مرضى الكاميرا ..
عبدالرحمن غيلان
هناك ظاهرة غير صحيّة بتاتاً ظهرت في الشهر الأول من العدوان على اليمن ، وتصاعدت وتيرتها شهراً بعد شهر ، وستبقى غصة السنوات القادمة ليمن الصمود . تتمثل هذه الظاهرة فيمن يستحقون أن نطلق عليهم لقب ” الكوميديون الجدد ” أو ” عشّاق الظهور ” .. والذين يفرحون بالنكبات ليظهروا فيها بكامل أناقتهم – من وجهة نظرهم – تماما كما يفرح بالنكبات تجار الفساد . الإشكال ليس في ظهورهم فحسب ، إنما لافتقادهم للحس السياسي التحليلي المناسب لاستيعاب مرحلة العدوان على الوطن .. وكل ذلك بسبب تسلقهم الشخصي عبر مصالح شخصية بينهم وبين القائمين على بعض الوسائل الإعلامية .. مما يجعل حضورهم الإعلامي الباهت تمييع للقضية الكبرى وهي القضية التي تحتاج لاطلاع واسع ، وإمساك حصيف لقضية الوطن من مختلف جوانبها التي تسهّل على المتلقّي فهم ما يجري ، وليس لمجرّد الظهور الإعلامي وفق طلاسم ومصالح ورسائل إعلامية باهتة لا يجني الوطن والمواطن منها شيئاً يستحق كل هذا التدبيج السيئ للخطاب الإعلامي . هؤلاء لا يمثّلون إلا أنفسهم ، يدّعون تمثيل قضية الوطن وهم لا همّ لهم سوى ملاحقة الكاميرا بسببٍ ودون سبب ، بل بإمكان الواحد منهم أن يعرّض شخصه للكثير من المواقف المحرجة مقابل الظهور الإعلامي المصاحب للصورة .. ومن النادر جدا أن يقبل الظهور صوتا في إذاعة، ناهيكم عن قبوله الظهور عبر وسيلةٍ كتابية . هؤلاء المرضى بالكاميرا أصبحوا حجر عثرة أمام الكثير ممن يستحقون أن يظهروا إعلاميا وهم الجنود المجهولين خلف الشاشة وخلف متارس الفداء . ويوما ما سيكونون وجعاً خالصاً لهذا الوطن لاعتقادهم باستحقاقاتهم الثورية ، ولإيمانهم المطلق أن علاوة المظهر هي الحقيقة الأولى في راتب وظيفة الوهم الذي يعيشونه .