أرخبيل سقطرى … الأطماع الخليجية الإماراتية تسبق العدوان

مغارة حوق .. أعجوبة من أعاجيب الزمن وعنوان لفرادة وندرة سقطرى

استطلاع / عبدالباسط النوعة
رحلة جميلة لا يمكن نسيانها أخذتنا خلالها إحدى الطائرات العسكرية إلى واحدة من أجمل الجزر على مستوى العالم بل وأكثرها تفردا وندرة وفيها من الغرائب والعجائب ما يبهر العين ويدهش الأفئدة .
قبل أن يبدأ العدوان الغاشم على البلد بأيام قلائل استطعنا مع مجموعة من الزملاء أن نخطف أسبوعا من السعادة في أرخبيل سقطرى تجولنا خلاله في أنحاء مختلفة وواسعة من هذه الجزيرة والمحافظة الفاتنة .

أماكن زرناها في هذه الرحلة لم نزرها في الرحلة التي جمعتنا بهذا الأرخبيل في العام 2013م ، وأماكن أخرى كررنا زيارتها لأنها أماكن مثيرة وشديدة الجمال منها كهف أو غار حوق الذي حاولنا هذه المرة أن نتعمق أكثر في جوفه ونصل إلى أقصى مسافة يمكننا الوصول إليها أو تحملها ، كما قمنا بزيارة كهف ذجب في منطقة نوجد التي وصلنا إليها بعد رحلة طويلة عبر الخط الإسفلتي الذي يلف أجزاء واسعة حول هذه الجزيرة الواسعة جداً إلا أننا وجدنا أن كهف أو مغارة ذجب مع أنها تمثل أعجوبة فريدة لكنها أبداً لا يمكنها أن تنافس مغارة حوق، فالأولى مع أن فتحتها يمكن تكون أكبر من الثانية إلا أن عمقها صغير جدا فيها مداخل صغيرة جدا لكنها ليست عميقة ، بينما حوق لم يستطع أحد حتى الآن أن يصل إلى نهايتها ولهذا سنوجز الحديث عن هذه المغارة الفريدة والمدهشة، حيث وصلنا إلى قرية ( تربك) إحدى قرى منطقة ( حالة) الواقعة شرق الأرخبيل ، انتهى بنا الطريق الإسفلتي في هذه القرية وتوقف بنا الباص لنواصل المشوار إلى هذا الكهف مشيا على الأقدام ، لم نك نتصور أن يكون الطريق شاقاً وطويلاً، حيث مررنا بهضاب وجبال وأشجار ونباتات نادرة وكثيفة ، وظللنا نمشي ونمشي صعوداً لأكثر من ساعة وربع ، وكلما اعتقدنا أننا على وشك الوصول لا نلبث أن نكتشف أن الطريق لازال طويلا ولكن وبمجرد الوصول إلى هذا الكهف العجيب زال كل التعب وجف العرق ، فقد وجدنا أشياء  ما كانت أبداً في الحسبان، أشكال ومجسمات وألوان بديعة تزين هذه المغارة على الجنبات وفي السطوح والقاع ، ما وجدناه في المغارة التي  مشينا بداخلها لأكثر من ساعة أصابنا بالذهول فكلما تعمقنا اكتشفنا المزيد من هذه الأشكال التي تختلف وتتنوع أشكالها وأحجامها، أردنا أن نتعمق في هذه المغارة العجيبة أكثر وأكثر ومع أن المسافة التي دخلناها مع الزملاء في الرحلة الأخيرة أكثر من الرحلة السابقة وقد قمنا بجلب كشافات قوية جداً يمكنها التغلب على الظلام إلا أن ظلام المغارة في الأعماق استطاع أن يقهر قوة تلك الكشافات ، ناهيك عن الأوكسجين الذي أخذ يتناقص ويتقلص وبشكل كبير جداً لم نستطع التقدم أكثر .
حوق أفضل من جعيتا اللبنانية
أثناء زيارتنا هذه وجدنا سياحا جاؤوا إلى هذه المغارة من عمان ومصر امرأتين من عمان ومصري يعمل مستشاراً لدى الحكومة العمانية وهم من هواة سياحة التسلق ، حيث تحدث إلينا المستشار المصري بذهول من هول وجمال ما رأى في هذا الكهف الفريد جداً والذي لم يشاهد مثله أبداً مع أنه دائم السفر إلى بلدان كثر حول العالم ، وقال : سبق وان قمت بزيارة مغارة جعيتا  في لبنان ولكن مغارة حوق بسقطرى أكثر جمالاً وأوسع وأكبر وأكثر أشكالاً واشد دهشة ومتعة إلا أن مغارة جعيتا نالت اهتماما من قبل السلطات اللبنانية وتم تزويدها بمؤثرات صوتية وضوئية تبرز جمالها أكثر وأكثر بينما مغارة سقطرى أكثر منها جمالاً ولكنها بحاجة إلى القليل من الاهتمام والترويج ليعرف العالم أن في سقطرى أعجوبة لا يمكن أن تتكرر أبدا ، وتمتاز مغارة حوق أيضاً بأنها مازالت على بيئتها الطبيعية ويتم الوصول إليها عبر طريق تقليدي فريد .
