> أحزان رشاد
تحت أصوات طائرات العدوان المغيرة ليل نهار على جبل نقم وأحيائها السكنية, وعلى مقعده الدراسي ومع أصدقائه الطلاب, يستعيد رشاد محمد علي ذكرياته المؤلمة والصراخ والعويل كلما سمع أزير طائرة تمر من فوق رأسه يستعيد للحظات كل ما مر به ويرتعش جسمه النحيل خوفاً من أن تعيد تلك الطائرات المعتدية ما قامت به في حارتهم من دمار أدى إلى إصابة والده ثم وفاته بإحدى الشظايا التي انفجرت من صواريخها الظالمة يومها, في قصف منطقة جبل نقم.
والدة رشاد الخائفة الحائرة تظل تتردد على المدرسة التي يدرس فيها ولدها أسفل جبل نقم قالت إنها لا تستطيع أن تخرج ابنها من حالته النفسية.
تتسأل كيف لها ولأمثالها من الأمهات أن يعدن البسمة والحياة إلى وجوه صغارهن, وخاصة من فقدوا آباءهم بسبب العدوان الغاشم؟ وتردف: كيف يمكنني أن أخرج ابني, وهل بإمكانها أن تخرجه من هذا الخوف والكابوس وأزيز الطائرات ما زال يهدد حياتهم يوماً بعد آخر؟ وكيف بإمكان هذا الطفل أن يصبح سوياً غير ناقم وحاقد على من قتل والده؟!
> الطفلة النازحة »غدير«
لم تعد الطفلة النازحة «غدير» تملك سوى قلم ودفتر يحوي رسوماتها بل وربما صار منزلها الذي حولته الصواريخ في محافظة صعدة إلى دمار.
تعيش غدير نجم الدين في إحدى مراكز الإيواء في العاصمة صنعاء بعد أن دُمر منزلها بالكامل بسبب القصف العشوائي لطائرات العدوان.. لم تعد تملك غدير لعبة أو دمية ولا ثياباً ولا أثاثاً ولا حتى منزلاً، فقد دمر كل شيء باستثناء ذكرياتها مع الخوف والرعب الذي لا يزال رفيقاً لها عاشت «غدير» شهوراً تحت القصف وعانت ألواناً من الذعر والمآسي في تلك المحافظة المنكوبة, ولا تزال تحيا مع كراستها على أمل أن تعود حياتها إلى ما كانت عليه قبل العدوان وتردد: أحاول مع صديقاتي النازحات أن نرسم ونفكر بالغد الجميل.. نحاول أن نتسلى حتى ننسى.
> أصغر علماء اليمن
بين القصص المأساوية لأطفال عرّض العدوان حياتهم للخطر في سن الزهور, توقفنا عند قصة تدمي القلب لطفل يمني نابغ عول عليه الكثير ولكنه كباقي أطفال اليمن تعرض للأذى من طائرات العدوان الغاشم.
هذا الطفل هو عبدالله السنباني أصغر عالم يمني حصل في عام 2012م على الجائزة الكبرى والمركز الأول في الدورة النهائية للمسابقة العالمية للعلوم التطبيقية والمشاريع الابتكارية الصغيرة (أيكن ساينتيجيكا) التي نظمتها وكالة الفضاء «ناسا» في نيودلهي بالهند وشارك فيها أكثر من 15 باحثاً ومتسابقاً من مختلف أنحاء العالم.
استطاع السنباني تطوير وابتكار سيارة صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية البديلة، ومع أنه ليس قيادياً في «أنصار الله» ولا قائداً عسكرياً كبيراً موالياً للرئيس السابق, إلا أنه طفل بريء بين آلاف الأطفال الذين قتلوا، أو أصيبوا، بغارات العدوان أصيب عبدالله السنباني في قصف طيران العدوان حفل زفاف بقرية سنبان في ذمار وهو الآن في حالة صحية حرجة، حيث تملأ الحروق جسده، بينما استشهد جده وجدته وأخواله وخالته، وكثير من أولاد أخواله الصغار في حفل الزفاف الذي كان أحد أخواله عريساً فيها وتعرض للقصف.
مصادر مقربة من السنباني أفادت بأن عبدالله كان لحظة القصف يقوم بتصليح مولد الكهرباء، إلا أنه لم يكمل عمله, لأن الصاروخ كان أسرع منه.
يرقد عبدالله حالياً في إحدى مستشفيات الأردن، حيث يتعالج من الحروق التي تملأ جسده، بينما يرقد أقاربه في قبورهم بعد أن خطف حياتهم الصيران السعودي إثماً وعدواناً.