هل ستعيد إجراءات شركة النفط الأمور إلى نصابها؟

63 ألف طن بنزين موجودة بميناء الحديدة يتم  تفريغها..وعوائق التحالف قائمة
تحالف العدوان يتوج العرادة أميراً للنفط في السوق السوداء ويدفع بآخرين للاحتكار والاستغلال
تحقيق: رجاء عاطف
في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن بسبب الحصار المفروض عليها استغل تجار السوق السوداء بيع المشتقات النفطية بأسعار خيالية  وبشكل واسع مما دفع بعض أصحاب المحطات إلى محاكاة ذلك الاستغلال وبيع هذه المشتقات في محطاتهم بأسعار تجاوزت ثلاثة أضعاف السعر الرسمي الذي أدى إلى أضرار كبيرة بالاقتصاد الوطني وابتزاز المواطنين.
يحدث هذا في ظل وضع اقتصادي خطير يستدعي اتخاذ إجراءات صارمة وهو ما دفع شركة النفط اليمنية إلى ملاحقة العديد من المحطات التي قامت باستقبال مواد بترولية من السوق السوداء وبيعها داخل المحطات بصورة مخالفة تتعارض مع اللوائح والقرارات والتعليمات الخاصة بالشركة..
وهنا نتحقق من مدى جدية تلك الإجراءات بحق المحطات المخالفة. والآليات المتخذة لاستتباب سوق المشتقات النفطية..وكيف يمكن تجاوز هذه المعضلة؟

سامي أحمد – صاحب سيارة أجرة ، يعيل أسرته مما يحصل عليه من أجرة السيارة وهنا يحكي مأساته التي بدأت مع ارتفاع سعر صفيحة البترول 20 لترا إلى 12000 ألف ريال في السوق السوداء والمحطات المتنقلة (السفري) وعدم توفرها في المحطات التابعة للشركة ، يقول: اعمل لساعات معدودة لأحصل على مصروف لمنزلي, ولكن منذ أن استغل التجار وضعنا في الحرب لم نستطع توفير القوت اليومي فحساب كل مشوار أذهب  لأشتري به قارورة بترول عسى أن  أعود إلى المنزل بفائدة وأحيانا بسبب مسافة الطريق لا أعود إلى المنزل لأحتفظ بما عبأته لمشوار آخر وقد أقضي الليل وأنام في السيارة.
ويرى أ.ع– موظف، أن الجهات المعنية لم تبذل ما يكفي للسيطرة على السوق السوداء وضبط المخالفين في المحطات، ويتمنى باسم جميع المواطنين أن يتم ضبط المتلاعبين ومعاقبتهم وتوفير المشتقات النفطية حتى تستمر الحياة وتخف معاناة هذا الشعب المغلوب على أمره .
عدم التنفيذ
فيما قال عامل في إحدى المحطات  رفض ذكر اسمه : إن المحطات قامت برفع الأسعار أضعاف السعر الرسمي لتغطي النفقات والأجور التي عليها في المحطة ، وكما أن وزارة النفط عممت قراراً سابقاً بضبط المحطات المخالفة وإغلاقها ولكنها لم تنفذه, وأن القرار الصادر سيكون كذلك دون تنفيذ وهذا ما سبب انتشار الفوضى والسوق السوداء والتلاعب بأسعار المشتقات النفطية .
ويوافقه الرأي س.س, الذي أضاف: إن التجار يشترون المشتقات النفطية وبدلا من  بيعها في المحطات يبيعونها في السوق السوداء من أجل الأرباح التي يحصلون عليها حيث تعتبر أكثر ربحاً من المحطة ،وأن المحطات التي باعت بنفس سعر السوق السوداء تحتج بقرار التعويم (تجارة المنافسة في بيع النفط) .
كثير من المحطات رفضت التجاوب معنا حول الموضوع بينما أخرى عمالها عاطلون عن العمل  يشعرون بملل كون شركة النفط اليمنية أغلقت العديد من المحطات المخالفة, والتي لم تلتزم باللوائح والقوانين بشأن بيع النفط وهذا يبشر بخطوات حثيثة من شأنها الحد من انتشار الفوضى والتلاعب بأسعار المشتقات النفطية وبيعها بأسعار خيالية سواء في المحطات أو السوق السوداء .
