استطلاع/ جمال الظاهري
* الأمر الطبيعي هو أن تكون العلاقات اليمنية الخليجية على مستوى متميز من حيث التكامل والتنسيق لما يربط اليمن بهذه الدول من أواصر الإخاء والجوار والمصالح المشتركة والمصير الواحد, وغير الطبيعي أن تكون بيننا وبينهم قطيعة وعداء, خاصة في مثل هذه الفترة الزمنية التي تشهد تقلبات وصراعات على النفوذ والسيطرة على هذه الجغرافيا الهامة التي يمثل موقعها منطقة حيوية واستراتيجية تهم العالم, ولما تكتنزه في باطنها من ثروات هي محط أنظار جميع الدول والاحلاف الكبيرة الطامحة والطامعة في خيرات بلدان المنطقة العربية وموقعها الهام.
السائد اليوم وربما على المدى القريب هو غير الطبيعي في هذه العلاقة التي تعرضت لهزة عميقة عبر عنها العدوان الغاشم الذي تقوده السعودية ومعها بعض دويلات الخليج باستثناء عمان الشقيقة التي تعارض هذا العدوان وتسعى جاهدة لإيقافه انطلاقا من اساس العلاقات المتينة مع اليمن.. هذا ما ذهب اليه بعض المراقبين والمحللين.. ايضا تحدثوا عن اشتراطات ترميم هذه العلاقة مستقبلا والعودة للوضع الطبيعي لعلاقات اليمن بمحيطة – في ضوء ما تعرض له اليمن من هذا المحيط من غدر وعدوان وما اصابه من دمار وقتل وحصار.. وفي سياق أحاديثهم..نتابع:
علاقة اليمن بدول العدوان ستبقى متأثرة
* البداية كانت مع عضو اللجنة الثورية المنسق المساعد لحركة (خلاص) توفيق الحميري الذي قال: ستتغير طبيعة العلاقات طبعا بتغير الانظمة السياسية، لأن ما حدث ويحدث من عدوان على الشعب اليمني بمشاركة وتحالف النظام الخليجي مع امريكا واسرائيل وبتبعية أنظمة دول عدة في شبه الجزيرة العربية، لن يمر مرور الكرام، ولا اتصور أن انكشاف مثل هذه العلاقة سيبقي على تلك الانظمة او يساعد على استقرارها، وسيكون لهذه الشعوب التي ينحدر غالبيتها من اصول يمنية رأي آخر.
وأضاف :بمعنى أدق اصبحنا أمام علاقات سياسية لأنظمة حكم أسرية انحدرت في سياساتها وممارساتها الى الاسوأ، الامر الذي ينذر بزوالها، وصار مدى بقائها محدوداً، وتآكلها من الداخل أصبح محور اهتمام شعوبها، وبالنسبة للشعب اليمني فإن علاقته بتلك الدول ستبقى متأثرة ومحكومة بمدة بقاء تلك الانظمة جاثمة على شعوبها، ولا أتوقع أن يؤثر ذلك على علاقات الشعوب بشكل سلبي.
قراءة شخصية
وتابع الحميري :طبعا هذا من منظور عام لنتائج العدوان وأثره على العلاقات السياسية بصورة نهائية .. لان العدوان لم يكن سببه الحقيقي الوضع الداخلي اليمني بقدر ما كان هناك استعداء واستهداف لشعب وثورة انتصرت .. أما إذا ما جزأنا مراحل ومستوى العلاقة فمن الواضح أن العلاقات ستتعقد وفق معيار أساسي وهو مقدار مشاركة كل نظام من هذه الدويلات في العدوان على الشعب اليمني السائر حتما على درب النصر ولا سواه.
