عاصفة الحزم..من رسم الأهداف إلى إنتاج نقائضها
لم يكن يخطر ببال أحد أن التحالف العدواني الذي تقوده السعودية على شعبنا اليمني سيرتكب هذه المجازر الوحشية بحق آلاف المدنيين في البيوت والمخيمات ومقرات أعمالهم وأنه سينتقل من استهداف البنية العسكرية إلى استهداف البنية التحية والمنشآت المدنية بطريقة مسعورة لم يسلم من نيرانها بيوت العبادة ومراقد الموتى حتى لو كانت مساجد أثرية تحمل في جنباتها أضرحة أولياء الله الصالحين كما حصل لمسجد محدث اليمن الشهير العلامة عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت211هـ) ومرقده في دار الحيد بمديرية سنحان محافظة صنعاء الذي استهدفته آلة الموت التدميرية قبل أيام وأحالته إلى حطام.
لقد أوشك العدوان أن يدخل أسبوعه الثالث ومع تزايد الأيام تتزايد أيضا أعداد الضحايا المدنيين من النساء والأطفال ولعل من سخرية القدر أن تشهد كثيرا من العواصم العربية وغير العربية خروج مسيرات جماهيرية غاضبة مندددة بالعدوان على الشعب اليمني وتضامنها يقودها نخبة من أحرار العالم وشرفاء الإنسانية وبعض هؤلاء قد لا تجمعنا بهم ديانة ولا تنتظمنا قومية ولا يوحدنا لغة ولا وطن وإنما انطلقوا في مناهضة العدوان من مفاهيم الإخاء الإنساني فيما بعض من أبناء جلدتنا اليمنية نشاهدهم على شاشات الفضائيات وهم يبررون العدوان على وطنهم ويشجعون عليه ويفبركون الأكاذيب في مشهد يدعو إلى الخجل ويبعث على الشفقة والازدراء لهؤلاء في الوقت نفسه.
وإذا كان استهداف العدوان للضحايا المدنيين والمنشآت التحتية للوطن قد عمل على إسقاط العدوان السعودي أخلاقيا وجعل بعض الدول تتراجع عن مواقفها من مناصرة هذا العدوان ومؤازرته فإن الإمعان في استهداف المؤسسة العسكرية اليمنية وتدمير ما تملكه من أسلحة وعتاد بشكل جنوني قد يكشف أيضا عن الرغبة السعودية في تجريد اليمن من أسباب القوة وامتلاك أدواتها بالقضاء على ما يمتلكه من جيش وطني وعتاد عسكري وتحويله إلى مجرد مليشيات متقاتلة فيما بينها تعمل على تغذية الصراع بينها وإدارته أطراف إقليمية ودولية تتوقف مصالحها على قدرتها في اختراق السيادة الوطنية لليمن وفرض الهيمنة والوصاية عليه من خلال الوصول بأدواتها العميلة إلى مراكز صنع القرار السياسي وتمكينها من إدارة شؤون البلاد بالتزامن مع تمزيق القوى الوطنية الحية وعرقلة تناميها الشعبي وامتدادها الجماهيري بشتى السبل ومختلف الأساليب حتى يسهل استغلال ثروات اليمن ونهبها .
إن الحديث عن الرغبة السعودية في تدمير القدرات العسكرية اليمنية ليس ضربا من الغيب ولا ناتجا عن القراءة والتحليل لمعطيات الواقع فقط ولكنه أصبح هدفا استراتيجيا لا يخجل السعوديون من التصريح به فقد ذكر الصحفي الكبير عبد الباري عطوان في مقاله المعنون بــــ (السعودية تبحث عن مخرج … والعاصفة لم تحقق أهدافها ¿¿) والمنشور في أكثر من موقع بتاريخ 10 ابريل 2015 أن السفير السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية عادل الجبير أشار في مؤتمر صحفي إلى أن أبرز أهداف عاصفة الحزم هو “تدمير الأسلحة التي قد تشكل خطرا على المملكة السعودية سواء أكانت أسلحة جوية أو صورايخ بالستية أو أسلحة ثقلية “.
ربما أدرك أشقاؤنا السعوديون أن الظروف الموضوعية لتحقيق رغبتهم في التخلص من الجيش اليمني وإنهاكه وتدمير آلياته العسكرية لم تتهيأ لهم في السابق ولن تتهيأ في اللاحق كما تهيأت لهم اليوم في ظل النزاعات الداخلية بين الأطراف السياسية اليمنية والاحتراب الأهلي فضلا عن استضافتها عدد من قيادات الدولة ورموزها السيادية من المدنيين والعسكريين الذين يحرضونها على العدوان ويوفرون لها المعلومات اللازمة للتدمير ويكشفون على طبق من فضة أسرار القوة العسكرية ومواقعها الجغرافية كما يوفرون لها الغطاء السياسي لجرائمها الوحشية التي تخلفها على الأرض وهذا ما يفسر سعيهم المحموم إلى شن الحرب بهذه الطريقة التي تفتقر إلى المشروعية على كل المستويات.
تمتاز الحرب بأنها عصية على التطويع النمطي وحسابات المعطيات والنتائج لأنها تقوم في بنيتها العميقة على الحركة اللامنضبطة وتحولات الصورة فالعاصفة التي تخيلت سقفها الزمني لن يتجاوز أسبوعا واحدا كحد أقصى في أداء مهمتها الجوية الممهدة للمعركة البرية تجد نفسها اليوم معلقة بين السماء والأرض فلا هي قادرة على الانتقال إلى المعركة البرية لا سيما بعد تراجع النظامين الباكستاني والمصري عن المشاركة في الحروب البرية إدراكا منهما بأن المشاركة تعني الانتحار لا سواه ولا هي تمتلك العنصر البشري العسكري القادر على خوض حرب برية على الأرض اليمنية ولا هي قادرة على أن توقف ضرباتها الجوية لأن ذلك يعني شيئا واحدا وهو إعلان هزيمتها إنها تعيش ورطة حقيقية يصبح معها استمرار طلعاتها الجوية ضربا من المكابرة وبحثا عن نصر مجهول الهوية فاقد المعطيات .
والجيش اليمني الذي رامت تفكيكه وإنهاكه استطاع اليوم أن يوحد قواه وأن يتعالى على خلافاته فظهر جيشا متماسكا تجمعه قضية الدفاع عن الوطن والرد عل