السوق الموازية
يقول فضل مقبل منصور- رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك : إن انعدام المشتقات النفطية البنزين والديزل بالمحطات والقنوات الرسمية وانتشار السوق الموازية وبكميات كبيرة جدا والتي غطت امتدادات الكثير من الشوارع الرئيسية والفرعية ، وأنشأت محطات ومضخات متنقلة وجدت لها أسواق بورصة في أمانة العاصمة وبقية المحافظات ومعها تحولت القاطرات وناقلات النفط الكبيرة والمياه إلى خزانات بيع في الشوارع ..
ويضيف منصور :رغم الكميات الكبيرة والضخمة إلا أن أسعارها مرتفعة جدا وتجاوزت 500% للبنزين و 150% للديزل ، رغم أن الأسعار العالمية منخفضة جدا حيث سعر البرميل النفط الخام 46 دولارا وسعر الـ 20 لتر بنزين عالميا لا يتجاوز 1700 ريال(8دولارات )، بينما سعر الدبة 20 لتراً في السوق المحلية 60 دولاراً.
مشيرا إلى  أن الوضع غير الطبيعي دفع بدوره لزيادة تأزيم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة للمستهلكين، وساهم بشكل رئيسي في ارتفاع أسعار المواد المستوردة أو المصنعة محلياً لعدم توفر هذه المشتقات وضاعف أجور النقل للبضائع وكذلك نقل الركاب داخل المدن أو بينها والقرى المجاورة لها والتي تجاوزت عشرات الأضعاف وكذا زيادة شريحة الفقراء والتي ارتفعت إلى ما يزيد عن 80% وفقا للتقارير الاقتصادية.
تخفيف المعاناة
وأكد أمين حماية المستهلك أن الجمعية بادرت إلى توجيه مذكرة للجنة العليا للإشراف وتحفيز العمل الرقابي الميداني للسلع الغذائية الأساسية والمواد الاستهلاكية الحيوية, نبهنا فيها  إلى بعض القضايا الهامة التي أثرت على المستهلكين الذي يعيشون في خوف ورعب وقلق على حياتهم وأوضاعهم المعيشية التي تزداد سوءا كل يوم والتي كان من  أبرزها انعدام المشتقات النفطية في المحطات الرسمية وارتفاع الأسعار بشكل كبير في السوق الموازي ، وقوافل جديدة من العاطلين عن العمل بعد إغلاق وتوقف كثير من المصانع والشركات والمعامل والورش والمنشآت وتسريح آلاف الموظفين والعمال، ما ضاعف من ارتفاع نسبة البطالة المرتفعة أصلا ووصولها إلى مستوى قياسي ينذر بوضع خطير لا يمكن السيطرة عليه مع اتساع رقعة الفقر في أوساط المجتمع .
وقال منصور متابعا: نتطلع إلى أن تكون القضايا التي تم طرحها من باب المشاركة محل بحث واهتمام للجنة للوقوف امامها والخروج بقرارات وحلول عملية تخفف من وطأة الحرب والمعاناة لـ25 مليون مواطن وتعمل على توفير احتياجاتهم .
التهريب
فيما أوضح المهندس أنور العامري -الناطق الرسمي لشركة النفط اليمنية – أن أصحاب المحطات يحصلون على البترول من الكميات الواصلة إليهم بالتهريب وذلك عبرعدة منافذ منها ما يصل عبر منفذ الوديعة ويتم إدخاله وبيعه للتجار بكميات محدودة، وهناك ما يتم بيعه من قبل سلطان العرادة محافظ مارب، وأكد أنه تم قبل أسبوعين الاستيلاء أو بالأصح ، نهب مبلغ 430 مليون ريال من قبل سلطان العرادة وبعض من تعاون معه بفرع شركة النفط في مأرب، كما تم الاستيلاء على كميات المشتقات النفطية الموجودة هناك كاحتياطي تابعة للشركة ولصافر ويتم بيعها من قبل المحافظ للتجار أصحاب المحطات وبالسعر التجاري وذلك بعد أن قام بفصل مأرب إدارياً عن صنعاء .
