الحصار برعاية أممية.. الحقـائق الخفية والوعود المنسية
تقرير / رشيد الحداد
• أكثر من دور لعبته الامم المتحدة في اليمن منذ بدأ العدوان حتى يومنا هذا ، فالمنظمة الاممية التي وجدت لإرساء السلام في العالم وانيط بها حق التدخل بحماية المدنيين ومنع جرائم الإبادة الجماعية وتقديم المساعدة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان كمبدأ أصيل من مبادئها ، فشلت في القيام باي دور من شأنه أن يحمي المدنيين من وحشية العدوان السعودي الامريكي الذي ارتكب مئات الجرائم التي ترقي الى جرائم حرب ضد الانسانية كان ضحاياها الاطفال والنساء والشيوخ ولم يقم بأي دور فاعل في الحد من الحصار وتداعياته بل لعب دوراً سياسياً مشبوهاً لا يقل شأناً عن الدور الذي لعبه في العراق وفق سياسة النفط مقابل الغذاء … إلى التفاصيل :
منذ اللحظات الاولى للعدوان اصدرت الامم المتحدة عشرات البيانات الصحفية والتحذيرات عن انهيار الوضع الانساني في اليمن وحذرت في اكثر من بيان من وقوع كارثة انسانية حقيقية جراء تصاعد اعمال العنف ، الا أنها لم تشر الى الاسباب الحقيقية التي وقفت وراء تصاعد تلك المعاناة التي تسببت بارتفاع الفقر والبطالة في اوساط المجتمع إلى أعلى المستويات وتسببت بركود اقتصادي حاد وشلت الحركة التجارية واوقفت حركة النقل الداخلي نتيجة أزمة المشتقات النفطية الناتجة عن الحصار.
تحدثت الامم المتحدة في اكثر من بيان وفي اكثر من محفل دولي عن تردي الاوضاع الإنسانية إلى مستويات خطيرة ، واعتبرت الحصار البري والجوي والبحري الذي يواجه اليمن يرقى الى جرائم الابادة الجماعية ولكنها لم تعمل على الحد من الحصار وآثاره ولم تخفف معاناة 21 مليون يمني باتوا بامس الحاجة الى مساعدات عاجلة منهم 14 مليون يفتقدون للأمن الغذائي و7,6 مليون شخص وصلوا إلى مرحلة خطيرة من فقدان الأمن الغذائي تسبق الجوع بخطوة واحدة .
بيانات وإدانات وتحذيرات وتعابير جوفاء عن قلق أممي وفزع مما يجري في اليمن من قبل منظمة الأمم المتحدة تحولت إلى ظاهرة صوتية فقط فلم تحد منظمة بان من معاناة الملايين من الجوعى حد قولها ولم تخفف ممن معاناة مئات الآلاف من المرضى ولم تستجب لكل نداءات الانسانية التي اطلقتها المستشفيات الحكومية في صنعاء والحديدة والمحويت وصعدة وحجة بل تركت أفقر شعوب المنطقة في مواجهة مصيرية مع تداعيات العدوان والحصار.
