الاسرة/عادل بشر
لم تنجح خطة الزوج في اتهام والده بقتل زوجته، فرغم أن المرأة لقيت مصرعها بإطلاق النار على نفسها عن طريق الخطأ ،إلا أن زوجها أراد أن يستغل هذه الحادثة للانتقام من والده غير ان الحقيقة بانت بعد يومين فقط ..فالي التفاصيل:
اعتاد الشاب عمر أن يوفر له والده كل ما يحتاجه من مأكل وملبس وغير ذلك فمنذ طفولته ووالده الذي يملك محلا تجاريا يلبي له كل طلباته ولم يجعله أو أياً من أخوانه يحتاجون شيئا وارتضى الأب بالتعب والشقاء لأجل راحة أبنائه.
ولان عمر كان اكبر الأبناء فقد أراد الأب أن يكون قدوة لاخوانه الصغار ولكافة أبناء القرية في الاخلاق وايضا في التعليم، ولذلك بمجرد ان اكمل الفتى المرحلة الثانوية قام الاب بإرساله الى المدينة لخوض المرحلة الجامعية.
رغم اهتمام الاب الكبير بتعليم ابنه إلا أن الابن لم يكن على قدر كبير من الذكاء وبصعوبة بالغة استطاع الشاب ان يتجاوز سنته الاولى في الجامعة وينجح بدرجة ضعيفة وفي العام الدراسي الجامعي الثاني سقط عمر في مادتين دراسيتين ولم يخبر والده بذلك وأوهمه انه نجح ثم تمكن من تجاوز المادتين في الامتحانات التكميلية ولكنه افتضح في العام الثالث عندما رسب في أكثر من نصف المنهج الدراسي وحين علم والده بذلك لم يقم بمعاقبته أو قطع المصروف عنه بل قام بالبحث عن أسباب فشل ابنه في الدراسة وتدابر هو وزوجته هذا الامر واعتقدوا أن السبب قد يكون مرتبطا بمرحلة ابنهم العمرية والتي تستوجب تزويجه حتى تهدأ اضطراباته الداخلية ويرتاح نفسيا ويستطيع التركيز في دراسته.
تولت الأم مهمة اختيار زوجة لابنها من فتيات القرية وتم خطبتها من قبل والده فيما كان عمر في المدينة لا يعلم شيئا عما يخطط له والداه وفوجئ بهما يخبرانه ان زفافه سيكون بعد ثلاثة اشهر فقط.
فرح عمر بهذا الخبر كثيرا وتم الزفاف الذي تكفل الاب بكل تكاليفه وتجهيزاته ولم يشعر الابن بأي تعب كما يحدث لدى الكثير من الشباب المقبلين على الزواج.
لم يكد ينتهي العام حتى رزق عمر بولد ذكر حيث حلت ساعة مخاض زوجته بينما كان هو في قاعة الامتحانات يعيد اختبار المواد التي رسب فيها العام الماضي ومع ذلك لم ينجح وظل في المستوى الثالث وتعذر الشاب بانشغال فكره وعقله اثناء الامتحانات بزوجته الحامل وخشية ان يحدث لها مكروه اثناء الولادة.
في السنة التالية رزق عمر بطفلة جميلة في وقت كان والده قد بدأ يشعر بالاسف تجاه ابنه الذي لم يتعب في حياته السابقة قط وظل ياخذ مصروفه من والده حتى بعد ان تزوج واصبح لديه ابناء .
في هذه السنة وبعد ان يأس الاب من نجاح ابنه في دراسته الجامعية قرر قطع ما كان يدفع له من اموال وقام بطرده من المنزل وكان هدف الاب من وراء هذا ان يجعل ابنه يشعر بالمسؤولية ولو حتى لايام معدودة ويبحث عن عمل يعتمد على نفسه في توفير احيتاجاته واحتياجات زوجته وطفليه.
ابقى الاب زوجة ابنه وطفليه في المنزل ولم يطردهم مع ابنه وفضل بدلا من الطرد الزام الابن بدفع مبلغ مالي شهرياً كنفقة لزوجته وطفليه وهو ما اعتبره عمر اسوأ عقاب قد يتعرض له طوال حياته لانه باختصار شديد لم يعتد على تحمل مسؤولية كهذه من قبل.