واستطرد العامري :أيضاً  يحصلون على النفط من مصادر تجارية تابعة لبعض التجار منشآت بحرية تابعة كمنشأة رأس عيسى التابعة لرجل الأعمال أحمد العيسي والأخرى في المخا وتتبع لمجموعة هائل سعيد أنعم .
وأبدى أسفه  من قيام تجار بهذا الحجم الكبير جداً بممارسة هذا النشاط التجاري والذي اعتبرته الشركة استغلالاً بشعاً للظروف الاقتصادية التي يعيشها الوطن والمواطنون في ظل العدوان والحصار. وأضاف العامري: هناك كميات صغيرة أيضاً تصل عبر ميناء الخوخة بقوارب خاصة أو عبر تجار صغار.
مخالفات قانونية
وعن الإجراءات التي ستتم ضد المحطات المخالفة، أشار العامري إلى  أنه عند طلب أي مواطن للحصول على تصريح فتح محطة لمزاولة المهنة هناك شروط وقوانين ولوائح وتعليمات يجب أن يلتزم بها مالك المحطة, وفي حالة الإخلال بهذه القوانين واللوائح يحق للشركة فرض غرامات ماليه وكذا سحب ترخيص مزاولة العمل وهذه المحطات التي تبيع بسعر مخالف أصحابها قد أخلوا بهذه اللوائح ويحق للشركة اتخاذ اجراءاتها القانونية حيالهم.
مؤكدا أن الشركة فعلياً شكلت لجنة مختصة وقد قامت هذه اللجنة بالنزول الميداني وحصر المحطات التي تبيع بالسعر التجاري ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاهها.
منوهاً بأن هناك اتفاقاً بين الشركة والاتحاد العام لملاك المحطات الأهلية بإغلاق المحطات المخالفة وأن أي محطة تستمر في البيع بالمخالفة سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.
دعوات الأمم المتحدة لم تفلح
وعن حلول المشكلة قال المتحدث الرسمي باسم شركة النفط: إنه لا توجد طريقة سوى السماح بإدخال سفن المشتقات النفطية التابعة للشركة والتي تحتجزها قوات التحالف ،وقد قامت شركة النفط بعمل مؤتمر صحفي إلى جانب توجيه نداءات استغاثة للأمم المتحدة واللجان الإغاثية العالمية ، وعمل العديد من اللقاءات التلفزيونية والصحفية لنوضح للعالم حقيقة ما يحدث .
وأضاف :كان هناك استجابة لكل ما قامت به الشركة ،وعند ذهاب هادي للولايات المتحدة الأمريكية تم استدعاؤه من قبل السيد / بان كي مون -الذي أبلغ هادي بضرورة السماح بدخول سفن المشتقات النفطية والمواد الإغاثية ، وبعد عودة هادي وصلتنا رسالة من مدير مكتبه بالرياض موجهة لقيادة العمليات المشتركة بالتحالف للإفراج عن هذه السفن وهناك صورة من التوجيه، ولكن حتى الآن لم تصلنا أي سفينة وكلها مجرد تصريحات لذر الرماد على العين .
وأوضح الناطق باسم شركة النفط في ختام حديثه أن لدى الشركة ناقلة تحمل كمية 630  ألف طن بنزين وهي موجودة منذ أسبوع في الغاطس بميناء الحديدة وفي انتظار تفريغها، وتعتبر هذه السفينة عملاقة بالنسبة لحجم رصيف ميناء الحديدة ، ولا يمكن استقبالها مباشرة وتنتظر الشركة وصول سفن صغيرة (وسيطة) لتقوم بالتفريغ عبرها ومن ثم تقوم هذه السفن الصغيرة بالدخول للميناء والتفريغ لمنشأة الشركة ،وتم وصول إحدى هذه السفن الصغيرة وسيتم خلال الأيام القادمة توزيع البنزين للمحطات إن شاء الله .

قد يعجبك ايضا