ووصف الطريق الشاق والطويل للوصول إلى تلك المغارة بالأكثر إمتاعا ويمثل ميزة إضافية لهذه المغارة التي تجمع بين والتسلق والمشي وبين سياحة الغرائب والعجائب .
وأشار إلى ضرورة أن تظل هذه الطريق كما هي ولا ينبغي أبداً أن يتم شق طريق للسيارات  إلى هذا الكهف ولكن إذا لزم يمكن عمل تلفريك للأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إليها خاصة من كبار السن وذوي الإعاقة من السياح .
المجتمع المحلي مستفيد
هذا الكهف أصبح يشكل لسكان قرية ( تربك) عائدا ماليا ساعدهم على تدبير شؤون حياتهم حيث قاموا بتقسيم أنفسهم إلى دوريات كل مجموعة سياحية أو سائح يأتي لزيارة الكهف لابد وأن يرافقه أحد أبناء القرية وفق ترتيب أو جدول منتظم ويأخذ المرشد لأي مجموعة مبلغ (4) آلاف ريال فقط ، ولا يتغير هذا المبلغ مهما كان عدد السياح حيث يؤكد أحمد غيثان الذي رافقنا في رحلة الصعود إلى الكهف أنه يتناوب مع أحد عشر شخصاً من أبناء قريتهم على مرافقة السياح وكان آخر مرة رافق فيها السياح إلى الكهف قبلنا كانت قبل نصف شهر وكانوا سياحا من أوروبا ، بينما كان أخر مجموعة سياحية تقصد الكهف لزيارته قبل يومين ورافقهم احد أصدقائه وكانت مجموعة من السياح المحليين قدموا من صنعاء لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى الكهف قطعوا نصف المسافة ولكن التعب تمكن منهم فعادوا أدراجهم .
طريق شوق وشاهق
ويقول الأخ أحمد جمعان من أهالي قرية ( دبنة) القريبة جداً من قرية ( تربك) أن أهالي تربك مهتمون جدا بهذا الكهف فقد كان الطريق غير محدد والكثير من الزوار كانوا يتيهون في الهضاب والشعاب وبين الأشجار وهم في طريقهم إلى الكهف ، ناهيك عن الأضرار التي يتعرض لها الزوار بفعل الأشجار والأحجار ووعورة الطريق فقام أهل القرية بعمل طريق يمشي عليها السياح إلى الكهف ولكن مازال الكهف يحتاج إلى شق طريق، للسيارات لأن الكثير من السياح يريدون زيارته ولكنهم لا يستطيعون بسبب الطريق الشاق .
عندما يشتد الظلام داخل الكهف وقد تعمقنا كثيرا فيه وجدنا خيطا من الفسفور وضعته هيئة البيئة فرع سقطرى لكي يدل السياح على الطريق ووجدنا بعد هذا الخيط نبعا من الماء قيل لنا إنه عذب ويمكن الشرب منه  .
قوارب واستراحات أجنية
كم نشعر بالأسى والحزن لما وصلت إليه الأمور في البلد عموما ومحافظة أرخبيل سقطرى على وجه الخصوص في ظل العدوان الذي بسط نفوذه على هذه الجزيرة الفاتنة وبدأت أطماعه بهذه الجزيرة طافية على السطح ، وحقيقة فهذه الأطماع يبدو أنها كانت منذ وقت طويل وسبقت العدوان بزمن ، فقد لاحظنا أثناء زيارتنا الأخيرة لهذا الأرخبيل التي لا ندري هل يمكننا تكرارها مرة أخرى أم لا ، وكانت زيارة نسعد أننا قمنا بها قبل أن تتوتر الأوضاع نتيجة العدوان لاحظنا تواجدا للخليجين وعلى وجه الخصوص الإماراتيين من خلال الاستراحات التي قاموا ببنائها والخيام التي شيدوها خاصة بهم وحدهم في الجزيرة وأيضا تلك القوارب والزوارق المتواجدة بالقرب من اللسان البحري ( الميناء) التي قيل لنا أنها خاصة بإماراتيين اعتادوا أن يقضوا أياما وأسابيع في هذه الجزيرة وبصورة دائمة وعندما سألنا هل يكون دخولهم إلى الجزيرة وفق إجراءات رسمية وتأشيرات من قبل الأجهزة المعنية في اليمن ، كان الجواب ( التلكؤ وعدم المعرفة) .

قد يعجبك ايضا