لم يعرف عمر ماذا يعمل فخلال حياته السابقة كلها لم يتوقع أن يأتي يوم ويجد نفسه في هذا الموقف الصعب فأراد ان يأخذ زوجته وطفليه ويتركهما في منزل والد زوجته حتى يتمكن هو من تدبر اموره إلا ان والده رفض ذلك قطعيا ومنع عنه حتى زيارة ابنائه او الالتقاء بزوجته طالما وهو لم يستطع تحقيق أي شيء في حياته بما في ذلك مسؤولية تكوين اسرة.
مضت الايام والوضع على ماهو عليه بل انه زاد سوءا لعدم تمكن الشاب من ايجاد عمل يستطيع من خلاله الايفاء بمتطلبات الاسرة وعدم مقدرته على الاستمرار في أي عمل يجده اكثر من بضعة ايام.
في احد الايام اراد عمر ان يلتقي بزوجته وان يمضي مع ابنائه بضع ساعات بعد فرقة وشتات لفترة ليست بقليلة، فأخذ نفسه وانطلق صوب منزل والده وكان الوقت قد تجاوز الثانية عشرة قبيل منتصف الليل وبدأ بطرق باب المنزل بقوة والصراخ بأعلى صوته وعندما رفض والده السماح له بالدخول ثار الشاب من الغضب وبدأ بقذف الحجارة تجاه المنزل والتلفظ على والده بالشتائم ووصل الامر الى اشراك والدته في تلك الشتائم حتى ضاق الاب ذرعا من تصرفات ابنه فحمل سلاحه المسدس وخرج اليه يهدده بالقتل في حال لم ينصرف.. إلا أن الابن استمر في هذيانه وشتائمه واقترب من الاب يريد الاعتداء عليه وفجأة ظهرت زوجة الشاب ووقفت بين الاب وابنه وقالت لزوجها اذا اراد الاعتداء على والده فليبدأ بها واذا اراد الاب اطلاق انار على ابنه فل تكن اول رصاصة في رأسها.
تفهم الاب موقف زوجة ابنه ولم يشأ ان يعقد الامور اكثر واعترف لها انه لم يكن ليطلق النار على ابنه وانما اراد تهديده فقط وحتى تطمئن لذلك سلمها السلاح المسدس لتحتفظ به وفي نفس الوقت اكد لها أنه لن يسمح لزوجها بالدخول الى المنزل الا بعد ان يحقق ما طلبه منه .
بعد ان انهى الاب كلامه التفت موليا وجهه نحو المنزل يهم بالدخول واستغل ابنه ذلك الامر وانطلق مسرعاً يريد الانقضاض على والده من خلفه ولكن زوجته منعته من اكمال ما يخطط له وحالت بينه وبين والده مهددة بقتل نفسها بالمسدس اذا استمر زوجها في جنونه وصوبت فوهة السلاح باتجاه رأسها وبدون شعور منها ضغطت بأناملها على الزناد لتنطلق الرصاصة مخترقة رأسها وأودت بحياتها على الفور.
سارع الاب باتجاه زوجة ابنه التي كانت ملقاة على الارض غارقة وسط الدماء واخذ المسدس خشية ان يقع في يد ابنه ويقوم بقتله او يحدث مالا يحمد عقباه.
مع صدوح صوت الطلقة النارية وتعالي اصوات الابناء بالصراخ والبكاء تجمع الاهالي وشاهدوا الاب يقف بجوار جثة زوجة ابنه والمسدس في يده الامر الذي استغله ابنه واتهمه بجريمة قتلها.
تم القبض على الاب فيما اودعت جثة الفتاة ثلاجة المستشفى وتمسك الابن باتهاماته لوالده بالضلوع بقتل زوجته مطالباً باعدامه غير ان الاب انكر تلك الاتهامات واكد بأنه كان بعيداً عن زوجة ابنه اثناء اطلاق النار على نفسها. وهو ما اكده ايضا تقرير الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح جثة الفتاة وتبين ان الطلقة النارية تم اطلاقها من مسافة قريبة جداً وهو ما يدل على ان الفتاة هي من اطلقت النار على نفسها وليس والد زوجها وبهذا حصل الاب على البراءة بينما اودع ابنه السجن بتهمة البلاغ الكاذب.