حق الطريق
عبدالمجيد التركي
لأول مرة منذ ثلاثين عاماً أقف أمام إشارة المشاة، عندما كنتُ في بيروت قبل فترة.. شعورٌ جديدٌ وجميلٌ أن تقف احتراماً للطريق لتعبر بأمان..
تتلفَّت يميناً وشمالاً فترى المشاة واقفين وعيونهم تنتظر الإشارة الخضراء.
هذا مظهرٌ بسيطٌ من مظاهر احترام الدولة لحياة المواطن، واحترام المواطن للقانون الذي وُجد لحمايته.. وحين تقف على أيِّ رصيف وليس أمامك إشارة مشاة، فإنك ترى السيارات تلقائياً تقف لك، فتعبُر ويدك على صدرك كعلامة للامتنان.
عبور الشارع عندنا يُعتبر مخاطرة، ولو حدث وعبرتَ الشارع وهناك سائق مسرع فسيخرج رأسه من نافذة السيارة ويشتمك حتى سابع جد.
الحكومات المتعاقبة، في بلادنا، لم تحترم حياة المواطن، ولم تقدِّم له شيئاً يساعده على احترام القانون.
في بداية الثمانينيات كان هناك إشارات للمشاة في صنعاء.. أتذكَّر واحدة كانت بجوار مدرسة عمر المختار، لكن هذه الإشارات انقرضت وكأنها ديناصورات.
كلَّما مرَّ الوقت تزداد الدول تقدُّماً، وتنطبق هذه البديهية على العالم كله إلا نحن.. فكلَّما مرَّ الوقت نزداد تراجُعاً وفقراً وجهلاً..
أما إشارات المرور التي تنظِّم حركة سير السيارات، فقد تم اختراعها لراحة الإنسان، وإعفاء رجل المرور من الوقوف تحت الشمس طوال اليوم، لكنها أصبحت في اليمن أثراً بعد عين.. ولا تكاد تشاهدُ إشارةً واحدةً ما تزال محتفظة بعيونها الثلاث الملوَّنة..
حين تريد أن تقيس مستوى ثقافة أي شعب، فما عليك إلا أن تقف قليلاً في أيِّ شارع لترى مدى احترامهم لإشارة المرور، وكيفية تعاملهم مع الطريق.. فثقافة احترام الطريق نابعة من احترام القانون.
ولو حاولنا عمل إحصائية لضحايا عبور الشوارع لعرفنا أننا ما نزال بحاجة إلى إعادة صياغة لإنسانيتنا، قبل كل شيء.
Magid711761445@gmail.com