ويستطرد بالقول : على المدى القريب أتوقع أن تتأثر علاقات دول الخليج فيما بينها البين بناءً على نفس المعيار .. هذه القراءة بالنسبة لي مبنية على حجم التورط الذي أوقعت دول الخليج نفسها فيه من خلال عدوانها على شعب الجمهورية اليمنية الصامد والقادر بعون الله وبعزيمة رجاله على نيل النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين حينما قال في كتابه الذي لا ريب فيه .. «وكان حقا علينا نصر المؤمنين» .. ونحن اليمنيين مقرونون بالإيمان وبشهادة رسوله الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وضعوا أنفسهم في موقف تاريخي مشين
* من جانبه يقول الدكتور/ ياسر الحوري – الأمين العام المساعد لحزب الحق: لابد ان تكون لليمن سياسة خارجية واضحة ومميزة تقوم على مبدأ الندية والاحترام المتبادل، وبالنسبة لحكام وحكومات الدول التي شاركت في تحالف العدوان على اليمن وبالذات الدول العربية منها, نؤكد انهم أساءوا لبلدانهم وشعوبهم وأنفسهم ووضعوها وانفسهم في موقف تاريخي مشين باعتدائهم على اليمن – مهد العروبة الأول- وعليهم ان يتحملوا مسؤولية ما اقترفوه وشاركوا فيه من قتل للأطفال والنساء والشيوخ وتدمير كامل لبنية اليمن التحتية.
واضاف : لاشك بأن كل ما قاموا به ضد اليمن سيكون له بالغ الأثر في تحديد طبيعة علاقة اليمن معهم, ومن حيث المبدأ فإن حكام وحكومات هذه البلدان يعدون خصوما لليمن, حتى أولئك الذين كان موقفهم لا يتعدى مجرد اعلان تأييدهم للعدوان ناهيكم عن المشاركة فيه.
وعليه فإنه لا يشرف أي حكومة يمنية وطنية على المدى القريب وحتى البعيد أن تقيم مع حكوماتهم علاقات دبلوماسية مالم يصححوا مواقفهم ويعتذروا للشعب اليمني, ويتحملوا مسؤولية ما نتج عن العدوان من ازهاق لأرواح الاف الأبرياء الذين جلهم من الاطفال والنساء والشيوخ, وكذا اعادة اعمار ما دمر, هذا اذا لم تحدث تغييرات في الانظمة المشاركة في التحالف, وتطيح بها شعوبها الرافضة لتأجير جنودهم كمرتزقة للنظام السعودي.
استفتاء شعبي
وتابع الحوري: بعد هذه الخطوات يمكن النظر في امكانية اعادة العلاقات الدبلوماسية ولكن بمستوى تمثيل منخفض أو صوري، وبالنسبة للمملكة فالعلاقات معها بحاجة لاستفتاء شعبي, فقد طالت يدها كل شيء وما قامت به من قيادة لهذا العدوان ثم الغزو, الذي مس كرامة وقيم وعرض ودم كل يمني حر.
واليمن في هذه الايام تخوض معركة الكرامة والدفاع عن حرية واستقلال القرار اليمني, وذلك يعني بالضرورة فرض القيمة السياسية والاستراتيجية التي يستحقها اليمن في الاقليم والمنطقة, وهذا يعني تغييرا جذريا في مفهوم العلاقات بشتى أنواعها مع الجار اللدود ثم مع أتباعه في تحالف الشر, وفي المقدمة العلاقات الدبلوماسية.
ونوه الى أن كل ما سبق يتوقف على تطورات الاوضاع في قادم الأيام, وعلى طبيعة الحل الذي يصار اليه فإن كان سياسيا ستكون الضوابط مختلفة وإن كان عسكريا – وهو بالتأكيد لصالح اليمن – سيكون لكل حادث حديث ومن الصعوبة بمكان التنبؤ بما سيحكم العلاقات فقد أوذينا كثيرا وأوغلوا في سفك دمائنا.
