من لا أخلاق له لا دين له
الأخلاق لغة عالمية تتفاهم بها الشعوب على اختلافها وتتحاكم إلى منطقها وربما اختلفت التقاليد والأحكام بين شعوب العالم , لكن الأخلاق تظل مرتكزة لما اودع الله في الفطرة الانسانية من تحسين الحسن وتقبيح القبيح والأخلاق الفاضلة والكريمة هي السلاح الأقوى في نصر الشعوب والرقي بالأمم وقد كان المسلمون الأوائل نماذجا أخلاقية تجسد فيها الشرف والصدق والطهر والتجرد ولذلك تصدروا القافلة البشرية عن جدارة ولا غرو وصف ربنا جل في علاه رسوله وخاتم انبيائه قائد البشرية ومعلمها الأول محمد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى (وانك لعلى خلق عظيم ) والأخلاق مجموعات متنوعة من الفضائل والتقاليد تحيا بها الأمم كما تحيا الأجسام بأجهزتها وغددها فإذا اعتلت هذه المجموعات واختلت كان ما لا يسر في مسالك العامة والخاصة
والواقع اننا اصبنا بشلل عضوي في اجهزتنا الخلقية وملكاتنا النفسية فأعاقنا ذلك عن الحراك الصحيح فشقينا بسببها ولم نستريح فحال مجتمعاتنا العربية والإسلامية اليوم اشبه بحال أحياء انقطع عنها الكهرباء فغرقت في الظلام فلم يعد ينفعها النصح المخلص او بلاغة الكلام إذ لا بد من ازالة اسباب الخلل وإصلاح الاعطاب شديدة كانت أو خفيفة حتى تزول العتمة ويعود التيار الكهربائي مرة أخرى فلن ينصلح أمر هذه الأمة مالم تعد الاوضاع الى اسسها السليمة وفطرتها المستقيمة قال تعالى ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) إن استهانة الناس بالأخلاق وفضائله ودوره في تهذيب وإصلاح شئون الحياة العامة والخاصة تسبب بوجود خلائق مقبوحة انتشرت بسلوكياتها المذمومة وحينما لم تجد تلك الخلائق من رادع يردعها منذ نشأتها تكاثرت وترعرعت وكبر حجمها وخطرها فكان نتاجها ما نشهده اليوم من ضعف وهوان أصاب الأمة في كل مفاصلها وخراب وقتل ودمار مخيف كما أن من نتائج ذلك التهاون بالأخلاق عدم اكتراث الناس بإتقان العمل وإضاعة الأمانات والمسئوليات الثقيلة وهو ما سبب انتشار الفساد وعمت الفوضى إرجاء البلاد وحالة التأخر التي تعانيها شعوبنا اليوم في مختلف الأصعدة نتيجة الشلل الأخلاقي , إذ كيف لنا أن نرتجي الخير وهناك من يبحث فقط عن مصالحه ومآربه ضاربا بمصالح الغالبية عرض الحائط وكيف يتأتى لنا الخير وقد تحول بعضنا لخائن وعميل وقاتل أجير ثم أنا لهذه الأمة أن تنهض من كبوتها وقد انسلخت عن أخلاقها وجعلت من دينها تجارة رائجة على غير حقيقته مع أن الدين والأخلاق قرنا جميعا فإذا صح الإيمان وصحت العبادات التي فرضت مع الدين ازدهرت الفضائل وتعامل الناس بشرف ونبل وتراحم وتسامح واختفى الغدر والخبث والمكر والرذيلة والكذب والزور
قال أحد الفلاسفة الألمان: الأخلاق من غير دين عبث وقال الزعيم الهندي غاندي :الدين ومكارم الأخلاق هما شيء لا يقبلان الانفصال ولا يفترق بعضهما عن بعض فهما وحدة لا تتجزأ فالدين يغذي الأخلاق وينميه وينعشه كما أن الماء يغذي الزرع وينميه وقال قاضي بريطاني عن فساد احد وزراء بريطانيا بدون دين لا يمكن أن يكون هناك أخلاق وبدون أخلاق لا يمكن أن يكون هناك قانون ولا أرى أياما نحن فيها فقراء إلى استلهام واستحضار الاخلاق من هذه الأيام النكدة التي نمر بها وانعدام وسائل الحياة بسبب العدوان السعوصهيوامريكي على بلادنا وحاجة الناس إلى التعاون والتراحم والتكافل في هذا الوقت بالذات أمر لا غنى عنه كما أن المسئولين مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالقيام بواجبهم بما يخفف من معاناة الناس ويوفر لهم أدنى متطلبات الحياة وكذلك التجار مطالبون بعدم المغالاة في الأسعار لأننا إن فقدنا قيمة الأخلاق في ظل هذا لظرف الصعب والشاق خاصة على بسطاء الناس وهم كثر فقدنا كل شيء .