قرون من التآمر والاحتواء والحروب

الغرب المتصهين في مواجهة الإسلام والعرب

صلاح القرشي

الله خالق السموات والأرض وخالق البشر وخالق كل شيء في هذا الكون، نزل على العالمين القرآن الكريم على يد رسوله الصادق الأمين سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وارتضى للبشرية أن يكون القرآن الكريم والإسلام ديناً ومنهجاً للعدالة بين بني البشر، وطريقاً سليماً لتقوى الناس، وهادياً إلى يوم الحساب وإلى الفوز بالجنة، وأن يكون المسلمون شهداء على الناس وخير أمة يتولون تطبيق هذا المنهج، وبالتأكيد ومادام القرآن الكريم من عند الله وكلام الله سبحانه وتعالى، إذن فإنه وبالضرورة سوف يكون أصلح من أي منهج أو نظرية أو نظام آخر وضعه الإنسان طوال حياته على هذه الأرض.
أي أن الإسلام ومن خلال آيات القرآن الكريم هو الذي يحقق العدالة بين بني البشر والأصلح من أي طريقة أو حكم أو نظرية أخرى من وضع البشر سابقة أو حالية في الشرق أو في غرب الكرة الأرضية، وأن تعاليم الإسلام والقرآن هو أقوى وأعدل وأصلح من كل قيم  الحضارة الغربية التي ترونها وتسمعون بها.
لذلك ومنذ البداية سعى الغرب المتصهين وعبر دوله المختلفة من عهد بيزنطة ثم دولة الإنجليز (بريطانيا) وأخيراً أمريكا وغيرها من الدول الغربية إلى عدم قيام أي قوة تستطيع أن توحد المسلمين وخاصة في المنطقة العربية ذات الموقع الجغرافي الجيو استراتيجي المتميز، والذي تحتوي أيضاً على الثروات الضخمة من مخزون الطاقة العالمي من نفط وغاز ومياه وغيرها، وأنه إذا حدثت وظهرت دولة أو قوة تقود المنطقة العربية فإن ذلك سيؤدي إلى سقوط التفرد الغربي المتصهين في قيادة العالم.
لذلك أعدت الخطط والمشاريع منذ عشرات السنين لكي تمنع من ظهور هذه القوة في المنطقة العربية التي ترتكز على تطبيق الإسلام بمبادئه الصحيحة والمرتكزة على الإيمان المطلق واليقين بوجود الله سبحانه وتعالى قولاً وعملاً، والاعتراف بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبسنته التي تتطابق مع ما جاء في القرآن، والثقة غير المحدودة بالله قولاً وعملاً في كل ما يواجه الإنسان، والإنفاق في سبيل الله وبسخاء وعملا بمعنى آيات الله في القرآن الكريم.
وقد سعت الدول الغربية المتسيدة على العالم إلى منع ظهور هذه القوة في المنطقة العربية واتبعت إلى ذلك عدداً من الطرق والوسائل والخطط، نذكر منها العمل وبكل قوة على عدم تطبيق تعاليم القرآن الكريم وذلك بدعم وزيادة الخلافات بين المسلمين، فساعدت على خروج أفكار جديد وعلى ظهور حركات إسلامية جديدة، وسعت إلى احتواء أي تقارب بين المسلمين حتى باتوا يختلفون في ما بينهم على كيفية الوضوء وكلمة (آمين) من أين أصلها وفصلها، ومن أهم الحركات الإسلامية التي احتوتها الاستخبارات الغربية وسيرتها هي  جماعة الإخوان المسلمين والحركة الوهابية واللتين تفرخت منهما عشرات المنظمات التكفيرية مثل القاعدة وداعش وجبهة النصرة وأنصار الشريعة وغيرها الكثير.
فأنشأت لهم خلال العشرات من السنين جيشاً من (العلماء والدعاة الإسلاميين) يقودونهم ويفتون لهذه الحركات الإسلامية.
ثم قامت الدول الغربية وخاصة بريطانيا بإنشاء دول وإمارات وممالك في المنطقة العربية مثل السعودية وقطر وغيرها  تقوم برعاية ودعم هذه الحركات الإسلامية وانتشارها، وذلك في مقابل أن يقوم قيادة وعلماء هذه الحركات الإسلامية بالمحافظة على ديمومة حكم هذه الأسر والأنظمة الحاكمة الموالية للغرب وشرعنة حكمها دينياً.