ادوار مشبوهة
بينما اتجهت الآمال نحو قيام الامم المتحدة بدور إيجابي في اليمن قد يرفع من تداعيات العدوان والحصار منذ بدء العدوان حتى اليوم ، ساهمت المنظمة الأممية بتصاعد تلك المعاناة ولعب اكثر من دور مشبوه ، فالدور الانساني للمنظمة الأممية في الأزمة اليمنية انسانياً اتسم بعدم الفاعلية المواكبة للتردي المتسارع للأوضاع الانسانية ، فخطط الاستجابة الانسانية الطارئة ظلت طريقها في إغاثة المنكوبين والملهوفين وبرامج التدخل الاغاثي السريع غارت في مغارات سياسية أكثر منها إنسانية بل عملت الأمم المتحدة عبر منظماتها التي لم يخفف حضورها في اليمن من معاناة المجتمع اليمني بل عملت تلك المنظمات في توزيع المعونات الشحيحة بعشوائية لعدم وجود آلية تنسيق واضحة وشفافة في عملها الانساني ، حيث لم تستند تلك المنظمات على قاعدة بيانات واقعية ولم يكن لها أولويات ملحة في ظل التردى المتسارع للأوضاع الإنسانية في مختلف المحافظات أولويات تمكنها من تحقيق مبدأ العدالة في عملية توزيع المساعدات الإنسانية للمناطق الأشد تضرراً من العدوان والحصار ، فاتجهت تلك المساعدات الإغاثية إلى غير مستحقيها وبيعت كميات كبيرة منها في الأسواق السوداء في حين تعيش عشرات الآلاف من الاسر النازحة حالة كفاف ولا تتوفر لديها أدنى اساسيات الحياة اليومية ، وإن كان ذلك نتاجا طبيعيا لازدواجية المعايير التي تتبعها تلك المنظمات في تحديد الاحتياجات ومحتاجيها وفق أجندة خاصة تخدم أطرافا دون أخرى ، إلا أنها مارست دورها الإنساني دون تخطيط للاحتياجات وفي ظل غياب شبه كامل للتنسيق مع المجتمعات المحلية أو أطراف العمل الإنساني المحليين واقتصر التنسيق مع جهات محددة تعمل وفق أجندة سياسية وحزبية ، ولذلك ركزت المنظمات العاملة في المجال الانساني على مناطق دون أخرى وتجاهلت مناطق أكثر مأساوية من غيرها ، كما وجهت الإمدادات الغذائية الى مناطق لم تتعرض لغارات من العدوان ولم يتعرض سكانها لأي جرائم إبادة من قبل العدوان ، وفي المقابل لم تصل عدد من المناطق التي تعرضت للاستهداف الممنهج من قبل العدو والذي تسبب بمعاناة إنسانية لسكانها أي مساعدات إغاثية، ونظراً لذلك اتسعت الفجوة القائمة بين التخطيط للاحتياج الانساني والاحتياج الفعلي في ظل ضالة المساعدات المقدمة لليمن بالمقارنة بحجم الكارثة الانسانية التي خلفها العدوان.
حرمان وتضليل
ولم يتوقف دور المنظمات العاملة في المجال الانساني عند حرمان الملايين من حق الحصول على المساعدات الانسانية بل تجاوز ذلك إلى تضليل الراي العام العالمي من خلال إصدار تقارير تحمل معلومات مغلوطة عن الوضع الانساني في اليمن يضاف إلى أن عددا من تقارير تلك المنظمات تحمل توجيها سياسيا للمساعدات الانسانية لصالح دول التحالف وهو ما عده مراقبون مؤشراً خطيراً في اداء تلك المنظمات ومن خلال تقارير تلك المنظمات تبين أنها تتضمن إحصائيات غير دقيقة عن حالة النزوح وبيانات عن حركة الملاحة البحرية في الموانئ اليمنية ووصول مواد غدائية تفوق الواقع ، كما لم تفصح عن الأسباب الحقيقية لتردي الأوضاع الإنسانية في اليمن كما لم تكشف عن المعولين الدوليين للعمل الانساني في اليمن ، خصوصا في ظل تشديد التحالف المعادي الحصار وممارسته القرصنة البحرية ومنع وصول اي إمدادات للغذاء والدواء والوقود يضاف إلى منعه دخول المساعدات الشحيحة التي تقدمها تلك المنظمات .