وقال :ينبغي ان تكون الندية والسيادة الكاملة مبدأ حاكما لعلاقاتنا الدولية وبالتأكيد يجب أن لا ننسى أن مصالح عديد من الدول العربية و الغربية في اليمن – الواعدة والغنية بالثروات- في صالحنا وستخضعها لأبجديات الدبلوماسية التي تريدها اليمن وما ستقرره الدوائر المختصة وفقا لمواقف هذه الدول والحكومات.
البُعد التاريخي والتجربة السلبية يهيمنان على
هذه العلاقة
* العلاقات القائمة على الندية تفرض مناخا صحيا للتعاون بين الدول، وهو ما افتقدته العلاقات اليمنية الخليجية منذ انطلاق ثورة سبتمبر عام 1962م, بهذا الاستهلال بدأ القيادي في حزب الأمة -الدكتور/علي المضواحي حديثه قائلا: في هذا السياق تأتي أحداث اليوم متأثرة ببعد تاريخي تهيمن عليه تجربة سلبية مشدودة بقوة إلى الماضي، وواقع راهن متأثر بعدوان مستمر، ومستقبل غامض في غياب أي رؤية جادة لحل سياسي، مما يعقد المشهد، وينذر بتداعيات كارثية على المنطقة.
ويرى كسياسي أن السعودية اليوم تقود حلفاءها في معركة لا أفق لها لتحقيق أهدافها، التي وضعت أساسا لترسيخ الواقع السابق من علاقة الارتهان والتبعية، في مقابل مد ثوري جديد لا يساوم على السيادة, وبالتالي فإن آفاق العلاقات اليمنية الخليجية تقع في دائرة ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأول
سيطرة طرف من طرفي النزاع عسكريا وفرض شروطه بالقوة، وهو بالتأكيد غير مرجح في ضوء الواقع الميداني، وتجربة مائتين وعشرين يوما مضت على العدوان.
الاحتمال الثاني
العودة إلى مفاوضات ثنائية، مع إدخال شريكين دولي وإقليمي هما روسيا وإيران، للوصول إلى اتفاق متوازن بين الأطراف، يعيد تشكيل الخارطة السياسية اليمنية، وفق مصالح الأطراف المهتمة باليمن، وقد تغيب في هذا الاحتمال المصلحة الوطنية.
الاحتمال الثالث
يتمثل في انسحاب تحالف العدوان من المشهد العسكري بصورة مباشرة، واستمرار دعم تأجيج الصراع الداخلي، انتقاما من شعب رفض الانصياع لأوامر المملكة من جانب، واستمراراً لدور السعودية في إنهاك مشروع المقاومة في المنطقة، لأسباب تكمن في اللاوعي السياسي لقادتها, وفي جميع الأحوال ستتأثر العلاقات اليمنية مع الدول العربية بهيمنة أي من الاحتمالات، ووفق توجهات هذه الدول التي لطالما كانت اليمن بعيدة عن أولوياتها، باستثناء مصر، وهي الدولة التي تجد في الحرب على اليمن غطاءً لتخفيف الأعباء الاقتصادية التي تعانيها.
نتيجة العدوان النهائية ستحدد صورة العلاقة المستقبلية
* فيما يذهب محمد البشيري – أمين عام حزب السلام الاجتماعي- الى ما تؤكده دوائر المخابرات الأمريكية والأوروبية بأن خارطة منطقة الشرق الاوسط سوف تتغير، ويقول: هذا يعني ان العلاقات بين الدول الخليجية المشتركة في العدوان على اليمن ستشهد تغيرات كبيرة ووفق حسابات مختلفة تنطلق من وحي السياسات الخاصة بالدول الكبرى الفاعلة في المنطقة, ويأتي على رأس هذه الدول أمريكا وروسيا.