وقد سعت الدول الغربية إلى مساعدة هذه الحركات بالانتشار والتوسع في المنطقة العربية والإسلامية وبحيث تحول الإسلام وتعاليمه إلى خدمة مصالحها وحماية نفوذها من خلال قيادة وتسيير أنصار هذه الحركات (الإخوان المسلمين والحركة الوهابية السلفية التكفيرية)، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التالية:
الهدف الأول: ضرب نسيج المجتمع الإسلامي والعمل على نشر أفكار هذه الحركات الإسلامية وسط المسلمين (السنة) وزيادة التحريض بين المسلمين ( السنة والشيعة).
الهدف الثاني:  اعتبار هذه الحركات الإسلامية (جماعة الإخوان والوهابيين)  فقط هم المسلمين وهم الفرقة الناجية وهم أهل السنة والجماعة، وأن بقية الفرق والمذاهب والحركات الإسلامية السنية والشيعية هم من الكفار والخارجين على الملة والدين وأن معظم ما يعتقدونه هو بدعة.
ولقد رأينا في اليمن كيف عملوا على إحلال الوهابية والإخوان مكان الشافعية والصوفية في الجنوب وحاولوا أيضاً إحلال أفكار هذه الحركات الإخوانية والوهابية في شمال الشمال مكان الزيدية، وذلك بنشر المعاهد والجامعات ودور الحديث وغيرها وهذا أبسط مثال لما نقول .
وكل ذلك عملته الدول الغربية بريطانيا وأمريكا لكي تسيطر وتحتوي العرب والمسلمين  وتسير وتدجن  الإسلام بحيث يكون فقط لخدمة مصالحها وخدمة خططها، ولا يكون تهديداً عليها وعلى وجود قيمها وحضارتها.
وقد نجحت هذه الدول الغربية التي تقود العالم بريطانيا ومن بعدها أمريكا في كل ما خططت له، ابتداءً من صدور وثيقة كامبل رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، عام 1907م، مروراً بتقسيم المنطقة العربية بما سميت معاهدة “سايكس بيكو”، إلى ما يحدث الآن في الدول العربية  من إعادة تجزئة المقسم والمجزأ في الوقت الحاضر وما هو إلا امتداد لهذه المشاريع الغربية التآمرية.
وها هي اليوم الدول الغربية بقيادة أمريكا تستخدم هذه الحركات الإسلامية “الأخوان المسلمين والوهابية التكفيرية” من القاعدة وأخواتها في ضرب وتدمير الدول العربية والإسلامية وبحيث أصبحت كل ما تقوم بها هذه الحركات المسيرة من الاستخبارات الغربية تصب في مصلحة أمريكا وحلفائها، ويمكن أن نورد أمثلة على ذلك في استخدام الغرب لهذه الحركات الإسلامية:
المثال الأول: تم استخدامها في أفغانستان وضد الوجود الروسي هناك آنذاك وضد أي زعيم أو دولة يهدد المصالح الغربية مثل مصر بقيادة عبد الناصر والعراق بقيادة صدام حسين وغيرهم.
المثال الثاني: وهو الأهم الآن بأنها تستخدم في تنفيذ مشروع المخطط الغربي المتصهين الأمريكي في إعادة تقسيم دول المنطقة العربية إلى دويلات وإمارات على أساس الدين والمذهب والعرق والمنطقة وتدمير وتفكيك جيوشها التي تحفظ وحدتها، وانظروا ماذا تفعل جماعة الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وجبهة النصرة وأنصار الشريعة وأخواتها في العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال وأفغانستان وباكستان وغيرها من الدول العربية والأفريقية أيضاً، وذلك من أجل تنفيذ كل خططها ومشاريعها الإجرامية، ولشرعنة قيام دولة يهودية خالصة على أرض فلسطين.

قد يعجبك ايضا