ممنع امدادات الدواء
قصور اداء تلك المنظمات الانسانية في القيام بدورها في الحد من معاناة الشعب اليمني لم يكن في عملية توزيع المعونات الغذائية بل ان عدم الاستجابة الاغاثية لتلك المنظمات شمل مختلف الجوانب الانسانية ليتجه نحو التعقيد منذ صبيحة السادس والعشرين من مارس الماضي ، وحتى اليوم فالعدو انتهك كل الحقوق التي كفلتها كافة الاديان السماوية والمواثيق والمعاهدات الدولية والقانون العالمي لحقوق الانسان ومن تلك الحقوق حق الحصول على الدواء وعدم فرض قيود على وارداته لارتباط ذلك بحياة الملايين من البشر فمند بدء العدوان وحتى الآن تعمد تحالف العدوان منع وصول اي امدادات للدواء وعرض ويعرض حياة مئات الآلاف من المواطنين الذين يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية ، في ظل عدم قدرة الامم المتحدة إدخال الدواء اللازم للمستشفيات والمراكز الصحية ومشاركة المنظمات الدولية في استنزاف سوق الدواء المحلي الذي يعاني من ندرة المئات من الأصناف الدوائية مما تسبب بارتفاع أسعار الدواء الى مستويات قياسية ، وبسبب الحصار نفدت الادوية الخاصة بزارعي الأعضاء (الكلى والكبد )، وأدوية ومحاليل الغسيل الكلوي، والهيموفيليا، والسرطان، والسكري المعتمد على الأنسولين، ومستلزمات نقل الدم ومحاليل فحصها ، وادوية ضغط الدم، بالإضافة إلى الأدوية الخاصة بالمصابين بحالات نفسية وهو ما عرض حياة المرضى للموت الرحيم .
دور طفيف
وفي ظل تردي الاوضاع الصحية في اليمن تصاعدت الحالات الانسانية في هذا الجانب وأمام مرأى الأمم المتحدة ومنظمات الصحة العالمية والصليب الاحمر الدولي التي فشلت منذ بدء العدوان في القيام بدور فعال في الحد من التداعيات الإنسانية في هذا الجانب ولم يتجاوز دورها في ذلك حث التحالف على وقف استهداف المطارات والموانئ وعدم اعتراض الامدادات الحيوية من الأدوية لإنقاذ المرضي والمصابين ، حيث أصدر منسق الشؤون الإنسانية في اليمن يوهانز فإن دير كلاو في شهر ابريل الماضي عدداً من البيانات التي طالب فيها التحالف بوقف استهداف مطار صنعاء لإفساح المجال لإدخال مساعدات دوائية طارئة ودخول فرق طبية وفرق اغاثة خاصة بحالات الطوارئ ، إلاّ أن مطالب يوهانز قوبلت بالرفض حينذاك وبعد ارتفاع ضحايا العدوان من المدنيين مما أوصل المستشفيات المحلية إلى حالة العجز الجزئي عن تلبية القيام بدورها الطبي نتيجة نفاذ الادوية ، حاولت عدداً من تلك المنظمات تقديم مساعدات طفيفة لعدد من المستشفيات فمثلا “منح مستشفيات عدد من اكياس المصل وعدداً من المحاليل وريدية وأطقم مواد اسعافات أولية ، ومستلزمات جراحية في صعدة وصنعاء وذمار ، بعد عدة أيام من بدء العدوان ، ووفق تقرير الصليب الاحمر الدولي فإنه ساعد في ايصال اول طائرة مساعدات دوائية في العاشر من ابريل إلى العاصمة صنعاء على متنها 60 طناً من الادوية وتلى ذلك وصول طائرة أخرى تابعة للأمم المتحدة على متنها 32 طناً من المواد الطبية ومع تصاعد العدوان وارتفاع جرائمه خفتت أصوات المنظمات الطبية العاملة في المجال الطبي خلال الأشهر الماضية رغم استمرار النقص الحاد في الادوية والمستلزمات الطبية في المستشفيات المحلية.
مقايضة أممية.