وتابع :الدول العربية الاخرى سوف تتبدل سياستها ايضاً حسب رؤية اللاعبين الكبار, وأتوقع أن تظهر بقوة قوى اخرى وهي ايران وتركيا وبالمقابل سيتراجع ويختفي الدور والنفوذ السعودي، ويأتي في هذا السياق ما قامت به قطر من توقيع اتفاقية الدفاع المشترك مع إيران كمقدمة لهذا التراجع, وهو مجرد البداية التي أوصلت رسالة وشكلت صفعة استباقية للنظام السعودي.
ومضى يقول : المتغيرات في الحرب التي تدور رحاها على الاراضي السورية هي الاخرى سيكون لها اثر كبير على مستقبل ودور القوى الاقليمية .. أي ان دور سوريا سوف يتعزز في الساحة العربية، وسيلي سوريا اليمن والعراق وليبيا، وجميع هذه الدول تضررت من النظام السعودي وتدخله في شؤونها الداخلية وصولا الى شنها الحروب على شعوبها بصورة غير مباشرة عن طريق مرتزقتها كما هو حاصل في ليبيا وسوريا والعراق, وبصورة مباشرة في اليمن, واتوقع أن تشهد العلاقة بين هذه الدول في المستقبل تنسيقاً قوياً فيما بينها لمواجهة السياسات والنظام السعودي ومؤامراته، وإيقاف المد الوهابي.
تغيير السياسات العدائية
* ويتوقع البشيري بأن يكون هناك دور قوي للصين قد يصل الى التدخل المباشر في النزاعات التي تجري في المنطقة، وسيكون هناك قوى أخرى جديدة, ومنها دول أمريكا اللاتينية والتي سيكون لها دور كبير في إضعاف الدور الأمريكي في المنطقة, وداعم للتوجه الروسي لأن تراجع الدور الامريكي في منطقة الشرق الأوسط يصب في مصلحتهم, باختصار كعكة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص الدول العربية ستكون في متناول أطراف متعددة ولن تكون محتكرة على الغرب وأمريكا فقط.
وواصل حديثه : أما العلاقات بين دول العدوان الخليجي فإنها ستكون مضطربة جداً, كنتيجة حتمية لعدوانها وما اقترفته من خطأ استراتيجي بإعلانها الحرب والحصار على الشعب اليمني في عدوان سافر لا مبرر له, لذا لن يغفر لهم الشعب اليمني فعلتهم النكراء ولن ينسى ما اقترفوه من جرائم وحشية, خاصة إذا ما استمروا في سياساتهم (الامريكية) التي تعمل على تحويل اليمن كجار قريب إلى بلدانهم الى بلد ضعيف منهك في كل المجالات, وفي مثل هذا الحال فإن فرص ترميم العلاقات وتطبيب الاوجاع ستتضاءل, وبصيص الامل وإن كان ضعيفاً يعتمد على ما ستقدم عليه هذه الدول من تغيير في سياساتها العدوانية وغير الاخلاقية تجاه اليمن, وبما ستتكفل بتعويضه وبإعادة بنائه, ونتمنى ذلك فنحن في الأول والاخير تجمعنا روابط جمة.
لابد من التعايش
* واستطرد: قد يكون للنتيجة النهائية للحرب الكلمة الفصل في تحديد مستقبل هذه العلاقة, كون دول التحالف بقيادة السعودية لا تزال تحاول الحصول على نصر عسكري يعزز فرصها في الحصول على نصر سياسي يعزز فرصها في رسم هذا المستقبل.
لكن لابد من التعايش لكي تمضي الحياة بشكل طبيعي لأنه من الصعب ان نعيش في عزلة عن العالم العربي, والشعب اليمني شعب طيب وعاطفي وسريع التأثر خاصة لو قامت دول الخليج بمراجعة سياساتها وصححت اخطاءها وعوضت الشعب اليمني عما دمرته في عدوانها.
