إعداد/إدارة التحقيقات
قبل حوالي ألف عام بدأت تخط بأناملها القوية أول عناوين تاريخها الزاهي بأحداث مشرفة لها ولتاريخ بلد سامق في الحضارة من مفرق رأسه وحتى أخمص قدميه فكانت حامية ومقرا لدولة يمنية استمرت لقرون متربعة عرش الإباء والتاريخ ومن ثم احتضنت الكثير من علامات التاريخ الفارقة في حياة الشعب اليمني ..
وقبل أيام كانت قلعة القاهرة ــ وهي المعنية بالوصف ــ على موعد جديد مع قصف عدواني من قبل طائرات قوات التحالف الذي تقوده السعودية أكثر من مرة ملحقة بالقلعة التاريخية أضرارا جسيمة لتصرح ــ بذلك ـ السعودية عن مكنون حقد دفين ينوي ضرب تاريخ وحضارة شعب عمره امتد لخمسة آلاف عام على الأقل ..
تقع قلعة القاهرة التاريخية بمدينة تعز اليمنية بالقرب من جبل صبر ثاني أكبر جبال الجزيرة العربية بارتفاع يصل إلى 3200 متر ، وحسبما ذكرته كتب التاريخ فإن القلعة ابتدت تخط خطواتها نحو تدوين تاريخها المليء بالأحدث من قبل حوالي 1000 سنة وقد احتلت مكانة مرموقة امتلأت بالأحداث منذ أن اتخذها ملوك دولة بني رسول كمقر رسمي للحكم فكانت بمثابة القصر الجمهوري حاليا ، ومنذ ذلك الحين اعتبرت قلعة القاهرة أحد أبرز المعالم التاريخية اليمنية على وجه العموم وعاصمة الثقافة اليمنية “تعز ” على وجه الخصوص .
قبل سنوات قليلة كانت فرق الترميم بمحافظة تعز قد انتهت من ترميم القلعة وكلفتهم عشرات المليارات وبذلك تكون القلعة قد عادت إلى سابق عهدها بالجمال الطبيعي والألق التاريخي كسابق عهدها لتحكي للأجيال المتعاقبة عصارة تاريخ دام قرابة ألف عام فتحدثهم حينا عن ملكها الملقب بالمظفر وغزواته وفتوحاته ومواقفه الوطنية التي افتقدها الكثير من أبناء الوطن في الوقت الحالي وتحدثهم حينا آخر عن الملك الأشرف وزوجته جهة الطواشي التي بنت جامع المعتبية التاريخي القابع في مدينة تعز القديمة وهي ذات المرأة التي أوقفت مقبرة الأجنادين أكبر المقابر على مستوى الوطن آنذاك .
قبل وبعد العدوان
قبل أن تجتاح الوطن الحبيب عاصفة العدوان السعودي كان سكان مدينة تعز قد اعتادوا على زيارة القلعة وحرصوا على أن يرتبوا زيارة رسمية يوما واحداً في كل أسبوع على الأقل فيما البعض يزورها بشكل شبه يومي ، أيضا اعتاد سكان المدينة في كل مناسبة وطنية على أن تضيء القلعة سماء المدينة بالألعاب النارية فكانوا كلما رأوا الأضواء من على قمة القلعة تعانق قلوبهم الأفراح ، وبعد أن اجتاح العدوان أرض الوطن وبدأ يستهدف المواقع الأثرية ــ كانت قلعة القاهرة في الطليعة وهو ما تم بالفعل فمنذ ابريل الماضي والقلعة هدفا لطيران العدوان فبين الحين والآخر يتألم سكان مدينة تعز وكل اليمنيين وهم يسمعون ويشاهدون القلعة تشتعل بُعيد كل قصف للطيران السعودي ، ورغم ان القلعة أصيبت بأضرار جسيمة إلا أن الطيران يعود ليحلق مرة أخرى ويقصفها بصواريخ عدة دمرت ما تبقى من جمال وتاريخ كانت ما تزال تحتفظ به لنفسها منذ قرون عدة .
حجم الدمار
الصوت والصورة المصاحبان للقصف كان خير مقيّم لأضرار العدوان لكن حرصا على تقديم الحقيقة بصورتها الأبهى والأوضح كان لنا زيارة إلى القلعة ، وبينما نحن في الطريق إلى القلعة كانت الأضرار تترأى لنا عن بعد.. نظرا لضراوة الهجوم العدواني فمن منطقة المجلية ” ترى القلعة وقد ألحقت بها أضرارا كبيرة في قمة أسوارها ، وحينما اقتربنا لم تكن الأوضاع الأمنية في حال يسمح للناس بالمرور ومع ذلك اقتربنا أكثر من القلعة فكانت الصورة حينها أكثر مأساوية فالضربات الصاروخية الأولى ألحقت أضرارا كبيرة بساحة القلعة وأحدثت تشققات كبيرة في الجدران القريبة ، وفي المرة الثانية كان القصف أقوى من المرة الأولى حيث هدمت الصواريخ أجزاء كبيرة مما كان الترميم قد أعاد بناءه .
أضرار أخرى
لم تتأثر قلعة القاهرة من الضربات الجوية وحسب فالكثير من المنازل المحيطة والقريبة منها لحقت بها أضرارا كبيرة لا سيما وأن القلعة تطل على مدينة تعز القديمة والتي لا تفصلها عنها سوى أمتار قليلة وهذا فضلا عن المنازل الأخرى التي تحيط بها من كل الجوانب ، وقد أحدثت تلك الضربات تشققات كبيرة لبعض منازل المواطنين مهددة إياها بالسقوط وتشققات في خزانات المياه الأرضية وهو الأمر الذي أدى إلى نزوح أسر كثيرة لا سيما وأن مدينة تعز تعاني من شح كبير في المياه وبالتالي يكون اعتماد بعض الأسر على تلك الخزانات قد ذهب أدراج الرياح.