اكثر من لقاء واكثر من التزام لممثلي الأمم المتحدة الذين قدموا الى العاصمة صنعاء والتقوا باللجنة الثورية العلياء إلاّ أن المخرجات التي خرجت بها تلك اللقاءات التي جرت مع عدد من كبار مسئولي الامم المتحدة منهم وكيل الأمين العام للامم المتحدة ستيفن اوبراين لم يتم تنفيذها على ارض الواقع متجاهلين أن اليمن على اعتاب كارثة انسانية في ظل تشديد العدوان الحصار واستمرار العدوان ، وتأكيدا على أن الجانب الإنساني لم يكن في أجندة زيارة عدد من ممثلي الأمم المتحدة إلى اليمن خلال الفترة الماضية فإن الجانب السياسي قد طغي على لقاءاتهم وتبين من خلال محاضر اجتماعات أولئك المسؤولين الأمميين التي حصلنا علي نسخة منها أن الهدف الرئيس من مجيئهم الى اليمن إيصال رسائل سياسية تخدم العدوان تقمصموا فيها دور “المقايضين الأمميين ” وهو الدور الذي سبق ان لعبته الأمم المتحدة في العراق تحت مسمي “سياسة النفط مقابل الغذاء” والتي تعد من أبرز سياسات الابتزاز الاممي.
في تاريخ 27 مايو الماضي التقى رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي المدير الإقليمي للمكتب تنسيق الشئون الانسانية لليمن عامر داودي وتم جلال الاجتماع في القصر الجمهوري بصنعاء مناقشة تنسيق الجهود الانسانية وسرعة إيصال المساعدات الانسانية الى اليمن ، وبعد عرض مفصل للأوضاع الانسانية التي تمر بها البلاد من قبل رئيس اللجنة الثورية العلياء، اكد داودي أن هدفه الرئيسي من الزيارة العمل على تسهيل وازالة كافة المعوقات التي تواجه العمل الإنساني سواء على المستوى الداخلي او الخارجي ، والعمل على إعادة سريان الاستيراد وسريان العمل التجاري الى اليمن وحث الامم المتحدة على أن تكون مهمة تفتيش السفن التجارية عن طريق ميناء الحديدة ، وتثبيت الوضع الأمني الذي يؤثر على العمل الإنساني وخصوصا مقدمي المساعدات والمنظمات التي غادرت اليمن ، والتزم بمضاعفة جهود الأمم المتحدة في الجانب الإنساني للحد من معاناة اليمنيين التي تصاعدت والعمل على السماح للمساعدات والسفن التجارية بالدخول إلى الموانئ اليمنية دون أي عراقيل ، إلا أن المسئول الأممي لم يوف بالتزاماته.
وعود “ستيفن”.
في الثالث من اغسطس التقى رئيس اللجنة الثورية بصنعاء الممثل المقيم للأمم المتحدة بصنعاء باولو لمبو لمناقشة دور الامم المتحدة في الجانب الانساني ورفع الحصار وبذل المزيد من المساعي لوقف العدوان وبعد ذلك بأسبوع وصل العاصمة صنعاء استيفن اوبراين وكيل الامين العام للأمم المتحدة منسق الإغاثة الطارئة في العاشر من أغسطس وخلال لقاء اوبراين برئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي في القصر الجمهوري تم مناقشة الوضع الانساني في البلد والدور الرئيسي للامم المتحدة في الحد منه ، واكد استيفن ان ثمة معاناة انسانية كبيرة تفوق حجم المساعدات المتوفرة كما أفاد بان الامم المتحدة طلبت استجابة عاجلة للوقوف امام تداعيات العدوان والحصار الذي تسبب بارتفاع حجم المحتاجين للمساعدات الى 80% من السكان ، ووعد ستيفن بالعمل على ايصال المساعدات للمحتاجين إلى اينما كانوا وحيثما كانوا .
