دعم 12 مركزاً للتغذية العلاجية إضافة للعيادات المتنقلة لعلاج حالات سوء التغذية والتي استفاد منها أكثر من 52 ألف شخص في محافظات الحديدة وعدن ولحج وحضرموت وصنعاء وأبين.
ولمواجهة هذه المشكلة الصحية، أعدت منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي خطة مشتركة بهدف التنسيق للاستجابة للمعدلات العالية لحالات سوء التغذية الحاد في اليمن.
مرضى السرطان
• الآلاف من مرضى السرطان في اليمن يعانون من نقص الأسرّة وشح الأدوية الضرورية.. أين هي منظمة الصحة العالمية من مرضى السرطان؟
– للأسف الشديد، هناك الآلاف من المرضى يتهددهم الموت بسبب نقص الأدوية المضادة للسرطان والمستلزمات الطبية اللازمة للقيام بالعلاج الكيماوي للمرضى. والوضع يزداد سوءاً في المحافظات المتضررة من الصراع، حيث يضطر الكثير من مصابي السرطان في بعض المحافظات إلى السفر لصنعاء للعلاج ما شكل عبئاً كبيراً على المركز الوطني لعلاج الأورام. ورغم الاستجابة التي قدمناها للمركز مثل المساعدة في توفير أدوية السرطان والمحاليل الوريدية بشكل إسعافي وسريع من السوق المحلي والمساعدة في توفير المشتقات النفطية (الديزل) التي يحتاجها المركز لتوليد الكهرباء، إلا أن احتياجات المركز كبيرة جداً، فالمستلزمات الطبية لعلاج السرطان كما هو معروف باهظة الثمن وتتطلب دعماً كبيراً.. ونحن نبذل أقصى جهودنا لتوفير ما نستطيع تقديمه لسد الحاجة الملحة لعلاج مرضى السرطان.