واردف :هناك احزاب في اليمن لها علاقات مع بعض الدول العربية والإسلامية, والصورة اليوم بالنسبة لجميع هذه الاحزاب ضبابية, ومن الصعب معرفة أي الاحزاب سيكون له الافضلية في حال استعادة اليمن حياتها الطبيعية وعاد العمل السياسي والتنافس على نيل الثقة عبر الصناديق الى الشعب.. بمعنى أن الاحزاب وخاصة التي ستحقق النتيجة الافضل التي تخولها حكم اليمن, سيكون لها دور كبير في رسم الصورة لمستقبل أي علاقة لليمن بأي طرف دولي.
بقاء الانظمة المعتدية على رأس السلطة يُصعب شكل العلاقة
* الدكتور/ ماجد الادريسي – الامين العام المساعد للشؤون السياسية لحزب الكرامة اليمني يقول :ان ما قامت به انظمة دول العدوان بقيادة مملكة الشر وحكامها آل سعود على بلادنا أظهر حقداً دفيناً تجاه الشعب اليمني.. ولأن هذا حالها وفي محاولة لإخفاء هذه الحقيقة فقد عملت على جر العديد من الأنظمة الخليجية والعربية معها في عدوانها الغاشم الجائر والظالم والمتغطرس والمتكبر.
واشار الى دليل آخر على حقدها وغطرستها بالقول : منذ اليوم الاول للعدوان باشرت في ممارسة الجريمة في ابشع صورها, حقد على كل شيء, مارست القتل للإنسان لمجرد القتل أو كي تشفي غليلها, قتلت الآلاف وشردت الملايين وحاصرت الشعب بأكمله برا وجوا وبحرا.
ومضى قائلا: مارست التدمير لكل مقدرات الوطن ولكل ما تستطيع أن تطاله, حولت البشر والشجر والحيوان والمنشآت إلى اهداف مشروعة لطائراتها وبوارجها وبقية ادوات قتلها, لم تفرق بين هدف عسكري أو منشأة مدنية, هذه الافعال الاجرامية خلقت عند ابناء الشعب اليمني شعوراً بالكراهية تجاهها, وموقف عدائي تجاه هذه الانظمة والقيادات الخليجية التي يأتي على رأسها النظام السعودي.
وفي تقييم مستقبلي لهذه العلاقة يقول :وجهة نظري وبعد أن ينتهى العدوان وتتحرر الارض منهم, وإذا ما ظلت هذه الانظمة والقيادات على رأس السلطة في دول الخليج والدول العربية المشاركة معها في العدوان على بلادنا, فإنه من الصعوبة بمكان أن يكون لنا علاقة معهم .. بل استحالة ان يبني الشعب اليمني وقياداته اي علاقات مع هذه الانظمة لا على المدى القريب ولا البعيد, ستظل نظرتنا لهذه الدول كدول اعتدت وقتلت وابادت ودمرت وطننا, وتريد العودة بنا الى الوراء مئات السنين .
ويختم بالقول: ستظل نظرتنا تجاهها كعدو, ولا أستبعد أن يأتي يوم ويقوم هذا الشعب بالثأر لنفسه من هذه الانظمة والدول, أمر واحد قد يبرر اقامة علاقات معها وهو إذا ما قامت شعوب هذه الدول واطاحت بهذه الانظمة وتغيرت قياداتها عن طريق شعوب هذه الدول, حينها اعتقد انه من الممكن اقامة علاقات اخوية ودية وعلاقات حسن جوار معها وتجديد أواصر الأخوة والعروبة والدين, لأنه ليس بيننا وبين شعوب هذه الدول الا كل خير.