وحول آلية التفتيش قال ستيفن ان الامم المتحدة تسعى للاتفاق على الية تفتيش غير معقدة تسمح لجميع السفن بالمرور مشيرا إلى أن تلك المساعي تهدف لإعادة ثقة التجار بالاستمرار في إدخال الاحتياجات للشعب اليمني ، وقال الأساس أننا نسعى لإدخال جميع السفن للموانئ اليمنية ولن نقبل باي ضغوط لإجبار السفن على الاتجاه في مسار محدد واشار إلى أن أي اتفاق حول آلية التفتيش سيخدم اليمن ، وفيما اكد ان الامم المتحدة أطلقت خطة الاستجابة الإنسانية العاجلة لرفع دورها في الحد من المعاناة في اليمن برفع سقف تمويل الخطة الى 1,5 مليار دولار ، كشف عن عدم التزام السعودية بإيصال إسهامها في خطة الاستجابة التي أعلنت عن تقديمها للأمم المتحدة والمقدرة بـ 274 مليون دولار وقال إن عدم التزام الرياض بدفع المبلغ شكل الكثير من الإعاقات للأمم المتحدة.
وفيما التزمت اللجنة الثورية العلياء بتقديم كافة التسهيلات للأعمال الانسانية وسهولة الوصول إلى كافة المناطق . احترام مواثيق الأمم المتحدة ومبادئ العمل الانساني وخصوصا ما يتعلق بوقف العدوان والحصار .
التزم وفق محضر الاجتماع وكيل الامين العام للأمم المتحدة اوبراين بزيادة الدعم وحشد الجهود لإيصال المساعدات الى اليمن بما يلبي اغلب الاحتياجات ، والقيام بالمناصرة الانسانية وايصال الصوت اليمني من خلال ما شاهده في اليمن ، والعمل بحيادية واحترام القوانين والاتفاقات.
الامم المتحدة امام المساءلة .
في ظل عدم وفاء ممثلي الامم المتحدة الذين قدموا الى اليمن أبدت اللجنة الثورية العليا في مذكرات بعثتها إلى القائم بأعمال الممثل الانساني للأمم المتحدة باليمن الاولى بتاريخ 21 سبتمبر والأخرى منتصف الشهر الماضي استغرابها واسفها من عدم التفاعل الجاد في تغطية الاحتياجات الطارئة للمواطنين اليمنيين من قبل الامم المتحدة والذي يعد |إنقاذ للحياة ، وأشارت الرسالتان الى ان عدم إيفاء الامم المتحدة بالالتزامات التي وعدت بها سيفقدها المصداقية ويعطي انطباعا سلبياً عن الدور الذي تقوم به الامم المتحدة ومنظماتها، وأشارتا إلى أن كل الالتزامات التي وعدت بها الامم المتحدة عبر المدير الاقليمي لمكتب تنسيق الشؤون الانسانية لليمن عامر داودي في الـ 27 من آيار الماضي ووكيل الامين العام للأمم المتحدة منسق الاغاثة الطارئة استيفن اوبراين للشعب اليمني لم تنفذ حتى الآن ، وأشارتا إلى انها نفذت كافة التزاماتها التي قطعتها خلال لقاءاتها بالمسئولين الدوليين إلا أن الامم المتحدة لم تف بالتزاماتها والتي من شأنها أن تخفف من معاناة اليمنين من خلال تسهيل دخول المساعدات الانسانية والمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة وحماية الاطفال والنساء الذين يستهدفهم الطيران السعودي دون مسوغ قانوني ووقف العدوان على البنية التحتية في البلاد
ومن ضمن المطالب الملحة التي طالبت بها اللجنة الثورية زيادة المساعدات الانسانية العاجلة وإغاثة المناطق المتضررة والتي تعرضت لقصف كثيف من قبل الطيران السعودي ، والذين يعيشون ظروفاً كارثية في ظل الحصار والعدوان وخصوصا سكان المناطق الحدودية في محافظتي صعدة وحجة والذين يتعرضون لقصف مباشر من قبل مدفعية العدوان .