مستقبل أي علاقة مرهون بتطور الأحداث والمواقف لكل دولة على حدة
* المهندس /لطف الجرموزي يقول: مستقبل العلاقة بين الجمهورية اليمنية ودل الخليج مرهون بتطور الأحداث والمواقف لكل دولة على حدة, فمملكة آل سعود تصدرت المشهد العدائي وقادة تحالف العدوان، تأتي في المرتبة الثانية دولة الإمارات, فيما العدائية تجاه اليمن بالنسبة لقطر والبحرين اخف, فيما موقف الكويت اقل عدوانية وغامض إلى حد ما, وتأتي عمان بمواقفها العقلانية وسعيها المحمود على طريق ايجاد مخارج وحلول تضمن إيقاف العدوان وتساعد على التوصل الى حلول مقبولة من جميع الاطراف اليمنية في موقف مناهض للمواقف العدائية التي ابدتها بقية دول مجلس التعاون الخليجي, فمنذ البداية وحتى في جامعة الدول العربية كانت مواقفها مشرفة, ومثلت فيما بعد حلقة الوصل والمنفذ الوحيد لليمن مع العالم, ولذا فإن التقييم الموضوعي سيكون أمراً حتمياً وملزماً بعد انتهاء العدوان, ومبنياً على المساهمة والدور الذي لعبته كل دولة في العدوان على حدة, ومن الصعب التكهن اليوم بمستقبل أي علاقة طالما والعدوان مستمر.
حسابات جديدة
* من جانبه أكد العقيد ركن/ محمد مقبل الحداد- السكرتير الاعلامي لقيادة قوات الامن الخاصة ,أن العلاقات مع دول العدوان ستسودها القطيعة، وهنا نتساءل كم من الزمن ستستمر تلك القطيعة؟ فالجرح العميق الذي احدثه العدوان في اليمن سيجعل علاقة القطيعة تسود مع انظمة الدول المعتدية، ولكن ليس مع شعوبها.
ويعتقد ان مستقبل العلاقات بين اليمن والدول العربية والاسلامية ودول الخليج المعتدية خصوصاً مرهونة بما ستؤول اليه الازمة السياسية في اليمن من حلول او تسوية نهائية.
ويضيف: الجرم الذي ارتكبته دول التحالف ليس بسيطاً, فالجراح غائرة وآثارها ستظل ماثلة في خلد وحياة ابناء الشعب اليمني لعشرات السنين، مع ذلك نحن ندرك ونعي بأن العلاقات بين الشعوب والامم تحكمها المصالح المشتركة، بمعني أن السياسة والعلاقات الدولية غير ثابتة, وتحكمها عدد من الاولويات التي يراها قادة هذه الدول وفي مقدمة هذه الامور حرصها على عمل ما يلزم للحفاظ على أمنها القومي, ووفق ذلك تحدد سياستها الخارجية وشكل وطبيعة علاقاتها بالآخرين, وقد تدفعها مصالحها العليا إلى الانتقال من ضفة إلى اخرى.. فعدو الامس قد يتحول الى صديق اليوم, والعكس، وفق حسابات جديدة شريطة عدم التفريط في الثوابت الوطنية والدينية، وهذا ما نتوقعه في مستقبل علاقة اليمن مع الدول العربية والاسلامية, وكذا بقية دول العدوان.
الاعتذار والتعويض
* الدكتور/ فضل باعلوي – أكاديمي في جامعة صنعاء, كان له رأي آخر, يقول: مستقبل العلاقة اليمنية الخليجية يعتمد على مدى جديتهم بمعالجة اعتدائهم على الوطن والشعب اليمني وعلى ما يمكن أن يصدر عنهم من قول أو فعل, فمثلا الاعتذار للشعب اليمني عبر وسائل اعلامهم الرسمية, والتزامهم بإصلاح ما تم تدميره، وتسليم دية كل الشهداء, والابتعاد عن التدخل في الشأن اليمني والقرارات السياسية الداخلية لليمن طالما أنها لا تضر بهم أو ببلدانهم, خاصة وأن اليمن ليست عضواً في مجلس التعاون الخليجي ولا تربطها بهم أي معاهدات تبرر تدخلهم في الشأن اليمني، ورغم ذلك يجب على السياسيين اليمنيين التوازن في اتخاذ القرارات التي تخدم الوطن.