وكشفت الوثائق لعب الامم المتحدة أكثر من دور غير حيادي منها تضليل الراي العام العالمي عما يتعرض له الشعب اليمني من جرائم ابادة جماعية وعوضا عن قيام تلك المنظمات بدور إيجابي في رفع المعاناة المجتمعية في اليمن الناتجة عن العدوان والحصار ساهمت بتصاعدها بدورها الذي اتسم بعدم الفاعلية المواكبة للتطور المتسارع في مختلف الجوانب الانسانية، فخطط الاستجابة الانسانية الطارئة ضلت طريقها في إغاثة المنكوبين والملهوفين وبرامج التدخل الاغاثي السريع غارت في مغارات سياسية أكثر منها إنسانية لعدم وجود إلية تنسيق واضحة وشفافة في العمل الانساني لتلك المنظمات العاملة تحت نطاق الأمم المتحدة التي لم تستند على قاعدة بيانات واقعية وأولويات تمكنها من تحقيق مبدأ العدالة في عملية توزيع المساعدات الانسانية للمناطق الأشد تضرراً من العدوان والحصار فاتجهت تلك المساعدات الإغاثية إلى غير مستحقيها ، وان كان ذلك نتاجاً طبيعياً لازدواجية المعايير التي تتبعها تلك المنظمات في تحديد الاحتياجات ومحتاجيها وفق أجندة خاصة تخدم اطرافاً دون اخرى ، الاّ انها مارست عملها في ظل التردي المتسارع للأوضاع الانسانية في اليمن دون تخطيط للاحتياجات وأولويات لمحتاجي تلك المساعدات يضاف إلى تلك عدم تنسيق تلك المنظمات مع أطراف العمل الانساني المحلية وعدم اشراكها واقتصرت على التنسيق مع جهات محددة تعمل وفق اجندة سياسية وحزبية ، ولذلك ركزت المنظمات العاملة في المجال الإنساني على مناطق دون أخرى وتجاهلت مناطق أكثر مأساوية من غيرها ، كما وجهت الإمدادات الغذائية إلى مناطق لم تتعرض لغارات من العدوان ولم يتعرض سكانها لأي جرائم إبادة من قبل العدوان ، وفي المقابل لم تصل إلى عدد من المناطق التي تعرضت للاستهداف الممنهج من قبل العدو والذي تسبب بمعاناة انسانية لسكانها اي مساعدات إغاثية، ونظراً لذلك اتسعت الفجوة القائمة بين التخطيط للاحتياج الانساني والاحتياج الفعلي في ظل ضالة المساعدات المقدمة لليمن بالمقارنة بحجم الكارثة الإنسانية التي خلفها العدوان.
الأمم تفشل في حماية نفسها.
الدور السلبي لمنظمات الامم المتحدة في اليمن حول بعض المنشآت الطبية المتواضعة العاملة بكوادر يمنية والتابعة للامم المتحدة الى أهداف مباشرة من قبل العدوان ، حيث استهدف طيران العدوان أواخر اكتوبر الماضي مستشفي حيدان في محافظة صعدة الذي يعمل تحت اشراف منظمة اطباء بلا حدود بسلسلة غارات مما أدى إلى تدميره بالكامل ومقتل عدد من العاملين فيه، وهو ما قوبل بانزعاج الامم المتحدة واستيائها وطالب بان كي مون بالتحقيق في العملية وتراجع عن ذلك ، كما تعرضت مخازن منظمة اوكسفام التابعة للأمم المتحدة وناقلات الأغذية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في نفس المحافظة للتدمير ، وفي سبتمبر الماضي استهدف العدو السعودي المعونات الغذائية التابعة للمنظمات الدولية تابعة لليونيسف في محافظة ذمار ، وقالت اليونيسف أن القصف السعودي أدى إلى استهداف إمدادات حيوية لمساعدة 11 ألف شخص في أسوأ المناطق المتضررة في اليمن واعربت منظمة اليونيسف عن “الفزع الشديد” تجاه تدمير مخازن تستخدمها المنظمة لتخزين المعونات الإنسانية ، كما تعرض مركز تابع لمنظمة الهجرة الدولية ومركز صحي تابع لها في مديرية حرض محافظة حجة للاستهداف المباشر والتدمير من قبل طيران العدوان السعودي.
المعونات بين النهب والسحب.
باستثناء بيانات ومعلومات تنشر في وسائل الاعلام حول المعونات الغذائية إلاّ أن الحقيقة لاتزال غائبة فالأمم المتحدة في تقريرها العام 2015 م الصادر مؤخراً أشارت إلى أنها وزعت معونات في اليمن بقيمة 950 مليون دولار في إطار خطة الاستجابة الانسانية ، إلا ان الواقع يؤكد شحة المعونات وعدم وصولها بما كان يتوجب على الامم المتحدة القيام به ، فالعشرات من البواخر صرفت في جيبوتي وبيعت إلى تجار في كينيا وكميات أخرى دخلت اليمن عبر عدن إلى المحافظات الجنوبية وتناهبتها المليشيات بالإضافة إلى دخول معونات نهبت بقوة سلاح المليشيات في تعز من مخازنها ولم تصل العاصمة صنعاء إلاّ كميات ضئيلة صرفت عبر برنامج الغذاء العالمي.
سحب السفن قبل وصولها .
وعلى الرغم من ان المشكلة القائمة تكمن في شحة معونات الامم المتحدة في ارتفاع الاحتياجات الإنسانية إلى أعلى المستويات ، إلا أن عدداً من السفن وصلت الموانئ المحلية ولكنها سحبت عقب التقاط صور وصولها بغرض التوثيق ولعل ما حدث للسفينة “سي اثينا ” في ميناء الصليف في الحديدة لخير دليل حيث اكدت وثيقة حصلت الثورة على نسخه منها قيام بعض المسئولين في جيبوتي بطلب سحب السفينة عقب وصولها بساعات إلى الصليف واعادتها إلى جيبوتي ووفق الوثيقة فإن برنامج الغذاء العالمي طالب السفينة التي وصلت الى الميناء لدعم الاستجابة الانسانية بالعودة الى ميناء جيبوتي بتاريخ 23 اغسطس الماضي دون مبرر مما حدا بالسلطات المحلية في الحديدة إلى الرفض وتوجيه شركة موانئ البحر الاحمر بعدم السماح للسفينة بالعودة إلا بعد الانتهاء من إفراغ حمولتها من القمح البالغة 33 الف طن ، وبرر برنامج الغذاء العالمي سحب السفينة بعدم قدرته على توزيع حمولة السفينة ومن ثم في مذكرة اخرى قال إن عملية التوزيع من ميناء جيبوتي اسهل ، وغلى الرغم من احتجاز السلطات للسفينة الا ان البرنامج التابع للأمم المتحدة تكتم على الامر ، وفي سياق متصل افادت مصادر ملاحية في ميناء الحديدة بأن السفينة التابعة لبرنامج الغذاء التي تم احتجازها من قبل تحالف العدوان أثناء اقترابها من ميناء الحديدة في الـ 11 من الشهر الماضي تحت مبرر احتوائها على سلاح وهو ما نفته الامم المتحدة على لسان ناطقها الرسمي فرحان حق الذي اتهم السعودية باحتجاز السفينة دون اي مبرر ، وهو ما اكده الناطق الرسمي باسم دولة العدوان العميد احمد عسيري الذي قال في تصريحات صحفية ان السفينة التي ضبطت لم تلتزم بالحمولة التي يُسمح بإدخالها إلى اليمن، وحتى الآن لم تعد السفينة إلى الحديدة وتم مصادرة حمولتها في جيبوتي .